كان ياما كان “سينما إيزيس” أم المصريين بقلم صلاح هاشم
سألني الشاب عمرو من الأسكندرية :
إستاذ صلاح ، ما سر تسميتك لموقع ” سينما إيزيس “، الذي تأسس في باريس.فرنسا عام 2005 ، بهذا الإسم ؟
قلت لعمرو أن “سينما إيزيس” إسم قاعة عرض سينمائي كانت موجودة بالفعل في حينا الشعبي العريق السيدة زينب – على بعد خطوات من مسجد أحمد إبن طولون ، ملعب طفولتنا ، ومستشفى حوض المرصود في شارع مراسينا – مع مجموعة من القاعات الترسو – من الدرجة الثالثة – مثل سينما الأهلي وسينما الهلال وسينما الشرق
غير أن ما كان يميز قاعة سينما إيزيس من دون القاعات المذكورة، أنها كانت تعرض الأفلام الأجنبية فقط ، وقد شاهدت فيها أفلام ومسلسلات أفلام فترة الخمسينيات مثل ” كنج كونج ” و ” الرداء ” و ” كوفاديس” و ” الشعلة والسهم ” و ” موجامبو ” و” سجين زندا ” و” الأشقاء الشجعان ” ومسلسلات شارلي شابلن- أفلامه وإسكتشاته الفيلمية الصغيرة التي صنعها قبل أن يحقق أفلامه الروائية الصامتة العظيمة – و مسلسلات شازام، وزورو، والدكتور فومانشو
وأفلام “الوسترن “الكاوبوي رعاة البقر، بطولة جاري كوبر وآلان لاد وبيرت لانكستر وأفلام العصابات التي كان يلعب بطولتها الممثل الأمريكي القدير همفري بوجارت وكان الممثل و النجم المفضل لأبي عم هاشم من منيا القمح شرقية الذي علمني السباحة في بحر النيل وأصطحبني الى سينما إيزيس وأنا في الثالثة من عمري ،
وكان يجلسني على حجره وأنا أشاهد افلام همفري بوجارت معه ، حتى أنني وقعت في غرام لورين باكال، التي كانت تلعب دور البطولة أمام بوجارت في بعض أفلامه ، ثم وقعت في غرامه، وتزوجها من بعد..
وفي سينما إيزيس أحببت السينما، وشاهدت روائع أفلام فترة الخمسينيات مثل ” السابحات الفاتنات ” بطولة إستر ويليامز وأحببت أن أسبح مثلهن، وروائع أفلام الستينيات مثل فيلم ” أمريكا أمريكا ” أو ” إبتسامة الأناضول ” أحد الأفلام التي تأثرت بها كثيرا في حياتي للمخرج الأمريكي العملاق إليا كازان – التقيته في ما بعد في مهرجان فالانس في فرنسا وأجريت معه حوار لمنجلة ” كل العرب ” التي كانت تصدر من باريس، وتعلمت في سينما إيزيس، أم المصريين، أبجدية الفن، قبل أن أسافر الى باريس ،وأستكمل دراستي في “السينماتيك ا”لفرنسي لمؤسسه هنري لانجوا ، وفي قسم السينما في “جامعة فانسان” الشهيرة، التي عرضت في إحدى قاعاتها فيلمي الوثائقي الطويل الأول، وكان يدرس لنا في القسم قامات سينمائي كبيرة، من نفاد مجلة ” كراسات السينما ” الشهيرة مثل المخرج الفرنسي الكبير سيرج لو بيرون والناقد الفرنسي الكبير جان ناربوني،
وبعدها بسنوات ، عندما فكرت كناقد في تأسيس موقع سينمائي عربي جريء ومستقل وحر – كتب في الموقع ومنذ تأسيسه العديد من الكتاب والنقاد والمفكرين المعروفين من أمثال د.صبري حافظ ، د. وجواد بشارة، و د.نبيل عبد الفتاح، و الأساتذة سمير فريد، وأمير العمري، ومجدي الطيب ،وعماد النويري، ويوحنا دانيال، ونديم جرجورة، وأمل الجمل وغيرهم-
فكرت في التو في قاعة “سينما إيزيس ” ، كهف علي بابا السحري، فاطلقت إسمها على الموقع، لتخليد ذكرى تلك القاعة التي إختفت الآن تماما، وأصبحت مخزنا لمنتجات مصنع حلواني الرشيدي – الميزان – في السيدة زينب حينا المصري الشعبي العريق..
وكتبت عن ذكرياتي والأفلام التي شاهدتها في قاعة سينما إيزيس في فصل بعنوان ” طفولة إيزيس ” في كتاب ” السينما العربية خارج الحدود ” الصادر عن المركز القومي للسينما في مصر عام 1999 بمقدمة للإستاذ الجامعي والمخرج والمثقف المصري الكبير د. مدكور ثابت.
صلاح هاشم
صلاح هاشم مصطفى كاتب وناقد سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا. رسم بريشة الفنان المصري إبراهيم فرحات من الأسكندرية