تقاسيم جازية لماهر جرجس بقلم فكري عيّاد
صَوْتُ البُوقِ.. يَمْلأُ الأرْجَاءَ.. يُذَرْذِر عبيره. نسمات في الأجواء. صَدَّاح ومغرِّد. يخفق بأنغامِه، وكأنَّه أكسير الحياة . يُهزهزِ الجمال، في المآقي. ويعزفُ لحن الأشواقَ، في رهيف لهفة العشاقِ. ويصدح في رَوْنَق ورواء . ينعسُ القمرات ، على نبضات الإيقاع. ويُضيئُ النجوم، في خدرِ السماء. نجمة تُعَانق نجمة.. في شغف وحنان. بوق.ٌ وأي بوق..! كأنَّهُ قبلات العناق. في الأثير بلا كلمات. فَضْفِض يابوق العُشَّاق. “البلبل” في فراشه. زَقْزَقَ وغَرَّدَ.. أنصتَ..هيمان. ثَمِلَ وإنتفضَ وصاح . أنهِل يا بوق الهنا. وأدوِي البَهْجَة، في كل رواق. إِسْتَمَتَعَت وطَرِبت.. لكَ كل نغمات الآلات. ياحسناء..البوق.. لَثْمَةُ فمك في فمهِ مُتَيمة. رغْبَة ومُتْعَة ومُغْرَمة. رنمي بِدَفأ الحانك. بِشفتيّ الحب والإلهام.. من فوهة حُبك ، إمسحي آهات الأنينِ. سحرِ بَوقِك.. ترهفُ له قلوب العُشَّاق. وجمرة الحنين والإِشْتِيَاق .. تغفوا معه الجفون ، في مَوَدَّة وهِيامِ . عانَقِيني .. في غمازةِ رموشك. اَسمعيني لحنك الرّقراق. خُذيني.. من حاضري. في برهة همسة.. ولو بلمسَة.!
لوحة تقاسيم بريشة الفنان
ماهر جرجس
إلى نَبْعِ أمسِيَ. أَطلُ على ماضي. كادَ أن ينساني. أمْرحُ وأسامِرُ طيفهُ. ينسابُ ويحفُّ ذكريات سالف أيامي . تَجُول وتدور، في بهوِ خيالي. بوقِك يا فتاتي.. يُجَاهر بإيقاعهُ ويَغمِسُ رنينهُ. في خدرِ أحلامي. نواراً تناثر بهاءًا.. أَيقَظَ غفوةِ منامي . يُنَسِينَا الأسَى، وجَفَاءَ السِّنينِ.. يُوقظُ سَرِيرةُ الآتي. ” يا حسناء البوق” تَهيّأتِ وتَجَمَّلَت. لثمالة ألحانهُ. طربًا من جوف ، قلبه الرَنّان .. وفُرشاة * “الرسَّام”. أَطْرَقَت.. وإِسْتَرَقَت. ساغَ ولذَّ لهواها . رحيقُ وسحر أنغامِك . ومَبسم بوقِك.. يَصْدُح يُحلِّقُ ويترنم .! كفم شَهِيّ عَذْب مُسْتَطَاب. كميْسَم الجمال البسَّام.! صوتهُ لَهِجٌ وتَعَلُقْ.. سَلِس رقيقٌ ومَالِس. صارم وَمُؤَانِس، مُسامِر لكل النَّغْمَات يا بوق الهناء .! ياوِصَال ، وهيبة النداء . يانفير الحبّ الفتَّان! وهودج الآهات. أسَرْتُ في رَخِيمُ صوتك رعشَة الغرام. هَوَاكَ شجيٌ، لذَّة وشَجَن ولَيِّنٌ . ودفءٌ ناعم، في ضَمَةِ الأحضان. على طربِ “صهيلك” إنسابت التنهدات، في صدورِ الحسناوات. وحوافر الخيول، في دلالٍ تَختال. جَلْجَلَت ورقَصَت، مع فِراسَة الفرسان. كم من حكايات، وذكريات تَدَفَّقَت! من محارةِ أحلامي . سَكَبَت في حنايا روحي. موجَات ناعسات. أنْطَقْت الصمت، من طَوِيْ الماضي . اَنْهَلَت في المآقي، دمع أشواقي. وأيقظتِ اليقين، من هَجْعَةِ سباتي. يا صبية البوق .. أنفخي في نبض الروح .. لحن من نَبْعِ الماضي.
ماذا في رَنِينْك أخبريني.؟ أسمع صفيرك. وكأنَّكِ تنطقي. دعيني أعبرُ ، في مرايا الشوق . وانثريني بشَذَرَات.. تُلثم نَجْوَى شَذَرَات.. تعانقُ دفء ألواني . وطيور المساء تُطَوقُني . تُرَفْرِفُ في لهوٍ وتغريد. تُزقزقُ الصَّفِير، في شَفتِي. تُرْجِعُ أغنيتي، لزماني البعيد. بَريئَة..صافِيَة.. بلُوريَة النقاء. شجيّة.. هانِئَة.. في تناغم وَرُوَاء.. يا صبيتي.. بعطر الياسمين. وبألوان الفراشات تَزَيَنِي .. وعلى أَجْنِحَتِهَا هَزْهِزي. إنتزعيني.. من سباتي وسكوني. وإقدحِي.. شمعة ضيائي. لَيْلُنا ياصبية.. خَلَعَ رِدَاؤهُ. على وسادَةِ أحلامي. وإضّجَعَ وثَمِلَ، ثمَّ إِنْتَشَى. ضُمي خَطَوَاتي . في خُطَا صفائِك. وسافري بخيالِنَا. في رَوْضِ الحسنِ. إرتشفِي شفيفُ الندى.. من وجْنَاتِ الزَهْرِ. اِرتَوِي وإصْدَحي، وعلى هواكِ إمرَحِي . صَدَى ذكرَيَاتي. رَمَسَتْ وَطَمَسَتْ كَسحائبٌ مُبحِرة ، في الفلكِ الدائِر. تحملُني وَتَرَحَل، في قارب فراشي . مثلَ طائرٌ مُهاجر، يحملُ أنفاس السنين..! يبحَثُ عن زهرة صحوة الحنين. ويصغي الي لحنِك الأخير.. مع دوامَةِ شُطْآن عمري.. منثور حائر. يا عازِفَة البوق .. وقيثارةُ الروح. تمدّدِى وذُوبي. فى ضلوعِ مسيرتى. أطلقِي أشرِعَة لحنك الساحِر . في زمني الحاضر. وأدوِي ولا ترحَلي.
بقلم
فكري عياد. لندن
باحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة