صلاح هاشم يكتب من باريس لجريدة ” القاهرة “عن شخصية مصر في السينما ومونتسكيو العرب.فيلم ” البحث عن رفاعة.لماذا ؟
admin افلام, رئيسية, شخصيات ومذاهب 0
admin افلام, رئيسية, شخصيات ومذاهب 0
صلاح هاشم
لقطة من فيلم ” رمسيس راح غين ؟ ” للمخرج المصري عمرو بيومي
القاهرة .موقع سينما إيزيس.كتبت ولاء عبد الفتاح
admin افلام, رئيسية, شخصيات ومذاهب 1
شخصية مصر في السينما
فيلم ” رمسيس راح فين ؟ ” لعمرو بيومي نموذجا
صلاح هاشم.باريس
من أبرزالأفلام المصرية الطويلة روائية ووثائقية، التي سوف نعرض لها هنا في عدة محاورتباعا،مثل فيلم ” المومياء ” للمخرج المصري الكبير شادي عبد السلام، وتواصلت مع الحضارة المصرية القديمة، وعكست في رأيي ” شخصية مصر في السينما “، وكشفت عن ملمحا أوسمة،من ذلك “الحضورالحضاري الإنساني العميق”، وبتعدد صوره وتجلياته، في البلد الذي إخترع ” الضمير”- كما يؤكد العالم والمؤرخ وعالم المصريات البريطاني العظيم برستيد، في كتابه ” فجر الضمير” – فيلم ” رمسيس راح فين ؟ ” – وثائقي طويل – للمخرج المصري عمرو بيومي..
في البداية سألني صديقي الأمير، منذ يومين، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، في أول يوم في العيد : كيف تنظر “مولانا”- هكذا يحب أن يناديني- الى شغفك الكبير، مصر أم الدنيا، وشخصية مصر في السينما، وأنت تعيش في باريس؟ .
قلت له : الكتابة. الحرف. الخط . اللون. الضوء. والصورة هي كلها أدوات عندي، لنقل المعارف الجديدة،ضد الفناء والنسيان، وفلسفة حياة ووجود، و” رؤية” للتاريخ،والذاكرة المطوية المدفونة المعطوبة،بفعل فاعل طبعا، التي أهيل عليها التراب. وهي محاولة، خارج الكادر والمألوف، لاختراع النظرة REGARD LE ، كما في كل أفلام السينما العظيمة..
حين تتحقق الوظيفة الأساسية للسينما ،في ” لحظات الصمت” فقط ،بين لقطة ولقطة،بين مشهد ومشهد، تلك اللحظات التي تمنح كل الأفلام العظيمة روحها، وتجعلنا، في محاولتنا للتواصل مع المطلق، والسحب الراحلة، في عالم لايعرف الحب،نقترب أكثر وأكثر من ..إنسانيتنا.
عمرو بيومي
شاهدت الليلة 21 إبريل 2019 في مركز الثقافة السينمائية وسط البلد – هكذا كتبت في مفكرتي السينمائية – شاهدت فيلما وثائقيا بديعا – فيلم ” رمسيس راح فين ؟ ” للمخرج المصري عمرو بيومي – بكل المقاييس..
فيلم أعتبره – وأنا قادم من باريس، وقد عبرت قبل حضوري الي بلدي مصرعدة رحلات،داخل عدة مهرجانات للفيلم الوثائقي ،مثل مهرجان ” سينما الواقع ” في باريس،ومهرجان “الشاشات الوثائقية “في ضاحية كريتاي، ثم مهرجان الاسماعيلية ،وكنت شاهدت خلالها عشرات الأفلام الوثائقية من جميع أنحاء العالم – بمثابة ” كنز” سينمائي حقيقي، وبشريط صوت وموسيقى مذهل، وإضافة الى إنجازات السينما الوثائقية وتاريخها في مصر، وليس فيلما، بل درسا في السينما العظيمة ، وهدية من عمرو بيومي لكل المصريين ، تاريخهم وسينماهم، وتراثهم الروحاني العميق ،وعلاقتهم بكل السلطات،سلطة الأب، وسلطة الحاكم،وعلاقتهم أيضا بخوفهم من السلطة ،ورغبتهم في الخلاص، والانعتاق ( حطمت قيودي) وبروميثيوس طليقا.ولذا فهو إذن فيلم عن الحرية، والرغبة في التحرر، من كل خوف ، والمصالحة مع الذات..
حيث يقدم الفيلم الحميمي جدا، في مايشبه السيرة الذاتية، حكاية الطفل عمرو بيومي من مواليد 1960 من حي السكاكيني بالقرب من ميدان رمسيس، حكايته في نطاق الأسرة البرجوازية التي نشأ فيها ،مع هيمنة و سلطة الأب ،وتحكمه في مصائر افرادها..
ويروح عمرو عبر شريط الصوت في الفيلم ، يحكي عن علاقته بتمثال رمسيس ،الذي كان يمكن أن يراه من بعيد ،من شرفة شقة الأسرة في ذلك الحي المصري العريق، حي السكاكيني ،ويظهر عمروفي اول لقطة من الفيلم ،وهو يحمل كاميرا و يصور لقطات للحي، وعلاقة كل السلطات والحكام الذين حكموا بلدنا ،من عند سعد زغلول وثورة 1919، ومرورا بمحمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك..
ولكل سلطة من هذه السلطات حكايتها مع تمثال رمسيس،و علاقتها مع حضارة وادي النيل، واجدادنا ،وكيف وظفوها،واستغلوها لمصلحة النظام، وفي المقابل، كيف كانت علاقة الشعب المصري العظيم، مع التمثال ،الذي يمثل امتدادات لتراثنا الروحاني الحي في المكان، انها علاقتهم مع أجدادهم ،مخترعو الأبدية والضمير الانساني، وليس ابدا مع تمثال من الحجر..
ذاك التمثال، الذي مازال يتذكر عمرو، انه كان وهو طفل، يشاهد اعلانا عبارة عن فيلم تحريك ، يظهر فيه كل الناس في مصر، وهي تسأل أين ذهب رمسيس، ولم اختفى ياتري ؟ وتتعدد الاجابات في فيلم الكرتون، لتصل في النهاية الى انه قد ذهب لكي يبحث عن آيس كريم ، من منتجات ألبان خير مصر،، ها ها ها..
ومن خلال حكايته عن تمثال رمسيس، يوثق عمر في فيلمه البديع، وهو يمر بجميع مراحل انتقال- أو بالأحري إقصاء- التمثال من ممفيس القديمة في الجيزة ،ثم الى ميدان رمسيس ( ميدان نهضة مصر، سابقا بحضور تمثال المثال المصري العبقري مختار، في وسط الميدان آنذاك) والى مكانه أو منفاه الحالي..
يوثق عمرولعدة أشياء ، في مغامرة الحياة التي عاشها ، وكل الحروب مادية ونفسانية – عمرو خدم كجندي في الجيش- التي خاضها :
يوثق أولا لعلاقته بسلطة الأب، وخوفه من الأب، مع استسلام ورضوخ الأم، ومحاولته عمروالدفاع عنها، وعلاقة رمسيس كحاكم وقائد عسكري، بالسلطات التي حكمت البلاد، ولم يكن لرمسيس للأسف، أي محل من الاعراب مع كل سلطة..
ويوثق الفيلم أيضا للعلاقة ، التي تربط بين مصائر البشر، وأقدار تمثال من الحجر ،لكن رمسيس ليس اي حجر، أنه رمز لحضارة مصر القديمة ، في شخص فرعون الرب والحاكم والاله ، وكل القيم الروحانية العظيمة، التي جسدتها حضارة مصر القديمة النبيلة أم الدنيا، التي اخترعت ” الضمير ” والحساب والعقاب، قبل كل الديانات السماوية – كما يؤكد نجيب محفوظ في محاوراته مع محمد سلماوي في كتاب ” وطني مصر – محاورات مع محمد سلماوي ” – وتراثها الانساني الرفيع..
فالمصري يعتبر، على عكس كل السلطات، يعتبر أن قدماء المصريين هم أجداده.. وأنهم ماتوا فقط بأجسادهم، لكن أرواحهم التي تسكن كل مولود مصري جديد، تولد معه من جديد، وتبعث حية..
كما يوثق لعلاقة الشعب المصري بسلطة الأب – الحاكم، ونري مثلا في الفيلم ، الملايين التي خرجت في الشوارع، لوداع الزعيم الأب جمال عبد الناصر،عندما مات، ويتوهج الفيلم بكل حكاياته الانسانية الحميمية الآسرة، التي يجدلها عمرو بيومي ببراعة فنان صوفي، وبدفء انساني عميق، ونفس شاعر، أو كاهن مصري قديم من عصر الأسرات، ويجعلنا هكذا نشارك المصريين وداعهم لجدهم الأكبر وحبيبهم رمسيس في رحلته الى منفاه الجديد، بمصاحبة أهازيج ومواويل رائعة، وقصائد غنائية من التراث الشعبي المصري العريق، وهو ينسج من فيلمه الشخصي، قصيدة حب تطهرية، بعد أن يقهر في الفيلم خوفه ، ويتحرر أخيرا من سلطة الأب، وينطلق حرا..
كلا ..كلا يصرخ عمرو، حين يشاهد مظاهرات ” انتفاضة الخبز” في فترة السبعينيات في مصر- على عكس الأب – ويردد إن كلا كلا.. انها ليست ” فوضى “، أنها ” ثورة “، وهو يمنح الأشياء والأحداث هنا أسمائها الحقيقية..
ويجعلنا عمرو في صحبته وحكاياته وفيلمه، نتتطهر معه، من كل عذاباتنا وذنوبنا، ونحن نخرج لنودع رمسيس الى مثواه الأخير،التي تحيل الى لقطة خروج المصريين من سكان الجبل في وادي الملوك، في فيلم ” شادي عبد السلام ” المومياء “، لوداع المومياوات – الوديعة والخبيئة – وطلوع النهار، قبل نقلهم بحرا، وإيداعهم في المتحف المصري بمعرفة الأفندية..
فيلم ” رمسيس راح فين ” لعمرو بيومي، الذي حصد جائزة أحسن فيلم في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة في مهرجان الاسماعيلية الدورة 21، هو فيلم يعكس ” شخصية مصرفي السينما “، حين يوثق لذاكرتنا وتاريخنا، بمشاهد وثائقية رائعة، ونادرة، وبعضها بعدسة الفنان المرحوم الصديق مجدي يوسف.. فيفتح لنا ايضا بوابة الى الأبدية..ويجعلنا نتصالح مع أنفسنا والعالم، وهو يتسامق بانسانيتنا وروحانيتنا، وروحانية.. مصرالعميقة..
بقلم
صلاح هاشم. باريس
صلاح هاشم أديب وناقد ومخرج مصري مقيم في باريس.فرنسا.مؤسس موقع سينما إيزيس عام 2005 في باريس.
admin افلام, رئيسية, مهرجانات, نزهة الناقد 0
Salah Hashem at the 77th “Cannes” Film Festival
Diaries of the 77th Edition A Critic’s Journey: Reflections on Cinema and an Era
Today I watched the wonderful Egyptian film “I Raised My Head to the Sky” by Nada Riad and Ayman El Amir, or “Daughters of the Nile,” which is participating in the Critics’ Week showcase. It is a documentary film that tells the story of a group of Egyptian girls who lived together through the experience of forming a theater troupe, presenting their performances on the streets of the village of “Barsha” in Minya Governorate, in the deep interior of Upper Egypt. The film reveals the shattered dreams of these young Egyptian girls and the tragic conditions they live under, imposed on them by family, religious institutions, and traditions—not just in Barsha and Upper Egypt, but throughout the valley, the river, and the mountains.
It is an exceptional documentary with a realistic narrative approach, elevated by its artistry and cinematic quality. The river, flowing with a slow and melodious rhythm, asks when will salvation and liberation come from the grip of the medieval-like reality that dominates our country, characterized by backwardness, repression, and ignorance, which still prevails as we live in the 21st century. Is anyone listening to us?
Thank you to the filmmakers, who delighted us with “Daughters of the Nile” as they pose major existential questions in the great continent of Egypt, Mother of the World, in their beautiful film. They ask, overwhelmed by the injustice they face, that we raise our heads to the sky and pray for them and for all the daughters of the Nile.
Salah Hashem
Salah Hashem au 77e Festival de Cannes
Journal de la 77e édition Promenade d’un critique : Réflexions sur le cinéma et une époque
Aujourd’hui, j’ai regardé le merveilleux film égyptien “J’ai levé la tête vers le ciel” de Nada Riad et Ayman El Amir, ou “Les filles du Nil”, qui participe à la Semaine de la Critique. C’est un film documentaire qui raconte l’histoire d’un groupe de jeunes filles égyptiennes ayant vécu ensemble l’expérience de former une troupe de théâtre, donnant des représentations dans les rues du village de “Barsha” dans le gouvernorat de Minya, dans la profonde Haute-Égypte intérieure. Le film révèle les rêves brisés de ces jeunes filles égyptiennes et les conditions tragiques qu’elles vivent, imposées par la famille, les institutions religieuses, et les traditions—non seulement à Barsha et en Haute-Égypte, mais aussi à travers la vallée, le fleuve et les montagnes.
C’est un documentaire exceptionnel avec une approche narrative réaliste, sublimé par son art et sa qualité cinématographique. Le fleuve, coulant avec un rythme lent et mélodieux, se demande quand viendront le salut et la libération de l’emprise d’une réalité médiévale qui domine notre pays, caractérisée par le retard, la répression et l’ignorance, qui prévaut encore alors que nous vivons au 21e siècle. Quelqu’un nous entend-il ?
Merci aux réalisateurs, qui nous ont enchantés avec “Les filles du Nil” en posant de grandes questions existentielles dans la grande Égypte, Mère du Monde, dans leur beau film. Elles demandent, accablées par l’injustice qu’elles subissent, que nous levions la tête vers le ciel et priions pour elles et pour toutes les filles du Nil.
admin افلام, رئيسية, مهرجانات 0
Preface:
The distinguished Egyptian writer and critic Nahed Nasr writes here a wonderful article in the weekly newspaper “Al-Ahram Weekly”, discussing the film “Summer Before the Last Picture” by Aya Youssef, and the necessary time it took to make the film – 8 years – to achieve an honorable Egyptian documentary film, presenting “A Portrait Resembling Us”, carrying a burden and a cause. At a time when dozens of mediocre commercial films for quick consumption, like hamburgers, which promote public nonsense, have been produced by contemptible cinema merchants in the valley of the Nile, to distract us with their subjects from our societies, kill our spirits, and cover up with the tickling of instincts, the heinous crimes committed against Egyptian women, and Isis the inspiring mother of Egyptians.
Salah Hashem
Egyptian writer, critic, and director Founder and editor-in-chief of “Cinema Isis” website
admin افلام, رئيسية, مهرجانات 0
تري أين يكمن سحر هذه ” السينما الأخرى ” السينما الوثائقية، التي يعرضها مهرجان الإسماعيلية في دورته 25 الحالية، والتي يحتفل فيها بيوبيله الفضي، وماهو المقصود بـ ” سينما الواقع ” – CINEMA DU REEL – في باريس عندما نتحدث أحيانا عن السينما الوثائقية ؟.هل “سينما الواقع” تعني الحديث عن نوع، أو تيار سينمائي جديد في السينما، مختلف عن مدارس السينما الوثائقية السابقة عليه بأشكالها المتعدد ة؟ وإذا كان الأمر كذلك، ماهي أبرز ملامح هذه الأفلام الوثائقية، التي تنتمي الى نوع” سينما الواقع” الجديد،والى أي حد يمكن إعتبار، أن إنطلاقة مهرجان سينما الواقع في باريس- كان يطلق خطأ على المهرجان إسم” مهرجان سينما الحقيقة ” – VERITE – بمثابة “نقطة تحول” في تاريخ السينما الوثائقية، وأول إطلالة،على ما أحب أن أطلق عليه بـ ” حداثة ” السينما الوثائقية المعاصرة”؟ ..
صلاح ابوسيف يشارك في لجنة تحكيم “مهرجان سينما الواقع”
بداية..سينما الواقع – CINEMA DU REEL – هو إسم مهرجان سينمائي فرنسي دولي بمسابقة، تأسس في باريس عام 1978، ويعتبر الآن بعد مرورأكثر من أربعين عاماعلى تأسيسه،أحد أهم وأبرز وأشهر المهرجانات السينمائية المخصصة للسينما الوثائقية في العالم..
وهومن ضمن المهرجانات السينمائية الفرنسيةالكثيرةالجديرة بالتقدير والاحترام ،التي كنت أحرص على متابعاتها، والكتابة عنهاوعن أفلامها منذ زمن – وتحديدا منذ أن حط بي الترحال في فرنسا، واتخذتها سكنا ،منذ أكثر من أربعين عاما،مثل مهرجان “كان” السينمائي،ومهرجان “نانت” لسينما القارات الثلاث .افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية الذي يقام في مدينة نانت عاصمة إقليم اللوار في فرنساا،ومهرجان “مونبلييه” للسينما المتوسطية،الذي يقام في مدينة مونبلييه في الجنوب الفرنسي كل سنة ،ثم مهرجان “سينما الواقع” – في باريس – وكان ذلك منذ بداية عملي بداية في فترة الثمانينيات،كصحفي وناقد سينمائي، في مجلة ” الوطن العربي ” الاسبوعية،التي كانت تصدر آنذاك من باريس، وكانت أول مجلة عربية إسبوعية تهاجر الى فرنسا..
فيلم ” القشاش ” لعواد شكري يفوز بجائزة مهرجان سينما الواقع
وكانت السينما العربية، ومنذ تأسيس مهرجان ” سينما الواقع ” –CINEMA DU REEL – عام 1978، سارعت الى المشاركة، من خلال أفلامها الوثائقية، في مسابقاته، وقد فاز بعضها بجوائزه، مثل فيلم ” القشاش ” سيناريو وإخراج عواد شكري من مصر، الذي يحكي عن قطار الصعيد الشهير، و مثل فيلم ” 4 كاميرات محطمة ” اخراج عماد برنات من فلسطين..
كما شارك العديد من كبار المخرجين العرب، في لجان تحكيم” مهرجان سينما الواقع”، مثل المخرج المصري الكبير صلاح أبو سيف، والمخرجة التونسية مفيدة تلاتلي، والمخرج المصري يسري نصر الله، وغيرهم..
بالاضافة الى تنظيم المهرجان، للعديد من التكريمات للسينمات الوثائقية في العالم العربي، لعل أبرزها في رأيي، ومن واقع متابعاتي لأعمال وأفلام المهرجان منذ عقود، تكريم “السينما السورية” بمشاركة أفلام للمخرجين السوريين، من أمثال عمر أميرالاي ،وأسامة محمد ، وهالة العبد الله ، وغيرهم..
في تقديم لـكتاب ” سينما الواقع ” لكلير دوفاريو وماري كريستين دو نافاسيل الصادر عن دار نشر “اوترمون” في باريس، تحكي الصحافية كلير دوفاريو ومؤسسة المهرجان ماري كريستين دو نافاسيل،تحكيان عن المهرجان، وكيف تأسس..
تتذكر كليرانها التقت بماري كريستين عام 1979 في مركز جورج بومبيدو الثقافي،وكانت ماري تدير آنذاك قطاع السمعي البصري ،أي كل ما هو متصل بالنشاطات الخاصة بالصورة والصوت، في المركز – “مركز بوبورغ”، كما صار يطلق عليه في ما بعد – فقررتا بعد اللقاء الذي تم بينهما خلال ندوة عن “سينما جوريس إيفانز”، تأسيس “مهرجان سينما الواقع”..
وفي عام 1987 كانت ماري كريستين دو نافاسيل تفكر، كيف ياترى ستحتفل بالدورة العاشرة من” مهرجان سينما الواقع” ..
وكيف سيكون الاحتفال بمرور عشر سنوات على إقامة ذلك المهرجان ،الذي كان يأخذ من وقتها الكثير، وتبذل فيه جهودا جبارة..
فقد كانت ماري كريستين، من أجل إقامة دورة ما من دورات المهرجان، ومنذ تأسيسه، تشاهد أكثر من خمسمائة فيلم وثائقي كل سنة، وقد كانت علاوة على ذلك، تعرف هؤلاء الذين أخرجوا تلك الأفلام..
بل لقد كانت تعرف أيضا المتفرجين الذين يشاهدونها في المهرجان- أكثر من 700 متفرج في اليوم الواحد ،وكذلك الآلاف الذين سيحرصون على مشاهدة هذه الأفلام التي يحتفظ بها في ما بعد في أرشيف المهرجان..
بالإضافة طبعا الى أكثر من 15 ألف متفرج، كان المهرجان يستقطبهم إليه بأفلامه ، كل سنة..
فقد كان مهرجان “سينما الواقع”، كما تأكد لها بمضي الوقت، يمثل بالنسبة الى هذا الجمهورالكبير : ” …أداة ” لإكتشاف، والاستمتاع – ذهنيا وروحانيا- بأفلام لايمكن أن تعرض في أي مكان آخر ” ..
وكانت ماري كريستين تطمح أن تضع – بمشاركة كلير – كتابا يحكي عن تلك الأفلام،وعن تلك الرحلة الرائعة،التي تقطعها ماري كل عام ،وهي تجوب فيها العالم، وهي تستمع الى تلك الحكايات المدهشة، التي ترويها لناأفلام مهرجان سينما الواقع، والتي لم يكن من الممكن أبدا، أن تعرض في أي مكان آخر ..
كانت ماري كريستين، تريد أن تصطحبها كلير في رحلتها الى تلك ” القارة الغريبة “، وتريد أن يكون هذا الكتاب بمثابة “رحلة خيالية ” حول “سينما الواقع”..
كانت تريد أن تحكي لكلير، عن أفلام شاهدتها بنفسها، من ضمن، الأكثر من خمسمائة فيلم التي يتسلمها المهرجان كل سنة، وأن تجعل كلير، تشاهد بعض الأفلام التي لايسمح وقت ماري كريستين بمشاهدتها، ونظرا لضيق الوقت..
أفلام من البرازيل، وحتى بلجيكا ،ومن افريقيا، ولحد الصين..
أفلام تكشف عن حكايات لاتصدق ،وتجعلنا نشهق، ونحن نشاهدها، ونكاد نصرخ إن يا ألهي، أهذا ما يحدث حقا في عالمنا. مش معقول ! ..
وتعرض لـ،”حكايات حقيقية”مذهلة،لمخرجين متمهلين،صبورين،يصنعون أفلامهم براحتهم..
ضد تدخل الرقابة، ومقص الرقيب، وقمع الحكومات الشمولية الديكتاتورية الفاشية، ومهما كلفهم ذلك من وقت، أو جهد، أو تضحيات، ومن دون أي تنازل، مهما كان ،من جانبهم..
أفلام جريئة، وصادمة، تفتش عن ” الحقيقة ” ،على الطريق الصاعد الى الجبل الذي سلكه كل الواصلين، وبحس إنساني صوفي ، وهي تعرض بطولات لأناس عاديين، وتجعلنا كما في أفلام المخرج الهولندي العظيم الدرويش جوريس إيفانز، ومحاولته ترويض الريح في أفلامه، نقترب أكثر من إنسانيتنا ..
أفلام فكاهية وتراجيدية، لفن أثير جعل من “الآخرين” مادة لأعماله. لكن،”الآخرون”هم نحن، وذلك عندما يعي الإنسان أنه ذاته لاغيره، يعي أن ” الآخر ” يحدد وجوده أيضا، شأن الذات..
فليس” الأنا” مبدأ الحياة والفكر، وإنما الأنا- الأنت، هو هذا المبدأ. فالعلاقة الحقيقية بين الأنا والأنت هي الحب..
إن حب الآخر، هو الذي يقول لك من أنت، وبدءا من الآخر فقط، تستطيع أن تخاطب الحقيقة، ومن التفاعل والتخاطب ،بين الأنا والأنت، تبجس الأفكار..
فهاهو المخرج الفرنسي الكبير ريمون دوباردون ،يحط في قسم الطواريء ” الإسعاف “، في مستشفى ” لوتيل دو ديو ” للأمراض العقلية، في فلب باريس، لكي يصور حالات الجنون التي تتطلب علاجا سريعا..
حالة مريض، حاول أن ينتحر، وحالات أخرى لأناس فقدوا أعصابهم، بعد أن كسرتهم الحياة، بضغوطات وهموم كل يوم، وحالات لأناس سكيرين، صاروا يتعرضون للمارة على الرصيف، وهم يقذفونهم باقذع الشتائم ،ويعتدون عليهم على قارعةالطريق..
وكان لابد من تدخل الشرطة، وأخذهم الى قسم الطواريء بالمستشفى للعلاج..
ولعل الحكاية الأكثر طرافة ،في كل تلك الحالات، التي يعرض لها دوباردون في فيلمه، من نوع سينما الواقع، حكاية سائق الاتوبيس الذي جن، و ترك الاتوبيس بركابه، وهرب بجلده.. بسبب زحمة المواصلات ..وتوقف حركة السير تماما في العاصمة الفرنسية..
إنها جميعا “حالات “لأناس مثلنا، كما نرى في الفيلم، غير أن الظروف، لحظهم التعس، ضغطت عليهم ،بشكل أكثر قوة وقسوة، وأكثر قليلا من المعتاد، فإنكسروا، وعبرواهكذا الخيط الرفيع، الذي يفصل – وقد يحتاج الأمر لثانية وربما أقلها هفوة- بين ديكور، وديكور آخر..عكسه..في الخلفية..
ومايفعله المخرجون الوثائقيون في أفلامهم،هو مافعله ريمون دوباردون في فيلمه، حين صور تلك الحالات.. فعلمنا أن ننظر ونتطلع الى الجانب الآخر، في الخلفية، ولم يكن أي منا، خطر على باله من قبل، حتى لو سمح له، بتصريح خاص، مثل ذلك التصريح الذي حصل عليه دوباردون، أن يتفقد مستشفى للمجانين..
إن هؤلاء المخرجين يجعلوننا، كما فعل دوباردون في فيلمه، نقترب أكثر، من عالم لانستطيع أن نراه، ولا يسمح لنا بالدخول اليه. ومن هنا تبرز أفلام سينما الواقع، حين ينجح مخرجوها في تحويل ماهو مبتذل، أو ما قد يبدو لنا شيئا تافها عاديا، وممكن أن يحدث في أي مكان..
الى شييء، لايمكن ابدا أن ننساه، كما في حالات الجنون تلك، التي صورها دوباردون في فيلمه..
ومن هنا تقترب محاولة سينما الواقع، أكثر من أي سينما أخرى، سمها ماتشاء، تقترب في رأيي بواقعيتها، من شاعرية الخطاب الصوفي، لتجعل من الفيلم ” حالة” حب..
فكأن الحقيقة – LA VERITE – ليست في الأنا، أو في الآخر،وليست في شكل الفيلم، أو موضوعه ومادته، وإنما هي الحقيقة، في ” نسق معين ” من العلاقة بينهما..
وايضا،..
من حيث أن أفلام هذا النوع الواقعي، لاتكتفي بالوقوف عند الظاهر والجزئي، وإنما تتجاوزه، كما في “شاعرية” الخطاب الصوفي، الى الباطن والكلي.
فن ” سينما الواقع “، الذي تنهار في أفلامه الحدود، بين السينما الروائية والسينما الوثائقية، لأنه في اللحظة التي يختار فيها المخرج إطار أو ” كادر ” اللقطة – CADRAGE – تصبح السينما ، موقفا من العالم ، وتجسيدا لرؤية المخرج المؤلف، و” إختراع النظرة “..
سينما الواقع هي سينما ” الحرية ” وممارسة للحرية ،في أرفع أشكالها ، وبكل ابتكارات واختراعات الفن المدهشة..
تمتعنا أفلام سينما الواقع ،وتبهرنا أحيانا، وعبر تنوعها الهائل، بلمحة أو إشارة أو جملة أو لقطة..
كما انها تقلقنا وتحركنا، و ترعبنا ،وتثير مخاوفنا أيضا، عندما تقصفنا بمشاهد القتل والعنف والدمار الخفية..
وتضعنا في مواجهة مواقف صعبة، وفي قلب العملية الاجتماعية، وتناقضات وأزمات عصرنا ومجتمعاتنا الإنسانية، ..
على أمل،أن يكون الهدف ،من كل محاولات السينما العظيمة، كما يقول المخرج الأمريكي الكبير ستانلي كوبريك، صاحب ” أوديسة الفضاء”، روائية كانت أو وثائقية..
وبكل ذلك السحر الذي تنطوي عليه، ولايمكن تعريفه، ولاندري كنهه، وليس أي شيء آخر..
السعي الى ترويض ذلك “الوحش”.. الذي يكمن داخلنا.
لاخلاص إلا بالسينما الفن.
بقلم
صلاح هاشم. الإسماعيلية
صلاح هاشم مصطفى كاتب وناقد ومخرج أفلام وثائقية من مصر ومقيم في باريس.فرنسا
عن جريدة ” القاهرة “
admin افلام, رئيسية, مهرجانات 0
فيلم ” سمر ..قبل آخر صورة ” لآية يوسف
admin Uncategorized, افلام, رئيسية, شخصيات ومذاهب 0
أسماء المدير
من أبرز الأفلام العشرة ، التي صنعت في رأينا “مجد “السينما في العام 2023 وهزت العالم، مجموعة من الأفلام ،التي أتينا على ذكرها، بعد مشاهدتها ، والحديث عنها ،في معرض تغطياتنا لمهرجان ” كان ” السينمائي 76 لجريدة ” القاهرة ” ومن ضمنها :
أسماء المدير : ” أيقونة ” سينمائيةمغربية ولدت في ” كان”76
1 – فيلم ” كذب أبيض “ للمخرجة المغربية الشابة أسماء المدير، الذي كتبنا عنه، وقلنا أنه فيلم عبقري وأصيل، ويتواصل من خلال نزاع حميمي وشخصي، بين المخرجة وجدتها، مع تاريخ وذاكرة المغرب، ويخرج بذلك من العالم المصغر – عائلة المخرجة – الى عالم المغرب الكبير،وتوقعنا أن يكتسح المهرجانات السينمائية العالمية،وقد كان بالفعل، وصدقت توقعاتنا، فقد شارك الفيلم في عشرات المهرجانات،وحصد العديد من الجوائز، وحظى بأرفع التكريمات، وأشكال الترحيب والحفاوة، ولعل أهمها فوزه بالجائزة الكبري في مهرجان ” مراكش” السينمائي، في بلده،ووسط أهله،وناسه.وكانت مخرجته- كما هو معروف – اشتغلت على فيلمها أكثر من 9 سنوات، ليخرج الى النور، ويتسامق بفنها،ويؤكد أنها سوف تنضم الى مواليد ” كان ” – BORN IN CANNES – من بين المواهب السينمائية، لتي تم إكتشافها في المهرجان – إن من المخرجين أو الممثلين ،من أمثال المخرجة النيوزيلندية جين كامبيون، التي كانت أول مخرجة تحصل على سعفة ” كان ” الذهبية في تاريخ المهرجان- وكان سببا في إطلاق شهرتهم في العالم، تلك المواهب ،التي سوف تصنع في رأيي” سينما الغد ” في العالم ، عن إستحقاق وجدارة..
فيلم ” كذب أبيض ” عرض في قسم ” نظرة ما ” في ” كان ” 76، وحصل على جائزة الإخراج في مسابقة القسم، وهو فيلم فذ ، وبديع، بفكرته وفنه ومعالجته، كاشفا عن العلاقة بين الديكتاتور – وتمثله الجدة في الفيلم – التي تذكر حفيدتها أسماء دوما ،بأنها مجرد ” صحفية “، و ليست ” مخرجة سينمائية “،وبين المحكومين – أي جميع أفراد أسرة أسماء في الفيلم ، وذلك في إطار الأنظمة القمعيةالإستبدادية، التي لاتتورع، عن إعتقال الأبرياء، وتعذيبهم، وحبسهم في السجون، وتقوم الجدة في الفيلم بإخفاء الصور، وحجبها عن حفيدتها أسماء، لمحوها تمامامن تاريخ شعب، ذاكرته ونضالاته، و يعتبر ” كذب أبيض ” في رأينا ،وديناصورات النقد السينمائي،من النقاد والكتّاب من أمثالنا،” إضافة” ثرية- A CONTRIBUTION – الى تطور فن السينما الوثائقية والروائية، ليس فقط في العالم العربي – بل في العالم ، ولكل العصور..
***
مارتين سكورسيزي : تحقيق في جريمة قتل وإبادة شعب
2 – فيلم ” قتلة فلاور مون “ – KILLERS OF FLOWER MOON– للمخرج الأمريكي الكبير مارتين سكورسيزي الذي حضر الى كان 76 ، ليعرض فيلمه خارج المسابقة – مع أبطال الفيلم من النجوم ،وعمالقة التمثيل في العالم، من أمثال روبير دو نيرو وليوناردو دو كابري،.ويحكي الفيلم المأخوذ عن كتاب لدافيد جران، عن تحقيق لمكتب الإستخبارات الفيدرالي الأمريكي، في واقعة قتل، وإبادة هنود ولاية “أوكلوهاما “الحمر ،على يد البيض الأمريكان، والإستيلاء على أراضيهم ، وما فيها من بترول، في فترة العشرينيات، وعودة فيلم من أفلام سكورسيزي الى قائمة الإختيار الرسمي، بعد مرور 37 سنة، على مشاركة فيلمه “AFTER HOURS ” في قائمة الإختيار الرسمية للمهرجان..
***
جودار : إهتم بأن يصنع ” فنا” أولا قبل الإهتمام بـ”حبكة”الفيلم
3 – فيلم ” حروب فكاهية ” – DROLES DE GUERRES– لجان لوك جودار، وهو فيلم قصير، عرض في مهرجان ” كان 76″ أيضا في إطار تكريم – – المخرج والمفكر الفرنسي الكبير بعد وفاته- الذي كرس كل أفلامه – كما كتب عنه أستاذي الناقد الفرنسي الكبير جان ناربوني رئيس تحرير مجلة ” كراسات السينما ” السابق – للحديث عن الحب والحرب – حيث عرض الفيلم في قسم ” كلاسيكيات كان ،مع فيلم وثائقي طويل عن حياة جودار ،أشبه مايكون بسيرة ذاتية للمخرج المبدع والمفكر السينمائي الكبير ، والتأثيرات ” الثورية ” التي أحدثها على فن السينما في العالم،، من خلال أفلامه الأولى،وبخاصة فيلم ” على آخر نفس” بطولة الفرنسي جان بول بلموندو والامريكية جان سيبيرج ، أو فيلم ” الإحتقار “- LE MEPRIS– بطولة بريجيت باردو وميشيل بيكولي – على فن السينما في العالم وتاريخه.هذا التاريخ الذي يبدأ حسب جودار ،من عند المخرج الأمريكي دافيد جريفيث – الذي صنع ” أبجدية ” للسينما – وينتهي عند المخرج الإيراني الكبير عباس كياروستامي..، ولم يكن جودار يهتم ، وربما في جل أفلامه، بالحبكة، وقصة الفيلم ، بل يهتم بأن يصنع ” سينما ” أولا ..ويحقق فنا، لتطوير وتأصيل، ” فن السينما ” ذاته..
***
نوري بيلغ جيلان : تشيكوف التركي
4 – فيلم ” الحشائش الجافة ” لتشيكوف التركي المخرج نوري بيلغ جيلان، الذي أضطلعت ببطولته الممثلة التركية ميرف ديزدار، وحصلت به على سعفة كان الذهبية لأحسن ممثلة في الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية للدورة 76، حيث يتتنافس مدرسان على حبها في الفيلم وينجذبان إليها ،بسبب مثاليتها ، ولإيمانها بقيمة النضال مع الأقلية الكردية في تركيا، وتشبثها دوما بالأمل، في تغيير الواقع، ومهما كانت التضحيات، على الرغم من أنها فقدت ساقها في حادث إرهابي، وتبرز ميرف كبطلة ” تشيكوفية ” – نسبة الى الكاتب الروسي العبقري أنطون تشيكوف – عن أصالة وجدارة ، وفي ” الحشائش الجافة ” تواصل روحاني مع الأرض والسماء والطبيعة، يجعنا في نهاية الفيلم، نتسامح مع أنفسنا والعالم، وحيث لاتتسامق السينما ،إلا حين تكون هناك قيمة، لكل لقطة، تظهر فيها السماء دوما، والسحب الراحلة ..
***
كوثر بن هنية : ” فتح ” سينمائي جديد
5 – فيلم ” ألفة وبناتها ” للمخرجة التونسية المتميزة كوثر بن هنية، التي حضرت الى مهرجان ” كان ” 76 لعرض فيلمها في قسم ” نظرة خاصة “،مع السيدة ألفة حمروني الشخصية التونسية الحقيقية، التي يحكي عنها الفيلم ، ويكشف في عمل سينمائي وثائقي ” تجريبي ” جيد ومؤثر، يزواج مابين الروائي والتسجيلي، عن مأساة ألفة، بعد أن هاجرت الى ليبيا للعمل وإعالة أسرتها المكونة من 4 فتيات، وكانت النتيجة، بالنظر إلى التحولات والمتغيرات التي شهدها المجتمع التونسي بعد الثورة، ومن ضمنها، صعود التيار الإسلامي التونسي السلفي، أن سقطت بنتان من بناتها، في “جب” داعش الإرهابي المرعب. ومن مشاهد الفيلم القوية، مشاهد التذكير للنسوة الداعشيات، بـ “عذاب القبر “بعد الموت، وقد كان من الضروري كما تقول مخرجة الفيلم، لفهم مأساة ألفة ،وبناتها، أو فهم أي قضية، أن تصنع – كما فعلت كوثر هنية من قبل في جل أفلامها – فيلماعنها، وأهمية عملية ” البحث “في صنع سينما عربية جديدة، مرتبطة بواقعنا العربي ومشكلاته ، كما في فيلم ” البحث عن رفاعة ” – LOOKING FOR RIFAA– المصري الوثائقي، لكاتب هذه السطور، الذي يحكي عن البحث عن رفاعة رافع الطهطاوي، رائد نهضة مصر الحديثة، في واقعنا المصري الحالي، وليس في واقع القرن التاسع عشر..
***
محمد كوردوفاني : مأساة إنقسام السودان
6 – فيلم ” وداعا جوليا “البديع للمخرج السوداني المتميز محمد كوردوفاني ،الذي يوثق من عند عام 2005 وحتى عام 2010 لتاريخ وذاكرة السودان، ويذكر بمأساة إنقسام السودان، وكيف كانت تأثيراته وتحولاته المجتمعية ،على شعب بأكمله، من خلال فيلم سياسي ميلودرامي موسيقي تاريخي مباشر، جميل وبسيط ،ومقنع، ومن دون إستدرار عواطفنا بخبط الحلل، أو الوقوع في مأزق” الثرثرات اللامجدية”كما في جل أفلامنا العربية الزاعقة، ولا علاقة لها بفن السينما، الذي هو فن تشكيلي بالأساس.وكان كوردوفاني صرح عند حصول فيلمه على جائزة ” الحرية ” ، في مسابقة قسم ” نظرة ما ” “بأنه فخور بإنتمائه الى جنسيته، وبلده السودان.
***
ولنا وقفة مع الأفلام المتبقية، من قائمة العشرة أفلام التي هزت العالم في عام 2023 ،وتضم فيلم ” شباب ” – JEUNESSE– للمخرج الصيني الكبير وانج بنج ، وفيلم ” أيام كاملة ” – PERFECT DAYS– للمخرج الألماني الكبيرفيم فندرز، وفيلم ” الأوراق الميتة ” –LES FEUILLES MORTES – للمخرج الفنلندي الكبير آكي كوريسماكي ، وفيلم ” شجرة الفراشات الذهبية ” – LARBRE AUX PAPILLON DOR– الحاصل على جائزة ” الكاميرا الذهبية ” في الدورة 76 ،وعودة هكذا الى المكان الذي انطلقنا منه، و”سحر السينما الاسيوية الخفي” من تاني، في عدد مقبل..
بقلم
صلاح هاشم
صلاح هاشم مصطفى كاتب وناقد سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا، ومؤسس موقع ” سينما إيزيس ” على شبكة الإنترنت عام 2005 في فرنسا الذي يعد أحد أهم المواقع السينمائية العربية وأكثرها زيارة وتصفحا وتفقدا.
***
عن جريدة ” القاهرة – العدد 12 – الصادر بتاريخ الثلاثاء 9 يناير 2024