Uncategorized
صلاح هاشم يكتب لجريدة ” القاهرة ” عن مهرجان الإسماعيلية السينمائي، ولماذا سوف تكون دورته 25 المقبلة ” إستثنائية ” عن إستحقاق وجدارة ( 1 من 3 )
admin Uncategorized, رئيسية, مهرجانات 0
خرجت بوم الأربعاء 21 فبراير و رغم برودة الطقس ، متجها من الحي السابع في مدينة نصر الى مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية ،الذي شهد وبحضور جريدة ” القاهرة” إقامة المؤتمر الصحفي لمهرجان الاسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، الذي يقام تحت رعاية وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، وكان ذلك للإعلان عن تفاصيل الدورة الـ25 والتي ستقام في الفترة من 28 فبراير وحتى 5 مارس 2024، بحضور ومشاركة كل من : الدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة لشئون السينما، والدكتور حسين بكر رئيس المركز القومي للسينما، والناقد السينمائي عصام زكريا رئيس المهرجان، ورامي المتولي المدير الفني للمهرجان، والصحافة والقنوات التليفزيونية في مصر..
وأود هنا ،وقبل أن أحكي عن المؤتمر الصحفي، التذكير بأن علاقتي بمهرجان الإسماعية السينمائي، أحب المهرجانات السينمائية الى قلبي في مصر، هي علاقة جد حميمية، وتمتد الى أكثر من 30 عاما،حين كلفت عام 1991 من قبل إدارة مهرجان الاسماعيلية، ممثلة بالإستاذين الجليلين، الكاتب والمؤرخ الكبير الأستاذ أحمد الحضري – هؤلاء علموني – والكاتب والمخرج الكبير هاشم النحاس الذي كرس حياته كلها لإبداع الأفلام الوثائقية، و من ضمنها رائعته ” النيل أرزاق“.، الإشراف على إدارة المؤتمرات والندوات الصحفية باللغة الفرنسية، بينما تولى الاستاذ الناقد الكبير فوزي سليمان- هؤلاء علموني -إدارة الندوات باللغة الإنجليرية، وبعد نجاحي في المهمة التي القيت على عاتقي، تطورت علاقتي بالمهرجان وبالمركز القومي للسينما أكثر في مابعد وتوثقت، فعملت مندوبا وممثلا لمهرجان الإسماعيلية في فرنسا ،بل وعموم أوروبا، من واقع عملي في باريس التي أتخذتها سكنا، كما صدر لي عن المهرجان مجموعة من الكتب أذكر من ضمنها ” مغامرة السينما الوثائقية. تجارب ودروس ” و” الواقعية التسجيلية في السينما العربية الروائية ” و ” سينما الواقع . إطلالة على حداثة السينما الوثائقية المعاصرة ” وغيرها..
الاسماعيلية 25 سوف تكون دورة إستثنائية بإمتياز
وعودة الى المؤتمر، افتتح اللقاء، مع “ثلاثي الفيلم الوثائقي الآن في بلدنا “بكلمة للدكتور خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة، أكد من خلالها أهمية هذه الدورة وو صفها بالاستثنائية، حيث تتزامن مع الاحتفال باليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة، ومرور 25 عاما على إقامته، ووعد بدورة تليق باسم المهرجان ووزارة الثقافة والمركز القومي للسينما.
كما رحب الدكتور حسين بكر في كلمته بالإعلاميين والصحفيين والسينمائيين الموجودين في المؤتمر، وقال “سعيد لوجودي بينكم اليوم ولحظي السعيد أن أكون رئيسا للمركز القومي للسينما تزامنا مع الأحتفال باليوبيل الفضي لمهرجان الإسماعيلية العريق، وأوكد لحضراتكم أنكم في انتظار برنامج ضخم مليء بالأفلام المختارة بعناية شديدة وفعاليات شيقه، ظل يعمل عليها رئيس المهرجان الناقد الكبير عصام زكريا الذي قام بإعدادها على مدار أشهر طويلة“.
ووجه بكر الشكر لوزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني على دعمها للمهرجان، وللدكتور خالد عبد الجليل لسعيه دائما لتذليل كافة العقبات وكل من ساهم في الدعم لإقامة هذه الدورة..
ثم أعلن الناقد عصام زكريا عن تفاصيل الدورة الـ25 لمهرجان الإسماعيلية، والتي يشارك بها 121 فيلما من 62 دولة، حيث تضم مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة 12 فيلما وفي مسابقة الأفلام التسجيلية القصيرة 20 فيلما وفي الروائي القصير 20 فيلما، وفى مسابقة التحريك يشارك 18 فيلما، أما مسابقة الطلبة فيشارك بها 17 فيلما.وأعلن عن أسماء المكرمين خلال الدورة الـ25 قائلا: “هناك تكريم دولي وعربي ومصري، حيث يكرم المهرجان كلا من المخرج الأمريكي ستيف جيمس، والمخرج الفلسطيني مهدي فليفل والفنانة المصرية سلوى محمد علي“.وأشار زكريا إلى أنه سيتم الاحتفال خلال هذه الدورة بعدد من المئويات منها مئوية رائد السينما التسجيلية المخرج عبد القادر التلمساني من خلال عرض 3 أفلام من أفلامه، بجانب إصدار كتاب لنجلته مي التلمساني كما سيتم الاحتفال بمئوية النادي الإسماعيلي، وتنظيم 3 برامج موازية، هي برنامج «الإسماعيلية الفضى» ويضم 18 فيلمًا، من أهم الأفلام التسجيلية والقصيرة التي عرضت على مدار الـ 30 سنة الماضية، إضافة لبرنامج أخر تحت عنوان «الحنين للسينما» ويضم 4 أفلام، وبرنامج «مئوية عبدالقادر التلمساني» ويتضمن عرض 3 أفلام.
وكشف عن إصدارات الدورة 25 من الكتب قائلًا: «تضم 7 كتب هي كتاب المدينة والفيلم.. اتساع بلا حدود، تأليف محمود قاسم، كتاب مدخل إلى دراسات السينما التسجيلية، تأليف د. ناجي فوزي، كتاب الصحافة الفنية في مصر- 1952 إلى 1973، كتاب التكريم لستيف جيمس.. سينما النضال الاجتماعي، إعداد أروي تاج الدين، وكتاب التكريم لمهدي فليفل.. سينما المنفى، تأليف أسامة عبدالفتاح، كتاب التكريم لسلوي محمد على.. فنانة و100 شخصية، تأليف إيمان كمال، كتاب التكريم لعبدالقادر التلمساني.. في محبة الفن والحياة، تأليف مي التلمساني».
وذ كر الناقد عصام زكريا ردا على بعض الأسئلة التي طرحت من قبل جمهور الحضور، أن هيئة قناة السويس مازالت تدعم المهرجان ماليا ، وأن تغيير إسم المهرجان من مهرجان للأفلام التسجيلية الى مهرجان للأفلام ” الوثائقية ” هو أمر مطروح للنقاش،ليس فقط بالنسبة لإدارة المهرجان وتعاملاتها الإدارية الحكومية، بل للجمور أيضا لمعرفة رأيه..
لأن العالم كله لايعرف إسما للسينما والأفلام الوثائقية، إلا مايطلق عليه في مصر وحدها -وعلى مايبدو ولحد الآن، ومنذ تأسيس المهرجان عام 1991- بالفيلم التسجيلي، وهذا خطأ، ومن الواجب الآن تصليحه
معرض لشادي عبد السلام أمام وخلف الكاميرا
والجدير بالذكر أيضا أن المهرجان” 25″سوف يقيم معرضالـلمخرج المصري الكبير” شادي عبد السلام”، للمصور الفوتوغرافي القدير محمد بكر.ويقام المعرض من أرشيف المصور محمد بكر، لصور المخرج الراحل شادي عبد السلام، أمام وخلف الكاميرا، وحيث يقام المعرض -على هامش فعاليات المهرجان- بقصر ثقافة الإسماعيلية والمعروف أن المصور محمد بكر هو شيخ مصوري الفوتوغرافيا عمل ما يزيد على 60 عامًا في مهنة التصوير، وسجل بعدسته الفوتوغرافية أروع المشاهد السينمائية، ويزيد رصيده عن الألف فيلم سينمائي، ويمتلك إرثا ضخمًا من صور مشاهد السينما المصرية على مدار تاريخها ، من فترة الأبيض والأسود وحتى الآن، سواء أمام عدسات السينما، او ما يدور وراء الكواليس، فقد عاصر العديد من نجوم الفن، والسياسة والثقافة والرياضة والعلم في مصر والتقط لهم الصور،وأشهر أعماله ثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) للمخرج حسن الإمام، ,وفيلم ” الرصاصة لا تزال في جيبي “، المومياء، معبودة الجماهير، السقا مات، الفتوة، دعاء الكروان، أبناء الصمت، وغيرها من الأعمال الخالدة.
أما الراحل شادي عبد السلام – هؤلاء علموني ،فهو من مواليد 15 مارس عام 1930 وقد بدأ حياته الفنية مصممًا للديكورـ وعمل مساعدًا للمهندس الفني رمسيس واصف عام 1957 م. ثم عمل مساعدًا للإخراج في عدة أفلام كان أغلبها لمخرجين أجانب،وشارك شادي في الفيلم البولندي “الفرعون” من إخراج كافليرو فيتش، وهي نقطة البداية الحقيقية في مشواره، وقد شارك في إعداد ديكورات الفيلم وأزيائه وإكسسواراته، كما عمل أيضًا كمساعد مخرج في فيلم “وإسلاماه ” إخراج أندرو مارتون، والفيلم الإيطالي “الحضارة” للمخرج “روبرتوروسللين” والفيلم الأمريكي “كليوباترا” للمخرج “جوزيف مانكوفيتش.وقدم مخرجنا المصري الكبير الراحل الكبير فيلم “الفلاح الفصيح” عام 1970م وهو فيلم مأخوذ عن إحدى البرديات الفرعونية القديمة والمعروفة باسم “شكوى الفلاح الفصيح”، وقد فاز فيلم ” الفلاح الفصيح ” بجائزة السيدالك في فينسيا في نفس العام، كما قدم أفلاما مثل “جيوش الشمس” و”كرسي توت عنخ آمون الذهبي” و”الأهرامات وما قبلها” و”رع مسيس الثاني”أما فيلمه “المومياء.. يوم أن تحصي السنين” فهو علامة فارقة ليس فقط في تاريخه، بل في تاريخ السينما المصرية والعالمية، فقد حصد عددًا من الجوائز العالمية..
يذكر أن أن مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة يعد واحدا من أعرق المهرجانات الموجودة في العالم العربي ومن أوائل المهرجانات المتخصصة في الأفلام التسجيلية والقصيرة، حيث انطلقت أولى دوراته عام 1991، ولهذا حكاية سوف نسردها عليكم تباعا ،من خلال هذه إلإطلالة على حداثة السينما الوثائقية المعاصرة، تاريخهاوأعلامها، نشأتها وتطورها، ونحن نتابع أعمال ووقائع وأفلام مهرجان الإسماعية للأفلام الوثائقية في دورته الـ25 وإحتفالاته بيوبيلها الفضي..
بقلم
صلاح هاشم.القاهرة
صلاح هاشم مصطفى كاتب وناقد ومثقف ومخرج – أفلام وثائقية – مصري مقيم في باريس.فرنسا، وهو مؤسس موقع ” سينما إيزيس ” التي تعني بفكر السينما المعاصرة وفنون الصورة عام 2005 على شبكة الإنترنت
***
عن جريدة ” القاهرة “
مهرجان الاسماعيلية للأفلام الوثائقية 25 يقيم معرضا للمخرج المصري الكبير شادي عبد السلام ، من تصوير محمد بكر. بقلم ولاء عبد الفتاح
admin Uncategorized, رئيسية, فوتوجرافيا, مهرجانات 0
عبد الفتاح الجمل عبّاد الشمس بقلم عبده جبير
admin Uncategorized, رئيسية, شخصيات ومذاهب, مختارات سينما ازيس 0
عبد الفتاج الجمل في أخبار الأدب
نشرت جريدة ” أخبار الأدب ” الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم الخبر المرفق – انظر الصورة المرفقة – عن الإحتفال بالمئوية الأولى لميلاد الأديب والروائي المصري الكبيرعبد الفتاح الجمل الراعي الرسمي والأب الروحي لجيل الستينيات من المبدعين والكتاب والشعراء والفنانين والنقاد والسينمائيين الذين جعلوا وبفضل الجمل في نشر أعمالهم على صفحات جريدة المساء جعلوا فترة الستينيات العظيمة من أكثر الفترات الثقافية ألقا وتوهجا وإبداعا وحياة في تاريخ مصر الحديث
صلاح هاشم
الصالون الثقافي بمعرض الكتاب يحتفي بمئوية عبد الفتاج الجمل
admin Uncategorized, رئيسية, شخصيات ومذاهب, مفكرة سينمائية 0
أقام الصالون الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ55، ندوة احتفائية بمرور 100 عام على ميلاد الكاتب والروائي عبد الفتاح الجمل، شارك فيها الناقد السينمائي صلاح هاشم، والكاتبة الصحفية عائشة المراغي، وعوض الجمل ابن شقيق عبد الفتاح الجمل، والكاتب يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق.
وتابع: “عبد الفتاح الجمل من الأقاليم المصرية، والثقافة الجماهيرية ممثلة في قصور الثقافة هي الوحيدة التي تبنت الاحتفال بمئوية الجمل، وعملنا أكثر من ندوة منها ندوة بدمياط، وأصدرت قصور الثقافة أعمال عبد الفتاح الجمل في مجلدين”.
فيما تحدث الكاتب والناقد السينمائي صلاح هاشم عن علاقته بعبد الفتاح الجمل والتي بدأت عام 1968 عندما نشر له قصة قصيرة، وبعدها بدأ يعرض عليه ترجمات، ونشر عنده لديه عددا من الأعمال المترجمة منها حوار مترجم مع إرنست همنجواي، وكذلك قصيدة للشاعر الهندي طاغور.
وتابع صلاح هاشم: “عبد الفتاح الجمل عنده قدرة على المزج ما بين العامية والفصحى، بما يشكل مقطوعة موسيقية، من موسيقى الجاز”.
واختتم: “عبد الفتاح الجمل أشبه ما يكون بالأنبياء، وكان الراعي الرسمي لجيل الستينيات وكان يؤسس له، وأشكر معرض الكتاب على إقامة هذه الندوة.
فيا أكد يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، أن عبد الفتاح الجمل قيمة كبيرة وهناك عدة أجيال مدينة لهذا الرجل بأشياء كثيرة وكل من التقاه تصور أنه صديقه أو أستاذه الوحيد.
وتابع: “الجمل كأديب ومثقف وفنان وأديب اللغة العربية عنده حياة ويمزج بين العامية والفصحى بشكل نادر وكان عاشقا للغة والسينما والموسيقى، وكان شديد التواضع وشديد الكبرياء وصعب تجد كل هذه الصفات غير المفتعلة في شخص وكان يجامل ولا ينافق ولا يزيف على الإطلاق”.
وتحدث عوض الجمل ابن شقيق عبد الفتاح الجمل عنه، مؤكدا أنه كان مولعا بالتصوير واللغة العربية وكان يقول إنه ثاني عاشق للغة العربية بعد يحيى حقي ويعتبر اللغة هي المجتمع والحروف هي الأفراد.
فيما قالت عائشة المراغي إنها اقتربت من عبد الفتاح الجمل تسع سنوات وأنا واحدة من اكتشافاته وهو أعطاني الفرصة للتعبير عن نفسي وصدور كتبه تعطي باحثين ونقاد فرصة أن يكتشفوا نفسهم معه.
قصة عبد الفتاح الجمل مع جيل الستينيات تلخص تاريخ الحركة الثقافية في مصر بقلم نضال ممدوح
admin Uncategorized, شخصيات ومذاهب, مختارات سينما ازيس 0
الاستاذ عبد الفتاح الجمل الراعي الرسمي لجيل بأكمله
عبد الفتاح الجمل، والذي تحل اليوم ذكرى رحيله الـ 29، حيث توفي في مثل هذا اليوم من العام 1994، وهو الكاتب والأديب الذي أضاعه النقد الأدبي.
ففي غمرة انشغال عبد الفتاح الجمل، بالملحق الأدبي في جريدة المساء منذ العام 1962، والذي كان يصدر في أربعة صفحات أسبوعية، نسي إبداعه ومشروعه الأدبي الخاص، وبالرغم من صدور عدد من المؤلفات لـ عبد الفتاح الجمل، إلا أنه لا يذكر بغير ألقاب “صانع النجوم الأدبية” و”مكتشف المواهب الإبداعية”.
فلا يكاد كاتب أو أديب من جيل الستينيات ــ العصر الذهبي للأدب والإبداع المصري ــ إلا ويذكر فضل عبد الفتاح الجمل وأياديه البيضاء، في دفع المواهب الشابة ــ وقتها ــ وتقديمها إلى القارئ المصري، وأن إطلالة قامات الأدب المصري في جيل الستينيات كانت عن طريق الملحق الأدبي الذي كان يشرف عليه ويقدمه عبد الفتاح الجمل.
ومن الأدباء الذين قدمهم عبد الفتاح الجمل إلى الساحة الأدبية، وللقارئ المصري: يحيى الطاهر عبد الله، جمال الغيطاني، جار النبي الحلو، يوسف القعيد، سعيد الكفراوي، عبد الرحمن الأبنودي، أمل دنقل، جميل عطية إبراهيم، مجيد طوبيا، محمد البساطي، إبراهيم أصلان، محمد المنسي قنديل، يوسف أبو رية، زين العابدين فؤاد، محمود الورداني وغيرهم ممن كان عبد الفتاح الجمل الأب الشرعي لاكتشاف وتقديم مواهبهم وإبداعاتهم الأدبية.
أما عن إبداعات عبد الفتاح الجمل، والتي أصدرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب، في مجلدها الأول مؤخرا فهي رواية “الخوف”، وفي أولى أعماله الأدبية والمنشورة في عام 1972″، بالإضافة إلى “خرافات إيسوب” في جزئين ــ “وقائع عام الفيل كما يرويها الشيخ نصر الدين جحا” ــ يوسف علي خزائن مصر” ــ “حكايات شعبية من مصر” ــ “أجمحة الربيع” ــ “محب” ــ ”آمون وطواحين الصمت”.
ـ صلاح عيسى وعبد الفتاح الجمل
يذكر الشاعر زين العابدين فؤاد، في إحدى حلقات صالونه الثقافي، أنه كان قد جمع قصص الكاتب صلاح عيسى، وذهب بها إلى عبد الفتاح الجمل لينشرها، وما كان من الأخير إلا أن نشرها على الفور رغم أن صلاح عيسى كان قد خرج لتوه من السجن.
صلاح هاشم
وفي نفس الأمسية التي تضمن شهادات من بعض كتاب ومبدعين جيل الستينيات لتكريم عبد الفتاح الجمل، قال الكاتب والناقد السينمائي صلاح هاشم: إذا كانت قصة كفاح رفاعة الطهطاوي وتلخص تاريخ مصر في قرنين من الزمن، فإن قصة عبد الفتاح الجمل مع جيل الستينيات تلخص تاريخ الحركة الثقافية في مصر، وتاريخ مرحلة من مراحل الحركة الثقافية في مصر.
ولفت “هاشم” إلى أن هذه المرحلة هي فترة الستينيات التي كانت فترة من أخصب وأكثر الفترات الثقافية ألقا في تاريخ الفكر المصري الحديث والتي عبرت عن مصر في تلك الفترة، وعلاقة عبد الفتاح الجمل مع جيل الستينيات، تلخص تاريخ الثقافة المصرية من الستينيات وحتى وقتنا الحاضر.
وشدد “هاشم” على أن عبد الفتاح الجمل هو الراعي الرسمي لجيل كامل من الكتاب والمبدعين.
بقلم
نضال ممدوح
صلاح هاشم في الإحتفاء بمئوية ميلادعبد الفتاح الجمل في معرض القاهرة للكتاب 55
admin Uncategorized, رئيسية, شخصيات ومذاهب, كل جديد 0
السينما إيزيس. القاهرة
ضمن احتفاء الهيئة العامة لقصور الثقافة بالمبدع الكبير الراحل عبد الفتاح الجمل، واحتفالًا بمئوية ميلاده؛ تُعقَد ندوة في السادسة مساء غد الأحد 4 فبراير، في إطار سلسلة ندوات “مئويات” بالصالون الثقافي في الدورة الخامسة والخمسين من معرض القاهرة الدولي للكتاب، يديرها الكاتب الصحفي طارق الطاهر.
صلاح هاشم
ومن المقرر أن يشارك فيها كل من: المخرج صلاح هاشم (وقد كان من الأصوات المبدعة الشابة – مجموعة ” الحصان الابيض “- التي قدّمها الجمل في الستينيات)، الكاتبة الصحفية عائشة المراغي (التي تتبعت أثره وتولت جمع كتاباته في مجلدي الأعمال الكاملة)، عوض الجمل (ابن أخيه)، والكاتب الصحفي يحيى قلاش (الذي زامله في جريدة الجمهورية وكان للجمل أثرًا في تغيير مسار حياته المهني).
جدير بالذكر؛ أن الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني أصدرت الأعمال الكاملة لعبد الفتاح الجمل في جزئين؛ متضمنة نصوصه السردية ورواياته، ونصوصه المترجمة والحكايات الشعبية، من تدقيق وتقديم عائشة المراغي.
عبد الفتاح الجمل كاتب متفرد ومكتشف وراع، اعتاد أن يعطي بلا حدود ولا يتنظر الجود في المقابل. لم تكن كتابته مقيَّدة بإطار وظيفي أو إبداعي، بل يكتب في أي شكل وكل موضوع. الكتابة بالنسبة له فعل ممتد، منذ بدأ وعيه وإدراكه يتشكلان في قريته “محِّب” التي شهدت مولده في 23 يوليو 1923، واستمرت معه في محطات حياته المتعددة والمختلفة، وربما كانت هي الدافع لاختياراته؛ بأن يدرس اللغة العربية في كلية الآداب جامعة الإسكندرية ويتخرج منها عام 1945، وأن يعمل مدرِّس ابتدائي في أبو قير ثم في الكلية الأمريكية بأسيوط، وأن يترك ذلك من أجل الصحافة والعمل بجريدة المساء، التي لم يجد عناءً في الالتحاق بها، إذ مهَّدت كتاباته الطريق. ومع تولي الجمل مسؤولية الملحق الأدبي والفني للجريدة؛ قرر أن يدمج بين المدرِّس والصحفي والمبدع، فصار –كما وصفوه– “الراعي الصالح” صاحب الأيادي البيضاء على جيل كامل من نجوم الأدب المعاصرين، منهم على سبيل المثال: إبراهيم أصلان، أمل دنقل، جار النبي الحلو، جمال الغيطاني، زين العابدين فؤاد، عبد الرحمن الأبنودي، مجيد طوبيا، محمد البساطي، محمد المخزنجي، يحيى الطاهر عبدالله، وغيرهم. وبعد تقاعده التحق بالعمل بدار الفتى العربي المختصة بأدب الأطفال والفتيان، ثم تفرغ في شهوره الأخيرة للقراءة وكتابة مقال أسبوعي بجريدة “أخبار الأدب” تحت عنوان “أزعرينة” حتى وافته المنية في 18 فبراير 1994.
وتشارك هيئة قصور الثقافة في معرض الكتاب هذا العام بمجموعة متميزة من أحدث إصدارات سلاسلها في إطار برنامج وزارة الثقافة، تتجاوز 120 عنوانا جديدا، وتلقى إقبالا كبيرا من جمهور المعرض لتنوع العناوين وقيمتها وأسعارها المخفضة.
الخطاب المرئي في الحرب على غزة : المشهدية السياسية والإنسانية والتوثيق القانوني والتاريخي بقلم نبيل عبد التاح
admin Uncategorized, رئيسية, مختارات سينما ازيس 0
يبدو خطاب الصورة أو الخطاب المرئي، والفيديو الطلقة على وسائل التواصل الاجتماعى الأكثر فعالية، وتأثيراً على المتلقى وعمليات التلقي والتمثل، وخاصة لدى الأجيال الجديدة، وجيل Z، وهو الأكثر استخداما وتمثلا لها فى كافة تفاصيل الحياة اليومية وأحداثها الاجتماعية والشخصية، فى الحب، والكره، والمشاعر المترعة بالألم، والفرح، والسعادة، والشر، والإيمان الديني، والإلحاد، والحياد الدينى حول وجود الله -سبحانه وتعالى، أو عدم وجوده لدى بعضهم، وبث الكراهية للآخر، أو قبوله مع الاختلاف. لقد باتت هذه الخطابات المرئية كاشفة عن مكامن الشعور، والتعبيرات عن الأوهام، والآراء، والأكاذيب فى سرعة فائقة وكاشفة عن عوالم مستهلكي وفاعلي الحياة الرقمية ومجموعها الفعلي، وذلك فى الحياة الشخصية، حيث يلعب الخطاب المرئي وتفضيلاته البصرية، أو الشفاهية المصاحبة لها، دوراً وظيفياً، فى التأثير على اتجاهات الآخرين، أو تثبيت لها -كل بحسب مستويات تعليمه ومعرفته ووعيه السياسي والاجتماعي- وفى طرح الأزمات التي تواجهه شخصيا أو جماعيا، والكوارث الطبيعية، والإنسانية، والحروب والنزاعات المسلحة، وتعرية سياسات ومواقف السلطات الحاكمة في الدول الكبرى فائقة التطور، أو المتوسطة، أو الصغرى. مرجع هذا التأثير أن الخطاب المرئى يخاطب العيون، ومعها الحواس والمشاعر، ويولد التأثير المباشر من عمليات المشاهدة/ الفرجة. وقد يدفع مستهلك الصورة والفيديو الطلقة إلى البحث فيما وراء كل خطاب، وأسبابه، وتاريخه، وتطوراته لدى بعضهم.
