على حافة الهاوية .من كتاب ” الأغاني ” لفكري عيّاد
” غنوة خرساء..
على حافة الهاوية ..!
جئِنَا عرايا.. وصرنا بقايا.
حطام في عتمة الظلام.”
سمعتُ صوتَهُ، مُتَثَاقِلاً ..مُتَقَطِّعاً..
يركضُ علي جواد الخيال ..!
قال.. وكَأَنَّه يَمْشِي مُتعرجًا .
فوق مِهداج الأيام.
لا أعرف كيف تَتَلَاقي الأقدام..!
تعلَّقتَ بِمُدوَارة كلامه.
وتساءلتُ..!
هل يمكن أن أمسك خُطَاه..
أو أُعيد بَعْث الروح في آمسه ..
وألمسُ ظلاله .
تَتَهادى خطانا حولنا.
في همسات.. حوَرَات.
أوتارِهَا رنَّات خافتة..
تجمعنا الحروف الباقية،
من دربِ عُمرِنَا.
تنتَفض عصي الأقدار حولنا.
تحمل وعيدَهَا ماكِرة.،
لكنَّهَا ليست ناكِرة..!
قلت له..
خذني معك إلى شطآنك.
لاتترك أيامنا،
في مرافئ دمعنا.
تَذُوب على شواطئ الأوهام .
أكمل سطورك..
لا تفرغ آهاتك ،
على جدارِ الأطلال.
الأنفاس سَرْمَدِية..
لا تفرغ أو نهاية لها.
فقاعات تَنْهَلَّ وَمْضاتِها.
من فسيح الفضاء.
ما مضيَ قد إنقضَي
مثل زورقٍ مُتَكَسِّراً.
يسيرُ على الرمالِ.
أو أسنانِ حلم مُبللة.
بدموع الْكَلاْمِ.
أو مرايا مُعَتمة.
علي شُرفةِ الظلامِ.
وذِكْرَيَاْت مُتَفَرِّقَة ،
كسيحة شوهاء.
قال صاحبي.
مُتَهَدِّجاً.
تائِه الخطوِ مُتَرَنَّخًا..
وگأنّهُ في حلمهِ سائرًا.
أنا كياناً مُتجسَّدًا.
سابِحاً في عَدَمِ العراء.
أو ذرّةٌ ضاعت.
وَجَنَحَت خُطَاها.
في مخدع الأيام..
أو روحٍ لاهثة،
تَشَرَّدَت في دُنيا عمياء.
لست أعين زاغَت،
في رؤية خرقاء.
بِسمّها تنضح.
ولا ألسنة ٌبمكرِها تجرح.
أو فراشة ناعمة ،
إرتخت في سكرَة وإنتشاءِ.
وإضطجعت مِسَهَدة ،
فوقَ عبير الضياءِ.
أنا جثة مُتَمَدِدَة..!
هاربة من غفلةِ الأقدارِ.
قهقهة ساخِرة صامِتَة.
في سكون الليالي.
تستعصر أنغَام الأحلام.
وَعضَّة القُنوط في صدري.
جمرة تتلوّى غَاضِبة.
ترتجُ في أعماقى..
تستكينُ في سُكُون الألَمِ.
ثم تَتَمَرَّد مُخَالَفَة.
في مسرَى خطواتي.
تسكنُ في عيني،
قطرات من ظلالي.
رسمت في مقلتاها،
ألف إِسْتِفْسَار.!
رجفَة تُداعبُ رَعْشَة..
تُقاوِم تَشَنُّج كبريائي.
وتَتوارَى أنفاسُ الصمت.
في طَوِيَّةِ وجهِي.
وفوق جَبِينِي،
تحدٍ ما تَبَقَى.
من عِزوَةٍ وإباء.
أسألُ سَرِيرة مرآتي،
بعلاماتِ الإستفهامِ.!
يسيلُ زفير سؤالي..
في أضغاثِ دمعهِ.
وفي كِتْمَانِهِ يسألُ نَفْسِه.
هل ذَبِلت أشواقي. ؟
يا صاحبي..
ما زلتُ تسألني،
عن رِقَّة الشذى،
في المآقي ..!
لَا لوعَةِ الكَرْبُ،
سُقَّاهَا يُرويني.
ولا شِفَاه السَّقامُ
بُكَاهَا يَطويني.
أنا قصة مُبعثرَة،
في ذَرَا الأجواء.
أُلملِمُ بقايا شهقاتُ الأحلام..
مُتَشَتِّتُ الأقدام.
وَعُمْري اِنْطَوَى.
وَأَنْهَكَهُ ترحالي.
كنت أظِنَّهُ خليليَّ،
رَفِيقًا..وفيًا..
في رُكَّاب الأيام.
إِحْتَالَ على الزَمَان،
وَنَقَضَ بِوَعْدِهِ.
تركني أركضُ.
أبحثُ في صندوق عتيق.
عن رائحة الأصدقاء..!
أعبرُ غشاوة النفاق .
في أرضٍ شَوْهَاءُ..
والأنفاس تجثُو حائِرَة.
فوق عروشِ البغضاءِ.
والألسنة تهضم لذَّة الدَهَاء.
بشهيةِ وخز الأنياب.
يا صاحبي..
مازلتُ أحملُ أنَّات الأشواق،
في عناق الفراق.
أستلقي على موجات هوجاء.
أَلهثُ خلف صوامعَ واهية.
أجمع بذور ذكرياتي.
وأمسك خُطَا العمر.
أُهَرْوَلَ في سديم الرؤى.
أغازلُ ومض العيون.
في بريق الجماجم.
أنازلُ أحلامُ خيالي.
على عتبات الفضاء .
أنتظر همسة بسمة.
تائهة من العمر الباقي..
صَمَتَتْ رَغوة إنتِشائي.
وأنا أُعاتِب عقم،
وهزال السحابِ.
أعتصر عطر الجفاء .
من ثقب الغمام.
وَأُرتِق ثياب الماضي،
بِسفسطة الكلمات .
أَغْفَى صاحبي..
في غلالة الفناء .
كانَّه يَرى ما لا يُرى..
يسابق الريح شارِدًا.
يقفز هَائِمًا غَافِلًا..
في شرودِ الغياهب.
يعاتب الحقيقة الخرساء.!
بقلم
فكري عياد
كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة