إشادة بدراسة صلاح هاشم عن ” شخصية مصر في السينما ” وفيلم ” رمسيس راح فين ” تموذجا بقلم ولاء عبد الفتاح
صلاح هاشم
لقطة من فيلم ” رمسيس راح غين ؟ ” للمخرج المصري عمرو بيومي
القاهرة .موقع سينما إيزيس.كتبت ولاء عبد الفتاح
admin افلام, رئيسية, شخصيات ومذاهب 0
صلاح هاشم
لقطة من فيلم ” رمسيس راح غين ؟ ” للمخرج المصري عمرو بيومي
القاهرة .موقع سينما إيزيس.كتبت ولاء عبد الفتاح
admin افلام, رئيسية, شخصيات ومذاهب 1
شخصية مصر في السينما
فيلم ” رمسيس راح فين ؟ ” لعمرو بيومي نموذجا
صلاح هاشم.باريس
من أبرزالأفلام المصرية الطويلة روائية ووثائقية، التي سوف نعرض لها هنا في عدة محاورتباعا،مثل فيلم ” المومياء ” للمخرج المصري الكبير شادي عبد السلام، وتواصلت مع الحضارة المصرية القديمة، وعكست في رأيي ” شخصية مصر في السينما “، وكشفت عن ملمحا أوسمة،من ذلك “الحضورالحضاري الإنساني العميق”، وبتعدد صوره وتجلياته، في البلد الذي إخترع ” الضمير”- كما يؤكد العالم والمؤرخ وعالم المصريات البريطاني العظيم برستيد، في كتابه ” فجر الضمير” – فيلم ” رمسيس راح فين ؟ ” – وثائقي طويل – للمخرج المصري عمرو بيومي..
في البداية سألني صديقي الأمير، منذ يومين، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، في أول يوم في العيد : كيف تنظر “مولانا”- هكذا يحب أن يناديني- الى شغفك الكبير، مصر أم الدنيا، وشخصية مصر في السينما، وأنت تعيش في باريس؟ .
قلت له : الكتابة. الحرف. الخط . اللون. الضوء. والصورة هي كلها أدوات عندي، لنقل المعارف الجديدة،ضد الفناء والنسيان، وفلسفة حياة ووجود، و” رؤية” للتاريخ،والذاكرة المطوية المدفونة المعطوبة،بفعل فاعل طبعا، التي أهيل عليها التراب. وهي محاولة، خارج الكادر والمألوف، لاختراع النظرة REGARD LE ، كما في كل أفلام السينما العظيمة..
حين تتحقق الوظيفة الأساسية للسينما ،في ” لحظات الصمت” فقط ،بين لقطة ولقطة،بين مشهد ومشهد، تلك اللحظات التي تمنح كل الأفلام العظيمة روحها، وتجعلنا، في محاولتنا للتواصل مع المطلق، والسحب الراحلة، في عالم لايعرف الحب،نقترب أكثر وأكثر من ..إنسانيتنا.
عمرو بيومي
شاهدت الليلة 21 إبريل 2019 في مركز الثقافة السينمائية وسط البلد – هكذا كتبت في مفكرتي السينمائية – شاهدت فيلما وثائقيا بديعا – فيلم ” رمسيس راح فين ؟ ” للمخرج المصري عمرو بيومي – بكل المقاييس..
فيلم أعتبره – وأنا قادم من باريس، وقد عبرت قبل حضوري الي بلدي مصرعدة رحلات،داخل عدة مهرجانات للفيلم الوثائقي ،مثل مهرجان ” سينما الواقع ” في باريس،ومهرجان “الشاشات الوثائقية “في ضاحية كريتاي، ثم مهرجان الاسماعيلية ،وكنت شاهدت خلالها عشرات الأفلام الوثائقية من جميع أنحاء العالم – بمثابة ” كنز” سينمائي حقيقي، وبشريط صوت وموسيقى مذهل، وإضافة الى إنجازات السينما الوثائقية وتاريخها في مصر، وليس فيلما، بل درسا في السينما العظيمة ، وهدية من عمرو بيومي لكل المصريين ، تاريخهم وسينماهم، وتراثهم الروحاني العميق ،وعلاقتهم بكل السلطات،سلطة الأب، وسلطة الحاكم،وعلاقتهم أيضا بخوفهم من السلطة ،ورغبتهم في الخلاص، والانعتاق ( حطمت قيودي) وبروميثيوس طليقا.ولذا فهو إذن فيلم عن الحرية، والرغبة في التحرر، من كل خوف ، والمصالحة مع الذات..
حيث يقدم الفيلم الحميمي جدا، في مايشبه السيرة الذاتية، حكاية الطفل عمرو بيومي من مواليد 1960 من حي السكاكيني بالقرب من ميدان رمسيس، حكايته في نطاق الأسرة البرجوازية التي نشأ فيها ،مع هيمنة و سلطة الأب ،وتحكمه في مصائر افرادها..
ويروح عمرو عبر شريط الصوت في الفيلم ، يحكي عن علاقته بتمثال رمسيس ،الذي كان يمكن أن يراه من بعيد ،من شرفة شقة الأسرة في ذلك الحي المصري العريق، حي السكاكيني ،ويظهر عمروفي اول لقطة من الفيلم ،وهو يحمل كاميرا و يصور لقطات للحي، وعلاقة كل السلطات والحكام الذين حكموا بلدنا ،من عند سعد زغلول وثورة 1919، ومرورا بمحمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك..
ولكل سلطة من هذه السلطات حكايتها مع تمثال رمسيس،و علاقتها مع حضارة وادي النيل، واجدادنا ،وكيف وظفوها،واستغلوها لمصلحة النظام، وفي المقابل، كيف كانت علاقة الشعب المصري العظيم، مع التمثال ،الذي يمثل امتدادات لتراثنا الروحاني الحي في المكان، انها علاقتهم مع أجدادهم ،مخترعو الأبدية والضمير الانساني، وليس ابدا مع تمثال من الحجر..
ذاك التمثال، الذي مازال يتذكر عمرو، انه كان وهو طفل، يشاهد اعلانا عبارة عن فيلم تحريك ، يظهر فيه كل الناس في مصر، وهي تسأل أين ذهب رمسيس، ولم اختفى ياتري ؟ وتتعدد الاجابات في فيلم الكرتون، لتصل في النهاية الى انه قد ذهب لكي يبحث عن آيس كريم ، من منتجات ألبان خير مصر،، ها ها ها..
