مهرجان الجونة السينمائي 4 : عودة لمصر التي كانت تغني.. وإحياء للأمل وإزالة للتراب السلفي بقلم يسري حسين


اختلفت الاراء حول مهرجان الجونة، بين معارض ومؤيد، معارض ليس فقط ربما لأنه يكرم في دورته الرابعة هذه الممثل الفرنسي جيرار دو بارديو، أحد عمالقة التمثيل ضمن سلسلة من قامات التمثيل الشوامخ في السينما الفرنسية من أمثال جان جابان وبلموندو وديلون، على اعتبار أن تكريم الممثل يجب أن يأخذ في الاعتبار مواقفه السياسية من دولة اسرائيل الصهيونية، وهو اعتبار يأتي طبعا من خارج المهرجان وتدخل سافر في شؤؤنه، وغير مفهوم أو مقبول على الإطلاق..
بل لأنه يعتبر مهرجانا محليا صغيرا، وبلا جمهور، للدعاية السياحية لمدينة الجونة،و بعيدا جدا عن مصر وهمومها ومشاكلها، ولايستفيد منه إلا مجموعة صغيرة من الضيوف، تختارهم ادارة المهرجان بمعرفتها، لارتباطهم بمصالحها، والدعاية لمهرجانها..
وليس مهرجانا قوميا ووطنيا – ولايجب طبعا تصديق أو نشر مايأتي في البيانات الصادرة عن المهرجان، بأنه بعد 4 دورات ، صار أحد أبرز وأهم مهرجان سينمائي في الشرق الأوسط – ولذلك فهو ليس مثل مهرجان القاهرة السينمائي الكبير، كواجهة حضارية و ثقافية ووطنية لمصر كلها،ولايجب مقارنة هذا المهرجان المصري الحكومي الكبير رغم ميزانيته الصغيرة ، بذاك المهرجان المحلي السياحي القزم الصغير ولكن صاحب المال الوفير، الذي يخدّم فقط على الجونة وضيوفه، ولاتستفيد من حفلاته واستعراضاته إلا قلة قليلة من الناس- ولم لا.لسنا ضد ؟ – ومن ضمنهم سكان المكان ،وليس أغلبية من الناس،طلبة وعمال وموظفين وفضوليين ،من سكان العاصمة، كما هو الحال مع مهرجان القاهرة السينمائي الكبير، لنشر ثقافة وحضارةالسينما في مصر. .
ليس الاعتراض في الاساس، كما يبدو لي في ظاهره، اعتراضا على تكريم ممثل، ومهما كان موقفه، من دولة اسرائيل الصهيونية العنصرية، بل هو اعتراض، ضمن الاعتراض على تكريم ممثل، حيث أن مهرجان الجونة يبالغ كثيرا في نظر البعض ، وربما بشكل استعراضي استفزازي..
يبالغ في الدعاية لـ ” وهم “أنه مهرجان سينمائي حقيقي، ويخدم مصلحة بلد، مثل مهرجان القاهرة السينمائي ( 42 سنة )..في حين أن الجونة يعمل للجونة فقط، وهي ليست مدينة، بل أشبه ماتكون بحي كبير وسكن مغلق لاثرياء الاثرياء، والترويج بالسينما للسياحة في المكان، ولايعمل لمصر كلها..
غير أن أقصى طموحات” أيام الجونة السينمائية ” كما أحب أن أطلق علي هذه التظاهرة – في محل تقييمها الصحيح إن شئنا- أن تصبح مهرجانا، هكذا بالعافية ، وبفلوس أصحابها، ومن دون مراعاة ،لأية اعتبارات ، أن تكون مهرجانا هكذا من دون جمهور، ومن دون العمل بالأصول، التي نعرفها ، من طول ترددنا على مهرجانات السينما في العالم وفي كل أرض ،منذ أكثر من نصف قرن،ومن دون ان تعمل لصالح الاغلبية من المصريين، أو تشاركهم همومهم، ومشاكلهم ، وتحاسب على شعورهم ،حين تدعي بما هي ليست عليه، وتطلب منهم- ياللعجب – تصديقها..
وليت ” أيام الجونة السينمائية” في دورتها الرابعة ، وفقط مع، وبصحبة، والأخذ بيد “مهرجان القاهرة السينمائي ” الدولي الكبير – الأب الروحي لكل مهرجانات السينما الحقيقية في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، تنجح – ليس الأمر بهذه البساطة كما يكتب يسري حسين ،وسوف يستغرق الكثير من الوقت – ليتها تنجح كما نتمنى جميعا مع كاتب المقال في أن تعيد لنا صورة مصرالتي كانت تغني ” رق الحبيب “لأم كلثوم، والتي ربما نكون، ومن دون أن ندري، قد فقدناها للأسف والى الأبد ..
صلاح هاشم
مؤسس ورئيس تحرير موقع سينما إيزيس
كاتب وناقد مصري مقيم في باريس.فرنسا
—