” الأسكندرية شبّاك على سحر الحكي” بقلم صلاح هاشم. تأملات في سينما وعصر
آفا جاردنر وكلارك جيبل في لقطة من فيلم ” موجامبو” اخراج الأمريكي جون فورد . انتاج 1953.سينما إيزيس
تعرفت على الأسكندرية لأول مرة، عندما زرتها مع فريق كلية الآداب لكرة القدم عندما كنت طالبا في قسم إنجليزي، بكلية الآداب جامعة القاهرة ،في سنة تانية أو ثالثة في الجامعة ،ولي معها حكاية حب رائعة.
وأنا صغير في الخامسة أو السادسة من عمري، كنت أصبحت طفلا طليقا، فقدكان أبي عم هاشم ،الموظف في مديرية القاهرة الصحية، التي تقع خلف مبنى الأوبرا القديم، في ساحة الأوبرا العظيمة وعلى بعد خطوات من مكتب بريد العتبة المركزي في قلب القاهرة،كان انتهي من واجباته نحوي، فيما يخص تعليمي وتربيتي في حينا العريق” قلعة الكبش” في السيدة،فعلمني وأنا في الخامسة من عمري القراءة والكتابة، ونطق الحروف، قبل أن التحق بمدرسة حسن باشا طاهرالابتدائية، بعد أن بلغت السادسة، وهو السن القانوني، للالتحاق بالمدارس آنذاك ،وكان د.طه حسين، عندما التحقت بمدرسة حسن باشا طاهر الابتدائية وزيرا للمعارف في ذلك الوقت، وهكذا دفعني أبي عم هاشم الى سكة الحياة والوعي والحرية، وأنا لم أشب بعد عن الطوق..
فلم أعد منذ أن بلغت الخامسة ، أحتاج لمدرسة أو مدارس أو دروس.إذ كنت فقط ،عندما يصطحبني أبي عم هاشم بدراجته – الرالي- وكان يعتني بها عناية فائقة، في نزهة الى ميدان التحرير،ويضعني أمامه على العامود، الذي يصل بين مقعد الدراجة ومقودها- الجادون- يطلب مني، أن اقرأ له يافطات اعلانات المشروبات والدخان وملصقات الأفلام و “كينا بسليري الحديدية “التي كانت تمر أمامنا بسرعة ، في مشاهد بانورامية رائعة، مثل تلك المشاهد البانورامية الطبيعية، التي كنت أشاهدها في الغابة الافريقية العذراء، وثلوج كليمنجارو، في كينيا، في الأفلام، وكانت قوة اندفاع الهواء، ودراجة عم هاشم- نجمة دراجات الحي- تنطلق مثل سيارة شيفورليه جديدة، في طريقنا الى الميدان، تعبث بشعري، وتجعلني اغلق عيني، وأتخيل اني صرت صيادا،مثل كلارك جيبل، بطل فيلم ” موجامبو ” بسينما إيزيس، فأفتح صدري على الهواء الطلق، واستنشقه حتى النخاع،وادفن رأسي في صدر حبيبة.من أين، أيها الصغير، تعلمت سحر الحكي؟..
( يتبع )
صلاح هاشم
نزهة الناقد . تأملات في سينما وعصر.يكتبها صلاح هاشم