ومن خلال حكايته عن تمثال رمسيس، يوثق عمر في فيلمه البديع، وهو يمر بجميع مراحل انتقال- أو بالأحري إقصاء- التمثال من ممفيس القديمة في الجيزة ،ثم الى ميدان رمسيس ( ميدان نهضة مصر، سابقا بحضور تمثال المثال المصري العبقري مختار، في وسط الميدان آنذاك) والى مكانه أو منفاه الحالي..
يوثق عمرولعدة أشياء ، في مغامرة الحياة التي عاشها ، وكل الحروب مادية ونفسانية – عمرو خدم كجندي في الجيش- التي خاضها :
يوثق أولا لعلاقته بسلطة الأب، وخوفه من الأب، مع استسلام ورضوخ الأم، ومحاولته عمروالدفاع عنها، وعلاقة رمسيس كحاكم وقائد عسكري، بالسلطات التي حكمت البلاد، ولم يكن لرمسيس للأسف، أي محل من الاعراب مع كل سلطة..
ويوثق الفيلم أيضا للعلاقة ، التي تربط بين مصائر البشر، وأقدار تمثال من الحجر ،لكن رمسيس ليس اي حجر، أنه رمز لحضارة مصر القديمة ، في شخص فرعون الرب والحاكم والاله ، وكل القيم الروحانية العظيمة، التي جسدتها حضارة مصر القديمة النبيلة أم الدنيا، التي اخترعت ” الضمير ” والحساب والعقاب، قبل كل الديانات السماوية – كما يؤكد نجيب محفوظ في محاوراته مع محمد سلماوي في كتاب ” وطني مصر – محاورات مع محمد سلماوي ” – وتراثها الانساني الرفيع..
فالمصري يعتبر، على عكس كل السلطات، يعتبر أن قدماء المصريين هم أجداده.. وأنهم ماتوا فقط بأجسادهم، لكن أرواحهم التي تسكن كل مولود مصري جديد، تولد معه من جديد، وتبعث حية..
كما يوثق لعلاقة الشعب المصري بسلطة الأب – الحاكم، ونري مثلا في الفيلم ، الملايين التي خرجت في الشوارع، لوداع الزعيم الأب جمال عبد الناصر،عندما مات، ويتوهج الفيلم بكل حكاياته الانسانية الحميمية الآسرة، التي يجدلها عمرو بيومي ببراعة فنان صوفي، وبدفء انساني عميق، ونفس شاعر، أو كاهن مصري قديم من عصر الأسرات، ويجعلنا هكذا نشارك المصريين وداعهم لجدهم الأكبر وحبيبهم رمسيس في رحلته الى منفاه الجديد، بمصاحبة أهازيج ومواويل رائعة، وقصائد غنائية من التراث الشعبي المصري العريق، وهو ينسج من فيلمه الشخصي، قصيدة حب تطهرية، بعد أن يقهر في الفيلم خوفه ، ويتحرر أخيرا من سلطة الأب، وينطلق حرا..
كلا ..كلا يصرخ عمرو، حين يشاهد مظاهرات ” انتفاضة الخبز” في فترة السبعينيات في مصر- على عكس الأب – ويردد إن كلا كلا.. انها ليست ” فوضى “، أنها ” ثورة “، وهو يمنح الأشياء والأحداث هنا أسمائها الحقيقية..
ويجعلنا عمرو في صحبته وحكاياته وفيلمه، نتتطهر معه، من كل عذاباتنا وذنوبنا، ونحن نخرج لنودع رمسيس الى مثواه الأخير،التي تحيل الى لقطة خروج المصريين من سكان الجبل في وادي الملوك، في فيلم ” شادي عبد السلام ” المومياء “، لوداع المومياوات – الوديعة والخبيئة – وطلوع النهار، قبل نقلهم بحرا، وإيداعهم في المتحف المصري بمعرفة الأفندية..
فيلم ” رمسيس راح فين ” لعمرو بيومي، الذي حصد جائزة أحسن فيلم في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة في مهرجان الاسماعيلية الدورة 21، هو فيلم يعكس ” شخصية مصرفي السينما “، حين يوثق لذاكرتنا وتاريخنا، بمشاهد وثائقية رائعة، ونادرة، وبعضها بعدسة الفنان المرحوم الصديق مجدي يوسف.. فيفتح لنا ايضا بوابة الى الأبدية..ويجعلنا نتصالح مع أنفسنا والعالم، وهو يتسامق بانسانيتنا وروحانيتنا، وروحانية.. مصرالعميقة..
بقلم
صلاح هاشم. باريس
صلاح هاشم أديب وناقد ومخرج مصري مقيم في باريس.فرنسا.مؤسس موقع سينما إيزيس عام 2005 في باريس.
admin Uncategorized, اصدارات كتب, شخصيات ومذاهب, كل جديد 0
admin رئيسية, كل جديد, مهرجانات 0
ترشيحات موقع سينما إيزيس لمهرجان وهران للفيلم العربي : فيلم ” رفعت عيني للسما ” الحاصل على جائزة ” العين الذهبية ” لأفضل فيلم وثائقي طويل في جميع تظاهرات مهرجان كان 77 الرسمية والموازية ” وكتبنا عنه في موقع سينما إيزيس في تغطياتنا للدورة 77
***
وصلتنا في موقع ” سينما إيزيس ” من الأستاذ فيصل شيباني السينمائي الجزائري الرسالة التالية ويقول فيها :
الزملاء الأعزاء بعد التحية..
أدى طوفان خطابات المنشورات، والتغريدات، والصور والفيديوهات الومضات على الحياة الرقمية إلى ثقافة التسطيح والأكاذيب، والنظرات الخاطفة، والانطباعات، والآراء المرسلة، دونما عمق، أو معلومات تستند إليها، وإلى حالة هوسيّة من إطلاق الفتاوى الأخلاقية، أو السياسية، أو الدينية والمذهبية فائقة السرعة، دونما حد أدنى من التأنى والتبصر، ومراعاة خصوصية ثقافة وديانة ومذهبية الآخر المختلف ونظامه القيمى والأخلاقى ونظرته للعالم والوجود الإنسانى، وسطوة حالة من اليقين الزائف، على بعض الجماهير الرقمية الغفيرة، وخاصة على الحياة الرقمية العربية وارتحالاً من حياتها الفعلية . ثقافة السطحية، حملت فى أعطافها أنماطا من استعراضات الذات عبر الصور والفيديوهات الطلقة، التى حلت بديلاً عن الذات الفعلية. ثمة تركيز من الجموع الرقمية الغفيرة على الوقائع اليومية، والتعليق عليها من مشاهداتها، أو صورها، أو على تصرفات بعض الفنانين، والفنانات الخارجة عن المألوف، فى استعراضات نظام الزى، أو الأقوال المحمولة على السخرية، والسطحية، والتفاهة، والمعبرة عن ضحالة الثقافة، والوعى، أو السلوكيات الفعلية الفظة! أو قصص الطلاق والزواج لهم/هن وأبنائهم ..الخ.
تحولت الجموع الرقمية الغفيرة إلى سلطة افتائية فى كل القضايا، والمشكلات والأزمات، وهيمنة آراء التفاهة والأكاذيب على سلوكهم الرقمى، بقطع النظر عن مستويات تعليمهم، وانتماءاتهم الاجتماعية، بالنظر إلى ضحالة وسطحية عمليات التعليم، والتنشئة الاجتماعية والسياسية والدينية لهم، وتراجع الطلب على الثقافة، والمعرفة فى الوعى الاجتماعى والسياسى المتخلف لهم. لا شك أن تجليات ثقافة السطحية والأكاذيب والادعاءات المسيطرة على الحياة الرقمية أدت إلى تراجع القراءة العميقة الورقية والرقمية ـ والاستثناءات محددة جداً ـ، ومن ثم إلى حالة اللامبالاة بأى كتابات ذات طبيعة علمية ومعرفية وفلسفية ولغوية وجمالية، ونقدية، لمصلحة ما سبق أن أطلقنا عليه النظرات والقراءات الومضيات فائقة السرعة، ومعها التعليقات الومضات، والتفضيلات، حتى وإن كانت النظرات لم تستوعب الكتابة الومضية على المنشورات، أو التغريدات، بل الصور، والفيديوهات فائقة السرعة، والإيجاز البصرى، و هو ما يبدو فى بعض الأحيان متناقضاً على ما تم التعليق عليه، سواء أكان من خلال اللغة المحتشمة، أو البذيئة، أو الفتاوى الدينية الوضعية، أو استخدام نصوص أو سرديات دينية ماضوية موروثة لايعرفون سياقاتها ودلالتها الشرعية أو اللاهوتية، أو من خلال إحكام القيمة الأخلاقية، والقيمية المنفلتة عن مساراتها وسياقاتها ومواضعها!
أدت ظواهر السطحية، إلى هيمنة الأكاذيب والتفاهات، ومعها ثقافة الرداءة التى أدت إلى تراجع، ونهاية المثقفين النقديين الكبار، وأدوارهم السياسية والاجتماعية، ومعهم المتخصصون، والخبراء فى عديد المجالات، الإغراق فى الشئون المحلية والإقليمية، ومشاكلها، أكثر من الانفتاح على القضايا العالمية السياسية والعلمية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية على تعددها، وتنوعها، ومساسها بالحياة الكونية للبشر أيا كانت انتماءاتهم الوطنية، والدينية والمذهبية. ثمة نزعة عارمة على الحياة الرقمية فى كل بلد عربى للتركيز على القضايا والوقائع السياسية والاجتماعية المحلية والمناطقية والشخصية، والأسرية والعائلية، والدينية والمذهبية، والعرقية، وقضايا النزاع على الهويات المتنازعة ومن ثم أصبحت تعبيرًا صارخاً عن عمق الأزمات الهيكلية فى المجتمعات العربية.
من الشيق ملاحظة أن الأجيال الأكبر سناً والشابة -زد وألفا- باتت غالبيتهم تركز على المنافسات الكروية الداخلية، أو بين الفرق الأوروبية الكبرى، ومعها تحيزاتهم المفرطة لهم، ولبعض اللاعبين الكبار، والمدربين لهذه الفرق، وباتت كرة القدم تمثل الشغل الشاغل للجماهير الفعلية والرقمية الغفيرة، ومعها تحيزاتهم الكروية، ومنافساتها على الحياة الفعلية، والرقمية، وذلك كأحد أشكال المتعة الكروية وقضاء أوقات الفراغ وهو أمر بات كونياً فى مجتمعات تسودها ثقافة العمل والكفاءة والمسئولية، وعربياً باتت مساحة للانشغال عن المشاكل الكبرى والشخصية التى تواجه مجتمعات لاتسودها ثقافة العمل، وتواجهها مشكلات متفاقمة، ولا تجد حلاً لها!.
هذه التحولات فى الحياة الرقمية، وقوائم اهتماماتها المتغيرة فى سرعة فائقة أدت إلى إحداث تسطيح فى الآراء، والأفكار، والقضايا، وإلى حالة من اللا مبالاة بالمعرفة، وإلى تسليع السلوك الرقمى على الحياة الافتراضية، من خلال السعى نحو التفضيلات للمنشورات، والتغريدات، والصور، والفيديوهات فائقة السرعة Reelsمن خلال إعداد وصفات الطعام، من ثقافات المطابخ العربية -على تعددها وتنوعها- والآسيوية والإيطالية والفرنسية، وهو ما يسهم فى تكثيف النزعة للاستهلاك المفرط! بقطع النظر عن مدى قدرة الجموع الغفيرة المالية المستهلكة لهذه الفيديوهات الطلقة فى الدول المعسورة على إنجاز هذه الوصفات من الطعام!.
انتقلت بعض الظواهر الاجتماعية الفعلية إلى الحياة الرقمية، ومنها قراءة الطالع، والتنبؤ بأحداث المستقبل التى تناهض العقل العلمى، وتروج بعضا من الخرافات التى ترتكز على بعض المكونات الميتافيزيقية فى ثقافات المنطقة العربية الشعبية، والاختلاطات فى الدروس التعليمية بين العقل العلمى، والعقل الميتاوضعى، فى بعض المناهج المقررة، أو فى درس المعلمين حول الدرس ممن يغلبُ عليهم هذا النمط من الثقافة الشعبية الميتاوضعية والخرافاتية، السائدة وسط العوام، وبعض المتعلمين.
كشفت الحياة الرقمية عن اهتمامات ثقافة الجموع الفعلية، والرقمية الغفيرة المقموعة فى المجتمعات العربية، وعن تحول السلوك الاجتماعى والاستهلاكى المفرط دونما إنتاج، وعمل خلاق وتحوله إلى سلوك استهلاكى رقمى للصور، والفيديوهات، والمنشورات والتغريدات. ساعدت على ذلك الشركات الرقمية الكبرى التى توظف هذه الاهتمامات الاستهلاكية، فى استثارتها وتحفيزها لكل الكتل الجماهيرية الرقمية الغفيرة، بحسب قوائم اهتماماتها وتفضيلاتها فى كل التفاصيل، وبيعها للشركات الرأسمالية الكبرى التى توظف ثقافة السطحية والرداءة فى إعادة تكييف قوائم الإنتاج، والخدمات، وترويجها رقميا وفعليًا. من هنا تحولت الحياة الرقمية، إلى مجموعات بيانات ضخمة Big Data، ومعقدة يتم تحليلها، من خلال نظم تحليلية أكثر تعقيدًا، ويتم توظفيها فى إعادة تجديد سياسات الإنتاج، والخدمات من الشركات الكبرى، بقطع النظر عن تكريسها لثقافة السطحية والتفاهة والاستهلاك المكثف، وفق مصالح الشركات الرأسمالية الوحشية.
من ناحية أخرى بالموازاة مع ثقافة الأكاذيب والسطحية، ثمة بعض من الإيجابيات تتمثل فى توظيف الحياة الرقمية فى الكشف عن أشكال العنصرية، والتحرش والتنمر، وجرائم الإبادة الجماعية على نحو ما يتم من رصدها فى الحياة الفعلية فى الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما أدى إلى إنتاج سرديات مشهدية مرئية موازية للسرديات الإسرائيلية، والأمريكية والأوروبية الداعمة للإبادة الإسرائيلية.
السردية المرئية لوقائع الإبادة، والتهجير القسرى والقتل الوحشى والتجويع، وتدمير البشر والحجر والمشافى أسهمت فى بعض من اليقظة النسبية لدى طلاب الجامعات الشباب فى الجامعات الكبرى وغيرها فى أمريكا وأوروبا، وأيضا للقوى والجماعات المناهضة للحرب، وللمجازر الإسرائيلية، فى دول أوروبية، وغيرها على خلاف انحيازات إدارتها السياسية، وحكوماتها لإسرائيل، وهو ما شكل يقظة للضمير الحر فى هذه المجتمعات، حول القيم الإنسانية والأخلاقية للثقافة السياسية الليبرالية، التى انحسر ألقها عن بعض الطبقات السياسية الحاكمة وأحزابها السياسية، وتوظيفهم للحريات وحقوق الإنسان كسلاح للضغط على الأنظمة التسلطية، والاستبدادية فى المنطقة وبعض دول جنوب العالم، وهو ما قامت بتعريته الحرب العدوانية الوحشية على قطاع غزة، وعدم إدانة الدولة العبرية، وحكومتها اليمينية المتشددة، وخطابها الاستعلائى التوراتى تجاه الشعب الفلسطينى، وكفاحه ومقاومته من أجل الحرية والاستقلال، وبناء دولته المستقلة على الأرض المحتلة بعد 5 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
بقلم
نبيل عبد الفتاح
تبيل عبد الفتاح كاتب وباحث ومفكر تنويري مصري ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية
يعتبر مهرجان لاروشيل السينمائي، وهو مهرجان من دون مسابقة، من أشهر المهرجانات السينمائية في فرنسا، وكان الناقد الفرنسى الكبير جان لو باسيك مؤسس المهرجان ،الذي كنت أحضره كل سنة بإنتظام،وأكتب عنه في مجلة ” كل العرب” اللبنانية الإسبوعية في باريس – رئيس التحريرالأستاذ ياسر هواري – ، طلب مني عام 1992،أن أختارمخرجامصريا، لتكريمه، ضمن 4 مخرجين من مشاهيرالمخرجين السينمائيين في العالم ،بمناسبة مرور 20 عاما على تأسيس المهرجان، وقال لي، فكر ياصلاح وأخبرني.
لكني أجبته في التو، أختار الأستاذ مخرجنا المصري الكبير صلاح أبو سيف، فصاح الله الله..عظيم جدا،والله كنت أتمنى ياصلاح من قلبي ،أن تختار صلاح أبو سيف، وكنت أحسبك ستختار يوسف شاهين ،فلا حديث هنا في فرنسا، في ما يخص سينما مصر، إلا عنه وأفلامه،وأسباب ذلك معروفة،وفي ما يخص مخرجا عظيما كصلاح أبو سيف، فصمت تام..
.ثم سالني جان لوك باسيك ،الذي أشرف على تحرير وإعداد قاموس ” لاروس ” في السينما مع مجموعة كبيرة ،من أشهر كتاب ونقاد ومؤرخي السينما في فرنسا والعالم، والذي كان يعمل آنذاك – عمله الرسمي – مشرفا على قسم السينما في مركز جورج بومبيدو الثقافي ” بوبورغ ” ، كما كان يشتغل منسقا للجنة تحكيم مسابقة ” الكاميرا الذهبية ” في مهرجان ” كان ” السينمائي هل يمكنك يا أستاذ صلاح ،وبدون تكليف إعداد والاشراف على احتفالية ” تكريم ” HOMMAGE لصلاح أبوسيف، وإحضار أبو سيف الى لاروشيل ،وحضور تكريمه مع أهل المدينة، في عيدها السينمائي الكبير، فأجبته على الطريقة اللبنانية، مثل قبضاي، ولو ..طبعا أقدر ..
محمد بيومي
وأتصلت بالاستاذ صلاح أبو سيف هاتفيا في التو، وأبلغته بالموضوع، وتحمل المهرجان نفقات سفره من مصر الى فرنسا ،واقامته مع حرمه في المدينة، في فندق 5 نجوم، ونفقات سفره من باريس الى لاروشيل ، وكل شييء، بل كل ما يريد، مثل الجنى الذي ظهر لشخصية اللص ” آبو ” في فيلم ” لص بغداد “. فوافق الأستاذ صلاح أبو سيف على الفور، وسألني طيب يا أستاذ صلاح ماهي الأفلام التي اخترتها لتعرض في الاحتفال بتكريمي في المهرجان ؟
فأجبته بأنه تحضرني مجموعة من الأفلام، التي لابد أن تعرض في إطار ذاك التكريم مثل ” بداية ونهاية ” و ” الفتوة ” و ” شياب إمرأة ” و ” الوحش ، و ” السقامات ” و ” بين السماء والأرض “، و ” القاهرة 30 “،وطلبت منه أن يتواصل مع الأستاذ هاشم النحاس، الذي كان أنذاك يشغل منصب رئيس المركز القومي للسينما، لعمل نسخ جديدة، من تلك الأعمال السينمائية المصرية الفذة، وكنت أشعر بأن تكليفي بمهمة تكريم أعظم مخرج عرفته بلادي – في رأيي الشخصي – عند الحديث عن شخصية مصر في السينما، مسئولية كبيرة ، لرفع إسم مصر، والسينما المصرية وتراثها السينمائي العريق،رفعهما عاليا في سماء فرنسا، وإن سعادتي بمثل هذا تكريم، وإفتخاري به، سوف تصحبني طوال حياتي..
وكتبت لاحقا في كتالوج المهرجان،عن موقع صلاح أبوسيف في السينما المصرية تاريخها وذاكرتها، وإرثهاالسينمائي العريق، وتأثيراته في الوعي الجمعي المصري وهو الشييء الذي دفعني في مابعد ، إلى إعداد رسالة دكتوراه عن شخصية مصر في السينما ،في جامعة فانسان .باريس 8. فرنسا، وإخراج فيلمين وثائقيين، فيلم ” البحث عن رفاعة ” عن فاعة الطهطاوي رائد نهضة مصر الحديثة ” ، وفيلم ” وكأنهم كانوا سينمائيين .شهادات على سينما وعصر” الذي يضم شهادات للأساتذة د.صبحي شفيق، ود.رمسيس مرزوق، والروائي بكر الشرقاوي،عن شخصبة مصر في السينما ،وقلت بأنه إذا تحدثنا عن ” شخصية مصر في السينما ” فإنه هو مخرجنا الكبير صلاح أبوسيف، المخرج الذي وضع “الشعب المصري” على الشاشة،وجعله بطلا – وليس ” أولاد الذوات” في ردهات القصور- لكل افلامه..
وعندما حضرأستاذي صلاح أبو سيف، من باريس الى لاروشيل، زغرودة يا أولاد ، وتحيا سينما مصر بلدنا، كنت في استقباله هو وحرمه – وكنت سبقته الى هناك، للخروج في الموكب الحافل – في صحبةعمدة المدينة وحشد من النقاد والصحافيين والمصورين، وأهل المدينة، وجان لو باسيك مؤسس ورئيس المهرجان،وكتبت الصحافة الفرنسية،عن الحدث السينمائي الكبير في فرنسا واحتفالية السينما المصرية، في شخص صلاح ابو سيف، وتصدرت عناونيها مانشيت كبير يقول، أن صلاح ابو سيف ،حمل شمس مصرالى لاروشيل المدينة..
وكان وجه صلاح أبو سيف، عندئذ، وفي غمرة الموكب الحافل، يشرق بالفرح العميق، مثل إنسان يصحو من نومه هكذا فجأة، فإذا به يدرك في التو،وبحضوره في المشهد الكرنفالي الاحتفالي الكبير، وموسيقى عذبة، تصدح في الأرجاء،أن حلم حياته قد تحقق، أمام عينيه، وهو غير مصدق.. ياحبيبي ..
وهكذا عبر لي صلاح أبو سيف عن سعادته ،وأعتبر أن ذاك التكريم الذي تشرفت بإعداده والإشراف عليه ،كان أعظم تكريم له وللسينما المصرية ، أقيم له في حياته..
صلاح أبو سيف والوعي بالسينما
في كتالوج المهرجان ،كتبت كلمة باللغة الفرنسية، تحت عنوان ” صلاح أبو سيف، والوعي بالسينما قلت فيها ،أنه للحديث عن صلاح أبو سيف، يجب أن نضعه في سياق تاريخ مصر ،وتاريخ السينما المصرية، فمصر هي البلد الوحيد، في القارة الإفريقية، الذي كان لديه،ومنذ فترة الثلاثينيات، صناعة سينمائية حقيقية. ومع ذلك، تعود معرفتنا بالسينما في مصر، هذا الفن الجديد، إلى عام 1896، من خلال عرض أول أفلام الشقيقين لوميير في مقهى “زواني” في الإسكندرية، بعد مرور عشرة أيام فقط ،على عرض نفس الفيلم في باريس!
ولدت السينما في مصر ،في نفس الوقت الذي اخترعت فيه السينما الصامتة في العالم، حيث كان أول فيلم مصري روائي طويل، فيلم “ليلى” لإستيفان روستي، الذي أنتجته الممثلة المسرحية عزيزة أمير، هو في الواقع من إنتاج عام 1927. ولكن أول فيلم مصري حقيقي، هو فيلم ” الباشكاتب ” لمحمد بيومي،وهو فيلم روائي قصير صامت تم إنتاجه في عام 1922. واليوم نستطيع، بفضل الفيلم الوثائقي “محمد بيومي” الذي أخرجه المخرج المصري الشاب محمد القليوبي، وهو صديقي ومن جيل الستينيات الذي ننتمي سويا إليه ، نتعرف على حياة هذا الرجل محمد بيومي، الذي حُكم عليه بالتقاعد المبكر، بسبب وطنيته، واحتجاجاته ضد جيش الاحتلال الإنجليزي. إنه هذا الضابط في الجيش المصري، الذي يعتبر مؤسس الفن السابع في مصر، فقد كانبيومي أول مصري يبني استوديو، بفضل الكاميرا التي اشتراها من النمسا، واستطاع أن يؤسس ايضا لـ “لجريدة الناطقة” في مصر، فقد صور عودة الزعيم “سعد زغلول” من منفاه، والحشد الذي خرج في الشوارع لاستقباله بحماس ودفء ، وهو حدث مهم، لأن الاحتلال الإنجليزي كان قد استسلم، من خلال إطلاق سراح سعد زغلول، لإرادة الشعب المصري..
وهكذا نكتشف أن أول كاميرا سينمائية عرفتها مصر،كانت تكرست لتصوبر الحشود المصرية الغفيرة في الشارع،وتعبيرات الوجوه، وهي تسجل حدثا تاريخيا وسياسيا كبيرا ، وتحفظه في “لذاكرة الجمعية ” للشعب المصري.
زرع محمد بيومي هذه الفكرة في السينما ، كوسيلة للتعامل مع الواقع الاجتماعي والسياسي ، ومواجهة المجتمع. وقد تمثل ذلك في فيلمه “معلم برسوم يبحث عن وظيفة”، وهو فيلم روائي قصير صامت، تم إنتاجه في العشرينات، يتناول قضية البطالة. ولكن اشترت إدارة بنك مصر، الذي أسسه طلعت حرب، إشترت معدات محمد بيومي، وبالتالي وجد نفسه بدون عقد، وانهار حلمه في التعبير عن نفسه، وفي خلق سينما وطنية مصرية..
ومر وقت طويل، بل لقد استغرق الأمر حتى عام 1939 ، ليجد الناس ، في الشوارع الشعبية بالقاهرة،حياتهم اليومية على الشاشة من جديد، في فيلم، ” العزيمة ” للمخرج المصري الكبير كمال سليم، ثم ترسخ هذه الإتجاه الواقعي، بعيدا عن أفلام الفارس الفكاهية، والميلودرامات الفاقعة ،بمبالغاتها العاطفية الساذجة، وأفلام المسرح المصور ، ترسخ وتجسد – وبشكل مذهل – في أفلام صلاح أبوسيف..
أبو سيف هو المؤسس الحقيقي للسينما الواقعية، ليس فقط في مصر ، ولكن في العالم العربي، وهي مدرسة تعتمد في صنع أفلام، ترصد حركة تطور المصري ،وتصور تاريخه وذاكرته / منذ أكثر من نصف قرن ، و. بفضل هذه السينما الواقعية التي تمد يدًا للفقراء والمحرومين، وجدت مصر” مرآة ” تعكس صورة هؤلاء الفقراء الذين يعيشون في حواري وازقة المدينة، ورصيف الشارع العام، وحتى المصاعد والاسانسيرات. وفي لحظات،عبر أشرطة أفلام السينما الواقعية، يتوقف هؤلاء – من جميع طبقات الشعب المصري – أحيانا، في أفلام صلاح أبو سيف، ليكشفون لنا عن وجوههم.. وذلك ” الحس الفكاهي ” المصري الجبار، الذي يميز الشخصية المصرية يسخر من كل شييء، و يفلسف وجوده من خلال تراجيديا الحياة المصرية في واقع سريالي وفكاهي وعبثي..
أبو سيف، هو تجسيد، لما يسمى في مصر بسينما ” المؤلف “، ليس لأن أفلامه تمثل التجسيد الأفضل للسينما المصرية في الخارج، ولكن لأن مجمل أعماله بملامحها السينمائية المميزة، تجعل من الصعب أن تفرق فيها، بين اللامع والأقل لمعانًا، بين سمة ” العبقرية” الفذة ، والعيب الأبسط.
وبفضل إصراره، نجح صلاح أبو سيف، في أن يفرض نفسه، وفي بيئة سينمائية خاصة ومحجوزة لأبناء الارستقراطية المصرية، وأبناء التجار البرجوازيين الكبار، و ” أولاد الذوات ” الباشوات ، من هواة السينما..
إنه، ابن الشعب، المولود في حي بولاق، وهو حي فقير في ضواحي القاهرة، الذي نجح في إنشاء سينما شعبية ، من دون الوقوع في التبسيط والابتذال،، سينما قادرة على تمثيل العمال ،والناس العاديين، كأبطال يظهرون في وسط الشاشة، الذين، للحظة، لا يكونوا مجرد متفرجين، للاستهلاك فحسب، في سينما مصرية،كانت تعتبر الفيلم الأمريكي نموذجًا، لما يجب الإعجاب به في السينما ، وتقليده حتى في أدق التفاصيل..
قام صلاح أبو سيف، فنان الشعب، بتغيير القواعد الثابتة، وخلق سينما وطنية مصرية حقيقية، تتحدث أولا إلى المصريين، وأسس لتيار واقعي، لايكتفي بوصف حياة الفقراء وحياة الأغنياء بصدق،بل يطمح أيضا الى رفع مستوى الوعي عند الناس ، وحثهم على اتخاذ ” موقف “، تجاه المشاكل التي تواجههم، وبكل مافي الولقع المصري من أزمات، وصراعات ” طبقية ” وتناقضات..
حطم أبو سيف العديد من التابوهات والممنوعات، من ضمنها وأصعبها ربما ، تصوير بؤس الحياة في البلاد،ونشر عسيل مصر الوسخ على السطوح، والحديث في السياسة والدين والجنس، مما كان له تأثيراته في خلق سينما مصرية في فراغ ، فلا هي سينما ، أو تعدم فيها السينما، وأصول وضروريات الفن. ولا هي مصرية، حيث لا تناقش أفلامها – وفي معظمها – سوى موضوع زواج “أولاد الذوات” من أجنبية..
في حين إستطاع أبو سيف – باختراق المحرمات – خلق ” نواة : لتقاليد سينما واقعية ، من خلال مجموعة كبيرة، من أفلامه مثل ” بداية ونهاية ” و ” الفتوة ” و” شباب إمرأة ” ، وتأسيس ” نواة ” لإرساء ” سينما واقعية “، تطورت بمرور الوقت – لتصبح جزءًا لا يتجزأ ،من تاريخ و روح و ” نفس ” السينما المصرية المتوهجة، وتراثها السينمائي العريق. وببطء، نجح أبو سيف في التكيف، مع جميع المتغييرات الاجتماعية والسياسية في مصر، لتاسيس ” سينماتيك ” – أرشيف سينمائي أو مكتبة سينمائية خاصة به / وتحمل إسمه ،ولذ إذا كنا الآن – إحنا الشعب – نجد أنفسنا، ليس فقط على الشاشة، بل في قلب ومركز الشاشة، نحن الناس الذين نعيش نسكن في تلك الأزقة ، ونتردد على أسواقها ومساجدها ، نحن ” أولاد البلد “، فإن الفضل في ذلك يعود الى صلاح أبو سيف وأفلامه..
وإذا كان لدينا الآن “وعي” ما، بأن السينما، هي في قلب حياتنا، لأننا نكون أبطالها، ، فهو بفضل أفلام أبو سيف.ومنذ ذلك الحين، ومنذ أن تحقق لنا ذلك ” الحضور”، فنحن لاتقبل ابدا أن نغادر، بل نصر على البقاء هناك، ونحن نمنح حياتنا، وتعبنا، وشقاءنا، طموحاتنا وأحلامنا، بعدًا من النعمة والسحر. .
إن هذه النعمة ، و ذاك السحر، لاشك، هما اللذان يمكناننا ،من تحمل مسئولية حياتناأنفسنا. إنهما يقينا يمنحانا الأمل، وعلى الرغم من كافة المشاكل والمسؤوليات في الوقت الراهن، رعب وظلم الحاضر، للمضي قدمًا ..نحو المستقبل.وللحديث يقية.
بقلم
صلاح هاشم.باريس
صلاح هاشم مصطفى ناقد وباحث ومخرج سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا
admin اصدارات كتب, مختارات سينما ازيس 0
إستلقت الإسكندرية الأسطورية مسترخية في أيادي اللهو المُتنعمَة.
كيف أبكيكِ،
يا مدينة الفن والأدباء.!
كيف أعيد اِليْكِ،
وسَامة هويتِك ..؟
كم من أفكار،
و أمواج ٍعابثة ..
طلَّت على هامَتِك.
هل ماضيك، وعُلُوَّ مجدِك..؟
مجرد “حبر على ورق”..!
الزمان طوَي أحلامه،
في غفلة أيَّامُه..
ومجدك الذي كانَ..
هل إندثر!؟
عيونَنَا بائسَة..
تبحث عن مرسَاكِ،
تعيش في رَوْنَق الصور.
أين شواطئ الحسن القمراء.
وليالي نشوة أغانيك،
في بحر السهر.؟
ذكرياتك ..!
إستلقت وَرَمَست.
بين سيقان الهامات
الشاهِقَة.
وكتلات الصخر.
حكايات صبوَة وشباب العمر.
صَدَى ذكريات..!
ذابت في رغوة القدر.
بين فكي أصوات وبُروقِ حبيسة وَهَمهَمات.
في طروادة الآهات.
أنفاس تَوَهَّدَت بالحسرَات،
ونظرات تَأَطَّرَت،
تُنبِتُ بذارًا مُبعثرة..
تحدقُ في أغلالِ الجفاء.
تُحدق بغثاء ،
في زبدِ رحلة الأمواج..
ضاعت فِي لَمْحِ الْبَصَرِ.
يا جميلَتي ونَشْوَاي.
لو تدرين يا صبابتي.
كيف أَوْثَقُوا،
نسيمك العليل.
بطوقِ خائِر.
حول خصرك دائر.
زَيْنُوا الآسىْ على خصرك.
بوثاقِ..وبنيانٍ.
من قَيَّدِ الحجر.
يامدينتي..
اِستيقظِي.
ياحلمًا هائماً،
في خيالي..
أيقِظي الحنين،
في خفقات صدرِي..
وبصري الباكِي.
عُودي..ياسكندريتي.
في لهيف نظراتي.
دموعي سئِمَت الأمل.
قطرات ذابت،
في خضم البحر .
آه منك يا واحة الجمال..!
تستلقي في بنايات وزحام،
إنه زمن الأشقياء ..
نعيش فيكِ غرباء!
بين أنياب سطوة الدخلاء.
تسللت كالحرباء.
فَحِيحٌ يخطف روح الأمل،
وضحكات البشر.
ندفنُ التَّكَلُّم.
ونمضغُ الأحزان.
والفنّ والأشعار..
والأغنيات حبيسَة
ضَجِيجٌ وَثَرْثَرَة،
في عبابِ الصدر.
أين أنتِ يا مدينة،
البَهْجَة والبشاشة.؟
في تمشية الصَبَايا.
ورنّات الخلخال.
في نسماتِ العصر.!
يا مدينة أحلامي..
يا ظلالاً كفيفة،
في إغفاءة المنام.
وطير مأواه،
خلف القضبان.
دنياه نجواه.
وعيناه لا ترَى.
هل من رَجَاء.. ؟
ونفكك وثاقك.!
من خلف أسوار
القدر..!
هل الماضي يعود..!؟
يا غادة كل الثغور،
وتُعيدُ الأنسام،
لفحة اليود العطِر.
ينتعش من صدر،
إلى رجفة صدر.
نرتشف عِشقِنا،
علي حنايا أسوارك.
في رَخَاء وإسترخاء.
وَيحلُو لنا لهو السهر .
“نركضُ” في خيالي.
مع ثمالة وإغفاءة،
براءة عذراء.
وانسيَاب دمعٍ الأشواق.
في لَمَّة وكوْكَبَة الأصدقاء.
الرِّيحُ تحمل شدوِنا.
تَنَسَّمَت وَتَرَطَّبَت،
تُنَادي على الطير المهاجر.
لا صوت و لا خبر.
مجداف يُسَابق مجداف..
على خدرِ الأمواج سَابِح .
وصيادي الشباك،
في لهفة تنتظر.
مع فتنة وبقايا،
نور الغسق.
ولهفة العشَّاق.
أغنية شاردة.
في العيون صامِتَة.
تنهدات دافئة..
تداعب نشوة وشوشة.
في ليالي الغزل والسحر.
أم طَوَىَ وحَنَىَ
زمانك وإختفَي.
ونور فنارك المُقمِرُ ..
خَبَّأ وإسَتَتَرَ.
يا شواطئ محجوبة.
مُوّهت مُتزاحمة ..
بكتَل أحجارٍ وستائِر.
يا ظلالاً من نَبْعِ
طيبُ ماضِيكِ الساحِر .
ضباب في عيونك البائسَة.
وحسرة في القلب والبصر.
يا ليل الأحباب السامِر.
وزوارق المُغْرَمين !
يا “حلمًا ” ينْسَكِبْ.!
تلاشَى في لعابِ،
عباب الشّرود السّائر.
خطّفتهُ يد الزّمان الجائر.
غضًا منثورًا مُتَنافِر.
تَمَادَي على بساطِ الشواطئ وإندثر .
يا قيثارة النور،
نورك تاريخ وأزَاهِر.
يا حُسن يتباهَى ببهائِه.. وَتَفَاخَر.
فنارِك..أشعَّ ضوءَه.
وتَشَامَخَ بِجمالك السّاحر.
غسل وجهه بدمع البحر..
قَبَعَ عَنِ الْأَنْظَارِ وإختفَي.
يا أرض الزعفران البهِيّة..
تجلَدِي وأنفضِي كفنك .!
روحي إِضْطَجَعَت،
بيني وبينك.
وَخفق أقدامي،
هَزِجَت وترنَمَت.
في دروبك..
ورسوم هواكِ،
نقوش في قلبي.
كيف اطيرُ إليكِ.؟
حبنا قيدٌ في وجداني
من رحم القدر.
يا مدينة أجدادي.
تَأَمَّلَت وتَتَطَلَّعَت،
المدن إليكِ.
وبسحرِ تُراثك .
غارتْ وحَسَدَت.
في خاطِرهَا إستحْيَت.
ومن تراثك تُسحر.
ترنُو لعرشك ولا تصل.
“آه من زمنٍ،
مَسعورٌ حزين.
غَدَّار ومُخَادِع،
مرتجف الجبين.”
تجاعيده إِكْتَأَبَت،
على أجنحة العمر . َ
من يعرف خبايَا
وَدفائنُ كِنُوزك..؟
فلاسفة وأدباء،
فنانين ومفكرين.
تَلاءمَتْ..
تَنَاغَمَتْ..
وَتَوَاءَمَت..
إِئْتَلَفَتْ في حِبُورِك،
مُتَنَعِمين.. ومُتَجَنِّسِين .
مُتَدَفِقَة ومُتعَددة،
إرتشفتْ أنفَاسِها،
طَرِيّة عَلِيلة مُبَلَّلة.
من بحورِ زَمنك العتيق.
طَمْسَ زمانهم..
غبرتْ أيامهم..
ضمرت بلا أثر.
يا خَلِيلة الجمال.
ورَوْنَق المعرفة. .
بَزَغَت أنوارك،
وَأَشْرَقَت،
في سناء جمالك.
يا يقين في طرفَةِ عيني .
رفيقة خيالية أحلامي.
غادة في صباحَهَا..!
تتمخطر علي الصدر.
أين أنتِ أيتها،
البَهْجَة الشهيّة القدِّ ؟
ياوردة نَفِيسة نادرة..
في روْضَةِ البساتين.
من ذاقَ بلسم،
غنج الهَوَى.!
وقبلة هوَا الحبُ فيكِ.
كيف ينساكِ..؟
يحملهُ الشوقَ والحنين.
عاد إليكِ مَلْهُوفًا.
ينفضُ غُبار غُربة السفر.
كان هُنا..!
ذاتَ يَومًا..!
لَذَّةُ موج بحرك،
يُقَبل سَمَا شَفَايِفك.
في خجلٍ مُسْتَلَب،
تَقَفْقَفَ وإِرْتَجَف.
رَطْب ناعِم عليل.
على وجنتَيْ العاشقين.
كان هُنا..!
ذاتَ يومًا..!
تَلاشَى واِنْمَحَقَ.
تَغَشَّى وإِنْدَثَر.
خصر الجمالِ.
يخلع درعه الأخير.
وما زالت الأبصار،
لا تُبصرُ.!!
بقلم
فكري عياد
فكري عيّاد كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة
مرفق صورة غلاف الكتاب.
الذي يأخذ رؤيتنا في رحلة،
مع الكاتب الصحفي المستنير المؤرخ عاشق الإسكندرية.
الصديق “عادل درويش”
الذي أخذنا في جولة مُوثقَة. مع مشاهدات من المدينة الأسطورية..
في صفحات كتابه الأخير
افتتاح اليوبيل الذهبي لمهرجان جمعية الفيلم تحت شعار : تحيا المقاومة لتحيا فلسطين
محمود عبدالسميع: الجميع يعلم مدى مصداقية لجنة تحكيم مهرجان جمعية الفيلم وستحيا فلسطين بالمقاومة دائما
حسين فهمي: جمعيات الفيلم لها دور هام في الحركة الفنية وهذا المهرجان له ذكريات شخصية معي
سينما إيزيس.القاهرة
شهد مسرح مركز الإبداع الفني حفل افتتاح اليوبيل الذهبي اليوم السبت ١ يونيو لمهرجان جمعية الفيلم للسينما المصرية، بحضور رئيس المهرجان محمود عبدالسميع وضيف الشرف الفنان حسين فهمي وعدد من رجال الصحافة والإعلام والنقد السينمائي والكُتاب الروائيين.
وقد افتتح الأستاذ محمود عبدالسميع رئيس المهرجان الدورة الخمسون تحت شعار ” تحيا المقاومة.. لتحيا فلسطين” مرحباً بالحضور ثم تحدث عن النجم حسين فهمي والصداقة التي تجمعهم قائلا أنه يمثل كل السينمائيين.
وأضاف عبدالسميع:” لقد تأسس المهرجان عام ١٩٧٤، ولم أكن أتوقع أن أكون من حاضري الدورة الخمسين، فكل عام أقول لقد اكتفيت ولكن لولا ضغط الزملاء وإصرارهم، فهو من مؤسسي هذا المهرجان مع الراحلين سامي السلاموني وسمير فريد”.
ووجه الشكر للجنة تحكيم المهرجان منذ دورته الأولى وحتى الآن، مؤكدا أن الجميع يعلم مدى مصداقية لجنة تحكيم مهرجان جمعية الفيلم حتى أن كل السينمائيين يقولون بإن الجائزة من جمعية الفيلم هي شرف كبير.
واختتم حديثه عن فلسطين وما يحدث بها قائلا:” لا نستطيع الفرح في ظل احتراق اخواتنا في قلسطين لذلك وضعنا هذا الشعار “تحيا المقاومة لتحيا فلسطين” لأنها ستحيا دائماً بالمقاومة.
فيما قال الفنان حسين فهمي ضيف شرف المهرجان، أنه سعيد بحضوره وأنه ضيف الشرف للمرة الثالثة، فجمعية الفيلم لها ارتباط شخصي معه منذ تخرج من معهد السينما، وجمعيات الفيلم في كل أنحاء العالم لها احترامها ومن خلالها كان يتابع أخبار الأفلام ويشاهدها ويتابع الحركة الفنية، لذلك جمعيات السينما مهمة لهواة السينما فيستطيعون تكوين مداركهم من خلال متابعتها.
وأشاف معبرا عن سعادته باليوبيل الذهبي لأنه شارك معهم في دورات عديدة وتكرم من خلاله ويعلم مؤسسيه، لذلك هو في خدمة جمعية الفيلم دائما.
وبعدها تم توجيه الشكر للجنة تحكيم المهرجان وهم المخرج هاني لاشين رئيس لجنة التحكيم، دكتورة رانيا يحيي عميد معهد النقد العالي، دكتورة رحمة منتصر أستاذ المونتاج بمعهد السينما، الأستاذ طارق الشناوي الناقد السينمائي، المخرج عمر عبدالعزيز رئيس اتحاد النقابات الفنية، المخرج عادل الاعصر، الدكتورة غادة حبارة رئيس أكاديمية الفنون، الأستاذ محسن احمد مدير التصوير، الدكتور محمود محسن أستاذ الديكور بمعهد السينما ، الأستاذ مجدي كامل مهندس الصوت والميكساج، الدكتور وليد سيف الكاتب والناقد، الأستاذة ماجدة موريس الناقدة السينمائية والتي اعتذرت عن حضور حفل الافتتاح.
ثم بدأ تكريم صناع الأفلام المشاركة في المهرجان بشهادات تقدير بحضور صناع الأفلام، وقد تنافس ٤٢ فيلم روائي طويل وقد تم اختيار ٤ أفلام من قبل أعضاء جمعية الفيلم للعرض بالمهرجان وهم : فيلم “١٩ ب” تسلمها المنتج الفني محمد جمال الدين، فيلم “بيت الروبي” تسلمها المنتج الفني فتحي اسماعيل، “فيلم وش في وش” تسلمها المخرج وليد الحلفاوي والمنتج احمد فهمي، فيلم “فوي فوي فوي” وتسلمها المخرج عمر هلال، ثم وقف جميع صناع الأفلام مع الأستاذ محمود عبدالسميع والفنان حسين فهمي لالتقاط صورة تذكارية على المسرح.
ثم بدأ بعدها عرض فيلم الافتتاح ” ١٩ ب” وأعقبه ندوة بحضور صناع العمل.