اصدارات كتب
كيف أبكيك يا مدينة الفن والأدباء بقلم فكري عيّاد
admin اصدارات كتب, مختارات سينما ازيس 0
إستلقت الإسكندرية الأسطورية مسترخية في أيادي اللهو المُتنعمَة.
كيف أبكيكِ،
يا مدينة الفن والأدباء.!
كيف أعيد اِليْكِ،
وسَامة هويتِك ..؟
كم من أفكار،
و أمواج ٍعابثة ..
طلَّت على هامَتِك.
هل ماضيك، وعُلُوَّ مجدِك..؟
مجرد “حبر على ورق”..!
الزمان طوَي أحلامه،
في غفلة أيَّامُه..
ومجدك الذي كانَ..
هل إندثر!؟
عيونَنَا بائسَة..
تبحث عن مرسَاكِ،
تعيش في رَوْنَق الصور.
أين شواطئ الحسن القمراء.
وليالي نشوة أغانيك،
في بحر السهر.؟
ذكرياتك ..!
إستلقت وَرَمَست.
بين سيقان الهامات
الشاهِقَة.
وكتلات الصخر.
حكايات صبوَة وشباب العمر.
صَدَى ذكريات..!
ذابت في رغوة القدر.
بين فكي أصوات وبُروقِ حبيسة وَهَمهَمات.
في طروادة الآهات.
أنفاس تَوَهَّدَت بالحسرَات،
ونظرات تَأَطَّرَت،
تُنبِتُ بذارًا مُبعثرة..
تحدقُ في أغلالِ الجفاء.
تُحدق بغثاء ،
في زبدِ رحلة الأمواج..
ضاعت فِي لَمْحِ الْبَصَرِ.
يا جميلَتي ونَشْوَاي.
لو تدرين يا صبابتي.
كيف أَوْثَقُوا،
نسيمك العليل.
بطوقِ خائِر.
حول خصرك دائر.
زَيْنُوا الآسىْ على خصرك.
بوثاقِ..وبنيانٍ.
من قَيَّدِ الحجر.
يامدينتي..
اِستيقظِي.
ياحلمًا هائماً،
في خيالي..
أيقِظي الحنين،
في خفقات صدرِي..
وبصري الباكِي.
عُودي..ياسكندريتي.
في لهيف نظراتي.
دموعي سئِمَت الأمل.
قطرات ذابت،
في خضم البحر .
آه منك يا واحة الجمال..!
تستلقي في بنايات وزحام،
إنه زمن الأشقياء ..
نعيش فيكِ غرباء!
بين أنياب سطوة الدخلاء.
تسللت كالحرباء.
فَحِيحٌ يخطف روح الأمل،
وضحكات البشر.
ندفنُ التَّكَلُّم.
ونمضغُ الأحزان.
والفنّ والأشعار..
والأغنيات حبيسَة
ضَجِيجٌ وَثَرْثَرَة،
في عبابِ الصدر.
أين أنتِ يا مدينة،
البَهْجَة والبشاشة.؟
في تمشية الصَبَايا.
ورنّات الخلخال.
في نسماتِ العصر.!
يا مدينة أحلامي..
يا ظلالاً كفيفة،
في إغفاءة المنام.
وطير مأواه،
خلف القضبان.
دنياه نجواه.
وعيناه لا ترَى.
هل من رَجَاء.. ؟
ونفكك وثاقك.!
من خلف أسوار
القدر..!
هل الماضي يعود..!؟
يا غادة كل الثغور،
وتُعيدُ الأنسام،
لفحة اليود العطِر.
ينتعش من صدر،
إلى رجفة صدر.
نرتشف عِشقِنا،
علي حنايا أسوارك.
في رَخَاء وإسترخاء.
وَيحلُو لنا لهو السهر .
“نركضُ” في خيالي.
مع ثمالة وإغفاءة،
براءة عذراء.
وانسيَاب دمعٍ الأشواق.
في لَمَّة وكوْكَبَة الأصدقاء.
الرِّيحُ تحمل شدوِنا.
تَنَسَّمَت وَتَرَطَّبَت،
تُنَادي على الطير المهاجر.
لا صوت و لا خبر.
مجداف يُسَابق مجداف..
على خدرِ الأمواج سَابِح .
وصيادي الشباك،
في لهفة تنتظر.
مع فتنة وبقايا،
نور الغسق.
ولهفة العشَّاق.
أغنية شاردة.
في العيون صامِتَة.
تنهدات دافئة..
تداعب نشوة وشوشة.
في ليالي الغزل والسحر.
أم طَوَىَ وحَنَىَ
زمانك وإختفَي.
ونور فنارك المُقمِرُ ..
خَبَّأ وإسَتَتَرَ.
يا شواطئ محجوبة.
مُوّهت مُتزاحمة ..
بكتَل أحجارٍ وستائِر.
يا ظلالاً من نَبْعِ
طيبُ ماضِيكِ الساحِر .
ضباب في عيونك البائسَة.
وحسرة في القلب والبصر.
يا ليل الأحباب السامِر.
وزوارق المُغْرَمين !
يا “حلمًا ” ينْسَكِبْ.!
تلاشَى في لعابِ،
عباب الشّرود السّائر.
خطّفتهُ يد الزّمان الجائر.
غضًا منثورًا مُتَنافِر.
تَمَادَي على بساطِ الشواطئ وإندثر .
يا قيثارة النور،
نورك تاريخ وأزَاهِر.
يا حُسن يتباهَى ببهائِه.. وَتَفَاخَر.
فنارِك..أشعَّ ضوءَه.
وتَشَامَخَ بِجمالك السّاحر.
غسل وجهه بدمع البحر..
قَبَعَ عَنِ الْأَنْظَارِ وإختفَي.
يا أرض الزعفران البهِيّة..
تجلَدِي وأنفضِي كفنك .!
روحي إِضْطَجَعَت،
بيني وبينك.
وَخفق أقدامي،
هَزِجَت وترنَمَت.
في دروبك..
ورسوم هواكِ،
نقوش في قلبي.
كيف اطيرُ إليكِ.؟
حبنا قيدٌ في وجداني
من رحم القدر.
يا مدينة أجدادي.
تَأَمَّلَت وتَتَطَلَّعَت،
المدن إليكِ.
وبسحرِ تُراثك .
غارتْ وحَسَدَت.
في خاطِرهَا إستحْيَت.
ومن تراثك تُسحر.
ترنُو لعرشك ولا تصل.
“آه من زمنٍ،
مَسعورٌ حزين.
غَدَّار ومُخَادِع،
مرتجف الجبين.”
تجاعيده إِكْتَأَبَت،
على أجنحة العمر . َ
من يعرف خبايَا
وَدفائنُ كِنُوزك..؟
فلاسفة وأدباء،
فنانين ومفكرين.
تَلاءمَتْ..
تَنَاغَمَتْ..
وَتَوَاءَمَت..
إِئْتَلَفَتْ في حِبُورِك،
مُتَنَعِمين.. ومُتَجَنِّسِين .
مُتَدَفِقَة ومُتعَددة،
إرتشفتْ أنفَاسِها،
طَرِيّة عَلِيلة مُبَلَّلة.
من بحورِ زَمنك العتيق.
طَمْسَ زمانهم..
غبرتْ أيامهم..
ضمرت بلا أثر.
يا خَلِيلة الجمال.
ورَوْنَق المعرفة. .
بَزَغَت أنوارك،
وَأَشْرَقَت،
في سناء جمالك.
يا يقين في طرفَةِ عيني .
رفيقة خيالية أحلامي.
غادة في صباحَهَا..!
تتمخطر علي الصدر.
أين أنتِ أيتها،
البَهْجَة الشهيّة القدِّ ؟
ياوردة نَفِيسة نادرة..
في روْضَةِ البساتين.
من ذاقَ بلسم،
غنج الهَوَى.!
وقبلة هوَا الحبُ فيكِ.
كيف ينساكِ..؟
يحملهُ الشوقَ والحنين.
عاد إليكِ مَلْهُوفًا.
ينفضُ غُبار غُربة السفر.
كان هُنا..!
ذاتَ يَومًا..!
لَذَّةُ موج بحرك،
يُقَبل سَمَا شَفَايِفك.
في خجلٍ مُسْتَلَب،
تَقَفْقَفَ وإِرْتَجَف.
رَطْب ناعِم عليل.
على وجنتَيْ العاشقين.
كان هُنا..!
ذاتَ يومًا..!
تَلاشَى واِنْمَحَقَ.
تَغَشَّى وإِنْدَثَر.
خصر الجمالِ.
يخلع درعه الأخير.
وما زالت الأبصار،
لا تُبصرُ.!!
بقلم
فكري عياد
فكري عيّاد كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة
مرفق صورة غلاف الكتاب.
الذي يأخذ رؤيتنا في رحلة،
مع الكاتب الصحفي المستنير المؤرخ عاشق الإسكندرية.
الصديق “عادل درويش”
الذي أخذنا في جولة مُوثقَة. مع مشاهدات من المدينة الأسطورية..
في صفحات كتابه الأخير
كل أسرار مهرجان “كان ” في كتاب . إعترافات رجل الظل جيل جاكوب في كتاب ” سوف تمضي الحياة مثل حلم ” ( 3 من 3 )
سينما
أسرار مهرجان ” كان ” السينمائي في كتاب ( 3 من 3 )
جيل جاكوب:لاتنسوا أن وجها جميلا لإمراة، قد يكون سببا في إختيار الفيلم
بقلم
صلاح هاشم. باريس
قبل الإنتقال من باريس إلى مهرجان ” كان ” السينمائي 77 الذي يعقد في الفترة من 14 الى 25 مايو، وذلك لتغطيةوقائعه،وفعالياته وأفلامه، لجريدة ” القاهرة “.. نتحدث في هذه الحلقة الثالثة والأخيرة ، من إعترافات جيل جاكوب، الرئيس السابق لمهرجان ” كان ” في كتابه ( سوف تمضي الحياة مثل حلم ) LA VIE PASSERA COMME UN REVE عن القواعد التي إعتمدها في إدارة المهرجان وإختيار أفلامه..
يحكي كيف تم اختياره لوظيفة ” المندوب العام ” لمهرجان ” كان ” السينمائي منذ عام 1977( أصبح في ما بعد رئيسا للمهرجان عام 2000 ) ويلخص هنا عصارة ، والدروس المستفادة من تجربته ،علي قمة أعظم وأشهر وأضخم مهرجان سينمائي في العالم، فيذكر في الفصل السادس والعشرين من كتابه بعنوان ” مواهب جديدة “أن المهرجان يشهد مرة ” سنوات وفرة” ،ومرة أخري ” سنوات عجاف ”،ويتساءل جيل جاكوب هنا، وبخصوص أكثر من ألف فيلم تصل الى المهرجان كل سنة، وعليك كمندوب عام للمهرجان أن تختار من بينها أكثر من مائة فيلم فقط،إن ماذا تفعل لو كنت مكانه؟ وياله من ” كابوس ” مرعب، ويا لها من مهمة شاقة حقا !!..
فالعالم ينتج سنويا حوالي 2000 فيلم ،ويعرض منها علي المهرجان كل سنة أكثر من 1000 فيلم من جميع دول العالم، وجميعها تطمح إلي المشاركة في المسابقة الرسمية ، فكيف تختار من ضمنها 150 فيلما تمثل ” قائمة الإختيار الرسمي ” و20 أو 22 فيلما علي الأكثر من ضمنها ،للمسابقة الرسمية للمهرجان ؟..
انه بالفعل “كابوس “حقيقي ومرعب، يجثم علي أنفاس جيل جاكوب وحده ،الذي يختار بمعرفته ، ويقرر، ويتعرض بالطبع في كل مرة ،لحساب قاس وعسير من قبل أكثر من 4000صحفي وناقد يستقبلهم المهرجان كل سنة ..
وثانيا إن من حق الصحفيين والنقاد، أن يكون لهم رأيهم وتشخيصهم الأساسي في المهرجان، الذي يمكن مناقشته ، والأخذ به، ومن ذلك توافر عدد كبير جدا من الأفلام للمشاهدة ،وكان لابد من تقليص عدد الأفلام المشاركة، وهو موقف ” سياسي ” بالدرجة الأولي ( كانت الأفلام تختار سابقا حسب الجنسية، وليس الجودة، وتفرض أحيانا فرضا علي إدارة المهرجان ، وذلك قبل التحاق جيل جاكوب للعمل فيه عام 1977 )..
إنشاء قسم ” نظرة خاصة “
قمت أولا – يحكي جيل جاكوب عن التغييرات التي إستحدثها عند إنضمانه للعمل في المهرجان آنذاك – بضم الأقسام الثلاثة من اختراع موريس بيسي – خارج المسابقة الرسمية – في قسم بعنوان ” نظرة خاصة ” – UN CERTAIN REGARD – وكان ذلك أول خطأ ارتكبته، فقد كان العنوان الذي اخترته للتظاهرة الجديدة عنوانا شاعريا مستلهما من قصيدة للشاعر الفرنسي بول ايلوار، لكنه لم يكن عنوانا سينمائيا بارزا وموفقا يعلي من قيمة ” المخرج ” في السينما، مثل عنوان تظاهرة أخري جانبية وأعني بها تظاهرة ” نصف شهر المخرجين ” من تنظيم نقابة المخرجين الفرنسية ، وكان الوقت قد فات ، لتغيير عنوان التظاهرة الجديدة.
إنشاء مسابقة الكاميرا الذهبية
لكني كما أعتقد كنت موفقا جدا في إنشاء مسابقة ” الكاميرا الذهبية ” مبكرا بمجرد حلولي في المهرجان ، وهي المسابقة – GOLDEN CAMERA – التي تدخلها الأفلام الأولي لمخرجيها في جميع أقسام المهرجان، وتتنافس في ما بينها للحصول علي ” كاميرا كان الذهبية ” فقد أدركت ومنذ عام 1977 أن “الصفوة ” من المخرجين البارزين في العالم ، بدأت تكبر وتشيخ ، وأنه لابد ومن الضروري فتح الباب لـ ” جيل جديد ” من المواهب السينمائية الجديدة في العالم، لكي يحمل شعلة السينما الفن ، ويواصل مسيرة المخرجين الكبار، وقد تملكتني تلك الفكرة واستحوذت علي كياني حتى أصبحت سلوتي وهوايتي المفضلة بمرور الوقت ، ودفعتني إلي إنشاء مؤسسة ” السينيفونداسيون ” السينمائية، ومن بعدها ” دار إقامة المهرجان “- ريسدانس دو فيستيفال- لرعاية وتبني وتشجيع المواهب السينمائية الجديدة، ثم أني توجت كل هذه الإبداعات أو الهياكل السينمائية بإنشاء ” الأتيلييه ” أو المحترف ، إضافة إلي تظاهرة سينمائية جديدة بعنوان ” كل سينمات العالم “.
إلا أن هذا كله لا يمنع وبخاصة عندما أعجب بمخرج جديد ، أن أصطحبه في رحلته علي درب السينما الفن ، فأعرض أفلامه فيلما وراء فيلم، كما فعلت من قبل مع الدانمركي لارس فون تراير ، والنيوزيلندية جين كامبيون ، والشقيقين الأمريكيين كوين ، والشقيقين داردين من بلجيكا ، وكيسلوفسكي من بولندا ، وونج كار واي من هونج كونج. ومن عند الايطالي موريتي إلي الأمريكي وودي آلان ، ومن دون أن أنسي الأسباني كارلوس ساورا ، والأمريكي روبرت ألتمان ، والفرنسي جان لوك جودار.
وسرعان ما ظهر تأثير ذلك وكل تلك التغييرات التي استحدثتها ، إذ راحت المهرجانات السينمائية ألكبري الأخرى تقلد مهرجان ” كان “، وتستلهم من إستراتجيته التي تعتمد في الأساس علي ” الاكتشافات ” الجديدة ، وذلك بإنشاء الأقسام والتظاهرات الجانبية، وكنت استطيع عندئذ أن أصرخ إن ألحقونا سرقونا ، لكني فضلت أن أطلق صيحة أن تعيش السينما.
والواقع أن الصحفيين والنقاد وقفوا إلي جانبي منذ أن بدأت عملي ، وكانوا راضيين عن اختياري ك ” سينيفيل ” كعاشق للسينما لإدارة المهرجان ، في محل ذلك الموريس بيسي الذي لم يكن أحد يحبه كثيرا ، وكان ينظر إلي الصحفيين والنقاد علي أنهم أشخاص تافهين ولا يفقهون شيئا. و كانت الصحافة، عبرت عن ارتياحها لتلك ” الروح الجديدة ” التي حطت في شخصي، وشرعت ترحب بكل جديد تعرضه علي شاشات المهرجان.
كنت وحيدا. و كان من اللازم علي أن أبني وأشيد ” تجربة ” جديدة، وأن ابتدع أسلوبا خاصا وفريدا في إدارة المهرجان. كان علي أن أكتشف، وأن أتعلم من أخطائي، وأن أتقدم وأتطور وأفهم. وكان أول قرار اتخذته، أن أعطي إجابة فورية حاسمة للأشخاص الذين يتقدمون بأفلامهم للمشاركة في مسابقة المهرجان، وأن أرد عليهم بنعم أو لا في نفس اليوم، لكي يفهم الجميع بأني وحدي صاحب القرار.
ومن جانب آخر اعتمدت فورا صيغة العمل، وفقا لمجموعة قواعد محددة، وبحيث لا أحيد أو أتنازل عنها أبدا، وهذه القواعد هي:
القاعدة رقم 1 أن لا أكذب أبدا، وان لا أعد إلا إذا كنت قادرا علي الوفاء بالوعد
القاعدة رقم 2 أن أتحدث مباشرة مع مخرج الفيلم..
القاعدة رقم 3 أن أظهر ثقافتي السينمائية..
القاعدة رقم 4 أن أحوط نفسي بوجهات نظر وأفكار وآراء و ” نظرات ” جديدة دوما من خلال مجموعة من المستشارين المقربين
القاعدة رقم 5 أن تضم المسابقة الرسمية للمهرجان 12 بلدا علي الأقل كل سنة..
القاعدة رقم 6 أن لا اعتمد نظام ” الحصة”- الكوتا – في اختيار أفلام المسابقة، بحيث يكون للبلد المشارك عدد محدد من الأفلام لا يتجاوزه، وعليه لا مانع أبدا من عرض 4 أفلام من ليتوانيا في المسابقة، إن تقدمت مثلا بأربع « روائع ” سينمائية..
القاعدة رقم 7 : قبول مشاركة أفلام النوع – مثل أفلام ” الو سترن ” الكاوبوي، إذا كانت تقدم جديدا في النوع، وتحقق إضافة..
القاعدة رقم 8 : اختيار أفلام متطورة صاعدة ، داخليا علي مستوي تطور أحداث الفيلم وحبكته، وخارجيا أي علي مستوي تطور ونضج المسيرة الفنية لكل مخرج علي حدة..
القاعدة رقم 9 : لا خوف من ” نظام النجوم ” ، وبخاصة إذا كان يسمح بأن تروج مثلا لفيلم من الأفلام الفنية ” سينما المؤلف ” للمخرج البرتغالي مانويل دو أوليفيرا مثلا، من خلال نجمة سينمائي كبيرة مثل الأمريكية شارون ستون..
القاعدة رقم 10 : البحث دوما عن أفلام جد متميزة فريدة، وعدم الانسياق للصرعات والموضات الفارغة الزائلة..
القاعدة رقم 11 : اختيار أعضاء للجنة تحكيم المسابقة الرسمية من بين الفنانين فقط..
القاعدة رقم 12 : الامتناع عن الرد علي أي ” هجوم ” علي المهرجان ، ينشرفي الصحافة..
القاعدة رقم 13 : تكريم المخرجين المؤلفين الكبار، وتثبيت شهرة من صاروا معروفين منهم ، واكتشاف ” أجيال ” جديدة من المواهب السينمائية..
القاعدة رقم 14 : أن لا أنسي أبدا أن وجها جميلا لامرأة ، يمكن أن يكون وحده مبررا لوجود الفيلم في قائمة الإختيار الرسمي ..
القاعدة رقم 15 : عدم الالتزام بأية قواعد علي الإطلاق.عاشت السينما
كتب الناقد صلاح هاشم تطوف العالم مع مركز الحضارة العربية بقلم ولاء عبد الفتاح
admin اصدارات كتب, كل جديد, نزهة الناقد 0
” السينما المستقلة.نظرة على العالمية والعربية والسعودية ” كتاب جديد للناقد السعودي خالد ربيع
admin اصدارات كتب, رئيسية, شخصيات ومذاهب, مختارات سينما ازيس 0
خالد ربيع السيد يراجع السينما المستقلة بنظرة عامة
الرياض:
صدر للناقد السينمائي خالد ربيع السيد كتاباً بعنوان “السينما المستقلة ـ نظرة على العالمية والعربية والسعودية” وذلك عن دار رشم للنشر والتوزيع. الكتاب من القطع الكبير، وأتى في 330 صفحة، مزوداً بقراءات نقدية تحليلية عن الأفلام المستقلة وبقوائم معلوماتية، وضم رسومات بيانية وصور وجداول وتصميمات جرافيكية.
ما هي السينما المستقلة؟
بداية يوضح الكاتب في ثنايا كتابه أن السينما المستقلة هي الأفلام التي تنتج في مختلف انحاء العالم بمجهودات فردية أو مؤسسية صغيرة وفق ميزانيات منخفضة، وهي مستقلة عن شركات الإنتاج الكبيرة أو منظومات التسويق والتوزيع التجارية الضخمة، ولا تتعاون مع الفنيين التقنيين المحترفين، وكذلك لا تستعين بالممثلين والنجوم الكبار من الصفوف الأولى، حيث لا ميزانيات لأجورهم، فهي مستقلة في عملها من كل النواحي، وقد يكون الاستقلال كاملاً أو جزئياً.
وجاء في مقدمة الكتاب بقلم الكاتب: “آثرت أن أصدر هذا الكتاب بالتزامن مع انعقاد الدورة العاشرة لمهرجان أفلام السعودية، لما للمهرجان من أثر حميم بداخلي، ولإحساسي بأن الأصدقاء السينمائيين السعوديين يمرون بمنعطف مشرق في قطاع السينما عموماً، لا سيما أن استراتيجية رؤية المملكة عشرين ثلاثين قد حملت هذا القطاع على كفوف الاهتمام والدعم والإنماء المستمر”.
وأشار الى أن ما ورد بالكتاب ما هو إلا نظرة عامة سريعة، فالسينما المستقلة في كل بلد أوروبي أو عربي أو خليجي تحتاج الى كتب موسعة ودراسات مفصلة.
فيما كتب الناقد البحريني أمين صالح تقديماً للكتاب، قال فيه: “.. لقد وجدتني أمام كاتب واسع الاطلاع، ومتابع جيد للأفلام العالمية وللأفلام السعودية تحديداً، ومؤلفاته تكشف عن مدى اهتمامه بالتجربة السينمائية في السعودية”.
وأضاف: “في هذا الكتاب الغني بمادته ومحتواه الحافل بالمعلومات المهمة ينطلق خالد ربيع، بقلمه الرشيق وكتابته الشيقة، من الموجة الجديدة الفرنسية، مروراً بالسينما المباشرة وجماعة الدوجما والسينما الامريكية المستقلة، ويتطرق الى السينما في الدول العربية والخليجية وفي المملكة العربية السعودية.”.. وختم كلمته بالجملة التالية: “كان من الضروري كتابة هذا العمل، والآن من الضروري قراءته”.
الكتاب مقسم إلى ثلاثة أبواب، أولها: السينما المستقلة بين الغرب والشرق، وضم عدة فصول عن التيارات السينمائية التجريبية في أوروبا والتي كانت تعمل وفق نهج مستقل، لا سيما عند ظهور حركة الموجة الجديدة بخصائصها التي أثرت في الأجيال الأوروبية، وكانت انطلقت على يد فرانسوا رولاند تروفو ورفاقه، وبعدها ظهور سينما المؤلف بزعامة ألكسندر أستروك وأندريه بازان وجاك دونيول.
وعرض الكتاب نبذة عن جماعة الدوجما وعن جماعة الواقعية الجديدة الإيطالية والسينما المباشرة، وتناول في هذا الفصل أعظم الأفلام المستقلة في القرن العشرين، ثم تطرق لإرهاصات السينما البديلة في الوطن العربي، حيث قصد بالبديلة الافلام الفنية والمغايرة للسائد، فهي بديلة عن الأفلام التجارية.
و أفرد الكاتب فصلاً عن السينما الأمريكية المستقلة، مشيراً الى بدايتها وخصائصها وأهم مخرجيها، خصوصاًً جون كاسافيتس الذي أصبح اسمه علماً في الأفلام الأمريكية المستقلة، ذاكراً مفاصل من سيرته المهنية ومحطات انتاجات أفلامه ال 12 التي حققها.
سينما سعودية مستقلة
أما الباب الثاني في الكتاب خصصه المؤلف للسينما السعودية الشبابية المستقلة، والتي بدأت مع المخرج السعودي الرائد عبدالله المحيسن في السبعينيات، ثم تزايدت الانتاجات في بدايات الألفية مع المخرجة هيفاء المنصور ومجموعة “قطيف فريندز” فاضل الشعلة وموسى آل ثنيان ورفاقهم، ثم المخرجان عبدالله آل عياف وبدر الحمود، ثم مجموعة “تلاشي”، والمخرجون محمد الظاهري. حسام الحلوة. محمد سلمان. محمد الهليل. ممدوح سالم. فيصل الحربي. حمزة طرزان. عبدالمحسن الضبعان. عبدالمحسن المطيري وغيرهم الكثير من الأسماء مثل توفيق الزايدي. عبدالعزيز الشلحي. علي الكلثمي. فيصل العتيبي. ثم الأفلام المستقلة الطويلة لمحمود صباغ، والتي بشرت بظهور الافلام السعودية الواعدة.
فيما أشار الكاتب الى عدم وجود مصطلح “السينما المستقلة” حينذاك، بدايات الألفية، في الساحة الثقافية السينمائية السعودية، لكنه اعتبرها مستقلة حيث أنه تنطبق عليها مواصفات الأفلام المستقلة كما عرفت في دول أخرى، وأصبح المصطلح معروفٌ عالمياً..
وفي فصل لاحق خصص خالد ربيع قراءات لبعض الأفلام السعودية المستقلة، منها: فيلم “المرشحة المثالية” لهيفاء المنصور، فيلم “عايش” للمخرج عبدالله آل عياف، فيلم “البيانست” لحسن سعيد، “حد الطار” لعبدالعزيز الشلاحي، “آخر زيارة” لعبد المحسن الضبعان، “أغنية البجعة” لهناء العمير. “مدينة الملاهي” لوائل أبومنصور، “رولم” لعبد الإله القرشي، “ذلك المكان المهجور” لجيجي حزيمة. “خمسون ألف صورة” لعبدالجليل الناصر، وغيرها عدة أفلام.
أفلام المرأة السعودية
كما خصص الكاتب فصلاً عن السينما النسوية المستقلة في السعودية، ضم تعريفات لأبرز المخرجات السعوديات ونظرة على أفلامهم وأهم القضايا التي تطرقن إليها، منهن: هيفاء المنصور. عهد كامل. هناء العمير. هند الفهاد. شهد أمين. ريم البيات. هناء الفاسي. مها ساعاتي. هاجر النعيم. رنا الجربوع. هلا الحيد. مرام طيبة. دانية الحمراني. دانية السليمان. وغيرهن الكثيرات ممن حققن أفلاماً مهمة.
السينما العربية المستقلة
الباب الثالث في الكتاب كرسه المؤلف لبعض التجارب المتفرقة في الدول العربية، وكما أوضح أن ما كتبه ليس شمولياً ولا حصراً كلياً للأفلام العربية المستقلة، انما ما اتيحت له مشاهدتها من أفلام، وبدأها بلمحة تاريخية عن مخرجي الواقعية في مصر، المخرجون: محمد خان، رأفت الميهي، داوود عبدالسيد، خيري بشارة، رضوان الكاشف، يسري نصر الله وغيرهم، واهتم مؤلف الكتاب بتجربة وأفلام المخرجين المصريين الجدد، منهم: إبراهيم البطوط، وأحمد عبدالله السيد، أحمد فوزي صالح، هالة لطفي، أحمد رشوان، شريف البنداري وتامر السعيد وغيرهم.
ثم انتقل الى البحرين مشيراً لأفلام بسام الذوادي ومحمد راشد بوعلي والعديد من المخرجين البحرينيين القدامى والجدد.
كما عرج على تأريخ السينما في سوريا ولبنان، منوهاً عن أهم المخرجين وأفلامهم، كالمخرج جورج ناصر وكذلك أعطى الكتاب نبذات مختصرة عن السينما في فلسطين (خصوصاً أفلام رشيد مشهراوي) والعراق (أفلام قاسم عبد) والسودان (محمد كردوفاني. أمجد أبوالعلا) واليمن (خديجة السلامي. بدر بن حرسي. عمرو جمال).
أخيراً وكما قال الناقد البحريني أمين صالح: “بهذا الكتاب يضيف خالد ربيع السيد مادة جديدة وقيمة إلى المكتبة السينمائية العربية”.
***
عن موقع ” سينماتيك ” للناقد البحريني حسن حدّاد
لباب ” مختارات سينما إيزيس”
صلاح هاشم يكتب من باريس لجريدة “القاهرة ” إعترافات “المواطن كان” جيل جاكوب” رجل الظل.السينما وحدها تجعلنا نحلق بروحين وجناحين.
سينما
” سوف تمضي الحياة مثل حلم ” لجيل جاكوب ( 2 من 3 )
السينما وحدها تجعلنا نحلق بروحين وجناحين.
عن وودي آلان و ” وردة القاهرة ” التي خرجت من ” دم الشاعر “.
بقلم
صلاح هاشم.باريس
يحكي الكاتب والناقد السينمائي الفرنسي الكبير جيل جاكوب ،الرئيس السابق لمهرجان ” كان”في هذه الحلقة الثانيةلعرضنا لكتابه المهم – LA VIE PASSERA COMME UN REVE – عن لقائه مع المخرج الأمريكي الكبير وودي آلان لأول مرة، فيقول أن المقربين منه كانوا يروجون دوما لشهرة وودي آلان كمخرج خجول، يرفض التكريمات والحفلات ، وأنه يفضل أن يعزف علي الكلارينت في ” مقهي كارليل ” في نيويورك ،علي حضور المهرجانات السينمائية التي تسعي جاهدة إلي عرض أفلامه وتكريمه، بل ويرفض حتي حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار، لاستلام جائزة له ،بعدما قررأن ينشغل فقط بتأليف سيناريوهات أفلامه..
وأن يعيش حياته بمزاجه ،ويهيأ نفسه لفيلمه الجديد القادم فقط ، ولا ينشغل بأي شيء البتة،سوي الانغماس كلية في ما يفعل، إذ يبدو أن هذه هي الوسيلة الوحيدة – هكذا فكر جيل – التي يستطيع بها المرء أن ينسي الموت.ويتذكر جيل انه قبل عام 1984 لم يكن تحدث مع وودي آلان ، إلى أن التقاه مصادفة في فندق بلاتزا في باريس ( وعادة ما يهبط وودي في فندق ريتز ..) فتقدم إليه من دون سابق ميعاد ، وبادره قائلا : بونجور ياسيد وودي آلان. أنا جيل جاكوب. فرد وودي بسرعة، إن حسنا وماذا بعد!، وانتهي اللقاء عند ذلك..
لقطة من فيلم ” ورة القاهرة ” لوودي آلان بطولة ميا فارو
ويقول جيل، أن السينما تطورت بشكل طبيعي في مجال الحلم، غير أن صورة توم باكستر الذي خرج من الشاشة وهبط الي قاعة العرض في فيلم ” وردة القاهرة الأرجوانية ” لوودي آلان ، لكي يلتقي بمتفرجة حسناء تدعي سيسيليا، ولعبت دورها الممثلة الأمريكية ميا فارو في الفيلم وكانت تجلس في القاعة، ذكرته بمشهد شاعر كوكتو، وهو يعبر المرآة في فيلم ” دم الشاعر ” لجان كوكتو الأديب الفرنسي الكبير..
وأن تلك الصورة التي ابتدعها وودي آلان في فيلمه، تغذي فينا ذلك ” الوهم “، إذ يتحول البطل في الفيلم الذي يخرق الشاشة الي كيان إنساني حي من لحم ودم ، في الوقت الذي تتحول فيه ميا فارو البطلة من كائن حي، إلي كائن من إبداع المخيلة،ويتساءل جيل جاكوب: تري أين نحن من كل هذا ؟ هل يمكن أن تتحول أحلامنا ، إلى واقع ملموس ومحسوس، وهل هناك حقا خالقا لهذا الكون ؟. .
السينما وحدها تجعلنا نحلق بجناحين وروحين
لقد بدا لي أن روحي- يصرح جيل جاكوب في كتابه ، بعد مشاهدة فيلم وودي آلان الأثير ذاك – قد انشقت بالفعل إلي روحين، وان كل روح تعيش في صحبة الروح الأخرى المنفصلة عن أختها ، ونحيا في ذات الوقت، روح حياتي الواقعية وروح حياتي السينمائية ، و ها هما الاثنتان تسيران معا ويا للعجب في نفس الاتجاه..
وكان جيل جاكوب عرض في مهرجان ” كان ” كل الأفلام ” الجادة ” والفكاهية التي أخرجها وودي آلان من عام 1984 وحتي عام 1990 ( ما عدا عام 1988 فقط ) ومن دون أن يحضر وودي المهرجان، فلما التقي به أخيرا في فندق ريتز في باريس، تغلب جاكوب علي خجله ،وانطلق يحدث وودي عن إعجابه بأفلامه، وتفهمه لرغبته في عرض أفلامه علي هامش المسابقة الرسمية للمهرجان، وعدم اقتناعه بمبدأ المنافسة في قسم المسابقة الرسمية..
كما تحدثا عن المخرج السويدي إنجمالا برجمان، الذي يعشق وودي أفلامه، وتناولا موسيقي الجاز التي يعزفها في ذلك المقهي في نيويورك، وذكر وودي آلان أن شركة” أوريون الجديدة “التي تنتج أفلامه، صارت ترسلها للمشاركة في مهرجان ” برلين ” السينمائي..
وأنه سيحب كثيرا أن تكون عروض أفلامه الجديدة الأولي، في مهرجان ” كان ” من جديد ، ويتساءل جيل جاكوب، تري هل كانت هذه رغبة حقيقية لدي وودي، أم مجرد مجاملة منه، ثم أن جيل عرض علي آلان فكرة كتاب جاكوب الجديد بعنوان ” زوّار كان ” علي نسق فيلم ” زوّار المساء ” لمارسيل كارنيه- MARCEL CARNET – وتتلخص الفكرة في ضم مجموعة من كتابات أشهر المخرجين الذين ترددوا علي المهرجان بين دفتي كتاب..
وراح جيل يعرض علي آلان ، ما جادت به قريحة هؤلاء من كتابات للمخرجين،للياباني كيروساوا ،والألماني شولندورف، والبولندي كيلوفسكي ، والايطالي فيلليني ، والبرتغالي مانويل دو أوليفييرا وغيرهم ، وطلب من آلان ماذا يستطيع أن يقدم.فاقترح آلان أن يضم الكتاب بضع ” قصاصات “،عن مشروعات أفلام، يريد أن يخرجها ، و تخطر علي باله أثناء تجواله و إقامته في فنادق العالم الشهيرة ..من أول ” الجراند أوتيل ” في روما مثلا ، مرورا بفندق ” ريتز ” في باريس، وحتي فندق ” كلاريدج ” في انجلترا ، وأينما حل ،علي ان يكتبها وودي علي ورقة من أوراق الفندق المذكور، ويرسلها إلي جيل، فيضمها إلي كتابه، وعندئذ وبفضل آلان ، اكتملت فكرة الكتاب المشوشة،واتضحت في ذهن جيل جاكوب، ولأول مرة ، يا للعجب !.
المخرجون يتحدثون عن فن الميزانسين
فقد كانت فكرة تجميع نصوص مهداة ،لمخرجين ، في كتاب فقط، لا تكفي. وأدرك جيل فجأة إنها لن تكون فكرة ذات قيمة ، إلا إذا وجدت المحور الأساسي الذي تدور حوله، بحيث لا تظهر مجرد تجميع لكتابات متفرقة ، فماذا يمكن أن يكون ذلك المحور ياتري؟..
واو..اوريكا.. وجدتها.انه ثيمة الإخراج او ” الميزانسين ” ، هكذا فكر جيل. أجل يجب أن يكون موضوع الكتاب ، هو عملية ” الإخراج السينمائي ” ، وكيف يتمثلها هؤلاء المخرجين الكبار، و ماذا تعني لهم، وكيف تكون.والآن فقط يمكن وضع نصوص آلان وشلندورف في فصل بعنوان” كيف يولد الفيلم ؟ ” ثم توضع كتابات كيلوفسكي وأوليفييرا في فصل بعنوان ” عن التصوير والمونتاج ” ، وتوزع الكتابات الاخري في عدة فصول : فصل لعملية اختيار الممثلين الكاستينج ، وفصل آخر لإدارة الممثلين، وهلم جرا..
وبسرعة راح جيل يبحث عن ورقة من أوراق فندق ريتز ، ليدون عليها كل ذلك، وكان يظن بأنه لن ينسي كلمة واحدة من الكلمات التي نطق بها وودي آلان أمامه ، حين عبرت الغرفة فجأة ميا فارو زوجة وودي آلان، وحيته بهزة رأس. فإذا به جيل جاكوب ينسي الدنيا كلها وما عليها..ولم يعد يتذكر أي شيء، إلا وجهها الطفو لي الجميل الساحر ذاك ، الذي ذكره بدور سيسيليا الذي لعبته ميا فارو..في فيلم ” وردة القاهرة الأرجوانية”..
مهرجان ” كان ” يوظف نجوم هوليوود لخدمة ” سينما المؤلف “
وذات يوم رن جرس الهاتف في منزله، وإذا بأحدهم يقول هالو أنا وودي آلان ، فرد جيل بسرعة معتقدا أنها مجرد مزحة : هالو وأنا انجمار يرجمان، هاهاها..ثم أغلق الخط ، إلا أن وودي ألان عاود الاتصال، وأبلغ جيل انه سيحضر دورة مهرجان ” كان ” ليعرض فيلمه الجديد، وحضر بالفعل، لكن مع زوجة جديدة ، وقبل القيام بكل المهام التي طلبها منه جيل: حضور المؤتمر الصحفي بعد عرض الفيلم، وجولة التصوير المعتادة مع أبطال الفيلم، علي سطح قصر المهرجان، بجوار البحر ، تحت الشمس الإفريقية القادمة من الشرق..
وكان مجيء وودي آلان إلي المهرجان ، مكسبا يضاف الي مكاسب وانجازات جيل جاكوب، في استقطاب نجوم هوليوود الكبار – من الوزن الثقيل – من أمثال اليزابيث تايلور وشارون ستون ومادونا الي ساحة المهرجان، لكن ليس للدعاية والاستعراض، وخطف الأضواء، والتكريس للسينما الهوليودية التجارية ، والاستوديوهات ألكبري التي تعمل بـ ” نظام النجوم ” في أمريكا، وتهيمن علي أسواق العالم..
ولكن لدعم فكرته الأساسية، في الترويج من خلال المهرجان ونجومه ، لسينما ” الإبداع ” والخلق – CREATION– “سينما المؤلف ” – CINEMA D AUTEUR– التي توظف السينما الفن – للتعبير عن مشاكل عصرنا ، وتناقضات مجتمعاتنا الإنسانية، في أعمال المصري يوسف شاهين، والأمريكي فرانسيس فورد كوبولا – الذي يشارك بفيلمه “ميجالوبوليس” الجديد في مسابقة الدورة 77 لهذا العام 2024 – واليوناني انجلوبولوس، والتركي ايلماظ جوني، والبولندي اندريه فايدا ،والصربي أمير كوستوريكا ،والإيراني عباس كيارستمي ،والياباني اكيرا كيروساو، وكذلك الاستفادة من حضور النجوم ، لتسليط الضوء، علي اكتشافات المهرجان من المواهب السينمائية الجديدة في العالم..
وللحديث بقية..
صلاح هاشم.باريس
صلاح هاشم كاتب وناقد وباحث سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا. عضو لجنة تحكيم مسابقة ” الكاميرا الذهبية ” في مهرجان ” كان ” السينمائي العالمي الدورة 42 لعام 1989
***
عن جريدة ” القاهرة ” العدد 2025 الصادر بتاريخ30 إبريل 2024
صلاح هاشم يكتب لجريدة ” القاهرة ” من باريس : أسرار مهرجان ” كان ” في كتاب ( سوف تمضي الحياة مثل حلم ) لجيل جاكوب.إعترافات رجل الظل ( 1 من 3 )
admin اصدارات كتب, شخصيات ومذاهب, مهرجانات, نزهة الناقد 0
على أبواب مهرجان ” كان ” 77″
“أسرار” مهرجان ” كان “في كتاب ( 1 من 3 )
( سوف تمضي الحياة مثل حلم ) لجيل جاكوب : إعترافات رجل الظل
صلاح هاشم .باريس
ترى ماذا يعرف القارئ العادي عن مهرجان كان السينمائي الدولي العريق والأشهر في العالم الذي يعقد دورته المقبلة في الفترة من 14 الى 25 مايو 2024، ماذا يعرف عن تاريخه وأفلامه، ونجومه وأسراره،مايحدث في دروب وكواليس ذلك المهرجان الذي يعتبر أهم حدث إعلامي في العالم، ويحتل الآن المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد نهائيات كاس العالم في كرة القدم ؟..
في باريس صدر منذ فترة كتاب سينمائي رائع ومهم للغاية بعنوان ” سوف تمضي الحياة مثل حلم ” – LA VIE PASSERA COMME UN REVE – لجيل جاكوب الرئيس السابق للمهرجان، والكاتب والناقد السينمائي ،الذي ظل يتربع على عرش مهرجان ” كان ” لفترة 30 عاما،حتى صار يطلق عليه اسم “المواطن كان” CITIZEN CANNES “،الذي يذكر بفيلم “المواطن كين ” للمخرج الأمريكي العملاق أورسون ويلز، ويعرض فيه جيل جاكوب -GILLE JACOB – “رجل الظل” لرحلته الكبيرة التي قطعها مع المهرجان وذاكرته، كاشفا عن أسراره ،وكواليسه، وتلك القواعد التي التزم بها رئيس المهرجان السابق، لكي يصنع لنا وللعالم، ذلك ” الكوكب ” السينمائي المنير. كوكب مهرجان ” كان ” السينمائي، الذي أعتبره، وأنا أتابع دوراته منذ عام1979 وأكتب عنها،أهم حدث سينمائي في العالم ” بعد اختراع السينما منذ اكثر من 120 عاما في فرنسا..
تعالوا قبل أن نعرض لأفلام وفعاليات الدورة 77 ،في رسائل قادمة من قلب المهرجان نتصفح معا هذا الاصدار السينمائي التاريخي المهم، ونرحل في ذاكرة المهرجان ،وقبل أن يخترع لنفسه ربما في الدورة القادمة 77 ذاكرة جديدة لـ ” لإخوة الإنسانية”،ويمضي مثل حلم..
جيل جاكوب الذي صار يطلق عليه الآن في فرنسا والعالم ” المواطن كان ” CITIZEN CANNES هو من مواليد باريس عام 1930 ، وعمل ناقدا في مجلات ” نوفيل ليتيرير ” و ” الاكسبريس ” قبل أن يعين مندوبا عاما لمهرجان ” كان “السينمائي عام 1977 ثم رئيسا للمهرجان منذ عام 2000 وحتى عام 2014 ، ويحكي جيل جاكوب في كتابه عن طفولته، وحكاياته مع أفراد أسرته، وحياته الشخصية، ليكون بمثابة ” سيرة ذاتية ” من جانب. كما يحكي في ذات الوقت عن علاقته بمهرجان ” كان ” وحياته الأخرى السينمائية ، حيث تشابكت الحياتان، وامتزجتا في بوتقة ” السينيفيلي ” بالفرنسية ،أي عشق السينما الفن، لتصنع كيانا إنسانيا سينمائيا فريدا وفذا من نوعه.كيان يتجسد في شخصية جيل جاكوب الكتومة ” السرية ” الذي أدار ماكينة ” كان ” السينمائية العملاقة لفترة ثلاثين عاما، بعدما أصبح المندوب العام للمهرجان،أي المسئول الأول عن اختيار أفلام المهرجان في مسابقته الرسمية،والتظاهرات السينمائية الموازية،مثل ” نظرة خاصة ” وغيرها، وكذلك اختيار رئيس وأعضاء لجنة التحكيم،وهو يتكتم ويحافظ ويتحفظ علي ألغازها وأسرارها ، ومن دون أن يكشف أو يبوح..
إعترافات “رجل الظل”
فقد عرف عن جيل جاكوب الرئيس الاسبق انه ” رجل الظل ” L HOMME DE L OMBRE في المهرجان عن جدارة، فهو لا يظهر الا خلال ما يقرب من أسبوعين فقط في السنة، ويراه الجمهور فقط ،وهو يقف بقامته المديدة علي قمة سلم قصر المهرجان، ويروح يستقبل أشهر وأعظم نجوم السينما في العالم، من أمثال كلينت ايستوود، وكاترين دينوف ،واليزابيث تايلور،وعتاولة المخرجين من امثال وودي آلان وفيلليني وانجلو بولوس وفرانسيس فورد كوبولا وغيرهم ،وهم يصعدون علي سجادة السلم الحمراء، فيصافح هذا المخرج، ويطبع قبلة علي خد هذه النجمة، ويبدو كما لو انه يعرف كل هؤلاء النجوم معرفة شخصية، وقد وقف ليستقبلهم في ” داره ” ، ويقول لهم ان أهلا ومرحبا.في حين تدور مئات الكاميرات من أنحاء العالم، لتنقل الي ملايين المشاهدين في العالم من خلال البث المباشر، ذلك “الاستعراض” السينمائي العالمي العرمرم، وطقوس الصعود على سجادة “كان” الحمراء، ثم فجأة لاشيء..
فجأة يختفي جيل جاكوب ” الرجل الخفي ” أو المواطن كان ” – نسبة الي فيلم ” المواطن كين ” للأمريكي أورسون ويلز كما ذكرنا – مثل ذلك الجني المارد في قصص ألف ليلة وليلة ، الذي يعود في صورة دخان الي قمقمه ، ويغرق في بحر ” كان ” الأزرق الكبير، ولا نعود نسمع عنه أي شيء البتة..
في هذا الكتاب الممتع والمشوق حق، والذي التهمته في يومين وكأني اقرأ رواية بوليسية لاجاثا كريستي أو ماريو بوزو مؤلف رواية ” العرّاب “- THE GODFATHER– ، ندلف بعد ” الواجهة ” الاستعراضية الي ” كواليس ” المهرجان ، ودروبه وكهوفه السرية،وألغازه وأسراره المحيرة، تلك الأسرار التي حرص جيل علي ان يتكتمها ويحتفظ بها لنفسه منذ زمن طويل ،وهاهو بعد 30 عاما من الصمت يكشف هنا عنها ، قبل أن تمضي الحياة مثل حلم ، ويموت جاكوب ،مخنوقا بأسراره. كما اننا نتعرف في الكتاب علي شخصية جيل جاكوب الفريدة، والظروف الحياتية والسينمائية التي صنعته، وكيف استطاع بحنكة ومعلمة وبهدوء وصمت، ان يحول هذا المهرجان الذي كان قبل ان يتولي إدارته أشبه ما يكون ب ” حفل اجتماعي لعلية القوم “، يحوله الي عيد حقيقي للسينما الفن.
عيد سينمائي يعلي من قيم الإبداع والابتكار والاختراع ويجعل السينما وثيقة الصلة بحياتنا ومجتمعاتنا، لكي تقربنا أكثر من إنسانيتنا، فليس المهم كما يقول المخرج الهولندي الكبير جوريس ايفانز ان نعرف إن كان النهر طويلا وعميقا، لكن المهم أن نعرف ان كانت الأسماك فيه سعيدة، والي المواطن ” كان ” جيل جاكوب يعود الفضل في تحويل دفة هذا المهرجان اعتبارا من عام 1978 أي منذ ان تولي مهمة ” المندوب العام “من مهرجان سينمائي دبلوماسي بالدرجة الأولي إلي مهرجان سينمائي فني حقيقي، لدعم وتشجيع والترويج للمحاولات السينمائية الإبداعية الجديدة ،علي سكة ” سينما المؤلف” التي تحول السينما من حرفة وصنعة فقط، إلي نوع من ” الكتابة والتأليف” ،وانتهاج أسلوب فني حر مستقل للتعبير عن ” رؤية ” وموقف من العالم. رؤية اقرب ما تكون إلي فلسفة حياة ووجود، كما في روايات الايرلندي جيمس جويس ،او الروسي تولستوي، اواليوناني نيكوس كزانتزاكيس، وتعبير عن ” هم ” شخصي، بل وأداة – TOOL – أيضا ووسيلة للتفكير في مشاكل عصرنا..
ومن دون هذه ” الرؤية ” في أعمال “المخرجين المؤلفين” من أمثال الأمريكي فرانسيس فورد كوبالا، أو البريطاني كين لوش، او الدانمركي لارس فون تراير، او الصربي امير كوستوريكا، او الايراني عباس كياروستمي، ومن سار خلفهم من المواهب السينمائية الجديدة علي ذات الدرب ،تصبح السينما أداة للترفيه والتسلية ودغدغة المشاعر فحسب، كما في جل أفلامنا المصرية التجارية الفكاهية المبتذلة التافهة السخيفة.وقد تساهم يقينا،بمتبلات الإبهار الفني والعنف الدموي، وخزعبلات التكنولوجيا الحديثة، وبخاصة في انتاجات السينما الأمريكية التجارية المهيمنة علي أسواق العالم، تساهم في تغييبنا عن واقعنا ومجتمعاتنا..
يقول جيل جاكوب في مقدمة الكتاب : ” ..كلنا نعرف المشهد الشهير في فيلم ” وردة القاهرة القرمزية ” للامريكي وودي آلان ، حيث يهبط بطل الفيلم من علي الشاشة ويمتزج بالمشاهدين، ويروح يخطب ود متفرجة ،ويتحول في التو الي كائن حي من دم ولحم. لقد وقع لي نفس الشييء لكن في الاتجاه المعاكس، فقد عشقت السينما في سن 18 سنة، ودخلت في الشاشة عام 1948 ، فأصبحت بمرور الوقت ناقدا ثم ناشرا ثم مديرا ورئيسا في النهاية لمهرجان ” كان ” السينمائي. والمهرجان لا يعني فقط أفلام ، كلا ، بل يعني أفلام، ودراما،وحكايات إنسانية مأسوية، ويضاف إليها في حالة ” كان “، أجواء ومناخات الحياة ذاتها في منطقة الكوت دازور الساحرة ،ومتعتها بجوار البحر، والنقطة الأخيرة مهمة، لأنه من الصعب ان نتخيل مثلا ان ظاهرة ، مثل ظاهرة ” الإستارلت ” للباحثات عن الشهرة من الحسناوات ، اللواتي ينتهزن فرصة انعقاد المهرجان، لكي يتجولن شبه عاريات علي شاطئ البحر في ” كان ” ويستقطبن إليهن عدسات المصورين ،ويبحثن عن ” دور ” أو مجرد الظهور فقط في السينما، وصرن ” أسطورة، من الصعب ان تتخلق مثل تلك ظاهرة، في مهرجان سينمائي يقام أو ينشأ في منطقة جبلية مثلا.أعني أن المنظر الطبيعي الساحر في مدينة ” كان ” وبحرها، يفرض حضوره في إبتداع مثل تلك ظواهر.أعرف اني كنت في التاسعة من عمري عندما نشبت الحرب العالمية الثانية، وعندما بلغت سن التاسعة عشرة تركت مقاعد الدرس، وتفرغت للعمل في الصناعة، وفي سن الثامنة والأربعين أصبحت مديرا لمهرجان ” كان ” السينمائي ، وقد اردت ان احكي عن ذكرياتي، عن الوقائع التي عشتها ، والأفلام التي شهدتها، والشخصيات التي التقيت بها في حياتي، لأني لا اثق أولا في ” وهم ” أسمه الزمن..
ولأني اعتبر ثانيا، ان المرء منا يحيا عدة حيوات في وقت واحد ، وقد كان لي أنا جيل جاكوب حياتان علي الأقل: حياتي البيولوجية ، وحياتي السينمائية، و قد كانت كل حياة تنهل من الحياة الأخري، وتغذيها في آن، لكن الشيء المؤكد ،هواني عشقت السينما،عشقت السينما ورجالاتها، ولا استطيع ان احدد ايهما افضل الآن ، الافلام، أم المخرجين.
العمل السينمائي المكتمل هو ” النصب التذكاري ” الأبدي
صلاح هاشم يكتب لجريدة ” القاهرة ” العدد 2024 الصادر بتاريخ الثلاثاء 23 إبريل 2024
أعتقد أن الأفلام، هي ما يبقي علي اية حال في النهاية. العمل السينمائي الكامل المكتمل، هومثل الرخام. هو ألنصب التذكاري الأبدي، هو المتعة، اما المخرجين فهم العذاب والألم . وقد عرفت معني تلك المتعة، متعة الابداع والخلق، عندما دخلت التكنولوجيا مكاتب المهرجان،وصرت استطيع مشاهدة الفيلم علي شاشة الكمبيوتر، واتحقق بنفسي من متعة ” حمي الابداع ” السينمائي هذه : ان تصنع فيلما، وتشتغل علي مونتاجه، وتجرب مرة بعد مرة ، من دون تعب أو كلل، ومازلت اتذكر كيف شاهدت في هوليوود، وأنا جد مبهور ومسحور، المخرج الأمريكي فرنسيس فورد كوبولا، وهو يشتغل على مونتاج فيلمه”القيامة الآن” بإستخدام الكمبيوتر لأول مرة، ليجعل من مونتاج فيلمه ، سباقا لعصره بعشرسنين، ويا لها من متعة، اشبه ما تكون حقا بمتعة ” الكتابة “، التي يستشعرها المرء، عندما يعمل بمفرده، فيتعلم ويكتشف ، ويصحح ويحفظ، ويلحن، ثم فجأة، ويا للسعادة ،يروح يردد في نهاية المطاف : ” أوه.. يا إلهي ..أخيرا لقد نجحت “..وللحديث عن الكتاب بقية..
بقلم
صلاح هاشم
صلاح هاشم كاتب وناقد وباحث ومترجم مصري مقيم في باريس.فرنسا، وهو مؤسس ورئيس تحرير موقع سينما إيزيس الجديدة
صلاح هاشم يكتب من باريس لجريدة ” القاهرة ” هؤلاء علموني.سيدة سيد محمد مرزبان في تقرير الى نيكوس كازانتزاكيس
admin اصدارات كتب, رئيسية, رسائل 0
الكاتب والشاعر والفيلسوف اليوناني الكبير تيكوس كازانتزاكيس
( 1 )
تعلمت من أمي النوبية الحاجة سيدة ،بنت الحاج سيد محمد مرزبان، التي تطبعت بطابعها ، أن أحترم البشر، وأحب الخير لكل الناس، من عند عم محمود بائع اللبن، الذي كان يأتينا في حينا العريق “قلعة الكبش” في السيدة زينب، قادما على دراجته من أعماق مجاهل الجيزة، وهو يحمل لسكان منزلنا الحليب..
ومرورا بالحاج بيومي النجار ،الذي كان يلاحقنا نحن الصغار الأشقياء بالشتائم حين نعبر من امام دكانه ، حتى لو لم نكن قد اقترفنا جرما..
ولحد عم عوض، صاحب محل البقالة ، في أول “الدحديرة” المصعد الحجري الى حينا، الذي كنت اقصد دكانه كل صباح، لكي آت لمنزلنا بالخبز، وعلى أن ندفع حساب الخبز كل أول شهر عندما يتحصل أبي ” عم هاشم” على مرتبه، وعم عربي الترزي ، والاسطى حسين المكوجي، وعم حسن الحلاق..
وكانت أمي توقظني، وانا طالب في الجامعة ، من أحلاها نومة، وأنا اقف فوق مئئذنة مسجد احمد بن طولون ،وأستعد مثل عباس بن فرناس أو إيكاروس الأسطورة، للقفز والتحليق، فاذا بها تقطع على سعادتي بالحلم، لكي اقوم وأسلم على عم محمود بائع اللبن، الذي يقف عند الباب،و تطلب مني ان أعامله، بمقام جدي الحاج سيد محمد مرزبان مقريء القرآن الذي تخرج في الأزهر، وأنشأ أول ” كتّاب “في الحي..
من غير ماتبقي كريم.. ونبيل.. وشريف في افعالك، إيش تسوى غير حفنة تراب على الأرض يا آدم .. ؟
هكذا كانت أمي الحاجة سيدة سيد محمد مرزبان تردد، ولم أكن أعرف هذا الآدم الذي تخاطبه أمي في صلواتها..
وعندما غادرت مصر، وانطلقت في رحلتي الطويلة، وبعيدا جدا عن هنا، كانت دعوات أمي النوبية الحاجة سيدة سيد محمد مرزبان من قلعة الكبش، التي لم تتعلم القراءة والكتابة لا في ” كتّاب ” ولا مدرسة، تصحبني تحت بوابات العالم، فاذا بي – لدهشتي – أتبين جليا بعضا من ملامحها، في كل إمرأة عشقتها، وهي تسقيني من فمها الحليب..
( 2 )
كانت شمس الصباح الباكر يا كزانتزاكيس في حينا العريق ( قلعة الكبش ) قد أشرقت، وبدأت تدب حركة الحياة في شوارع وحواري وأزقة ، وعطفات الحي العتيق، وهو يطل من فوق هضبة ( جبل يشكر ) ، على الأحياء المجاورة. ويقال كما حكي لي جدي لأمي الحاج سيد محمد مرزبان، أن سيدنا نبي الله موسي ناجي من على ذلك الجبل ربه ، من فوق قمة الجبل، ونادي عليه..
طلب موسى – كما حكي لي جدي – من الرب، عدة أشياء، وأستجاب الرب لطلبه. نفذ له فقط عدة طلبات، وطلب من سيدنا موسى أن يحقق هو ذاته عدة طلبات أخري بنفسه..لذا فكرت وأنا صغير في لحظة تأمل، أن الرب لو حدث وإستجاب لكل دعواتنا وطلباتنا منه، لخربت الدنيا..
فقد كنت أدركت بمرور الوقت ، ومن خلال تجربتي الشخصية كطفل صغير وشقي جدا في حينا العريق، أن هناك طلبات انتقام من بعض العائلات في الحي ، لكي تحل اللعنة علينا ، نحن الأطفال الأشقياء في “قلعة الكبش” – دعوات مثل ربنا ينتقم منكم ياغجر – التي أنشأ فيها والى الخليفة على مصر أحمد بن طولون في القرن الثامن الميلادي مسجده العظيم – وعاصمة مصر الثانية ” القطائع ” بعد أن إحترقت العاصمة القديمة ” الفسطاط ” – وبمئذنته الفريدة ..
لمجرد فقط أننا كنا – في فترة الخمسينيات – نعيد تمثيل بعض مشاهد أفلام رعاة البقر “الكاوبوي”، التي كنا نشاهدها في قاعة ” سينما إيزيس ” – CINEMA ISIS– في شارع مراسينا، ولم تكن تعرض إلا الأفلام الأمريكية والأجنبية، وفيلمين في كل حفلة، وتبدأ أول حفلة في العاشرة والنصف صباحا، ، ومن ضمنها مشاهد اقتتال، و غارات حرب إبادة، تشنها كتائب من الجيش الأمريكي، على “الهنود الحمر” من سكان البلد الأصليين، وكنا نستخدم عندما نعيد تمثيل تلك المعارك، لفافات من الورق المحشوة بالتراب، كبديل لطلقات المدافع التي قدت من حديد، فكان بعض الصاعدين الى حينا من جهة الدحديرة، ومن ضمنهم أمهاتنا أحيانا يلعوننا ،ويدعون الى الله أن ينتقم منا، ونحن ،كنا نلعب فقط في الدحديرة – المصعد الحجري الصاعد الى حينا التاريخي العريق – و لم نقترف إثما..
طلبات إنتقام ، وسحل وقتل وحرق وإبادة، بسبب التقاعس، والخيبة ،وقلة الحيلة، والتخلف والجهل، للانتقام ليس فقط من شخص، أو حاكم بلد، بل الانتقام في مايشبه( التطهير العرقي )من شعوب باكملها، وطوائف وجماعات وديانات، وتطهير العالم، من إثمها ، وشرورها وإرهابها..وحسبي الله ونعم الوكيل ..
أجل حكي لي جدي لأمي (الحاج ) سيد محمد مرزبان. هؤلاء علموني، حكى لي كثيرا عن طلبات موسى من ربه في طفولتي،كما حكي لي كذلك أبي ( عم هاشم ) من منيا القمح شرقية، الذي علمني السباحة وعمدني في بحر النيل، لكنني لم أعد أتذكرها.. لم أعد أتذكر كل الطلبات، ولم أعد أتذكر كذلك ، بعض الطلبات التي إستجاب لها الرب، والطلبات التي لم يستجب لها، فلم تكن تلك الظروف والأحداث التي عشتها وخبرتها عند عودتي من باريس الي القاهرة، تسمح لي بالتفكير في أي شييء آخر،غير التفكير والتركيز في ذلك الشييء،الذي حضرت الى مصر من أجله ..
الا وهو – من جهة – البحث عن فيلم ” كلام العيون ” الذي كنت حققته كفيلم تخرج في جامعة فانسان – جامعة باريس 8 – في فرنسا، وكان صديقي محمد أمين مصور الفيلم، حمله معه ،عندما قرر “عودة نهائية” من منفاه في لندن، الى مصر..
ثم – ومن جهة ثانية – كتابة هذا التقرير الى الشاعر والمفكر والروائي اليوناني الكبير نيكوس كازانتزاكيس (1883- 1957) صاحب كتاب ” تقرير الى الجريكو ” وروايات ” زوربا اليوناني ” و “المسيح يصلب من جديد” و ” الإخوة الأعداء” التي ترجمها إسماعيل المهداوي المترجم المصري العظيم، ليكون بمثابة رسالة وسيرة ذاتية مختصرة ،أحكي فيها عن أمي النوبية الحاجة سيدة ،وأبي عم هاشم من منيا القمح شرقية، وجدي الحاج سيد محمد مرزبان الذي ترك لي في مكتبته “كتاب ” الفتوحات المكية ” لإبن عربي، وحينا العريق “قلعة الكبش” .شياخة السيدة زينب، وأنا أحمل أطفال قلعة الكبش فوق جبهتي وأطوف بهم العالم ، ويبدأ كتاب” تقرير الى نيكوس كازانتزاكيس. سيرة ذاتية مختصرة ” هكذا..
” إستيقظت أنا الحصان الشارد يا كزانتزاكيس على غير العادة مبكرا، وكانت شمس الصباح الحمراء الذهبية في حينا التاريخي العريق ( قلعة الكبش) قد أشرقت، ولم أنشغل بأكل أو شرب أو إفطار، لأكتب لك هذا التقرير..
وبدأت أجمع بعض القمصان، ، ورتبتها مع بنطلونين وكتابين، داخل حقيبة السفر.
ألتفتت الى ( الملكة الافريقية )، أمي الحاجة سيدة سيد محمد مرزبان، كما أحب أن أسميها.. وسألتني الملكة :
– أما زلت يا ولدي تزمع الرحيل ؟
قلت، وأنا أحاول أن أكتم عنها حزني في أعماقي، لفراقها، ومن يدري، ربما والى الأبد..
– أجل.
أخذت الملكة الافريقية نفسا عميقا ، وصمتت لبرهة، ثم عادت لتسأل وهي مترددة
– الى أين ؟
أجبتها بشكل حاسم، وقاطع ، مثل طعنة خنجر بغتة في الظهر، ومن دون أن التفت إليها
– بعيدا جدا عن هنا..
كانت صرخاته ياكازانتزاكيس،التي لم يلحظها أحد من سكان الحي من العجائز، مازالت تختلط في قصة ” الحصان الأبيض ” بنباح الكلاب، بينما كانت “طلبات الانتقام”من الأهالي، ترتفع من حينا و كل الأحياء المجاورة، وأنا أستمع الى أغنية قديمة، تتردد من مذياع قديم، وهي تتسلل قادمة من البعيد، من فوق قمة جبل يشكر، الى داخل الغرفة، وكأن “الملكة الافريقية” أمي الحاجة سيدة، هي التي كانت تغني لي، وتخاطبني أنا “الحصان الأبيض “الشارد بلسانها ، وكانت الأغنية تقول :
يامسافر لوحدك ..ليه تبعد عني .على نار الشوق أنا حاستنى..
وأصبر قلبي وأتمنى..
يامسافر لوحدك
ليه تبعد عني ؟
:::
يتبع
بقلم
صلاح هاشم
صلاح هاشم مصطفى قاص وكاتب مصري مقيم في باريس.فرنسا ، ومؤسس ” موقع سينما إيزيس ” عام 2005 في باريس
***
عن جريدة ” القاهرة ” العدد الصادر بتاريخ الثلاثاء 26 مارس 2024
إنطلاقة معرض الكتاب 55 في مصر في الفترة من 25 الى 6 فبراير 2024
admin Uncategorized, اصدارات كتب, رئيسية, كل جديد 0
إنتهت التجهيزات لإقامة موعد معرض الكتاب 2024 بدورته الخامسة والخمسين لعام 2024، تحت شعار “نصنع المعرفة.. نصون الكلمة”، خاصة بعد أن وافق مجلس الوزراء على قيام الهيئة المصرية العامة للكتاب بالتعاقد على تنفيذ التجهيزات بالصورة التي تليق بمكانة مصر الثقافية بالساحتين العربية والدولية.
ومن ثم يقام معرض الكتاب خلال الفترة من 24 يناير وحتى 6 فبراير، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات بالتجمع الخامس؛ بناء على اجتماع اللجنة الاستشارية العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الخامسة والخمسين.
ومن المقرر أن يستمر العمل في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024 من الساعة العاشرة صباحًا حتى الثامنة مساء، ما عدا يومي الخميس والجمعة حتى التاسعة مساء.
ملف عن المخرجين ” الأخوين كوين ” والسينما الأمريكية، في مجلة سينمائية فرنسية
admin Uncategorized, اصدارات كتب, كل جديد 0
سينما إيزيس . باريس
الأخوين كوين
العدد الجديد رقم 50 من مجلة ” لوسيتيام اوبسيسيون ” الفرنسية يتكرس بأكمله للحديث عن المخرجين الأمريريكيين “الأخوين كوين” افلامهما ومسيرتهما السينمائية الكبيرة في السينما الأمريكية، وهما
جويل ديفيد كوين (ولد في 29 نوفمبر 1954 ) وإيثان جيسي كوين (ولد في21 سبتمبر 1957) ويعرفان بلقب الأخوين كوين، فهما يكتبان ويخرجان وينتجان أفلامهما سويا. على الرغم من أنه في الفترة الأخيرة فإن الإخراج ينسب لجويل وحده، وينسب الإنتاج لإيثان، ويتناوبان على وضع الاسم الأول في حقوق السيناريو، ويقوم الاثنان بمونتاج أفلامهما تحت إسم مستعار هو «رودريك جينز»يطلق عليهما في مجال الصناعة السينمائية لقب «المخرج ذو الرأسين» لأنهما يتشاركا نفس الرؤية الإخراجية.و يقال بأن الممثلين الذين يعملون معهما لا يستطيعون أن يسألوا الأخوين سؤالا دون أن يحصلوا على نفس الإجابة.من أبرز أفلامهما: فارجو (1996)، ليباوسكي الكبير (1998)، يا أخي أين أنت (2000)، ولابلد للعجائز(2007)، عزم حقيقي (2010). عرفت أفلامهما بطابع مختلف، يجمع بين الكوميديا السوداء والدراما وغالبا ما تركز على أشخاص غريبي الأطوار من خلال حبكة معقدة.هذا الأسلوب في جميع أفلامهما أشار إلى استقلالهما وقدرتهما على تنفيذ شكل السينما الذي يريدانه.
ويضم العدد حوارا طويلا وعميقا معهما حيث يمثلان – الأخوين معا – ظاهرة شديدة الغرابة والتميز ومنذ أن بدأ في صنع افلامهما التي حققت لهما شهرة كبيرة في العالم من عند أول فيلم ومرورا بمجموعة كبيرة من الأفلام التي حصدت العديد من الجوائز في مهرجانات السينما العالمية ، مثل فيلم ” لابلد للعجائز “، و فيلم (بارتون فينك ) الذي حصل على سعفة مهرجان ” كان ” الذهبية في فرنسا،
–