قبل أن نتوارى هلاما في دهاليز الفضاء وريح الزمن بقلم فكري عياد
قبل أن نتوارى هلاما في دهاليز الفضاء وريح الزمن
بقلم
فكري عيّاد
صاحبي.. ذهَب بخياله بعيدًا.
وشطح.. وتَبَطَّح.
حائر الأنفـاس،
مع أدراجِ الرِيـاح،
على جناح الخيال.
تَسَرَّبَ مُتَسَرْبِلًا مُتسللًا،
من كَوْكَب اِستراحة الأرواح.
في ليلة مُجْدِبَة غبراء..
طاوعَه تَلَهُّفهُ، وتَوَقُّد عاطفتُه.
كرَّرَ العودة.. الي بَاكُورَة أيّامُه.
ولو لبرهَة خاطفة حمقاء.
يَنفذُ من لُجَّة السكون.
في إلْمَاعَة لَمحَة خاطفة،
لأرض الرماد والذكريات.
تغنَّى حَالِمًا مُتَوَهِمًا.
والنجوم السَاهِرة..مُتحَيِرَة.!
وصاحبي في غفلَتِة مَاضِيًا.
مَشْدُوهًا مَبْهُوتًا!
فاقد الإحساس،
مع روحه الواثِبَة.
وأنفاسه الواجِفَة.
إستَطَار كبَريق شُعَاعًا زائِغًا.
طيفًا شَفَّافًا، مع وهج الضِيَاء.
كان لنا حوار وخَواطِر .!
فكري عياد.
مُمَدد جسده،
في حقيبة السفر.
و طواحين العمر تُناورُه..
في هجير وجُفُول وجَفَاء.
تطحن زهرة الأيام ولا تهدأ.
لا تتمهل وتَتَبَطَّأَ أو تنتَظِر.
والعمر يُحلِق ويَتَعَلَّق بالأهواء
مع دوران النوارس دائِمَ السفر.
ولا يَعْرف العودة إلى الوراء.
وكأنَّه شريد في الفضَاء .
***
ياصاحبي تحاول الإقلاعَ،
من آخرة المطاف.!
والسَّفرُ من هناك شقيٌّ وبعيدْ.
دفترَ شيكَاتَك.. وحسابَاتك.
ما عاد له في الحسبان رصيد .
والرفاهةَ والنِّعم..
كانت حسبٌ ودين.
وملذَّات الذَّات.. كدرٌ مُسْتَكِين .
ونغنغة رغد المال داءٌ دفين.
***
إلي أين الفرار.. !؟
ومقامَك التَّعِيس..
بلا إسم أو رقم..ولاعنوان.
خَرَابِيشُ وصور علي الجدران.
تآكلت.. وإنقرضَت، وهَرِئَت.
زَوَالًا في زَوَالْ.
ورسمَك طواه الذبول.
أسيرًا في السرِّ الكمين.
رحلَ إلى مُستنقع الزمَان .
***
عُد كَمَا كنتَ..
لماذا سئمتَ الإنتظار.؟
وتبحر إلى شاطيء العابثين.
لِمَا تشَوَقتَ لدنيَا زادَك!
حاضِرهَا الحزين وحلٌ وطين.
تذمرٌ ونكبات.. وحسرَات.
وإِحْتبَاسَ الدمع في العينين.
أو خيبة أمل وعتاب.
في سَيْجِ الصِدُور.
لماذا تعبر الي جفاف الثرى.؟
وتعود من السفارِ البعيد.!
دُنيَاك طواها فُوَّهةِ السكون.
لتعيش في طَوْقِ الأشقياء.
تفتشُ عن أمسِكَ المُتَنَاثِر..
في رحمِ زحام الأحياء..
***
إرَجَّع كمَا كُنت..
أَغْفِى في محارة الروح.
لا تنطلق شَارِدًا في الأثير.
في زمن مُلثم بالأسَاطِير،
إحذر أن تأخذك “ميدوزا “
الي جحور وقبو الثعابين.
وتعود مختال مغرور.
إلى زمان هلامي ويدور.
أرضنا ياصاحب..
مُلوَثَة بدم ألف قابيل.
الكلُ على صراطِ المقاليد..
مُتفِقين ومُتنافِرين..ومنافقين!
كَيْد وسُخْطٍ ومكرٍ وأقاويل..
في شر الأهوال مُخَاتِلين.
بدَماثَة الغدر مَمْزُوجين.
***
قالوا..برِيَاء المُرائِين..
صادِق الكَذُوب المَضَلِّل.!
واقذف الشك، في وجه اليقين.
“الخائن الأمين” على الباطل.
بإِجَادَة وإِتْقَان يحلف ألف يمين.
“ومُصلحين أفَّاكِين مُلَفَقين “.
ينشرُون صَفْوَة الحكمة.
وخُلاصَة زُبْدَة الأقاويل.
بلسان رصين ورزين!
كَعِظَة المخمُور المَخْبُول.
بين هَرْج وعَجِيج الشاربين.
***
كيف تعود ياصاحب من جديد.؟
الي أرض العيشٍ المهين..
ليهدأ بالك.. أم تُواثي الآخرين.!
الناس في مدن المرايا تائهِين.
مُحَاكاة ومُشَابَهَة وتزييف..
هذيان شهوة وشغف التقليد.
في صخب ومرح المجانين.
الكل يقضمُ فَضْلَة التُّفّاحة!
بلّذَّة الغرائِز عابثين.
قدرٌ طَمِيسٌ ضرير ..
منحوت على صَلْدِ السنين .
***
قالوا..! وجالوا..
بلَبَاقَة الأفَّاكين.
كجوْل صَرْصَرة الرِّيَاح.
بلسان أَخْرَق سَلِيط .
“عِشْ بليدًا..عربيدًا
يُبَلَّدَ فيكَ أيَّ تبليد.!”
والتَرْجُمان يلفق الحكايات.
الف ليلة وليلة بالأكاذيب.
يحلَّق حولك كحوَّم الطَّائر.
يتمخَّض بمعرفة الأعاجيب.
بلُكْنَتِهِ وجهالته، ولعكة لسَانُه.
يُغيِرُ سمَّاعَة المفاهيم.
حتَّى أَشْوَاك الأشواك
من وجودك تتَشَاكي.!
والزهر مع قبلات الندى مُغْرَم .
يزهُو في صلف وكبرياء .
عن نغزِ الاشواك يتغاضَي.
وعلى نحرِهَا بِجَلافَة مُتَيَّم.
من غرس الأَنَانِيَّة وحبُ الذات.
يُنبتَ حَسَكَ الأزهار،
ويذبل وجه اليقين.!
والحقيقه تَهَتَّكَت وإندَحَرَت.
خابَ مَرْجُوٌّ رَجَاها.
كأنَّها فعل وإثم مُشين.
نكَّستْ تيجانها وعزَّ دَوَاها.
ركضت في إِسْتِحْياء عاريَة.
تستقي الأمل، من نبع دمعِهَا..
داميَة حَافِيَة القدمين.
***
“ما أعجبَكْ؟ أيها الإنسان!
تريد أن تنسلخ من العَدَم .
وتعود الي سابق هَذِىْ الأيام.
هنا لِسَانَكَ أبكم.. عقيم.
وهيكلك من ماء وطين.
ربمَا تُبصر كالكفيف!
بلا صوت اوبهجة رنين.
وشِفَاهَك تجُزها الآلام.
تتناغي بنكهةِ الندمان.
هارِبًا من قفص الظلام.
***
ما الذى قد غيَّرَكْ..؟
ما عاد الأوان آوانك.!
لا تنعق مثل نعيق الغُراب.
تُلطخ الفراغ بفَوهَة حمقاء.
والوثوب خارج الزمان متعثراً .
تستدرج الغيبَ واجمًا باكيًا.
من تدحرج إليها .. واهِمًا.
إلى ظلاله لن يعود..!
وتتساءل أين الذي قد كان..؟
طواحين العمر تُناور وتَدُور.
تطحن وتصفع البُلهَاء.
والدموع تبخَرَتْ ولا تُفيد.
تكتسِي بقطعة سحاب عِريَانًا .
تضللُ جدار الردَى.. مُرَوِغًا.
وتشكو من قساوة القَدر.
تسابق الأرواح الشاردَة.
كمُجرد جَمرَة من اللهيب.
راقِدَة في حقائب السفر.
***
ما أعجبَكْ؟ أيها الإنسان!
المسافرِ في جُبِّ الزوال.
تَوَخِّىَ الصدق، ولوكنت كَاذِبًا.
تختبأ من ظلَّك العابس.!
