فوتوجرافيا
روح الصورة.صيد الشمس في شتاء القاهرة.عدسة سينما إيزيس
admin Uncategorized, رئيسية, روح الصورة, فوتوجرافيا 0
ليست لوحة من دليل سياحي فرنسي عن مصر، بل لقطة لصيد الشمس يوم الجمعة في شتاء القاهرة المشمس الدافيء.عدسة صلاح هاشم
شارع النيل. من وحي الصورة بقلم فكري عيّاد
admin رئيسية, فوتوجرافيا, مختارات سينما ازيس, نزهة الناقد 0
ندوة ” مصر وخمسون عاما من الفرنكفونية ” بقلم ولاء عبد الفتاح
حوار مع المخرج العراقي قتيبة الجنابي أجراه أحمد تامر جهاد. في باب ” مختارات سينما إيزيس “.
admin Uncategorized, شخصيات ومذاهب, فوتوجرافيا, مختارات سينما ازيس 0
قتيبة الجنابي مُخرج عراقي. درس التصوير الفوتوغرافي والسينمائي في أكاديمية الفنون الهنغارية وحصل على دكتوراه في موضوع رحلة السينما العربيّة. عمل في التليفزيون الهنغاري لسنواتٍ عدّة ويعيش متنقِّلاً بين بغداد ولندن وبودابست. كما صوَّر مجموعة من الأفلام التسجيلية لدار الأوبرا البريطانية. عمل مدير تصوير لسبعة أفلام روائية طويلة بين لندن وباريس. كما أنتج وأخرج مجموعة من الأفلام التسجيلية القصيرة والمستقلّة نال بعضها جوائز في مهرجانات وتليفزيونات حول العالم. في الغضون أقام معارض فوتوغرافية، وله كتابان فوتوغرافيان – بعيداً عن بغداد وأضواء أجنبية. حصل عمله الروائي الأوّل «الرحيل من بغداد» على الجائزة الأولى في مهرجان الخليج السينمائي وجائزة مهرجان مونتي كارلو، ورُشِّح لجائزة السلام في برلين، كذلك اُختير كأفضل فيلمٍ بريطاني مستقلّ لعام 2011. أنجز فيلمه الروائي التسجيلي الثاني (قصص العابرين)، والذي صوَّره طوال 30 عاماً.
– المتابع لأفلامك السينمائية يرى أن الغربة والرحيل القسري عن الوطن، وكذا الحنين إليه، تُعَدُّ ثيمات مهيمنة على معظم أفلامك القصيرة والطويلة، الوثائقية أو الروائية؟
الغربة والابتعاد عن المكان الأوَّل ليسا خياراً شخصياً، لم أكنْ أهوى المنافي والأماكن البعيدة الغريبة، ولكن سنوات القمع والديكتاتورية بما حملت من أوجاع ومحن دفعتني قسراً إلى مغادرة مدينتي التي أحبّ (بغداد) في عمرٍ مبكِّر من حياتي، وجعلتني على موعد دائم مع المجهول. رغم ذلك كنت أتوقَّع أن سنوات اغترابي ستكون قليلة أو محدودة، لكن الواقع الذي عشته كان غير ذلك، فما كان أمامي للخلاص من تلك المحنة إلّا التفكير جديّاً بتدوين وتوثيق تجربة المنافي والرحلات التي مررت بها أسوةً بجيلٍ من العراقيين المُعارضين سياسياً، على أمل انتهاء المحنة والرجوع إلى بغداد يوماً ما. لكن بمرور الوقت أيقنت أن المنفى سيكون رحلة طويلة محفوفة بالأسى والصعاب، فاخترت أن تكون صوري وأفلامي شهادات حيّة عن تجربة جيلي في بلدان المنافي حول العالم. في سنواتٍ لاحقة أخذت الأمور منحى آخر بالنسبة إليّ، حلم العودة بات قصيّاً جدّاً، وتجربة المنفى أصبحت خياراً أوحد لمواصلة الحياة.
حينذاك تناسلت الحروب وطال المنفى. لذا بدأت أتعمَّق أكثر فأكثر في تجارب الغربة، وأصبح هذا الموضوع هاجسي الأكبر. وطوال سنوات دراستي وعملي أدركت أنني أقترب شيئاً فشيئاً من مفهوم الاغتراب بمعناه الفكري. هكذا أتت أفلامي القصيرة والتسجيلية التي تناولت بها شخصيات إبداعية عراقية تعاني من وطأة حياة المنفى، كشهادةٍ حيّة وصادقة عن معنى الرحيل عن الوطن، أذكر منها فيلم «أرض الخراب» بين بغداد ولندن، والذي تناولت فيه تجربة الفَنَّانة المسرحية الراحلة ناهدة الرماح، وكذلك الفيلم الوثائقي «الرجل الذي لا يعرف السكون» عن تجربة الفَنَّان المسرحي الرائد «خليل شوقي» ثمّ استمرّت رحلتي على خطٍ موازٍ لتسجيل غربة الفَنَّان التشكيلي الراحل «محمود صبري»، الذي يحيا بين لوحاته في شقّة صغيرة بلندن وهو الفَنَّان الاستثنائي الذي شكَّل علامة فارقة بين فنَّاني جيله.
هكذا تداخلت الأحاسيس، وتوالت صور الأوجاع، وبدأت بوصلتي الإبداعية تقترب أكثر من حكايات المنافي والرحيل والعابرين، ربَّما لأنها الحياة الوحيدة التي أعرفها.
– هل نستطيع القول إن أفلامك لاسيّما فيلمي (الرحيل من بغداد، وقصص العابرين) تحمل نوعاً من الناستولوجيا المشفوعة التي ترتكز غالباً على وقائع سنواتٍ مضت، جعلتك كمُخرج تستعين بمحمولات الذاكرة في رسم الشخصيات والأحداث الدرامية (معظمها سياسيّ)، لتغدو الصورة السينمائية عندك نزوعاً ذاتيّاً للتطهر من أعباء ماضٍ مسكون بالخوف والرعب والحروب؟
في فيلمي الروائي الطويل (الرحيل من بغداد) تناولت ما يمكن أن أسميه الكابوس العراقي وهو حالة عامّة تلبَّست أهلنا في العراق في ظلّ حكم نظام البعث. إحساس المرء بالخوف والمراقبة والذنب (أسوة بأبطال كافكا) ظلّ الهاجس الأشد مرارة في تجربتي الشخصية التي انعكست على صور أفلامي. ربَّما في سياق أوسع يعلِّمنا التاريخ أن الشعوب التي اكتوت بنار الديكتاتورية تعرف -على نحوٍ لا ينافسها فيه أحد- معنى الشعور بالرقابة الدائمة وتكميم الأفواه وانعدام الثِّقة، ولكن ما لا يعقل في عراق البعث هو أن تصل الأمور إلى حَدِّ وشاية الأب بابنه لكسب ود السُّلطة، أليس هذا ضرباً من اللامعقول؟
هذه المعضلة الواقعية ستتحوَّل إلى أزمة أخلاقية حقيقية في فيلم (الرحيل من بغداد)، والذي دونت فيه الكثير من صفحات حياتي الشخصية طوال أكثر من ثلاثين عاماً مثّلت بمجملها سنوات ابتعادي عن بغداد. لا يعني ذلك أن أفلامي صُنعت لكي تكون هروباً من وطأة الماضي والتخلُّص من أعبائه، لأنها تعريةٌ لذلك الماضي وكشفٌ لخباياه. يمكنني القول إن أفلامي (حتى القصيرة منها) هي بوجهٍ من الوجوه محاكاة صميمية لحيوات المنفيين، عراقيين كانوا أو غير عراقيين ممّن مرّوا بتجارب مريرة مماثلة. من هنا فهذه الأفلام هي ذاكرة مشتركة لكلّ من هوت حياتهم على نحوٍ مخيف في الربع الأخير من القرن الماضي، واستذكار إنساني لكلّ أولئك المُؤبَّدين في محطَّات القطارات ومخيمات الاحتجاز والفنادق الرخيصة، لأصدقاء كثر بقيت عيونهم مفتوحة في أثناء النوم، وآذانهم مصوَّبة على ما يحمله المذياع من أخبار الوطن البعيد.
– معظم أفلامك القصيرة جاءت مكتفية بالصورة دون الحوار وتراجعت أهمِّية الحكاية لصالح الاشتغال الملحوظ على بنية الفيلم السينمائي، شكله ولغته الفَنّيّة التي تخفي تأثيرات أدبيّة من نوعٍ ما؟
فيما يتعلَّق بكون معظم أفلامي القصيرة من دون حوار أو لنقل بحوارٍ مقتصد، أقول وبشكلٍ مختصر بأنني كنت ولا أزال أعتقد أن السينما في نهاية الأمر هي مشروع بصري جمالي، والحكاية هي أمر ثانوي، ولذا على المُخرج الذي يعي هذه الحقيقة العناية بشكل أساسي بالصورة التي تتكلَّم أكثر من غيرها، والاهتمام بشكلها وتأثيراتها المرجوة خلال صناعة فيلمه السينمائي. لك أن تتخيَّل أن فيلمي الروائي الجديد الموسوم «رجل الخشب»، والذي يناهز زمنه الساعة ونصف الساعة لا يتجاوز الشريط الصوتي فيه نحو عشر دقائق. أنا من هواة الصورة القادرة على نقل الحكاية والأحاسيس بلغة معبِّرة، بليغة وغير ثرثارة.
وفي البحث عن أسباب تلك الخيارات أظن أن الواقع الذي واجهته هو الذي حتَّم عليَّ العمل بحس الفيلم المستقل، الاكتفاء ببراهين الصورة وليس بإبهارها الإنتاجي الفخم، فيلم فقير كما يصفه البعض لكنه غني بعمقه الإبداعي والإنساني… هكذا كان عليَّ أن أسلك هذا الطريق للوصول إلى فيلم عراقي على مستوى الهويّة، عالمي على مستوى اللُّغة. إنها سينما جادة شديدة الخصوصية، وضعتني حالياً أمام مُهمَّة إتمام «ثلاثية أفلامي المستقلّة»، والتي كان أوّلها فيلم «الرحيل من بغداد»، ومن ثَمَّ فيلمي الروائي- التسجيلي (قصص العابرين)، وخاتمة الثلاثية (رجل الخشب)، الذي أُصور مشاهده حالياً. وتعقيباً على إشارتك الواردة في نهاية السؤال، أعترف بتأثيرات الأدب على مخيلتي وأفكاري، فبوصلتي كانت وما تزال كامنة في حكايات الكاتب العراقي محمد خضير بسحر عوالمه القصصيّة وشخصيّاته ولغته الثَّرة التي اعتبرها الملهم الروحي لي في ساعات الاختناق ومشقّة البحث عن جديد.
– ثمّة شاعرية بيِّنة في مشاهدك السينمائية تثري المعنى وتعزِّز دلالات الصورة، تذكّرنا إلى حَدٍّ ما بأجواء تاركوفسكي وترنس مالك، لقطات تحكي بالصوت واللون والصورة أكثر من أي شيءٍ آخر، (نوافذ مشرعة في منازل مهجورة، قطارات متروكة وسكك حديد موحشة، أرجوحة فارغة وصفير ريح، كومة مفاتيح صدئة، صور أشخاص مغيبين ورجال مسنين بوجوه يائسة…)، كيف تتراءى لك هذه الصور وما الذي يمثِّله أسلوب وصل اللقطات /اللوحات خارج خطّ السرد الدرامي أو عبر تدميره؟
لا أعرف إجابة نموذجية عن سؤالك. لكن أستطيع القول إنني لا أفتعل هذه الأشياء، ولا أصطنع الصور، كلّ اللقطات والمشاهد تأتي في لحظات نفسية معيَّنة لا أعرف بالضبط من أين، لكنها تداهمني وتدفعني لحمل كاميرتي وتجسيد ما أراه، أسوة بالشاعر الذي يطارد القصيدة. أحياناً تتدفَّق الأحاسيس من لوعة الانتظار ومن البحث عن طريق آمن للعودة إلى المكان الأوّل. ويمكن لها أن تأتي من مخزوننا التراجيدي العراقي من حقب الأحزان والأوجاع التي مررنا بها. إن تراجيديا الحسين، ومأساة كلكامش، وخيبات الآباء والأبناء في متاهة السنوات العجاف والسواد الدائم الذي تتدثَّر به أمهاتنا كلّها صور حيَّة تسكن مخيلتي بشكلٍ أبدي. وليس بدرجة أَقلّ تركت سنوات الحروب والاستبداد بصماتها الغائرة في وجدان جيلنا وذاكرته. هروبنا من العراق لم يكن اختيارياً. كان حلاً قاسياً علينا جميعاً. الثلج والمحطَّات المُوحشة والقطارات وغرف الفنادق الوضيعة وشرطة الحدود ووثائق التنقُّل غير الرسمية بين البلدان وشحة أخبار الوطن، حفَّزتني للبحث عن عزاءٍ روحي، عن ضرورة مشاركة همومنا مع الآخر. في هذه المناخات وُلِدَتْ مفردات أفلامي السينمائية التي أفادت كثيراً من خبرتي في مجال التصوير الفوتوغرافي. أحد النقَّاد الأوروبيين واسمه «بيتر بال» وهو رئيس تحرير مجلّة «فوتوغراف الهنغارية» كتب يوماً ما في دليل معرضي الفوتوغرافي الأوّل «أنت مثل شاعر فوتوغرافي يبحث عن زوايا مدينته بغداد في بلدنا» .
أمّا بخصوص تأثري بإنجازات العظيم تلركوفسكي والشاعر السينمائي ترنس مالك فليس لي أن أقول سوى إنني تعلَّمت الكثير منهم وتفاعلت مع تجاربهم الإبداعية، وأظن أن قيمة الفَنّ الحقّة هي في أنه عابر للحدود ومنفتح على تجارب الآخرين أينما كانوا.
– كيف تصف علاقتك بالسينما العراقية منذ انطلاقها وحتى العام 2003، هل تركت أثرها على أفلامك؟ وما هي أبرز التجارب التي أثّرت بك؟
في السنوات الأولى التي شهدت نضج وعينا وشغفنا بالسينما كان هنالك نوعٌ من التداخل بين المحلِّيّ والعربيّ والعالميّ، فنحن منحازون للجودة وخاضعين لتأثير الأفلام المُميَّزة بغض النظر عن هويّتها. فلا أحد ينكر حجم تأثير السينما المصريّة علينا كشبابٍ سينمائي طموح، وذلك لقربها من نمط حياتنا وهمومنا وأحلامنا، رغم ذلك كان للفيلم العراقي نكهته الخاصّة التي جعلته أقرب لذائقتنا ووجداننا، وإن كان شحيحاً في الإنتاج مقارنةً بسينمات أخرى. أتذكَّر جيّداً الدعايات الأولى في التليفزيون والسينما لفيلم «الظامئون» بهاء الصورة وجمالية اللون الأبيض والأسود لا تزال قابعة في ذاكرتي، فضلاً عن تميّز أداء ممثِّليه والموقع الجغرافي الساحر للتصوير. لقد كانت تجربة فريدة بالنسبة لي، لاسيّما حينما شاهدته في إحدى سينمات بغداد. في ذاك الزمن كانت هناك أفلامٌ واقعية حقَّاً وأخرى طليعية سبّاقة في معالجاتها لقضايا حسّاسة، منها فيلم (سعيد أفندي، الحارس، من المسؤول، وفيلم المنعطف عن رواية خمسة أصوات للروائي غائب طعمة فرمان).. أستطيع القول إنني تأثَّرت مع العديد من أبناء جيلي بهذه الأفلام وبمُخرجيها بقدر تأثُّري بأفلام الواقعية الإيطالية بعد الحرب العالمية الثانية، وعلى نحوٍ أكثر تحديداً بخواصها وآلية عملها، حيث الاكتفاء بميزانيات بسيطة والتصوير في مواقع الحدث، والاعتماد على ممثِّلين غير محترفين، وكوادر محلّيّة تمتلك نوعاً من العشق الشديد للإنجاز والمغامرة الإبداعية. بالتأكيد هنالك أفلام عراقية أخرى تمتلك خصوصيتها وتميُّزها كان لها دورٌ حاسم في توجيه اهتمامنا وصقل ذائقتنا السينمائية.
– بعد سنوات من الدراسة الأكاديمية داخل العراق وخارجه، أيّ التجارب السينمائية العربيّة والعالميّة التي تجدها أقرب إلى رؤيتك وأسلوبك السينمائي؟
طوال 40 سنة من الدراسة والعمل والمحاولة في عالم الصورة والفيلم أستطيع القول إنني تأثَّرت في مراحل مختلفة بأساليب وتجارب عديدة من العالم العربي، فقد كانت أفلام المُخرج الراحل يوسف شاهين ملهمةً لي بدرجةٍ كبيرة، ولا يمكن تخطّي تأثيرها (باب الحديد، الأرض، العصفور، وعودة الابن الضّال)، لأنها تمثِّل سينما الوعي المُحفِّزة للتفكير بجماليات السينما وقضاياها. على صعيد مقارب أعجبت بأفلام المُخرج توفيق صالح (يوميات نائب في الأرياف، والمخدوعون)، ولاحقاً هيمنت على ذائقتنا تجارب جماعة السينما الجديدة التي خرجت عن التقاليد السائدة للفيلم العربي، أتذكَّر هنا فيلم («أغنية على الممر» لعلي عبد الخالق، و«زائر الفجر» لممدوح شكري وكذلك فيلم «الظلال» في الجانب الآخر للمُخرج غالب شعث) كما تأثَّرت بخصوصية تجربة السينمائي العراقي الموسوعي «قيس الزبيدي» صاحب الفيلم الروائي المُتجدِّد «اليازرلي»، الذي أُنتج في دمشق. ثمّ تابعت تطوُّرات السينما الجزائرية في نتاجاتها المتنوِّعة التي نالت التقدير والجوائز كفيلم (وقائع سنوات الجمر) للمُخرج محمد الأخضر حامينا، وأفلام مرزوق علوش والقائمة تطول. كما لا يمكن إغفال تأثير فيلم «بس يا بحر» للمُخرج الكويتي خالد الصديق، فقد كان على المستوى الشخصي فيلماً صادماً ومبهراً في حينها.
وفي سنواتٍ لاحقة أخذتنا التقلُّبات السياسيّة وسنوات الحروب والديكتاتورية بعيداً عن واقعنا العربيّ، حيث ذهبت لدراسة فنّ الفوتوغراف والسينما في بودابست-هنغاريا وجرفتني الحياة والتأثيرات الجديدة إلى مساحة سينمائية ومعرفية أخرى أغنت معرفتي ووسَّعت تطلّعاتي. حينها عشقت الفيلم الهنغاري طوال سنوات إقامتي هناك، وشيئاً فشيئاً، أصبحت مساهماً ومتدرِّباً مع مُخرجين هنغاريين معروفين، ومن خلالهم اقتربت أكثر من تجارب السينما السوفياتية آنذاك، إلّا أن التأثير الأعمق كان على يد المُخرج الألماني «فيم فيندرز» الصانع الأمهر لأفلام الطريق، لاسيّما تحفته السينمائية «باريس تكساس». ولكي نكون منصفين مَنْ منّا لم يتأثَّر بأفلام الواقعية الإيطالية، والموجة الجديدة في فرنسا، وإبداعات السينما الإيرانية، والفيلم الأميركي المستقل؟. في الغضون دفعني عشقي لأدب ماركيز إلى الاستغراق بمتابعة إنجازات سينما أميركا اللاتينية، التي عالجت قضايا سياسية واجتماعية شديدة القرب من قضايانا العربيّة. كما أحببت بذات الشغف أفلام المُخرج الهندي «ساتياجيت راي» لخصوصيتها الشديدة وصدقها وقوة شاعريتها. وفي أوروبا ثمّة أفلام رائعة لسينمائيين مهاجرين أو متحدِّرين من أعراقٍ مختلطة لها خصوصيتها وجمالها الآخاذ. إجمالاً مسلسل التأثيرات والتفاعل مع الآخر لا يمكن أن يتوقَّف.
شيءٌ آخر يمكن أن أكون قد عملت به في أفلامي هو أني خاطبت الوجدان الأوروبي بلغة أريد لها أن تكون متفرِّدة وعالمية في نقل أحاسيسنا وقصصنا. كلّ هذا قادني لأن أبحث عن التميُّز بصوري وأفلامي. كنت أفكر أحياناً بكيفية الوصول بالمتلقي الذي يشاهد صوري وأفلامي إلى معرفة هويّة صاحب هذا العمل الفَنّيّ. إنه برهان الروح العراقية في تخليق الموضوع والشكل وسيل الأحاسيس التي تشبه نظيراتها في أيما بقعة من هذا العالم. لن تكون صوري ولقطاتي معبِّرة ما لم يخفق قلبي لها في تلك اللحظة.
أجرى الحوار
أحمد تامر جهاد
1 سبتمبر 2019
عن مجلة ” الدوحة ” .قطر لباب ” مختارات سينما إيزيس “
فوتوغرافيا. روح الصورة. عدسة صلاح هاشم
admin رئيسية, فوتوجرافيا, كل جديد 0
ماذا نفعل حيال صور القتل والحرب والدمار ؟.قراءة في كتاب ” في مواجهة آلام الآخرين ” لسوزان سونتاج بقلم صلاح هاشم
admin رئيسية, فوتوجرافيا, كل جديد, نزهة الناقد 0
من ابرز الكتب المهمة التي تناقش سلطة الصورة وسلطة الكلمة في عصرنا كتاب” في مواجهة آلام الآخرين”DEVANT LA DOULEUR DES AUTRES للناقدة و الروائية الامريكية سوزان سونتاجو, الصادر عن دار نشركريستيان بورجوا في باريس( في 138 صفحة من القطع الصغير),
الطبعة الأصلية بالانجليزية
والذي يناقش موقف الانسان المعاصر, حيال صور القتل و الدمار والحروب والكوارث، التي تقصفنا بها وسائل الاعلام من صحف ومجلات ومحطات تلفزيون كل يوم, وتصور معاناة الآخرين والآمهم وعذاباتهم ومآسيهم , وهي تمنحنا في ذات الوقت فكرة, عن صور ذلك الرعب الذي ينتظرنا ،في هذا العالم المسعور, خلف الابواب المغلقة, وحتي علي الرصيف، في الطريق العام, وصارت حياتنا فيه مهددة في كل لحظة..
وتطرح سوزان سونتاج, التي عرفت كمثقفة امريكية, بعدائها لسياسات جورج بوش الداخلية والخارجية , ووقفت ضد حرب امريكا علي العراق, وهي من ابرز اساتذة الجامعة المؤسسين، لحركات الرفض في المشهد الثقافي السياسي الامريكي, وكانت اخرجت مسرحية ” في انتظار جودو ” لصامويل بيكيت اثناء حصار سراييفو الشهير, ويعد كتابها ” عن فن التصوير ” الذي صدر عام 1977من اهم الكتب عن هذا الفن التي تدرس في الجامعات في العالم, وترجمت اعمالها ورواياتها الي اكثر من 32 لغة..
سونتاج
تطرح العديد من الافكار, بخصوص موقفنا امام صور الحروب والدمار والجثث المشوهة, ومشاهد التعذيب والرعب في ” جنين” فلسطين, والحرب الاهلية في الكوسوفو يوغوسلافيا وحصار سراييفو, ودماروانهيار برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك, وتتساءل تري هل يمكن, من فرط تعودنا بمرور الوقت علي مشاهدة هذه الصور, بوعي او من دون وعي منا , ان نصاب ببلادة الحس APATHY, بحيث تصبح صور الرعب في عالمنا المعاصر هذه, شيئا عاديا تافهاBANALE, مثل بقية الصور الاخري التي تقصفنا بها وسائل الاعلام كل يوم ؟
كما تتساءل ايضا في كتابها, تري هل يجب ان نتحاشي مشاهدة هذه الصور التي تعكس الآم الآخرين,ام يجب ان نخفيهاونكف عن مشاهدتها , ونطالب بمنع نشرها, ثم نتظاهر من دون رؤيتها ضد الحرب واعمال القتل البربرية التي ترتكب في حق البشر كل يوم؟ كما تعقد مقارنة في كتابها بين ” الكلمة” و” الصورة” وتقول لنا من بينهما اقوي من الاخري واشد وقعا وتأثيرا في حياتنا..
بداية تشرح لنا سوزان سونتاج في كتابها كيف رافقت الانسان في الغرب, صور الموت بكافة وتعدداشكاله منذ قديم الزمان, عبر الايقونات القديمة التي صورت الآم السيد المسيح وشهداء المسيحية الاوائل, ثم في لوحات الفنانين والمصورين العالميين كما في لوحات الفنان الاسباني جويا مثل لوحة ” كوارث الحربط وكانت الفوتوغرافيا ارتبطت بالموت ومنذ نشأتها, منذ اختراع آلة التصوير عام 1893 لانها كرست من خلال الصور المنتجة بواسطتها, للاحتفاظ بصور الراحلين الذين فقدناهم بعد موتهم, وبمجرد اختراع الحامل, وصار ميسورا الانتقال بتلك الآلة في كل مكان , اكتسبت الفوتواغرافيا بتصويرها لصور الدمار والقتل والحروب في خنادق القتال, اكتسبت قيمة أكبر من قيمة الشهادات الشفهية , في تصوير الرعب ومسلسل الموت في الحرب الاهلية الامريكية, ثم في الحرب العالمية الاولي عام 1914 التي تعتبرها سوزان سونتاج بمثابة ” اول صدمة كبري”يواجهها الانسان الغربي حيال صور الدمار والقتل المرعبة المروعة, التي اصبحت الآ ن, بعد ان صار التلفزيون ينقل وقائع الحرب كما حدث في حروب الخليج وكوسوفو ورواندا والعراق الحديثة مباشرة علي الشاشة داخل بيوتنا, ودمار مخيم ” جنين ” الفلسطيني وتدمير برجي مركز التجارو العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر2001, صارت اشبه بعروض ” عروض الصوت والضوء”” الحية داخل الصالونات..
وتعتبر سوزان ان من الاهمية بمكان, عرض هذه الصورعلينا, وعدم اخفائها بسبب بشاعتها اوتعاطفا مع مشاعرنا واحاسيسنا والخوف من ان تهتزاو ان تنهار, لان هذه الصور ومهما بلغت درجة بشاعتها هي شهادات علي الواقع, وهي تقول لنا: ” حدقوا في.هذه هي الحرب, وهذاهو ماتفعله.هذا يللبشاعة وذاك ايضا اوه ياللرعب.أجل الحرب تقتل وتفصل وتقطع وتشوه وتمزق وتحرق.انها تجلب الدمار والخراب وتحيل حياتنا الي اطلال في عبث الريح, ويا ايتها الفضائل التي يفاخر بها الانسان, كما يقول نيكوس كازانتزاكيس معلقا علي الحرب الاهلية التي نشبت في بلاده اليونان في روايته ” الاخوة الاعداء “, ايتها الفضائل التي يفاخر بها الانسان ساعدينا..
هذه الصور المرعبة التي نشاهدها في كل وقت , وتلك التي تخفيها عناالادارات الحربية , صارت ضرورية,وسونتاج مع نشرها, لانها تدعم من نضالنا ضد الحرب ,في سبيل ايقافها من جانب, كما تدفع من جانب آخر الي, وتحثنا علي, اتخاذ موقف من قضايا عصرنا, وربما ساعدت علي اخراس ذلك ” الوحش ” الذي يسكن داخلنا والي الابد. وتنبه سوزان سونتاج في كتابها الذي يمكن ان تلتهمه في ليلة كما فعلت, وهو من اهم الكتب التي تعالج وتناقش الطريقة التي يمكن ان نتلقي بها صور الرعب , والزاوية التي ننظر من خلالها الي تلك الصور لعقلنتها, تنبه الي ان الصورة الثابتة, هي التي تشكل ذاكرتنا اكثر من الصور المتحركة , وتكون هذه الصور الثابتة اول مايقفز من كخزون الصورفي ذاكرتنا دائما, حين نريد ان نسترجع ذكري او صورة حادث ما, والدليل علي ذلك ان ذكري حرب فيتنام المرعبة ارتبطت في ذاكرتنا بصورة الطفلة الفيتنامية التي خرجت بعد قصف قريتها بقنابل النابالم الامريكية وراحت تركض عارية علي حافة الطريق وجلدها المحروق يسيل بفعل الاصابة وهي تصرخ من الهلع, لذلك تعتبر الصورة الثابتة نموذجا لايمكن محوه من الذاكرة , وتشيرسونتاج في كتابها الي اهمية ” التعليق ” علي الصورة, الذي يضبط درجة التعامل معها, ويوجهها الي احداث التأثير المطلوب ,لان الصور, ومهما بلغت درجة بشاعتها ورعبها, يمكن ان تكون ايضا ” كاذبة” و” مبهمة’ و” مضللة”, وتؤدي الي عكس النتائج المطلوبة, وتحيد بنا عن الهدف, فالتصوير الفوتوغرافي من خلال بعض الصور, قد لايقول لنا كل شييء نريد ان نعرفه..
كما تكمن اهمية ” صور الفظائع” في ان الادراك المعاصر عادة مايعتبر الآم الآخرين ومعاناتهم وعذاباتهم ” خطأ” او ” حادثة” او ” جريمة”, ولذلك فان صور الحروب بالنسبة لهؤلاء الذين لم يتعرضوا لاهوالها وكوارث الحرب بصورة مباشرة, تصبح تلازمهم وتسكنهم لكي تذكرهم بما يستطيع الانسان ان يفعله بأخيه الانسان, وبالتالي تصبح قطعة منهم ولايستطيعون منها فكاكا, بحكم ان عملية التذكر, كما تذكر سوزان سونتاج, لا تعني تذكر قصة او رواية, ولكن تتعلق اكثر باسترجاع صورة ما في الذهن, كما تشير ايضا في كتابها هذا, الذي لايتضمن وياللغرابة صورة واحدة كما عهدنا في كتب الفوتوغرافيا,و يستحق القراءة عن جدارة, تشير الي اهمية السرد NARRATION وتقول ان سلطة الكلمة اقوي بكثير من سلطة الصورة, لان الحكي عن الحروب ووصف اهوالها وفظائعها من خلال الادب المكتوب في مقال او قصة او رواية,يفوق بكثير كل تأثيرات ” صور الفظائع” ويصدمنا اكثر, والتعبير بالكلمات, ربما يكون أكثر فاعلية من التعبير بالصور.
صلاح هاشم
صلاح هاشم مؤسس ورئيس تحرير موقع سينما إيزيس
روح الصورة . معرض للفنان المصور مارك ريبود في باريس
admin رئيسية, فوتوجرافيا, كل جديد 0
من ضمن أكثر من50 الف اكليشيه للفنان المصور الفوتوغرافي الفرنسي الكبير مارك ريبو ،يقيم متحف جيميه في باريس معرضا، يفتتح يوم 4 نوفمبر في باريس ، ويضم مجموعة كبيرة من صور مارك ريبود الفوتوغرافية الشاعرية التاريخية ،التي جعلت منه فنانا كبيرا ، من ضمن المصورين الفوتوغرافيين من أمثال كارتييه-بريسون ،الذين حولوا الفوتوغرافيا الى فن ، مثل الرسم،
و جعلوا من الصورة لوحة فنية.
صور ريبو دخلت التاريخ، لأنها كانت شاهدة على أحداث ووقائع تاريخية طبعت عصرنا بطابعها و لذا دلفت الى مخيلتنا وذاكرتنا و تاريخ الفن من أوسع باب.
صلاح هاشم
مؤسس ورئيس تحرير موقع سينما إيزيس
روح الصورة.نظرة تنشد مع بيرم “أنا المصري ” بصوت سيد درويش. بقلم فكري عيّاد
admin رئيسية, شخصيات ومذاهب, فوتوجرافيا 0
نظرة عيون تتسابق فيها لهفة التحدي والإصرار وعزيمة اليقين.
تشاهد قوس النصر يرفرف يعلو في سمائها. ترسم لوحات المجد . تكشف الخطوط وتخترق غطرسية ونرجسية عدو ملكه الغرور.
وشطحت في خياله جنون العظمة واسكرته نشوة وشرود .
لم يقرأ التاريخ الطويل الممتد على كل سطح ارض الكنانه.
طينتها سخية منذ بداية التاريخ والعصور.
عناقيد من البطولات والاسماء تمحوا أي حشرات أو رجس عدو خبيث.
تنتفض ضد اقدام العابثين أو المحتالين والمختالين.
هذه نظرة عابرة لما بعد الحدود. “احمس” في شموخ يأتي ويصول ويجول من جديد.
نظرة صبرت وتكتمت وكتمت دموعها ليوم النصر الموعود.
نظرة تنشد مع ‘بيرم التونسي* واللحن الخالد ” ل سيد درويش”
( أنا المصري كريم العنصرين
بنيت المجد بين الإهرمين،
جدودي انشأوا العلم العجيب
ومجرى النيل فى الوادي الخصيب،
لهم فى الدنيا الاف السنين
ويفنى الكون وهما موجودين )
نظرة عابرة لهب حارق تدق فوق رؤوس العدا والغرباء نيران البارود.
تطهر ارض الفيروز من الجرذان وتعيد الحق المسلوب.
تشحذ عزيمة وإصرار, قوة ضاربة، إيمان وزئير في افواه وقلوب الجنود.
نظرة تعيد فرحة غابت وصبرت ، تجدد الفخر والسمو، والشموخ، والعلا ترسل تيجان لكل ام شهيد.
يالك من نظرة ..!!
ندرة نادرة لا يعرفها الا من حمل روحه على راحته، وأرتوى من نبع الوفاء لأرض الشهداء . يطهرها من كل سوء وشر واطماع صهيون.
عدو ينخر مثل ديدان الأرض يلوث طهارة ارض لا مثيل لها في الوجود.
من يستطيع أن يقاوم نظره عظمة وصلد ” أنا المصري “
مع اسود تحيطه بعزيمة ضارية، خرجت من عرينها تحمي العزة والكرامة على أسوار الحدود.
فكري عياد
فكري عيّاد ناقد وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن- المملكة المتحدة
ميرو: نهج البلاغة في الغرابة،في عالم الفن التشكيلي والألوان. بقلم فكري عيّاد
admin رئيسية, فوتوجرافيا, مختارات سينما ازيس 0
قراءة جديدة هنا مع الفنان الاسباني “جوان ميرو” ،في رحلة ممتعة من اللاموجود في سيريالية وغرائب مفرداتها.
يتركنا ميرو مع سحر التخيل في عالم اللاوعي ، يجسم في براعة تفاصيل رحلة الحياة بفلسفة من أشكال ورسالة غريبة الأطوار ، ورموز متعددة يتركها هائمة في حالة من الشكليات المتعثرة والمبعثرة
لكي يكشف النقاب عن غرائب الحياة من حوله في عفوية وغرائب المخلوقات . كأنه يقول ما لا يقال على اللسان ، نهج البلاغه في الغرابة، من عالم الفن التشكيلي والألوان .
فكري عيّاد
فكري عيّاد كاتب وناقد و فنان تشكيلي مصري مقيم في لندن