أسكندرية.. وداعا والى الأبد ؟ بقلم فكري عيّاد
* مرفق هنا قاريء العزيز بداية ، صورة غلاف الكتاب.
الذي يأخذ رؤيتنا في رحلة،
مع الكاتب الصحفي المستنير عاشق الإسكندرية.
الصديق “عادل درويش”،
الذي أخذنا في جولة مُوثقَة. مع مشاهدات من المدينة الأسطورية..
في صفحات كتابه الأخير ، الذي صدر حديثا، وجعلني بعد أن تصفحته، وتأملت في صوره، وذكريات المدينة الأسطورة،
أتساءل هنا، إن كانت مدينتنا التي يكتب عنها درويش، وداعا يا وطن، قد إختفت حقا، والى الأبد ؟
هل سبق السيف العذل..!؟
إستلقت الإسكندرية الأسطورية مسترخية في أيادي اللهو المُتنعمَة.
كيف أبكيكِ،
يا مدينة الفن والأدباء.
كيف أعيد لكِ،
وسَامة هويتِك ..
كم من أفكار،
و أمواج ٍعابثة ..
طلَّت على هامَتِك.
هل ماضيك، وعُلُوَّ مجدِك..؟
مجرد “حبر على ورق” ..!
الزمان طوَي أحلامه،
في غفلة أيَّامُه..
ومجدك الذي إندثر.
وعيون بائسَة..
تبحث عن مرسَاك،
تعيش في رَوْنَق الصور.
أين شواطئ الحسن القمراء.
وليالي اغانيك،
في أحضان السهر.
ذكريات..!
إستلقت وَرَمَست.
بين سيقان الهامات
الشاهِقَة.
وكتلات الصخر.
حكايات صبوَة وشباب العمر.
صَدَى ذكريات..!
ذابت في رغوة القدر
بين فكي أصوات وبُروقِ حبيسة وَهَمهَمات.
في طروادة الآهات.
أنفاس تَوَهَّدَت بالحسرَات،
ونظرات تَأَطَّرَت،
تُنبِتُ بذارًا مُبعثرة..
تحدقُ في أغلالِ الجفاء.
تُحدق بغثاء ،
في زبدِ رحلة الأمواج..
ضاعت فِي لَمْحِ الْبَصَرِ.
يا جميلَتي ونشواي.
لو تدرين يا صبابتي.
أَوْثَقُوا نسيمك العليل.
بطوقِ خائِر.
حول خصرك دائر.
زَيْنُوا الآسىْ على خصرك.
بوثاقِ..وبنيانٍ.
من قَيَّدِ الحجر.
يامدينتي..
اِستيقظِي.
ياحلمًا هائماً،
في خيالي..
أيقِظي الحنين،
في خفقات صدري..
وبصري الباكي.
عودي..ياسكندريتي.
في لهيف نظراتي.
دموعي سئِمَت الأمل.
قطرات في خضم البحر .
آه منك يا واحة الجمال..!
تستلقي في بنايات وزحام،
إنه زمن الأشقياء ..
نعيش فيكِ غرباء!
بين أنياب سطوة الدخلاء.
تسللت كالحرباء.
فَحِيحٌ يخطف روح الأمل،
وضحكات البشر.
ندفنُ التَّكَلُّم.
ونمضغُ الأحزان.
والفنّ والأشعار..
والأغنيات حبيسَة
ضَجِيجٌ وَثَرْثَرَة،
في عبابِ الصدر.
أين أنتِ يا مدينة،
البَهْجَة والبشاشة.؟
في تمشية الصَبَايا.
ورنّات الخلخال.
في نسماتِ العصر.!
يا مدينة أحلامي..
يا ظلالاً كفيفة،
في إغفاءة المنام.
وطير مأواه،
خلف القضبان.
دنياه نجواه.
وعيناه لا ترَى.
هل من رَجَاء.. ؟
ونفكك وثاقك.!
من خلف أسوار
القدر..!
هل الماضي يعود..!؟
يا غادة كل الثغور،
وتُعيدُ الأنسام،
لفحة اليود العطِر.
ينتعش من صدر،
إلى رجفة صدر.
نرتشف عِشقِنا،
علي حنايا أسوارك.
في رَخَاء وإسترخاء.
وَيحلُو لنا لهو السهر .
“نركضُ” في خيالي.
مع ثمالة وإغفاءة،
براءة عذراء.
وانسيَاب دمعٍ الأشواق.
في لَمَّة وكوْكَبَة الأصدقاء.
الرِّيحُ تحمل شدوِنا.
تَنَسَّمَت وَتَرَطَّبَت،
تُنَادي على الطير المهاجر.
مجداف يُسَابق مجداف..
على خدرِ الأمواج سَابِح .
وصيادي الشباك،
في لهفة تنتظر.
مع فتنة وبقايا،
نور الغسق.
ولهفة العشَّاق
وانفاس الغزل والسحر.
أم طَوَىَ وحَنَىَ
زمانك وإختفَي.
ونور فنارك المُقمِرُ ..
خَبَّأ وإسَتَتَرَ.
يا شواطئ محجوبة.
مُوّهت مُتزاحمة ..
بكتَل أحجارٍ وستائِر.
يا ظلالاً من نَبْعِ
طيبُ ماضِيكِ الساحِر .
ضباب في عيونك البائسَة.
وحسرة في القلب والبصر.
يا ليل الأحباب السامِر.
وزوارق المُغْرَمين !
يا “حلمًا ” ينْسَكِبْ.!
تلاشَى في لعابِ،
عباب الشّرود السّائر.
خطّفتهُ يد الزّمان الجائر.
غضًا منثورًا مُتَنافِر.
تَمَادَي على بساطِ الشواطئ.
يا قيثارة النور،
نورك تاريخ وأزَاهِر.
يا حُسن يتباهَى ببهائِه.. وَتَفَاخَر.
فنارِك..أشعَّ ضوءَه.
وتَشَامَخَ بِجمالك السّاحر.
غسل وجهه بدمع البحر..
يا أرض الزعفران البهِيّة..
تجلَدِي وأنفضِي كفنك .!
روحي إِضْطَجَعَت،
بيني وبينك.
وَخفق أقدامي،
هَزِجَت وترنَمَت.
في دروبك..
ورسوم هواكِ،
نقوش في قلبي.
كيف اطيرُ إليكِ.؟
حبنا قيدَ في وجداني
من رحم القدر.
يا مدينة أجدادي.
ترنُو وتَتَطَلَّعَ،
المدن إليكِ.
وبسحرِ تُراثك .
غارتْ وحَسَدَت.
في خاطِرهَا.
ومن تراثك تُسحر.
“آه من زمنٍ،
مَسعورٌ حزين.
غَدَّار ومُخَادِع،
مرتجف الجبين.”
تجاعيده إِكْتَأَبَت،
على أجنحة العمر . َ
من يعرف خبايَا
وَدفائنُ كِنُوزك..؟
فلاسفة وأدباء،
فنانين ومفكرين.
تَلاءمَتْ..
تَنَاغَمَتْ..
وَتَوَاءَمَت..
إِئْتَلَفَتْ في حِبُورِك،
مُتَنَعِمين.. ومُتَجَنِّسِين .
مُتَدَفِقَة ومُتعَددة،
إرتشفتْ أنفَاسِها،
طَرِيّة عَلِيلة مُبَلَّلة.
من بحورِ زَمنك العتيق.
طَمْسَ زمانهم..
غبرتْ أيامهم..
ضمرت بلا أثر.
يا خَلِيلة الجمال.
ورَوْنَق المعرفة. .
بَزَغَت أنوارك،
وَأَشْرَقَت،
في سناء جمالك.
يا يقين في طرفَةِ عيني .
رفيقة خيالية أحلامي.
غادة في صباحَهَا..!
تتمخطر علي الصدر.
أين أنتِ أيتها،
البَهْجَة الشهيّة القدِّ ؟
ياوردة نَفِيسة نادرة..
في روْضَةِ البساتين.
من ذاقَ بلسم،
غنج الهَوَى.!
وقبلة هوَا الحبُ فيكِ.
كيف ينساكِ..؟
يحملهُ الشوقَ والحنين.
عاد إليكِ مَلْهُوفًا.
ينفضُ غُبار غُربة السفر.
كان هُنا..!
ذاتَ يَومًا..!
لَذَّةُ موج بحرك،
يُقَبل سَمَا شَفَايِفك.
في خجل مُسْتَلَب،
تَقَفْقَفَ وإِرْتَجَف.
رَطْب ناعِم عليل.
على وجنتَيْ العاشقين.
كان هُنا..!
ذاتَ يومًا..!
تَلاشَى واِنْمَحَقَ.
تَغَشَّى وإِنْدَثَر.
خصر الجمالِ.
يخلع درعه الأخير.
وما زالت الأبصار،
لا تُبصرُ.!!
بقلم
فكري عياد. لندن
فكري عيّاد كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة