وداعا رمسيس مرزوق.نور مصر وحلم المطران بقلم صلاح هاشم مصطفى
يعتبر الفنان السينمائي د.رمسيس مرزوق مدير التصوير المصري، اهم مصور ومدير تصوير سينمائي حاليا في مصر و العالم العربي ، وقد تربي علي يديه اجيال من المصورين العاملين حاليا في الوسط السينمائي المصري والعربي، ولا يستطيع احد ان ينكر، افضاله على، واضافاته الى السينما المصرية، التي صنعت ذاكرتنا ووجداننا ، بسحر ضوء مصر البلد ، وهو اشبه مايكون، ليس ببلد ، بل بـ”قارة” من الشعوب والامم والثقافات والبلدان يقينا، و”عجينة” للانسانية، بطيبة أهل مصر وألفتهم المحببة..
وحسنا فعل مهرجان القاهرة السينمائي في دورته 34 باختيار تكريمه، مع الفنانتين الكبيرتين الفنانة ليلي علوي والفنانة صفية العمري، بعدما كان د. رمسيس مرزوق، رئيس قسم التصويؤر حاليا في معهد السينما بمصر، أنجز وصور أكثر من ستين فيلما، و من ضمنها روائعه ” النيل أرزاق ” وثائقي اخراج هاشم النحاس، و ” المهاجر ” روائي ليوسف شاهين..
حتي صار رمسيس مرزوق، بسبب الافلام التي صورها، قطبا في فن التصوير السينمائي ، وعلامة..
ليس في مصر وحدها، بل و من دون مبالغة في العالم، و اطلقوا عليه ” ساحر الضوء”، مما حداني، الى تعريف المهرجانات السينمائية الفرنسية و الاجنبية بانجازاته واضافاته، وتكريمه فيها، وقمت بالفعل بتكليف من مهرجان ” آرت فيستيفال ” ART FESTIVAL – مهرجان سينما الفن- في سلوفاكيا ، باعداد تظاهرة تكريم لرمسيس مرزوق في دورة ماضية منذ سنوات ، حضرها رمسيس بنفسه وشارك، بمناسبة تكريمه فيها ،وعرض بعض افلامه التى اخترتها بنفسي معه، شارك في لجنة تحكيم المهرجان، مع الممثلة الايطالية الكبيرة صوفيا لورين..
وكنت بالطبع اثناء فترة الاعداد لذلك التكريم ، شاهدت افلامه، وصور معارضه التي اقيمت له في مصر، والسينماتيك الفرنسي، وأنحاء العالم، واستمعت منه الى قصة حياته ، ومسيرته السينمائية العريقة الطويلة ، وكذلك حكاياته مع المخرجين الذين اشتغل معهم من المخضرمين مثل يوسف شاهين ،والشبّان مثل يسري نصر الله ، واشتغل فيها على افلامهم..
كما كنت التهمت كل ما كتب عنه ، وقرأت رسالته للحصول على شهادة الدكتوراه في السينما من السوربون في باريس، تحت إشراف المخرج الفرنسي الكبير إيريك رومر، من جيل جيل مجلة ” كاييه دو سينما ” والموجة الفرنسية الجديدة كراسات السينما و واجريت مع رمسيس عدة حوارات ، ثم كتبت مقالا بالانجليزية في كتالوج المهرجان المذكور في سلوفاكيا، بعنوان ” رمسيس مرزوق. نور مصر “..
وعندما فكرت في أن أخرج فيلما وثائقيا عن السينما المصرية، لأذكّر بأنها كانت المدرسة التي تعلمنا فيها فنون الحياة والحب، وعشق النور والجمال،سجلت مع رمسيس مرزوق حوارا طويلا، أمتد الى أكثر من ساعتين، في البيت الذي بناه بنفسه خارج القاهرة على الطريق الصحراوي الى الأسكندرية، وصورته سينمائيا، واحتفظت في الفيلم ( وكأنهم كانوا سينمائيين . شهادات على سينما وعصر ) من تصوير ومونتاج مدير التصوير اللبناني الكبير سامي لمع، بعشر دقائق فقط من الحوار، تمثل “شهادة” في الفيلم، يحكي فيها رمسيس عن حلمه النبيل في صغره في أن يصبح مطرانا شهيرا،وعن التأثيرات العميقة التي استحدثتها السينما المصرية، في الوعي الجمعي المصري..
اريد فقط هنا أن أنوه، بان تكريم مهرجان القاهرة لرمسيس في دورته 34 ، يأتي متاخرا قليلا ، بعد أن شبع رمسيس من التكريمات، وشهادات التقدير والجوائز التي حصل عليها من عدة هيئات ومهرجانات سينمائية مصرية وعالمية، وكان سبق لمهرجان الاسكندرية السينمائي أيضا تكريم رمسيس مرزوق في احدي دوراته..
وقد لا ابالغ ،حين اقول ان رمسيس مرزوق، بمشاركته – كمدير تصوير – في انجاز افلام كل من د. صبحي شفيق ” التلاقي” ، ويسري نصر الله ” مرسيدس” وكان صور ليسري ايضا ” سرقات صيفية ” أول أفلامه الروائية الطويلة عام 1990، و فيلم “شحاذون ومعتزون” لأسماء البكري، وفيلم ” النيل أرزاق” لهاشم النحاس.. وغيرهم،
كان قد حفر لهم “سكة” الي عالم الاخراج في السينما، ولولا انهم استعانوا بذلك المصور السينمائي المصري الكبيرالعملاق، لصنع افلامهم وتصويرها في اعتقادي، ما كانوا نجحوا،وترسخت اقدامهم، وهم يخطون خطواتهم الاولى، في عالم الاخراج السينمائي..
بل لقد كنت اكتشفت ايضا،ان سر اعجابي بفيلم يوسف شاهين ” المهاجر” ، وبعض الافلام التي اخرجها شاهين للسينما، ولم افهمها ،او لم افهم رسالتها، وماذا كان يريد ان يقول فيها بالضبط ، وكان رمسيس صورها لشاهين، كان” بسبب تصوير” رمسيس مرزوق العبقري “المعجزة”- بسحر الضوء في مصر- وفنه
صلاح هاشم
صلاح هاشم مصطفى كاتب وناقد ومخرج مصري مقيم في باريس.فرنسا.مؤسس ورئيس تحرير موقع سينما إيزيس
*نشرفي موقع ( سينما إيزيس ) بتاريخ الأربعاء 20 اكتوبر 2010، بمناسبة تكريم د.رمسيس مرزوق في مهرجان القاهرة السينمائي 34 لعام2010