وهل في الظلمة من ظِلال..؟
ما أَنتَ إلاّ آدميّ شقى بائس.
مايُؤضِيك ذائقة الوساوس .
آسيرًا في قوقعة الفناء .
كما جِئتَ حتمًا تعود..
مثلَ صدى يَأوي في الجمود،
أنَّاتُه ذرَّة في دامس الوجود.
كما أتَيتَ قطعًا سَتعود..
أَدْعَجُ فَحِيم مُعْتِم.. البنيان.
مُجرد هَشاشَةً، بلا عود عظام !
ذرَّات ذائِبة في جمر الرّماد.
انفاس تتوسّد، في عويل مَكتُوم،
تتعلق في حبال المحالْ.
ولظَّة كذب بُكاء المخلصين.
ملفوفًا.. بحرير مُلوّن جذّاب.
شقِّيًا.. تحتسي علقم الأشّواك.
في تَعَطُّف الحصِىْ مُستكِين.
ودفء تبر وعسجد التراب،
وعلى مقامَك باقَة ولافتَة.
قشاشة مُكفَنَة ومَذْهَبَة.
تَائِهاً مَغْلُوبٌا..هامدًا، في ثُرَاك.
مُمطُوحًا.. في رقدة الرخام .
***
كيف تهبطَ الآن..؟
من آخر المطاف وتعود.!
اَبقِيَ صافِيًا هانئًا.. في العلياء.
مع شفافية الروح بهيًا منيرًا، .
ولا تطلب من شرودَك وجنونك.
أن تُولد.. في شهوة حب البقاء.
لقد سُحبَت أحلامَك، منْ رُؤاكْ.
***
العمرُ أقدامه مُبعثَرَة .
في قاطرة الأحلام..سَائِرَة.
يُداعبنَا على جناح هوَاه،
ينقشعُ وتضيعُ ذِكرَاه.
يَتَآكَلُ في مقهى الثًرثَرَة.
ووجوه مزيَفَة، بأقنعة مُتقلِّبَة.
مع دقات الزمن مُسافرة.
في حقيبة سفر سوداء..
***
ما أعجبَكْ؟ يأيها الإنسان!
أتريد أن تهبط الآن..!
الي غوغائِيَة الأحياء.
وتعود الي سابق زَمانَك .
الرياح لا تتمهل أو تَتَبَطَّأَ.
وطواحين العمر مطرقة صَمَّاء.
تلفُ وتدور.. تُصَارِع نفسهَا.
لا تعرف بدايتها، أو آخرة المطاف.
واين الخطأ من الصواب!
واين نهاية خطوَة الإنتهاء.؟
عقارِبهَا بلا تَقارُب، في اِلتواء ..
مُدَاوَرَة في لَفٍ ودوران
َمسلُوبَة في جرَّار الهواء.
والناس لاهية في عبثِهَا،
هائِمَة مع حقن الهذيَان .
كقطعان في الصحراء!
شاردَة.. صامتَة.. مُعصبَة .
مغلوبة على أمرهَا.
لا تعرف الأمام من الوراء.
***
عُدْ كَمَا كنتَ هُناك.
قبل أن تتوَاري..
هلامًا في دهاليز الفضاء.
وتبكي على ضلوع الرفات.
تَتطلع إلى هشيم رؤياك.
بين ذئاب تنهش الأحلام.
وصليل لكزَة الأشقيــاء.
عودتك عَلْقَمَا وجنوناً.
مقيَدَة في أيدي الفَناءِ.
***
مجْدَافَك يُصَارِع الفراغ!
والحقيقة مُطرّزَة بالسّرابِ.
مُعَلقَة في خَطَّافِ الزمان.
وعلى شفاهِكَ ألف سُؤال.
كيف تعود مُضَمّخٌ بالأوهَام.؟
تنطَحُ الصِخُور، وتَنتَشِي بالمُحَال.
كُن كَما أَنتَ.. كالطيفِ السنِىْ.
كَتنهيدة الروح، صاعدة للسماء.
آثيرًا صَافيًا.. في معطفِ السلام.
ذُوِّبَت مُهْجَة روح نَفَثت رُؤَاها.
نفحة رَاحَة ومأمل الموعود.
في شَفَّةِ الرجَاء.
***
هَيْهاتَ مُسْتَطَاب الإيهَام..
يُمَهِد السَّبِيل ويُحَقِق المَنَال.
فكري عياد.