صورة بقلم فكري عيّاد
هذه “الصورة” المبهرة، تعطي نوع من أنواع المراوغة في جمالها الطبيعي ودفء ألوانها الساخنة، في باطِنها وداخِلها، مهما اكتست بوريقات تخفي وراءها سيقانها. ‘هي” تعلم كيف تربح النظر، في ألوانها المبهرة المُبَعْثَرة على أغصانها. “هي” تعلم أن الحقيقة الغائبة الحاضرة تكمن في أصول جذورها. سوف تمضي الأيام ويأتي سحاب يمتطي صهوة جواد الرياح
ويعصف حيويتها. تتعرى من ثيابها وتبقى الحقيقة الوحيدة عارية الصدر أمام الأعين المترقبة، في مُفْتَرَقٌ مُنْعَطَفِهَا. تَحَرَّكَت وتَرَجْرَجَت , وتَقَلْقَلَت أوراقها لا تعرف أو تتكهن..! ماذا سيأتي في شتاء قادم يترقبها.!؟ جمالك أيتها المرآة التي تشاهدها الأعين عائمة في سحرك. تآلفت وتجانست واتَّسقت الألوان تحت ظلالك. صورة مُحَاكَاة تبوح وتتغنى بدلالك. وكأنها تقول أن حقيقتك مزدوجة تعكس مَثِيل صورتك ، مهما كانت ثراء وفخامة وقَسَامَة ومَلاحَة ونَضَارَة طرح ثيابك. رَوْنَق جمالك يابهية ، حيَّرنا وأربكنا وأذهلنا. أثار دهشتنا. ولا يخبرنا. وَهَى بَصَرِنا في نيران الوانك، وغُمُوضك. أَتَدْرِينَ أيتها الجميلة في اجمل هندامك. مَا يحيكه “الخَرِيفِ” خلف عودك وفُتِنَة أغصانك..!؟ إنه أَغْوَاك ، وأَلْهَبَ العشاق في حسنك وبهاءك. يغري ويُلهي، يتَمَلَّق ويتَصَنَّع، مُرَاوِغ ومُحْتَال. يعري ويبَعْثَر ويشَتَّت أوراقك. ثم يهرب ويمضي . ويترك الريح تَلَهَّى في رَخْو وبَضّ بدِنك . آه يا خريف العمر … مَا أَرْوَعَكَ وأعحبك ..!! يتّهمونك ويعشقونك، في آن واحد. وانت تشاهد تساقط أوراقك مبللة بدموعك. تمهل وإِنْتَظَر وتَبَخْتر وتَهَادَى، في أَجْمَلَ وأَبْهَى ثيابك. غدا يداهمنا تَعَجْرفح وزَمْهرير وصَقِيع الشتاء…!! ونتمنى يوم من أيامك.
فكري عياد
فكري عياد باحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة