السينما والرواية.”شمس” مصر تشرق على لاروشيل. بقلم صلاح هاشم
فيلم تقود سيارتيDRIVE MY CAR
أحب في السينما ، عندما يبدأ الفيلم المأخوذ عن رواية، أن تنتهي الرواية عندما تبدأ السينما،وننسى في الفيلم الرواية، كما في فيلم تانجو غجري للمجري بيلا تار المأخوذ عن رواية،ويستغرق عرضه أكثر من 7 ساعات.
وأحب الأعمال السينمائية، كما في الفيلم الياباني درايف ماي كار – تقود سيارتي DRIVE MY CAR التي تطمح دوما ، الى أن تكون رواية.
وقد سعدت جدا بنبأ حصول الفيلم المذكور، على “الجائزة الكبرى” للفبريسي- إتحاد نقابات وجمعيات النقاد السينمائيين في العالم – لعام 2021 فقد أحببت الفيلم جدا ورشحته للحصول على جائزة في مسابقةمهرجان كان منذ عامين بسبب موسيقاه الداخلية التي تعزف طوال الفيلم لحنا إنسانيا بديعا، يجعنا نقترب أكثر من إنسانتينا، ونشتهي الحياة
لايهم في الفيلم الحكاية، المهم في الأفلام ،مافيها من فكر و فن، فالسينما كما يقول المخرج الفرنسي جودار فكر يبحث عن شكل، وشكل يبحث عن فن، وقد خرجت وأنا صغير ، في السابعة من عمري من سينما ” الأهلي ” في حينا العريق السيدة زينب، بعد أن إنتهي فيلم ” ريا وسكينة ” لصلاح أبو سيف، وأنا جد مأخوذ ومسحور، ليس بسبب حكاية السفاحتين ريا وسكينة المرعبة، بل بسبب مافي الفيلم من فن الإخراج السينمائي، عند مبدع مصري كبير إسمه صلاح أبو سيف إستطاع أن يمتلكني ويستحوذ على كل كياني،
وربما كانت أسعد لحظات مسيرتي السينمائية الطويلة في الغربة التي عشتها ،كانت عندما طلب مني الناقد الفرنسي الكبير جان لو باسيك ،مؤسس ورئيس مهرجان لاروشيل السينمائي والمسئول عن قسم السينما في مركز جورج بومبيدو الثقافي في قلب باريس، أن أختار مخرجا مصريا لتكريمه – مع 4 مخرجين من أنحاء العالم، وأرد باسيك أن يكون هناك مخرجا مصريا معهم في المهرجان ،بمناسبة مرور عشرين عاما على تأسيسه،
فرشحت له على الفور صلاح أبوسيف، فسألني إن كان يستطيع أن يحضر المهرجان، ويلتقي بجمهور لاروشيل أثناء تكريمه، فاتصلت بالاستاذ صلاح أبو سيف، الذي أكد لي على حضور المهرجان مع زوجته،فطلب مني باسيك أن أكتب مقالا عن سينما أبوسيف في كتالوج المهرجان – نشر المقال في مابعد باللغتين الانجليزية والفرنسية في مجلة ” إكران داافريك – شاشات افريقيا- الفرنسية الفصلية، وأن أختار بنفسي مجموعة من 9 أفلام لصلاح أبو سيف ،للعرض أثناء التكريم ، فاخترت فيلم ” ريا وسكينة” طبعا، ضمن مجموعة من روائع السينما المصرية: : السقامات – شباب إمرأة -بين السماء والأرض- بداية ونهاية – وغيرهالصلاح أبوسيف،
وكانت سعادتي كبيرة ومسكونا طوال فترة المهرجان بالفرح العميق ،عندما كنا نسير مع صلاح أبو سيف في طرقات المدينة التي تطل على المحيط، فاذا بالناس يستوقفونه بالأحضان ،محييين ومحبين ومرحبين، وهم يرددون على مسامعه، أنهم لم يكونوا يعرفون أن في مصر مخرجا عظيما ،مثل مخرجهم الفرنسي العظيم جان رينوار، وأن صلاح أبو سيف هو “رينوار مصر، وقد حمل معه وأفلامه “شمس “مصر، الى طرقات المدينة الباردة المفتوحة على المحيط .هذا التكريم لصلاح ابو سيف عام 1992 هو جزء من تاريخ وذاكرة السينما المصرية خارج الحدود، وأفتخر بأني قد شاركت كمصري – مع آخرين – في صنعه، والتعريف بتراثنا السينمائي المصري العريق، إضافاته وإنجازاته الى ذلك ” الفن ” ، الذي ملك علينا كل حياتنا.
تحيا السينما.
صلاح هاشم
كاتب وناقد سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا