مصر 2021 الى أين ؟ : صحافة القاهرة تعيش محنة كبرى . قراءة في صحف مصر. بقلم حسام عبد البصير في باب ” مختارات سينما إيزيس “
مختارات سينما إيزيس : قبيل ساعات من عيد الأضحى أحاط الغموض بكل شيء بدءاً من تطورات الملء الثاني لسد النكبة، وما تعتزم السلطة الإقدام عليه من أجل حماية شعبها من الموت عطشاً، وانتهاءً بأسباب ما جرى للممثلة ياسمين عبد العزيز التي تحيا أزمة صحية فارقة، حيث تداهمها الغيبوبة لليوم الثالث على التوالي.. ما بين غيبوبة الحكومة في سبل التعامل مع الأزمة وتوعد أحمد العوضي زوج ياسمين بملاحقة كل من يدلي بتصريحات عن وضعها الصحي، وأسباب ما جرى تعيش صحافة القاهرة محنة كبرى، فالأزمة التي أسفرت عن وفاة ثلاث صحف مسائية ورقياً، ترشح بغياب شمس صحف أخرى قريباً.
الربة إيزيس أم المصريين
أما الخبر الذي اهتمت بعض صحف الاثنين 19 يوليو/تموز، فتمثل بإبراء سفارة إسرائيل في مصر ذمة تل ابيب من أزمة سد النكبة، فقد أعربت السفارة عن فائق الاحترام والتقدير للشعب المصري، وقيادته الرشيدة بزعامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونفت ما تردد مؤخرا في بعض القنوات التلفزيونية والمقالات الصحافية عن ضلوع إسرائيل في موضوع سد النهضة، مؤكدة أنه عار من الصحة ولا أساس له. وقالت السفارة إن إسرائيل، حكومةً وشعبا، معنية باستقرار مصر وسلامة مواطنيها.. وأضافت أن إسرائيل تعتمد على طرق المعالجة الزراعية وتحلية مياه البحر للشرب، ولديها التكنولوجيا التي توفر لها المياه، معربة عن أملها في أن تمر المفاوضات بما يحقق الاستقرار والرخاء لشعوب الدول الثلاث.
من جانب آخر قال الإعلامي عمرو أديب، إن الملء الثاني لسد النهضة ينتهي خلال يومين أو ثلاثة أيام، مؤكدا أن الملء الثاني للسد الإثيوبي فشل، وفقًا للمعلومات الواردة إليه. وأضاف أديب، أن وزارة الري السودانية أصدرت تحذيراً للسكان على ضفتي سد الروصيرص بوجود مشكلات، وتغطية المياه للأراضي والطلمبات، وحدوث مشكلة في مياه الشرب. وأشار إلى أن السودان سيعاني مشكلات خلال الأيام المقبلة؛ بسبب زيادة وارد نهر النيل الأزرق، وفقا لتوقعات وزارة الموارد المائية والري السوادنية.
ومن أخبار الكنيسة: هنأ قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بعيد الأضحى المبارك. وكشفت مصادر فنية آخر التطورات الصحية للفنانة ياسمين عبدالعزيز، عقب خضوعها لعملية جراحية، مؤكدةً دخولها في غيبوبة. وأشارت المصادر إلى أن: ياسمين دخلت في غيبوبة تامة بسبب خطأ طبي أثناء إجرائها عملية جراحية.. وأعادت معاناة ياسمين للأذهان ما حدث للإعلامية إيمان الحصري خلال الشهور الماضية، نتيجة خطأ طبي أدى إلى دخولها في غيبوبة تامة. قبل عدة أشهر، لم يتم الإعلان عن طبيعتها، وكانت إيمان قد عملية جراحية، تدهورت على إثرها حالتها وتطلب الأمر عددا من العمليات الجراحية الأخرى التي تم إجراؤها بالفعل، ولكن بدون جدوى، وانتهى الأمر بغيابها عن الشاشة حتى الآن.
ومن أخبار المحاكم: قرر قاضي المعارضات في محكمة جنوب القاهرة، تجديد حبس المتهم بقتل شقيقة والده “عمته” وابنتها، بعدما تعدى عليهما بسلاح أبيض داخل شقتهما، على ذمة التحقيقات. وقبيل ساعات من “عيد الأضحى” حذر اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة من أن أي محاولة لاستغلال إجازة العيد للبناء المخالف، ستقابل بمنتهى الحزم وستعرض صاحبها لإجراء االمصالح تتصالح
يرى الدكتور مصطفى كامل السيد في “الشروق”، أن علاقة كل من الصين وروسيا بإثيوبيا ومصر هي مثل لتعقد العلاقات بين الدول في فترة ما بعد الحرب الباردة. خلال الحرب الباردة اتسمت العلاقات الدولية بالصراع الأيديولوجي، الذي كان يفرض قدرا من الاتساق والقدرة على التنبؤ. الدول الرأسمالية الكبرى توثق علاقاتها بالنظم المحافظة، في ما كان يسمى بالعالم الثالث، وتدخل معها في تحالفات عسكرية، أو تساندها عندما يتعرض أمنها القومي للخطر، والدول الاشتراكية تساند ما يسمى بالنظم التقدمية أو المكافحة للاستعمار، أو الملتزمة بسياسة عدم الانحياز، ابتعادا عن الدول الاستعمارية السابقة. أما في عالم ما بعد الحرب الباردة وسقوط الأيديولوجيات الكبرى، فلا يوجد هذا القدر من الاتساق في علاقات الدول. كل قضية تستحق موقفا خاصا. ومن ثم تدخل الصين في علاقات وثيقة مع مصر وإثيوبيا في الوقت نفسه، وتفعل روسيا الأمر نفسه، تنخرط الأولى في مشروعات اقتصادية طموحة في مصر وإثيوبيا، وتقدم روسيا السلاح وتبني محطات نووية في البلدين، ولا تريان أي غضاضة في ذلك، طالما أن ذلك يحقق مصالح لكل منهما في البلدين. ولا يبدو أن إثيوبيا أو مصر يمكن أن تطلب من أي منهما أن تتوقفا عن التعاون مع الدولة الخصم، لأنهما تعتمدان عليهما اعتمادا كبيرا. مثل هذه العلاقات بين قوى كبرى في النظام العالمي ودول صغيرة أو متوسطة أمر مألوف ومقبول طالما أن هذه العلاقات لا تؤثر في أمن الإنسان والأمن القومي في دول أخرى ترتبط معها هذه القوى الكبرى نفسها بروابط وثيقة. في واقع الأمر لا تنعدم الخيارات أمام الدول المتوسطة ذات النفوذ الإقليمي، أو حتى الدول الصغيرة. يمكن، وهذا أضعف الإيمان، أن تصارح هذه القوى الكبرى بالتناقض في مواقفها، وأن تضعه على جدول الحوار معها، ويمكن لها أن تجد شركاء آخرين بدلا من هذه القوة الكبرى التي تتعاون مع خصومها. ولا أظن أن الحكومة المصرية، لو توافرت لها الإرادة، عاجزة عن عمل ذلك.
لا تستخفوا بعقولنا
قال بيتر ستانو المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد مستعد لتقديم الدعم والمساعدة في قضية سد النهضة، وإنه يعمل مع شركائه الدوليين، لدفع أطراف قضية السد الثلاثة إلى طاولة التفاوض، وصولاً إلى حل في النهاية. من جانبه شدد سليمان جودة في “المصري اليوم” على أن الكلام السابق سمعناه من قبل على لسان الاتحاد، وعلى لسان الولايات المتحدة أيضًا، وهو كلام يتبين عند اختباره أنه يقال على سبيل إثبات الحضور.. لا أكثر. والسؤال الذي سوف يدور داخل أي عاقل يسمع مثل هذا الكلام هو كالتالي: إذا كان الاتحاد مستعداً للتدخل بهذه الدرجة من الشهامة، فماذا يا رب يمنعه من الدعم ومن المساعدة؟ وسؤال آخر: ماذا قدم الاتحاد في جلسة مجلس الأمن 8 يوليو/تموز من أشكال الدعم؟ وماذا قدمت فرنسا في الجلسة من صور المساعدة، مع ما نعرفه من أنها عضو في الاتحاد، ومع ما نعرفه عن أن مندوبها في الأمم المتحدة يرأس مجلس الأمن خلال هذا الشهر؟ وسؤال ثالث: لقد عاد الوزير سامح شكري بالكاد من بروكسل، حيث مقر الاتحاد، وكان وجوده هناك بهدف واحد هو دعوة الاتحاد إلى أن يكون صاحب موقف له أثر في الموضوع. لم يذهب شكري إلى العاصمة البلجيكية بمجرد عودته من جلسة المجلس في نيويورك لشرب الشاي والقهوة، وإنما ذهب لدعوة الاتحاد بشكل صريح ومعلن.. ومع ذلك فالجماعة في الاتحاد ينتظرون دعوة.. إن كلام الخواجة بيتر يعيد تذكيرنا بكلام مماثل على لسان موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، وفيه يتكلم اللهجة ذاتها ويقول إنه مستعد للعب دور في موضوع السد. أي استخفاف بالعقول يمارسه هؤلاء المسؤولون على الناس؟ ماذا ينتظر الاتحاد وماذا تنتظر المفوضية الافريقية، إذا كان معتصم العوض مدير إدارة الخزانات في السودان، يقول إن الملء الأول للسد من جانب إثيوبيا، أخرج جميع محطات الشرب في ولاية الخرطوم من الخدمة؟ أي استخفاف يمارسه هؤلاء المسؤولون في حقنا وحق السودان.
فحوى الرسالة
الرسالة التي وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشان التطورات الخاصة بإنشاء سد النهضة الإثيوبى، في الكلمات التي ألقاها في افتتاحية المؤتمر الأول لمبادرة حياة كريمة، كما أكد الدكتور أسامة الغزالي حرب في “الأهرام” انطوت على عناصر شديدة الأهمية نأمل في أن تصل بوضوح للحكومة الإثيوبية، وللشعب الاثيوبي، وللعالم كله! أولها أن مصر تدير علاقاتها الخارجية إقليميا ودوليا بثوابت راسخة ومستقرة، قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام، وإعلاء قواعد القانون الدولي.. ثانيها، أن المساس بأمن مصر القومي، خط أحمر ولا يمكن اجتيازه، شاء من شاء وأبى من أبى. وأن ممارسة الحكمة والجنوح للسلام، لا يعني بأي شكل من الأشكال السماح بالمساس بمقدرات هذا الوطن، الذي لن نسمح لأي من كان، أن يقترب منه، ولدينا في سبيل الحفاظ عليه خيارات متعددة، نقررها طبقا للموقف، وطبقا للظروف. ثالثا، وفي ما يتعلق بقضية بناء سد النهضة الإثيوبي، ولدى حديث مصر مع الأشقاء السودانيين والإثيوبيين، فإنها تفصح عن الرغبة في أن يكون نهر النيل نهرا للشراكة وللخير لنا جميعا، وإننا لا نريد الخير لنا فقط. هذا حديث قيل في جميع المناسبات. وإذا كان سد النهضة سوف يوفر التنمية من خلال إنتاج الكهرباء، فنحن معكم، ومستعدون للتعاون في كل شيء يؤدي إلى رفاهية الشعب الإثيوبي والشعب السوداني، جنبا إلى جنب مع الشعب المصري. هذا كان كلامنا، وهذا كان توجهنا.. نقدم الخبرات ونتعاون في مشروعات الكهرباء ومشروعات الإنتاج الزراعي، وفى كل شيء. هذه هي عناصر الموقف المصري التي طرحها الرئيس السيسي بقوة ووضوح، أو هي رسالة مصر إلى العالم بشأن سد النهضة، لعلها تصل إلى كل من يهمهم الأمر.
قطع حبال الود
ما يحدث من إثيوبيا مع مصر في ملف سد النهضة من وجهة نظر محمود الحضري في “البوابة” هو حالة قريبة من مفهوم “العنت”، وربما الوصول إلى توصيف العصيان، لكسر أو قطع ما تبقى من حبال الود وجسور التواصل بين القاهرة وأديس أبابا، وتصر كل يوم، بل كل لحظة على فتح باب أزمة، ربما تؤدي إلى تفجيرات في المواقف لا يمكن مواجهة عقباها. وعلى عكس هذا الموقف تتعايش إثيوبيا وكينيا على نهر “أومو” في إطار من التعاون، ومن خلال إنشاء العديد من السدود والمشروعات الكهربائية، بدون أي مشكلات، ونجد الشيء نفسه في افريقيا على نهر النيجر، حيث تتعايش عليه خمس دول في إطار من التعايش السلمي، والتفاهم بشأن كل ما يتعلق به من مفاهيم التنمية. وهنا يأتي السؤال الجوهري لماذا تصر أديس أبابا على موقفها المتعنت مع مصر والسودان، ولا تريد أي صيغة تفاهم محددة للتعايش على نهر النيل، ليحقق الفائدة للجميع كما كان الوضع طيلة آلاف السنين، ليأتي اليوم نظام أبي أحمد، ويتجه بقضية المياه نحو الاستحواذ والطمع، لدرجة أن يتم القول إن مياه النيل هي حق إثيوبي وفقط. المؤكد أن مصر شعبا ودولة وقيادة، لن تفرط في حق البلاد بمياه نهر النيل، ولن يستطيع أحد أن يغير من مقولة “مصر هبة النيل” مهما فعلوا، وكل من يقف وراء إثيوبيا لتعطيش مصر وشعبها، وعبارة “أمن مصر القومي خط أحمر، لا يمكن اجتيازه شاء من شاء وأبى من أبى” التي قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، هي كلمة حق يرددها كل مصري مهموم بهذا البلد، وعلينا أن ندقق في عبارة أخرى للرئيس وهي “إن ممارسة الحكمة والجنوح إلى السلم لا يعني السماح بالمساس بأمن الوطن”، ويعني هذا أن خيار المواجهة الأعلى لحماية حق شعب مصر ليس ببعيد.
ما وراء الكلمات
ويرى محمود الحضري أن كلمة السيسي للمصريين “بلاش هري.. اطمئنوا ومتصدقوش كل اللي بيتقال”، هي كلمة دقيقة جدا في مفهومها، وتأكيد لمعلومات كثيرة تؤكد وقوف مصر على خط الدفاع عن مياه النيل، وكل كلمة تترجم هذا المعنى، واقرأوا جميعا ما وراء تلك الكلمات للرئيس “إن مصر لديها خيارات عديدة للحفاظ على أمنها القومي، وستستخدمها وفقا لما يتناسب مع الموقف وتوقيته، نحن نريد أن نجعل نهر النيل نهرا للخير للجميع، بدون المساس بمياه مصر وحصة مصر”. المؤكد أن هناك قلقا بين الناس، وهذا حقنا جميعا، وهو ما تعترف به القيادة وأكده السيسي، بمقولته “أعرف أن هناك قلقا عاما بين جموع المصريين، وهو قلق مشروع لتعلق الأمر بالمياه وحياة الناس”، وأن مصر أصبحت تمتلك من الأدوات السياسية والقوة العسكرية والاقتصادية ما يعزز من إنفاذ إرادتنا وحماية مقدراتنا”، و”قبل ما تحصل حاجة لمصر يبقى لازم أنا والجيش نروح الأول عشان يحصل لها حاجة”، و”إحنا كمصريين لا يليق بنا أن نقلق”. والمؤكد أن مصر وهي تدخل عصر “الجمهورية الجديدة”، فنحن بالفعل نمتلك القدرات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة، التي بها تدافع الدولة عن حقوق هذا الشعب في الداخل والخارج، ليعيش بدون مجرد هاجس من القلق على مقدراته، وهو ما يجب أن يعرفه كل طامع. ألم يأت الوقت بعد لتعمل أديس أبابا بصوت العقل، وتسمع ما يقوله العالم، وآخره، تصريحات الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، وزير الخارجية بيتر ستانو، بضرورة أن يكون تشغيل السد الإثيوبي بناء على اتفاق متبادل بين الأطراف المعنية كافة.
صناعة الترند
أكد سيد علي في “فيتو” أن الرئيس السيسي وضع حداً لوقف مصطلح الهري الذي كاد أن يكون سيفا على رقاب مصر والمصريين في استنزاف أولوياتهم في معركة الوجود، ولا أحد يستطيع إنكار التأثير القوي والسريع للترند، ورغم إيجابية البعض القليل منها، إلا أن غالبيتها تعمل على تهييج الرأي العام. وللأسف فإن السوشيال ميديا تشهد الكثير من الترندات المزيفة فيصبح الهري ترندا، وقد ظهر مصطلح “هري” منذ 7 سنوات، والمقصود به الحديث الفارغ الذي لا يخلو من الكذب. والبداية كانت على لسان الشباب داخل المناطق الشعبية، ثم اتسعت رقعتها لتشمل كل ربوع مصر. وأقرب مفردات الفصحى لها هي كلمة “هراء” وتعني الكلام الفارغ. ويتم التعامل معه على أنه أداة من أدوات حروب الجيل الخامس، وهو ما يحدث عندما تصعد بعض الهاشتاغات قائمة الترند خلال وقت سريع، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. ويتحول الخبر أو الموضوع إلى قضية عامة يتحدث فيها أغلب مستخدمي السوشيال ميديا، وبالفعل فإنها في هذا التوقيت سوف تحرك الجهات الرسمية، وتهتم بها وقد تتخذ إجراءات بناء على ما فعله الترند، وخلال الفترات الماضية ظل الترند يصعد ويختفي من حين لآخر بعدة أخبار وقضايا، رغم عدم تحري الدقة ولا المصداقية ولا المهنية في إلقاء الضوء عليها، فاحتلته موضوعات متنوعة لا يستمر أحدها أكثر من أسبوعٍ واحدٍ.. على الرغم من قوة تداولها والتفاعل معها من قِبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، مع العلم أن المواقع الاجتماعية ليست ناقلة للحدث وحسب، لكنها ناقدة له، لذلك يمارس البعض عبرها سلطة الرقابة إزاء بعض القضايا، لضمان نفاذ العدالة وتصويب الأخطاء بالطرق السلمية.. والأمر الذي لا بد من الاعتراف به، هو أن صناعة الترندات لا تأتي هباءً، فغالبيتها تتم صناعتها صنعًا ولا تأتي بالمصادفة، بل بتوجيه من قبل جهة أو شخص ما يحاول حشد الجماهير حول هاشتاغ معين، يحمل وراءه هدفًا محددًا، وكثيرا ما يتم مواجهة الهري بالهري المضاد.
تطوير أم تعذيب؟
تساءل عادل السنهوري في “اليوم السابع”: مَن وراء الهجوم الشرس على نظام التعليم الجديد، ومن وراء عرقلة نظام الامتحان بشكله الحالي في الثانوية العامة؟ مَن هم أعداء النجاح لوزير التعليم طارق شوقي الذي يواجه حربا شعواء من كل جانب للرجوع عن خطة تطوير التعليم رغم أنها استراتيجية دولة وليست نهج وزارة أو وزير فقط، ولا عودة للماضي مرة آخرى. لو تمكنا من الإجابة على هذه الأسئلة، وهي إجابات متاحة وسهلة ولا تحتاج لجهد وعناء، سنعرف على الفور أن هناك من ليست له مصلحة كبرى في محاولة إلحاق الهزيمة بالوزير وبخطة التطوير برمتها باستغلال وتوظيف بعض الأخطاء البسيطة في نظام امتحان الثانوية العامة، وبكاء بعض الطلبة والطالبات وشكوى عدد من أولياء الأمور للضغط على الرأي العام في مصر. لكن الواقع الآن يؤكد وبعد مرور حوالي 4 سنوات أن النظام الجديد بدأ يؤتي ثماره ـ حتى لو كانت قليلة – بعد سنوات طويلة من مناهج التخلف التعليمي والامتحانات العقيمة التي لا تنتج سوى طالب حافظ وليس فاهما، يعتمد على التلقين وليس التفكير والوعي، ولذلك هناك من يولول الآن من أباطرة الدروس الخصوصية، لأنهم سيفقدون أموالا طائلة مع استقرار نظام الامتحانات الجديدة.
خسائر جسيمة
وشدد عادل السنهوري على أن أباطرة الدروس الخصوصية سيفقدون 47 مليار جنيه، أو ربما أكثر سنويا، وهو ما سوف يشعر به أولياء الأمور في السنوات القليلة المقبلة وبالتالي ينتهي هذا الكابوس. النظام الجديد للامتحانات يساهم في القياس السليم والصحيح للطالب المستوعب للمنهج والفاهم والقادر على التفكير بصورة سليمة، أما الطالب الذي يعتمد على التلقين والحفظ، فحظوظه قليلة في هذه الامتحانات. ما يحدث حاليا هو شهادة نجاح للوزارة وللوزير وعلى الجميع أن يتفهم أن العالم – خاصة العالم المتقدم – الذي كنا نقارن أنفسنا به ونقارن تعليمنا به، يعتمد على هذه النظم في الامتحانات، بل يخصص أيضا نسبة معينة للطلاب المتميزين في الإجابة على الأسئلة. جاء الوقت الذي لا نرى فيه هذه المجاميع المبالغ فيها والتي تتجاوز الـ100% ولا تعبر عن المستوى الحقيقي للطلاب ولا يمكن من خلالها قياس قدراتهم. نتائج عديدة سوف يجني ثمارها التعليم المصري من النظام الجديد في حالة استمراره – وبالتأكيد سوف يستمر طالما هناك رؤية واستراتيجية – أولها التخلص من الدروس الخصوصية، وتوفير مليارات الجنيهات. ثانيا القياس السليم لمستوى الطالب وقدراته، وبالتالي توجيهه نحو التعليم الجامعي المناسب لقدراته وتفكيره.
بلا منازع
أكد حماد الرمحي في “الوطن” أن المشروع القومي لتنمية الريف المصري «حياة كريمة»، الذي أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسي هو مشروع القرن بلا منازع، وهو التدشين الحقيقي للجمهورية الجديدة، التي يتطلع إليها المصريون منذ ثورة 30 يونيو/حزيران المجيدة. ولا ينكر أحد أن هذا المشروع هو الأقوى والأضخم في تاريخ الدولة المصرية الحديثة، وهو يسبق من حيث الأهمية والعائد مشروعي قناة السويس، والعاصمة الإدارية الحديثة. ويُعد مشروع «حياة كريمة» أبلغ رد على أحاديث الإفك التي تروّجها «جماعات الشر» والمنظمات المشبوهة، وأعداء الدين والوطن حول المشروعات القومية العملاقة بأنها «للأغنياء فقط». فالمشروع القومي لتنمية الريف المصري «حياة كريمة» يستهدف تطوير وتنمية حياة أكثر من 14 مليون أسرة مصرية بإجمالي 60 مليون نسمة تقريباً، منهم نحو 30 مليون نسمة في ريف الوجه البحرىي، ونحو 29.5 مليون نسمة في ريف الوجه القبلي. وهو ما يؤكد عظم وخطورة وأهمية المشروع من حيث ضخامته، واتساعه الأفقي، والقطاع الجماهيري الكبير المستفيد منه، فضلاً عن كونه أكبر مشروع تنموي في الشرق الأوسط. أما عن التكلفة التقديرية لمشروع «حياة كريمة»، فقد قُدّرت في أول دراسة للمشروع بنحو 600 مليار جنيه، إلا أنه بعد التعديلات والأفكار الجديدة والخدمات التي أمر الرئيس السيسي بإدخالها للريف المصري، وفي مقدمتها الخدمات التكنولوجية والصحية، وبرامج «الحوكمة»، فقد ارتفعت تكاليف المشروع إلى 700 مليار جنيه، يتم تمويلها بالكامل من الخزانة المصرية.
ميلاد جديد
لا ينكر أحد والكلام لحماد الرمحي، أن فكرة تمويل المشروع، وأن يكون مصرياً وذاتياً، وألا يكون بتمويل أجنبي، هي من أهم دعائم المشروع، حتى لا تكون تنمية حياة المصريين بأموال أجنبية، أو منحة دولية أو معونة عربية، فنصبح في المستقبل القريب محل تندّر، ونسقط في ما حذر الله منه «فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ». إن المشروع القومي لتنمية الريف المصري «حياة كريمة» هو ميلاد جديد للريف المصري، وتدشين للجمهورية الجديدة، كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، وسيكون هذا المشروع العملاق الأداة الوحيدة والحقيقية لتغيير وجه الحياة في الريف، وإعادة بناء الإنسان من جديد، فالمشروع يستهدف تحسين مستوى الخدمات الحكومية، وتحسين البنية الأساسية، ورفع كفاءة العمران، وتحسين الحياة الاجتماعية والصحية في جميع قرى الريف المصري، التي تبلغ 4741 قرية مركزية وأكثر من 30888 تابعاً لها، ما بين «عزبة وكفر ونجع». كما يستهدف مشروع «حياة كريمة» تخفيض معدلات الفقر في المناطق الريفية، التي بلغت نحو 70% في بعض المناطق الريفية النائية، خاصة في محافظات الصعيد. يتم تنفيذ المشروع القومي لتنمية الريف «حياة كريمة» على ثلاث مراحل، تم تحديدها واختيارها بناءً على أسس علمية دقيقة، منها تحديد القرى الأكثر احتياجاً، وفقاً لمعايير ضعف الخدمات الأساسية من شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه، وانخفاض نسبة التعليم، وارتفاع كثافة فصول المدارس، والاحتياج إلى خدمات صحية مكثفة لسد احتياجات الرعاية الصحية، وسوء أحوال شبكات الطرق، وارتفاع نسبة الفقر. وسيتم تنفيذ مشروع «حياة كريمة» على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى وتشمل القرى ذات نسب الفقر المرتفع «أكثر من 70%» والثانية تشمل القرى ذات نسب الفقر ما بين 50% و70%، والثالثة تضم القرى ذات نسب الفقر الأقل من 50%.
واقع جديد
التغيير المهم الذي يجب أن ينتبه له كثير من المسلمين المهاجرين والمقيمين في الغرب، كما يرى أحمد عبدالتواب في “الأهرام”، أن ارتداء المرأة المسلمة الحجاب هناك لم يعد يُعتَبَر ضمن الحرية الشخصية التي يحميها القانون، بل إنه يمكن حظره اعتماداً على قاعدة عدم التمييز. وهذا هو مضمون حكم محكمة العدل الأوروبية، في بروكسل يوم الجمعة الماضي، في نظرها شكوى تقدمت بها مسلمتان تعيشان في ألمانيا، إحداهما موظفة في صيدلية، والثانية ممرضة في دار حضانة، فرض عليهما أصحاب العمل عدم ارتداء الحجاب! وقالت المحكمة إنه يمكن أن يساعد منع ارتداء الحجاب الإسلامي في منع النزاعات الاجتماعية، وقالت إن حظر ارتداء أي تعبير مرئي عن المعتقدات السياسية أو الفلسفية أو الدينية، يمكن تبريره برغبة صاحب العمل في أن يعكس صورة الحياد تجاه العملاء. الآن، وكما أنه لا يمكن التغافل عن أن هناك متعصبين ضد الإسلام والمسلمين، فإنه من المتوقع أن يترتب على هذا الحكم القضائي واقع جديد، بإجراءات جديدة، لن ترضى عنها فئة المسلمين، الذين خسروا معركتهم حول النقاب في بعض الدول، وها هم يخسرون الحجاب، ولن يجدي صراخهم بأنهم ضحايا التعصب وكراهية الإسلام والمسلمين من أصحاب التاريخ الاستعماري، إلخ، ولن يفيدهم القول ببراءتهم تماماً من أي مسؤولية عن الإرهاب الذي يضرب هذه البلاد، ولا عن سلوكيات تجعل قطاعات جماهيرية غير متعصبة من مواطني الدول الغربية يتخذون مواقف ضد المسلمين لديهم تصل إلى حد المطالبة بترحيلهم، كما يُلاحَظ أن بعض هذا الرفض ليس نتيجة لخلافات فكرية ضد الإسلام كدين، وإنما اعتراضاً على رفض كثير من المسلمين أن يندمجوا في هذه المجتمعات التي لجأوا إليها بإرادتهم.
مشهد مؤلم
من غرائب الزمان والكلام لمحمد حسن البنا في “الأخبار” أن تشاهد إهمال المواطن في نعمة أنعم الله عليه بها، ثم تقف متفرجا على المشهد المؤلم. حبانا الله بشواطئ بحرية على الامتداد الشمالي والشرقي. البحر المتوسط شمالا والبحر الأحمر شرقا. وهي بالمناسبة من أجمل شواطئ الدنيا. وإذا حباك الله بمثل هذا، من الواجب أن تحافظ عليها. أما أن تصرف فيها مخلفاتك السائلة والصلبة، فأنت هنا بلا شك مجرم في حق بلدك، وآثم في حق الله. كنت في زيارة لثلاثة أيام إلى منطقة «أبوسلطان» في الإسماعيلية وهي تطل على البحيرات المرة القريبة من البحر الأحمر وقناة السويس. شاهدت بأم عيني الصرف على المياه مباشرة للمخلفات الصلبة والسائلة، وكأن البحر ساحة ضخمة لإلقاء المجاري فيه. حزنت جدا. مواسير إسمنتية ضخمة فوهتها على الشاطئ تلقى قاذوراتها في المياه النقية، سألت ولم أجد إجابة. علمت أن هناك تعليمات بإلزام هذه المنشآت، قرى سياحية وقصور وفيلات، بعمل محطات معالجة قبل إلقاء المياه في البحر. ومن يلتزم، ومن يراقب، ومن يتابع؟ هذه آفاتنا الوظيفية. هذه سبة في جبين كل مواطن يرتكب هذه الجريمة. وأدعو الدولة، وأجهزتها المعنية للضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه ارتكاب هذا الفعل الشنيع. وإذا كان هناك إلزام بمحطات معالجة فلماذا لا تكون المياه المعالجة لري الحدائق المنتشرة في مثل هذه المنطقة؟،لماذا يستسهل المواطن ويلقي قاذوراته في البحر؟ الزراعة منتشرة جدا في هذه المنطقة، وليكن القرار بتوجيه الصرف المعالج إليها بدلا من البحر. هذا السلوك ليس في منطقة أبو سلطان فقط. حيث كانت قضية الصرف في البحر مشكلة عامة. تم إحكام القبضة عليها في بعض المناطق بالالتزام البيئي. والشروط التي نصت عليها القوانين الخاصة بالحفاظ على البيئة الطبيعية. كما أن الدولة ألزمت الشركات والمصانع بتركيب فلاتر للتنقية للحفاظ على المياه والهواء.. الدور الآن على مياه البحر.
لو حدث فعلاً
لدى مصطفى عبيد، كما أطلعنا في “الوفد”، ما يكفي من الجرأة كي يفكر في الاتجاه المضاد: تمر ذكرى 23 يوليو/تموز سنة 1952 علينا كلحظة تدبر لأحداث فارقة في تاريخ مصر، ويتكرر السؤال الخيالي المفيد: ماذا كان يُمكن أن يكون عليه الحال لو لم تقم ثورة الثالث والعشرين من يوليو؟ يُخبرني صديق نابه، منفتح على العالم، معني بالتاريخ وتحولات الأمم، أنه يعكف منذ سنوات على كتابة تاريخ متخيل لمصر يفترض فشل تحرك يوليو. يتصور صاحب الافتراض أن عيون القصر علمت بحركة الضباط الأحرار مبكرا، وأن يوسف صديق لم يُبكر في تحركه، وأن اللواء علي نجيب (شقيق محمد نجيب) قام بالقبض على قيادات الحركة كافة من منازلهم كما كان مقررا، وأن المملكة المصرية أعلنت وأد تمرد مجموعة من المشاغبين، وتم تحويلهم إلى المحاكمة. بعد نحو سبعين عاما يُمكن أن نسأل ما كان سيُفضي به الحال وفق التطور الطبيعي للأحداث. ستجلو بريطانيا عن مصر حتما، وستنجو مصر من الوقوع فريسة في مصائد المعسكر الاشتراكي، وستبقى التعددية السياسية دافعا للإصلاح المستمر وحافزا على تحسين جودة التعليم والصحة والخدمات. وقطعا لم تكن لمصر أن تخوض حروبا ومغامرات خارج نطاق حدودها. وبطبيعة الحال كانت تجربة القطاع الخاص في التنمية ستتطور وتُصلح بعض الخلل الاجتماعي السائد، وكان متاحا للاستثمار الصناعي في هذا الصدد أن يحقق السبق والريادة ويمتلك التكنولوجيا والتطور.
نص مبسط
مضى مصطفى عبيد طارحاً السيناريو المتخيل، مشيراً إلى أن جماعة الإخوان المسلمين بخطابها الإقصائي ستتلاشى بشكل طبيعي، في ظل انفتاح المجتمع وغلبة التعددية، خاصة أن حركة يوليو/تموز كانت بمثابة عملية نقل دم لإطالة عمرها، لأن قرار حل الأحزاب الصادر فعليا في يناير/كانون الثاني 1953 صب بشكل مباشر في صالح الجماعة حتى بعد قرار حلها في 1954، لأنه أنهى الوجود المؤسسي للتيارات والتوجهات السياسية تماما، فبات المواطن أمام خيار من ثلاثة هي: إما الانزواء وهو قرار غالبية الناس، أو السير وراء قطيع المتملقين للسلطة تحت لواء التنظيم الطليعي أو الاتحاد الاشتراكي من بعده، وحزب مصر، ثم الحزب الوطني. وكان الخيار الثالث اللجوء للتيار الديني، صاحب الشعارات الرنانة، والعمل السري أو العلني تحت لوائه، وضد توجهات الدولة الوطنية. كانت مصر أشبه بشاب طموح يصعد درجا طويلا سعيا وراء التقدم والتنمية، وكانت 23 يوليو إحدى الدرجات الملساء، التي هوت بالشاب الطموح إلى أسفل. ولو كان لي أن أحتفل مع المحتفلين بذكرى يوليو/تموز، فسأطلب بود ومحبة وبدون تعصب من مجموعة من الروائيين وكتاب السيناريو من مختلف التيارات األسياسية، بما فيها الناصري تقديم نص مبسط يفترض تطور أحوال مصر لو لم تحدث الحركة، أو الثورة، ولم تشهد مصر هذه التغيرات الدراماتيكية. فالأمم تتعلم من الماضي، ولا يُمكنها قراءة قيمة الحدث، إلا بنفيه والمقارنة المجردة بعد ذلك. وهذا ما نحتاج إليه ونحن نحتفل بذكرى الثورة، وبذكرى كل حدث، لعلنا نتعلم.
بقلم
حسام عبد البصير
عن جريدة ” القدس العربي ” الصادرة في لندن . المملكة المتحدة بتاريخ الاثنين 19 يوليو 2021