تأملات دادا بقلم فكري عيّاد.اللوحات بريشة داوستاشي
يالوعة الحزن وحُرقة في القلب وألم في كل مكان.
مَهْلاً رويدًا، ورِفقٱ
أيتها الناحبات الباكيات.
لماذا ضمرت وتَوَارَت الأصوات وعَجِفَت حُمْرة الخدَّان ؟
هل ضاعت معالم المدينة.. وضلت أقدامِكُن في وادي الذئاب .؟
ولماذا تختفي وجوهكُنَّ خلف تجاعيد الزمن.؟
أين ذهبت أقدام وجسارة الفارس المغوار.؟
كيف كتم أنفاسِكُنَّ الهم، وغبار عتمة الظلمة.؟ تَجْلسَنَّ حول قبور الأحياء.
نعست الافكار وجولات العُشَاق ورؤيا القمر في أحلامِكُنَّ.
هل الربيع مازال ينتظر خلف أسوار ضربات الغدر، ويخاف الموت قبل الإزدهار.؟
والعندليب يرقد في نواح وتَوَجُّع وشَهِيق , وصُرَاخ العذارى عَوِيل في همهمة
وتَشَنُج.
وأنت يافارس الأحلام أين أنت الآن، مازلت تلهث في حواري الزمن، ترْحَال من مكان لمكان.
تدق على وتر الطرقات بحوافر من أَنِين وإِنْتِحَاب.
أين ذهبت حسناواتك الراقصات.؟ وقبلات فُرشاتك تنعس على خُدُور الصبايا ، اِسترخت مع متعة الأحلام. رقَدت ونعَست في العراء.
أين اختفت أصوات ودَّعت بَشاشَةٌ وبَهْجَةٌ الأحياء ؟
تَرَنُّمٌ مع طيور السماء تَرْنِيمٌة حب البقاء.
تَهَلُّلٌ وتَجْدِل السَعْادٌة سُرور وإبتسامة لكل الأحباب،
تشَدْوٌ مع باكورة كل صباح بضَحِكٌة طَرَبٌة، بلمسة ساحرة، من عبق الألوان.
أين رحلت نظرات وهَيْبَة العيون ونظرات الغِبْطَةٌ في الأجواء؟
هل إِنْتَهَت وإِنْدَثَرت رحلة الغِناءٌ، وصرخة الجنين قبل الميلاد.؟
رقصت وإِسْتَخَفَّت، وإِسْتَسْخَرَت وضمرت أرض الاحياء ،
أنفاس الموت الضارب صاخبة، تتراقص في زهو وتَجَبُّر، تَطَاوُلت في تَغَطْرُس وتَعَجْرُف وَخُيَلاَء , صَلَف وتيه غامض في كل مكان.
إِسْتَهْزَأَت بحكمة العقلاء وتَهَكَّمَت على فتاوي العلماء.
جنوح يهب في خفايا الأنفاس، ويهدر في استهتار بلا إستئذان.
ووجوه من احجار الصوان توقف صمام الأمان والاطمئنان .
وسندات العمر مؤجلة في صفحة الميزان.
فقدت طيور الحب النُطْقٌ وثرثرة الكلام.
“العبثية ” ليس لها مقياس أو معايير أو لسان.
“دوستاشي” يكمل مسيرة البوح بلا أَنِين أو عَوِيل ونواح. يلملم بقايا جروح ثوب الحقيقة، على صهوة التحدي فوق وساده وحصن ورفقة الحصان.
معه تميمة عتيقة من طينة الأجداد، وغنوة حزينة حبيسة بالاشارة يترنم أو يكاد.
حكايته حكاية، موال حزين في ساقية الزمان.
وبذور الحب تتمرد داخل رحم الألوان .
طوت الطيور اجنحتها، وتعرَّ الليل من ثيابه،قبل الأوان.
والشُّحوب على الوجوه صبغات ملطخة بالسواد.
خداع على مسحات من ذُلٌّ وذِلَّة بني الإنسان.
رُضُوخٌ وإذْعانٌ، مَهَانَةٌ وهَوانٌ.
وصَهِيلُ الْفَرَسِ يدوي ويعدو في كل مكان .
مسَخات تتضاحك بلا قسمات.
وتحلق بلا أعين في سحيق الزمان.
الهاوية ليس لها مثيل، ولا يوجد بها نبض إنسان .
ما عادت للفنون قيمة أو مكانه نفرتِ، وتلفّعتِ بالصمت، إستراحت في صمت على الجدران.
شهقت، وتشهقتُ، وزهدت لا تجدي نفعا، وتبعثر رحيق الزهور على الاغصان .
وانسدلت ستائر اللامبالاة، فصل من مسلسل السلبية، وضوضاء وإثارة الفنان.
إنك ياصاحبي ضد، أو مع من..؟
تحدث لا أحد يدري أو ينصت في هذا الزمان.
وجوه زائغة أقنعة من ورق “السليفان”بلا لسان أو آذان.
حائرة مثلك من عبثية موكب المجهول.
تتشاجر وتتسابق وتتناحر من يحمل الأكفان.
دنيا تكممت وترتجف، وتتراجع إلي عالم ثان.
المستقبل يطوي أيامه، واختلف مع الحاضر قبل الأوان.
ماذا تكتب الأن بحروف الأنامل المبدعة. الأيادي المكتوفة، تعزف لحن اغنية الضياع بدون موسيقى او أوتار.
عقول الغوغاء في حالة عدم إكتراث تملأ البطون ولا تشبع، وتختبأ في جحورها قبل بزوغ الصباح .
تحولت الأفكار إلى وسائد هشّة. ومواجهات هذال للتعصّب والتعنّت،والجدل، وجنوح وضياع الآمال في فتور وإسترخاء.
جميعنا أحياء في صحراء جرداء، نصرّح بالحريّة، ولكننا لسنا أحرار.
نتغني ونُغرد ونَبوح بالآهات. ولانفهم أو نسمع ما نقول!
خواء في فتحة الأفواه.
حائرين في حلبة السيرك العجيب المريب .
نُصقِف ونُصفر في بلاهة ضحكات، نتمرغ باجساد مُمَزقة واهية في مدينة الملاهي الحمقاء.
نتعرى أمام مرايا تكشف النقاب وتهتك أسوار الحياء.ونضحك على أنفسنا بلا استحياء.
“الدادا” الداوستاشية وشت بالأسرار، من خلف الكواليس والأسوار،
تطمس، وتعدل، وتُبسِط وترفُض. وتغازل وتُتمتِم سيرة المسيرة مع مسبحة نقشت على حبَّاتها كل الأسماء.
متمردة لاتعترف او تتصاحب أو تتجمل وتجامل عيون عشاق الجمال.
تقاوم عالم شرَدَ.
وما أدراك بوخزاتها خلف ظهر الحقيقة الغائبة، توقظها من السبات.
صورها تركض مع صحبة ظلك ليست مَاكِرَة، أو خَادِعَة. وتغريداتها من أوتار الحب والآمان.
أمضي معي… في أى إتجاه، ولا تنظر ياصاحبي إلى قوس قزح أنه فقد الذهن والإتزان بلا ألوان.
الإنسان البدائي سجل حضوره الآن، يتراقص في زهو عَرِيْ بلا رداء.
يسخر من عقول الخواء، وصراخ آلهة الاختراعات، وبلاهة العلماء .
وأنتُنَّ ياصبايا إتكحلَت عيُونكنَّ بالرماد ،تبحثنَ عن طريق المدينة الساحرة مثل فلاسفة اليونان.
وتسألنَّ جواد الأيام ماذا ينتظركُنَّ.!؟
انا ليس لدي أي جواب.
أحمل مثلكُنَّ الف سؤال.
أين أنت أيتها الروح الجميلة.؟
هل إِنْتَهَت أيام الأعياد، وبهجة طَلَّة الفرحة في عيون الأطفال.؟
تبعثرت الخطوات ، وتلظلظت اللَّذات، وإنكمشت الأفواه حائرة في كل إتجاه.
زفير الأنفاس رعشات تتنهد زفْرَة الأَلَمِ في إنطواء.
ياصاحب الإحساس، أين أنت لماذا اِنْضَمَرَت، وهَزُلَت وتواريت!؟
كلينا نعزف على أوتار شاخت وعَجِفَت في جفاء.
تفرقت عزوة وصحبة الأحباب.
وأزدحمت التنهدات في شوادر العزاء.
والعيون تراقب بغضِها، وتتحسس أجسادها في الخفاء.
وعيون ألصبايا اغمضت جفونها، خلف قناع الرسومات تبحث عن مغفره من غدر الايام.
فكري عيّاد
فكري عيّاد فنان وكاتب مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة
اللوحات المرفقة للفنان الكبير داوستاشي