علي سعيد .قراءات في الفن التشكيلي المصري المعاصر بقلم فكري عيّاد
رحلة إصطياد من “عالم من الغيب”… أعمال فنية متميزة بأسلوب جديد، ومهارة عالية. وغرائب تكوينات متعددة. بَرَاعَة في إِبْداع وَإِتْقَان. وَإِجَادَة في أنامل الفنان. إِسْتَلْهَبَتْ كل حواسِنا. في متابعة مشاهدات جمالية مُعبرة. من خَيَالهُ يعانق واقع، نبحث عنه في خَيَّالنا. ونتَفَرَّسَهُ، ونتَوَسَّمَهُ في زورقٍ يسبح بنا في عالَمِه. كأنها… تَهَيُّئِهَات أم خِدَاع البصر. في سبات ورُقاد في إغْفَاءة أحلام .
او رُؤْيا عابرة في دَغْدَغَة مَنَام..! نعومة وسَلاسَة في الفرشاة المُلْهِمَة. وحَصَافَة وفَطِنَة في ثياب الوانها الداكنة. كأنه… يفك زمان ومكان غير زمَانِنا. يَغُوص في أعماقِ قَعْر وغَوْر وعُمُق هَاوِيَة فكرنا. يبحث عن ضَالَتُه راقدة أو هائمة. يبحث عن كنز الغيب…! تَسَرَّب وَإِنْسَلَّ وَتَسَلَّلَ، خلف كواليس الوُجُود . يزيح الغطاء عن تَوَابِيتُ ضلَّت من أيادي العابثين. خَلَبَ وَسَبَىَ أَعْيُنَنَا،في بهاء وتوهج ودهشة. في متابعة أجساد وفِتْنَة وسحر ووَقَارٌ جَميلاته. إِنْغَمَسَت فُرْشَاتُه في مهارةٍ وإِبْداع وإِتْقَان وإِجَادَة، في سرداب الروح التائهة. يثقب في جدار التاريخ. وملاحم الأجداد، والأرض الطيبة. إِفْتَتَحَ خلف اللَّاشعور نافذة. لنشاهد بلغة وبلاغة المشاعر . صِرَاعات ومُشاحَنَة أو مُشاكَسَة. وأحياناً إِئْتٍلاف وإِتِّفَاقٌ وإِنْسِجَامٌ. وتَوَافُقٌ وَخِصام، فوق أغصان يابِسَة. وتغريدات الطيور مُضْطَرِبةوحزينة.
من خَوْفِهَا مُسالِمَةٌ. زَعِيب ونَعِيق الغربان السوداء مُغْتَبِطٌة. تحلق مُنْشَرِحٌة هانِئَة. “عالم من الغيب”… تجمعت أوراقه، وتَأَجَّجَتْ وتَلأْلأَت عناصره. تَرَسَّخَت في جسد الجمال، وزخارف مثل حرباء متلونة. عالم شَاكٍ وعَلِيل، مُتَوَعِّك في مراوغة وتضليل. تَنازَع الأقوياء على العروش الخاويَة. وَكثر النّائِحون غُرباء تائِهون. في جوف ليلةٍ دَهْمَاء ظَلْمَاء. جرفت الأرض حيائِها ..!
نَزَعَت وجَرَّدَت ثيابها، وإِنْفَجَرَ بركان غَضَبِهَا. وإِجْتَثَّت الأقدام، أنفاس الأحياء والأموات. الكل في زحامٍ وحشرجة. والحوافر تدق في عُنْف وَقَسْوَة الأبواب المقفلة. والجنين متمرد يجول تائهاً في الأحشاء. والرِياء يَسْكُن مُسْتَحكِماً، في غطرسةِ. وشراسة العيون المُتَربِصَة. وبردية في طلاسم، على سارية قِلاَع سَّفِينَة أَقْلَعَت تائهة. تحكي قصة حياة حِلْمٌ شائك. وخَوْرٌ أقدام حائرة، تنهش وتَسْحق بعضها. حب البقاء.. في غياهب غابة الكون،ولُجَّة وعُبَاب الفضاء. سر لا نِهَائِي مُسْتَمِرّ وَأَبَدِيّ، سَرْمَدِي. سَكْرَة المَوْتِ والأمل… في سَرِيرة عيون الحسناء الغامِضَة. وكأنَّ “كليوباترا” إسْتَفَاقت من هَجَع غفوتِها.
والقمر يتثاءب طامِعاً في الود، طلَّ في اِستحياء، من عتمة السحاب مُتَخَفِياً. مُشَاهَدات مُحيِرَة ورُؤْيَة لم تسبقْ إكْتِشَافِها. حوارات وتَطَلُّعات، إِسْتَحْوَذَت دهشة عقولِنا.
الفنان علي سعيد
تَتَسَاءل في براءة..!كيف زحفت من جحورِها. مع أفكارهِ المُكَثَفَة. والمُتَكَتِفَة في نسيج غِمُوض رموزِها. وكأنك تعيش في مُرَاقَبَة ملاحم الماضي. وصراع في سُكْرةِ ثيابٍ “سُرْياليّة”. تدور في فلكِ ذهنك حائرة. تبحث في طريقها عن أسرار “شجرة المعرفة” . رحلة الإبداع مع مَخْيَلة، وأريحية الفنان. أُسْطُورَة تَصَوُّريَّة. مريحة وَسَخِيَّة. تكوينات مُتَدَاخِلَة، في تناسُقِها ناعمة وهادئة. مع مهارة شخصية، وعيون ذكية. وريشة فنيَّة مُعَبِّرة.
فكري عياد
فكري عياد كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة