رعشات الأشواق في البحث عن مدينة .بقلم فكري عيّاد

يا من كُنتم..
أين ذهبتم..!؟
أين تركتم أكفَانَكُم.؟
وَفِي خِفْيَة الصمت،
إختفيتم.
أغريب أنا…
أم كنت منكم..!
أبحث في متاهات الوجود..عنكم.
هائماً في بحور الأفكار ..
بالظنون أِخاطِبكم .
على عويل الرياح.
أبحثُ عن رائحة بقايا الجُثة.
على جناح الأكتاف الفجَّة..
ودموع القمر تودع،
ليالي العشاق .
أين عَقِيرَة جَلْجَلَتِكُم.
ودَوِيّ الأنياب.؟
كيف أضِعتم طيوب الأنسام ؟
يا ارض الحقد والخصام.
كيف ذابت المحبّة،
في كأسِ الطغام؟
يا دُنيا الذكريات..
أخبريني وأفصحي.
إرجعي واسكبي دموعك
ولا تندمِي..

ابحثُ عن مدينتي.
في الصناديق العتيقة.
أتجول في عتَمَةِ الأجواء.
أحدّقُ في وجوه الاشباح..
أسألُ رعشات الأشواق.
والحنين والفراق.
أين قطرات النور العذراء..؟
تشرّبتها شهواتِكم ..
وديدان التراب.
تحتَسي في شهيّة،
من شهدِ الدماء.
وأنت ياوهن الخيال
أَرْهَقَك الترحال.
وأَضْنَاك البحث.
عن رائحة الجثمان..
تسأل شفاه الظلال.!
أين أخفَيتُم الأكفان البالِيَة .
يا حاصدِي الأشلاء…
عيون النجوم، أقفلت أجفانِهَا.
وأطفّأت مصابيح السماء.
تبحث عن مجرات غيرِكُم.
في شَطُون الفضاء
وزهرة القدر الآسِنَة ،
إمتصت رحيقها،
من دماء الأرجوان.
والريح تدمي ثمِلة،
لَهِثَة في العراء.
“آه يا معشر الإنسان..”
سدَّدُوا كوّة القمر،
بجحافل الغربان..
وكمَّمُوا الآفواه ..
تحت الأنقاض.
وأنتِ أيتها الارض الثكلى،
في دمائك..!
إلتهمت أجِنَّتك،
بنهمٍ في أحشائِك.
يا ثدي المسكونة.!
من كُلِ الأرَحام.
يا دُمي مُزخرفَة،
بطين الألوان.
أقنعتِكُم تَعَرَّيَت ..
في أتُّون النيران.
زنوج أو بيض..
أو لطشة إصفرار.
من حام.. أو رام..!
كلها ألقاب ،
وأنساب الأموات..
تباع أكفانِها.
في مزاد الآخرة بالمجان..!
وفي قاعة العدم،
تَتَزاحم الأقدام ..!
على ماذا تتقاسمون الآن .؟
أَبْدَلَتم الكراسي،
والأدوار.
وكبِرت تيجان رؤوسَكُم،
من حجر الصوان.
تَتَشَاجَرُون .. وتتَسَابَقُون ..
في جوف القبور.
عن مرفأ النيران.. !
في تَنَابُذ وَاِخْتِصَام.
وَوخزَات الأقدار،
على رابية شوَاهدكم،
تلمع بذهبيةِ الألوان.
وَلُظَى أنفاسِكُم .
حشرجات مُتزاحِمَة.
في كفةِ الميزان.
يا سِيقَان الزمان الحفياء. .
لا شجر ولا جبال،
ولا آكام..أو زحام.
أو حفنة رمال.!
أين تواريتِ أجسادِكُم .؟
في ساحة العَرَاء.
يا قطرةِ نَطفَة..!
يا ذرَّة نُتْفَة.
من طينٍ وماء.
في العدميّة مُترنِخَة.
الغريبٌ المسافر..
يَشقّ العباب..
في دروب النفايات.
يَفضُ وشاح
الأسرار.
لا أدميين أو ذئاب..
أو حتَّى ذَرِيَّة قرود.
ليس غير عقم الوِجود ..
وَتجرُعُ نعيق البوم،
وكَعْقَعَات أشباح.
في الأثير تحوم.
ولدغات الديدان .
تنهش بقايا.
من جناح كيوبيد.
سقط في سهوةِ غفلته.
والوهنٌ سائِر..سائِر..
في روضة الرياء..
مُرْتَاب حائر.
يَبْحَثُ عَن الحقيقة،
في بقَايَا الرماد.
يُفكِكُ سُيُور التاريخ.
خلف سَدَفَة الظُلْمَة الموصدَة.
أين خيال لسَانِك، ياشهرزاد..؟
أخبرينا أين ذهب السندباد !؟
هربت بجلدها.
في غِوَاية السيّاف.
وكفت عن بوح الكلام .
و”شهريار”
لبسَ حُلّة الليل السوداء..
متغطرسًا..
في منامِه .
وقيس..!
لم يعد مجنونًا بِلَيْلَاه..
تاهت قدماه
في عش السراب.
روميو..!
زَهِقَت أنفاسُهُ،
من لوعةِ الانتظار
قَضَى نَحْبَهُ.
فوق غصون العشق الواهية .
وچولييت..!
أقفلت ستائرها السوداء.
ورقدت زفرات رموشها.
في جنَّات الأحلام الجَائِرَة.
يازمن الرومانسية البائدة ..!
شفاه العاشقين،
تَلَعْثَمَت وَتشَرَدَت.
مع أشواك الورود الدامية .
وإنطفأَ تَلأْلُؤُ وَجْهِ القمرية..
والعيون توقَّدت.
بِحمرة التنهدات.
والدموع تَجَفَفَت .
على خدرِ الخدود.
والروح تَتَهادى سابحة.
في حُرْقَة أَلآلام.
على صدرِ النهود.. باكية.
والمُستَهِر سائر..
يَتأرجح في هشاشةِ عظامِه.
هارب من لوثِ طينهِ.
لا نعرف هل يهذي؟
أم يستغيث..!
خائر حَائِر..
وغَيْبُوبَة الوهم تدفعهُ.
يَدرِي أو لا يَدْري…
كيف جاء..؟
من خرقةِ أكفانِه.
الي دُنيا الزَوَالِ..؟
والقدر الساخِر يُخاطبُه.
” الي أين أنت ذاهب..؟
على جذع العظامِ.
أيها المتهالك.
تبحث في ساحة الفناء ..
عن بقايَا الأشلاء.
في سرادق التوابيت الذهبية.
تبحثُ عن إنسانًا..!
إِنْحَدَرَت عِزوتُهُ.
وسقطت شواهده،
الرخاميَة المُزخرفَة.
وأُنتزعت ورقة التوت الحضَارِيَة.
وفي غرفة الآفاعي
هوَى جَسَدَهُ.
تَتَقَصَّى عن إنسانًا..!
إنْقَرَضَ وتلَاشَى.
في هِوةِ نزعاتُه.
اِغْتَرَفَهُ حَثْواءُ ترابه..
ظلَّ فَطِيمًا..!
منذ حداثة أقدامُه.
طائشًا طَمَّاعًا.. عِرْبِيدًا..
جمع بنَهْمٍ ثرواته.
دفنها بِخِفْيَّة.
تحت وسادة مرقَدُه.!
“إنسانًا ” بهلوان.
يعانقُ الغَدر..
بِنَزَاهَة وَوفاءٌ.
وبخُبْثٍ وخِدَاع،
يخلف بِوَعْدِهِ.
حتّى النفاق..!
يُصادِقُهُ ويلاعبهُ.
ويترنخ في ليلهِ.
يمضغ التضرعات.
متزهذاً في صلواتهِ.
يزرعُ الشَّوْكُ.
في غَبْرَاءِ أيامه.
يشتكي من مَلْمَسُهِ،
وبِجَشعهِ يحصدُهُ..
” الحبُ” في منامهِ،
كتابٌ أنيقٌ يتأملَهُ.
وأنت أيها الرائِي ..
الحيران.
على هَذىْ العظام.
تجمَعُ قِطاف الأحزان.
ترهصُ الطين، وتتلظّى بجمرتهِ.
وتُشعل جُذْوَة النيران .
من شوكِ الأُقْحُوان.
وتسخرُ الآن.
من ذَرَّات مَنِيَّتهِ.
ما أتعسهُ ” إنسانًا”
سبق قدر أيامُه.
مفتوناً بعلومِهِ.
ويَقِين مَعرفتهُ.
دثَّرَ عُرَا إِدْراكهُ
في سترةِ غَبَاوَتُهُ..
إنقرضَت أقدامُه..
وتبعثرَت أوهَامُه .
وأنتَ تسيرُ شريدًا.
تُحلِقُ وَتَحُومُ .
في أرض الفناء.
تحرُثُ في بحور الخيال..
ومعك زهور
العَوْسَجُ السوداء.
تنْخُرُ عن مثواه.
وتَمْسِكُ بحافةِ الهواء..!
تِغَمْغِمُ وتسأل،
ريقٌ الكلام .
هل بلغَ الزمان مُنتهاه.؟
إِبْتلي بِأنفاسهُ.
في ذَرا حَيْرَتُه.
يا چينات التراب..!
أخْبِرِي..
أين أجد مَنْقَعَهُ. ؟
يا صمت الظلام.
اِنْجَلَي…
أين سُتْرَة مخدعَهُ.؟
ياقبض الريح.
يا ذَرَّات الكون التائهَة..!
يا أرواح نائمة..
أو هائمة.!
ألَا من جواب..!
بقلم
فكري عياد.

فكري عيّاد كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة