صلاح هاشم يكتب من باريس لجريدة ” القاهرة ” – العدد 1259-عن “شخصية مصر في السينما”، ولماذا تتراجع المهرجانات السينمائية في مصر، وتتقدم في العالم
بتاريخ 20 يوليو 2007 نشرت جريدة ” الراية ” القطرية هذا الخبر الذي جاء على النحو التالي :
( ..وافق المحامي الفرنسي الشهير جاك فيرجس، زوج المناضلة الجزائرية المعروفة جميلة بوحريد ،علي حضور الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان الإسكندرية السينمائي، والذي يعقد في الفترة من 7 إلي 11 سبتمبر.والطريف أن جاك فيرجس، فاجأ مندوب المهرجان في باريس الناقد صلاح هاشم، بالتوقيع علي ورقة، يؤكد فيها قبوله الدعوة، وامتنانه للمهرجان ولإدارته، وحرصه الشديد علي الحضور لمهرجان الإسكندرية، وسوف يتم تنظيم لقاء بينه وبين النقاد والصحفيين، حول علاقته بالمناضلة جميلة بوحريد.ومن المعروف أن شخصية “فيرجس” ظهرت في فيلم جميلة بوحريد ،والذي أخرجه يوسف شاهين، وجسد الشخصية الفنان الراحل محمود المليجي، وينتمي “فيرجس” لأب فرنسي وأم فيتنامية، وقد قاوم الاستعمار بتواجده في قاعات المحاكم، للدفاع عن المقاومة. وقد سجلت السينما الفرنسية مشوار هذا المناضل من خلال فيلم محامي الرعب الوثائقي للمخرج الفرنسي باربت شرويد،ر وأنتجت الفيلم اللبنانية ريتا داغر، عبر شركتها للإنتاج” يللا فيلم” التي تريد العمل على مشروعات جديدة، تسهم في تطوير العلاقات الدولية.وكانت ريتا داغر قبل ذلك أسهمت في إنتاج مشروعات سينمائية للأمريكيين، أوليفرستون ومايكل مور العام .2000 وشارك فيلم” محامي الرعب” في تظاهرة نظرة خاصة في مهرجان كان السينمائي60، كما ما يهدي مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي دورته القادمة إلي اسم كاتب السيناريو المصري عبد الحي أديب الذي توفي مؤخرا “تقديرا لتاريخه السينمائي، واثرائه الكتابة السينمائية وعطائه الذي امتد من خمسينيات القرن الماضي حتي رحيله، وتقديراً لمشواره السينمائي الذي بلغ نحو 75 فيلماً.يذكر أن إدارة مهرجان هذا العام تضم السيناريست ممدوح الليثي نقيب السينمائيين، وأحمد الحضري رئيساً شرفياً للمهرجان، وإيزيس نظمي رئيساً للمهرجان، ومجدي الطيب نائباً للرئيس ود. رفيق الصبان مشرفاً علي الندوات، ونادر عدلي مشرفاً علي بانوراما السينما المصرية ومسابقة أفلام الديجيتال..)..
الأستاذ – هؤلاء علموني – أحمد الحضري مؤسس نادي القاهرة للسينما ورئيس مهرجان الأسكندرية السينمائي
هذا الخبر الذي نشرته ” الراية ” وحرصت على أن يظهر كاملاهنا، ليعكس توهج مهرجان الأسكندرية السينمائي آنذاك – مصريا وعربيا، وفنيا وجماهيريا وشعبيا، عبر محاوره ونشاطاته، تحت إشراف مجموعة من الكتاب والنقاد والمؤرخين والسينمائيين العظام الذين سعدت بالعمل معهم ..
ومن ضمنهم – هؤلاء علموني – الباحث والناقد والمؤرخ المصري الكبيرالأستاذ أحمد الحضري، والأستاذ رؤوف توفيق رئيس تحرير مجلة ” صباح الخير”، ومرفق هنا مع المقال صورة لها تاريخ مع استاذي احمد الحضري المحترم رحمه الله في مهرجان القاهرة السينمائي ذات دورة..
آلان روب جرييه يسافر الى مصر.ضربة معلم
وكان أستاذنا الناقد والمترجم والمؤرخ السينمائي الكبير الحضري،صاحب فضل كبير علي، حين ضمني كمراسل ومندوب لمهرجان الأسكندرية السينمائي في فرنسا وعموم أوروبا لهيئة إدارة المهرجان،في فترة الثمانينيات، وذلك في إطار تأسيس”جسرثقافي سينمائي” مهم بين مهرجان الأسكندرية ،وبين “وطن السينما” في العالم ..فرنسا..
وكان الأستاذ أحمد الحضري مؤسس نادي القاهرة السينمائي الحضري يثق في، وفي قدرتي على توطيد وتعزيز ذلك الجسر الثقافي السينمائي الضروري، من موقع عملي وسكني في باريس، وحضوري السينمائي المميز،على حد قوله، كناقد سينمائي مصري، في المشهد السينمائي الفرنسي، وبخاصة بعد إن تم اختياري من قبل إدارة مهرجان ” كان ” السينماتئي العالمي ذاته – وليس من قبل هيئة الفبريسي- عضوا في لجنة نحكيم مسابقة ” الكاميرا الذهبية ” في مهرجان كان فعامي في دورته 42 عام 1989 التي ترأسها الممثل الإيطالي الكبير رالف فالون..
وقد ظللت أعمل بتلك الصفة، لأكثر من عشرين عاما مع المهرجان السينمائي الكبير.. أجل كان كبيرا، ولامعا ومتألقا ومتوهجا..ولم يعد..
وأشعر الآن بالفخر، حين أتذكر الآن أستاذنا المحترم أحمد الحضري، و تلك الأفلام الفرنسية الرائعة ،التي جلبتها للمهرجان، مثل فيلم ” محامي الإرهاب” (عن المحامي الفرنسي جاك فيرجيس الذي دافع عن المجاهدة الجزائرية جميلة بوحريد، ثم تزوج منها فيما بعد، وكان حضر الى المهرجان مع إبنته) اخراج باربيه شريدر..
وفيلم ” حياة الملائكة الحالمة ” لإيريك زونكا، وفيلم ” ترتيبات صغيرة مع الموتى ” لباسكال فيران ، وغيرها، ومعظمها كان يعرض في حفل إفتتاح المهرجان..
باسكال فيران
وحين أتذكر أيضا، الضيوف الكبار من المخرجين والنقاد الفرنسيين النجوم ،الذين أحضرتهم الى المهرجان من فرنسا، ومن دون أن يتقاضى أي منهم مليما واحدا نظيره حضوره، من أمثال: المخرج الفرنسي الكبير إيف بواسيه ،الذي ترأس لجنة التحكيم الرسمية في المهرجان آنذاك، وفيليب جالادو مدير مهرجان “القارات الثلاث” في نانت.فرنسا، والمخرج سيرج لو بيرون صاحب فيلم ” شاهدت مصرع بن بركة “، وبيير بيتيو رئيس مهرجان مونبلييه للسينمات المتوسطية، والمخرج سيدريك كان، و كاتب السيناريو الكبيربرنار ريفون( تعاون مع فرانسوا تروفو في بعض أفلامه )، و المخرجة كريستين ليبنيسكا،والمخرجة الكبيرة باسكال فيران صاحبة فيلم ” ترتيبات جد محكمة مع الموتي “، و الكاتب والروائي والمخرج الفرنسي الكبير آلان روب جرييه ،وكان حضوره الى مصر، وزيارتها لأول مرة في حياته في إطار تكريمه جرييه صاحب ” الرواية الجديدة” وزعيمها في فرنسا ،بمثابة الحدث الثقافي الأدبي السينمائي الأول في البلاد، اعني ” قارة مصر ” كما أحب أن أطلق عليها، و” ضربة معلم ” أفتخر بها وعن حق ..
إيف بواسيه
كما أني كنت أحرص على إدارة الندوات الصحفية مع الضيوف الفرنسيين الأجلاء ، والترجمة لهم، للصحفيين والنقاد المصريين ومن ضمنهم النقاد الأصدقاء سيد سعيد ومجدي الطيب ونادرعدلي وخالد الخضري وغيرهم في كل دورة..
آلان روب جرييه
الى أن جاء ضابط شرطة معروف ليترأس المهرجان، وتحول المهرجان السينمائي المتألق حياة وثقافة وسينما في الثغر، والذي تشرفت بالعمل فيه، مع رؤساء أجلاء من أمثال الناقد السينمائي الكبير وأستاذنا المحترم المرحوم رءوف توفيق، وكان كلفني آنذاك أيضا أن أكتب في السينما من باريس لمجلة “صباح الخير “التي كان يترأس تحريرها، انظر صورة المقال المرفق “السينما ضمير العالم”..
تحول المهرجان الى ” عزبة”، وأشبه مايكون بـ إقطاعية”،يتعامل فيها مالكها مع أعضاء الإدارة ، والمخرجين المدعووين الضيوف، كخدم وعبيد للأسف( وكان صاحب العزبة ،يحرص مثلا، على الاحتفاظ ببونات الأكل في مطعم المهرجان في جيبه ،ويوزعها على محاسيبه وخدمه،) وكانت تلك سلوكيات منحطة، مؤشرا على أن المهرجان، قد بدأ يتدهور، فقررت لما تولت السيدة إيريس نظمي إدارة المهرجان- في عهد ورئاسة ضابط الشرطة المذكور- وطلبت مني – بيوجيه من سيادته – أن أحضر “شقراوات” من فرنسا، ليظهرن مع وزير الثقافة أنذاك، في حفل افتتاح المهرجان ،ويقوم المصورون بالتقاط الصور لهن مع السيدالوزير !..
فقررت أن أستقيل فورا من منصبي كمراسل ومندوب وممثل للمهرجان في فرنسا بعد أكثر من عشرين سنة خدمة،وحمدت الله أني تركت المهرجان، الذي تحول تدريجيا ووفقا لما تناولته الصحف المصرية عنه..
صلاح هاشم مصطفى كاتب وناقد ومخرج سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا.