ستوديو آدم.صورة لها تاريخ بقلم صلاح هاشم
صورة لها تاريخ
كان يا ما كان في حكم ذاكرة الأحياء وتاريخ المكان
صورة التقطها لي المصور في ستوديو ” آدم ” للتصوير في السيدة زينب حينا الكبير العريق منذ أكثر من 60 عاما. كتب إلي صديق طفولتي في حينا العريق “قلعة الكبش” صرة السيدة، يسألني :
الصورة دي في مدرسة “المنيرة الإعدادية”.. ياترى فاكرها ؟
كتبت إليه أقول :
طبعا فاكرها. مدرسة ” المنيرة ” الاعدادية ، على بعد خطوات من مدرسة السنية أول مدرسة ثانوية للبنات في البلاد ،وسوبيا الرحماني، وشارع مونج ودار الهلال العريقة، وكانت الصورة مطلوبة، لتنضم الى ملف إمتحان الإعدادية ،والانتقال الى المرحلة الثانوية .ملف الطالب صلاح هاشم مصطفى في ثالثة إعدادي..
ومازلت أتذكر أنه بجوار سوبيا الرحماني كانت هتك- ويفصلها عن سوبيا الرحماني محل بقالة – مكتبة لبيع الكتب، يملكها رجل عجوز طيب..
وكنت عندما تطلب كتابا يذهب صاحب المكتبة الكهل الى الداخل ،ويختفي لفترة داخل المكتبة خلف ستارة للحظات، ثم يعود بالكتاب الذي تطلبه..
وكنت وأنا طفل، أتخيل ماذا يمكن أن يكون هناك خلف الستارة ،من أشياء أخري غير الكتب، وكنت أسرح كثيرا في صغري بدافع الفضول- هكذا خلقت – وإشتياقي لسحر المغامرة..
كنت أتخيل ياهاني، ماذا يمكن أن تكون عليه مقابض الأبواب التي تختفي خلف الستارة ، وتفضي بك الى عوالم آخري غير الكتب
، وأدركت عندئذ وأنا سارح، وأفكر في أمر تلك الصورة، أنني كنت أول من يكتشف مايكمن خلف الستارة ، في تلك المكتبة الكبيرة الفسيحة لبيع الكتب في السيدة وما يكمن خلف الستارة، التي يختفي وراءها في كل مرة صاحب المكتبة العجوز ..
فقد عرضت ذات أجازة صيفية على صاحب المكتبة العجوز، وأنا طالب في سنة ثالثة إعدادي في الصورة، أن يشغلني عنده في الأجازة فوافق. وكم كانت سعادتي كبيرة ، وأنا أصعد ” الدحديرة ” المصعد الحجري في الطريق الى حينا، حين رحت أفكر في كل تلك الكتب التي سوف استعيرها من المكتبة، بموافقة صاحب المكتبة العجوز، لكي اقرأها في الأجازة ،على ضوء لمبة الجاز ، في شقتنا في بيت الشيخ راشد في حينا العريق” قلعة الكبش”،وأختي الصغيرة مستلقاة على حافة الفراش وهي تحاول النوم..
وكل تلك العوالم السحرية التي لابد وأني سأستكشفها ، رحت أردد على نفسي، خلف ستارة المكتبة، التي إعتاد صاحبها، الرجل الكبير الحكيم العجوز أن يختفي خلفها..
ولسه فاكرها..
صلاح هاشم