الخطاب المرئى تأثيره يدور حول تفصيلات الصورة، والفيديو الطلقة، الذى يخاطب بصرياً النظرات الخاطفة، أو ما سبق أن أطلقنا عليه “النظرات/ الومضات فائقة السرعة”.
بدت الوظيفة التأثيرية للخطاب المرئى -فائقة السرعة والإيجاز والكثافة- فى الجوانب المأساوية فى الحياة، مثل شخص لا يجد مأوى ملقى على الطريق فاقد الذاكرة وبدون طعام، وطفل تائه بعيداً عن أسرته، أو سيدة مسنة تنام على قارعة الطريق فى برد الشتاء القارس، أو أم تصرخ بحثاً عن وليدها، أو سيدة فقدت عقلها، وتثرثر بلغة غير مفهومة.. الخ.
الخطاب المرئى يستثير مشاعر مستهلكية على وسائل التواصل الاجتماعى لنجدة بعض هؤلاء من ضحايا تراجيديا الحياة وآلامها القاسية.
يمتد الخطاب المرئى ويتناول غالب تفاصيل الهوايات والتفضيلات الشخصية، من اقتناء الحيوانات الأليفة -الكلاب والقطط- إلى عشاق ومحبي بعض من الأنواع الخاصة من الطعام والشراب، والكتب، والروايات، والشعر، ولوحات الفن التشكيلى، والنحت، إلى عشاق الأمكنة التاريخية، والمقاهي والمشارب، والورود، والغابات، والشواطئ.. إلخ. هناك أيضا مستهلكي الخطاب المرئى الإباحى، الذى يخاطب رغبات، ودوافع جنسية طبيعية، أو غير مألوفة، وبات خطابا سريعاً فى تجسيداته للأوضاع الجنسية المألوفة فى ثقافات العالم الجنسية، بل وغير المألوفة، على نحو مكثف وسريع… إلخ.
الخطاب المرئى بات يمتد ليشمل أخطاء رجال السياسة، وتناقضاتهم فى الخطاب السياسى، وبعض هفواتهم وهناتهم السلوكية، على نحو أدى إلى كسر بعض من الهيبة التى تحيطهم غالباً فى طقوس السلطة، والمجال العام السياسي.
بدت الوظيفة التأثيرية للخطاب المرئى -فائق السرعة- فى الجوانب المأساوية فى الحياة؛ شخص لا يجد مأوى وملقى على الطريق فاقد الذاكرة، بدون مأكل، طفل تائه بعيداً عن أسرته، سيدة مسنة، تنام على قارعة الطريق في برد الشتاء القارس، أم تصرخ بحثاً عن وليدها، أو سيدة فقدت عقلها، وتثرثر بلغة غير مفهومة..الخ. الخطاب المرئى يستثير مشاعر مستهلكين على وسائل التواصل الاجتماعى لنجدة بعض هؤلاء من ضحايا تراجيديا الحياة!
يمتد الخطاب المرئى إلى تفاصيل الهوايات الشخصية؛ من اقتناء الحيوانات الأليفة -الكلاب والقطط- ومحبي الطعام والشراب، والكتب، والروايات، والشعر، ولوحات الفن التشكيلى، والنحت، إلى عشاق الأمكنة التاريخية، والمقاهى والمشارب، والورود والغابات، والشواطئ…الخ. هناك أيضا مستهلكى الخطاب المرئى الإباحى الذى يخاطب رغبات ودوافع جنسية طبيعية، أو غير مألوفة، وبات خطابا سريعاً فى تجسيداته للأوضاع الجنسية المألوفة فى ثقافات العالم الجنسية، بل وغير المألوفة، على نحو مكثف وسريع… إلخ.
الخطاب المرئى بات يمتد ليشمل أخطاء رجال السياسة، وتناقضاتهم في الخطاب السياسى، وبعض هفواتهم وهناتهم السلوكية، على نحو أدى إلى كسر بعض الهيبة التى تحيطهم غالباً فى المجال العام السياسى، والقيم السياسية الديمقراطية الليبرالية الغربية المتقدمة، وتحرض على السخرية أحياناً، أو تدعو للتعبئة والتظاهر السياسى الحقوقى، والعمالى، وتنظيم الحملات ضد سيساتهم الاقتصادية والاجتماعية، على نحو ما تم فى تنظيم التظاهرات في فرنسا ضد رفع أسعار الوقود، أو تجاه المعاملة التمييزية للشرطة إزاء الأقلية العربية المسلمة، أو تجاه معاداة السامية، أو قتل بعض المهاجرين المسلمين من مثيل عبدالله أنذوروف -من أصول شيشانية – للمدرس الفرنسى صامويل باتى فى 16/10/2020 فى مدرسة “بوا دولن” في مدينة كونفلان سانت أونرين، بعد عرضه على تلاميذه صوراً كاريكاتورية للنبى محمد -صلعم- فى درس عن حرية التعبير، أو التظاهرات ضد العنصرية، أو تظاهرات اليمين المتشدد والمتطرف ضد الأقليات المهاجرة -من المسلمين وغيرهم- فى بعض الدول الأوروبية، وتظاهرات المواطنين السود والبيض الأمريكيين ضد المعاملة الخشنة والقاسية ضد السود مثل المظاهرات التى اندلعت سبسبب مقتل جورج فلويد الذى توفى في 25 مايو 2020 فى مدينة مينابوليس فى الولايات المتحدة أثناء تثبيته على الأرض لاعتقاله، وقام ضابط شرطة مينابوليس “دريك تشوفين” بالضغط على عنق جورج فلويد، وخلال أربع دقائق صرخ جورج لا أستطيع التنفس، حتى توفى.
سُجلت الحادثة فى عديد من مقاطع الفيديو على الهواتف المحمولة، وتم تداولها على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعى. وبعد قتله انطلقت المظاهرات فى منيابوليس في 26 مايو 2020، وتحولت إلى أعمال شغب، وتم تحطيم النوافذ فى دائرة الشرطة، وأُشعلت النيران في متجرين، وتضررت العديد من المتاجر، واشتبك بعض المتظاهرين مع الشرطة. تم تنظيم عديد من التظاهرات على منصات التواصل الاجتماعى للاحتجاج على بعض الوقائع السياسية، أو الاجتماعية، أو الشرطية، وغيرها، ثم رصدها من خلال مقاطع الفيديو على الهواتف المحمولة، ويتم بثها على منصات التواصل الاجتماعى، وتتم الدعوة للتظاهر، فى الدول الأكثر تقدما.
في عصر الصور الفيديوهاتية الطلقة تخلقت من بين سرعاتها المكثفة حالة مختلفة من المشهدية المرئية/ الفيديوهاتية/ البصرية السياسية، والعسكرية والثقافية والفنية والموسيقية، والاجتماعية، الشخصية والجماعية، المؤثرة على حالات الفرجة، والتمثل والتلقي لها. في الوقت نفسه، لم تعد تعتمد على المهارة والثقافة البصرية التي كانت جزءا من تكوين المصور المحترف، الذي تراجع نسبيا دوره! ولا للشخص العادي ملتقط الفيديو والصورة من حاملي الهاتف المحمول أو آلة التصوير التي تراجع دورها كثيرا في حياتنا الكونية. باتت المشهدية التصويرية والفيديوهاتية تعتمد على الهاتف النقال، والحدث وموقع التقاط الصور والفيديوهات وبثها في لحظة وقوعها مباشرة – خاصة الوقائع الحاملة لحادثة ما أو جريمة من الجرائم أو شغب أو كارثة طبيعية أو إنسانية أو موقف إنساني ما.. إلخ – هنا التركيز الخاطف على الحدث ذاته وأطرافه مصادفة أو مشاركة في ثناياه أو هوامشه، أو اللحظة الاستثنائية التي تجعل من الحادث أيا كان مثيرا لمن يلتقطه بهاتفه المحمول والكاميرا.
الفيديو الطلقة يخضع في بثه الفوري والمباشر أو ما بعد التقاطه -في بعض أو عديد الأحيان- لعملية انتقاء وحذف وتوزيع على مواقع التواصل الاجتماعي مصحوبا بمنشور أو تعليق ما من صانع الفيديو، أو ممن يعيدون توزيعه وبثه على صفحاتهم على الفيسبوك أو غيره من المواقع. بعضهم يعيد تشكيل الفيديو الطلقة لإبراز وجهات نظرهم حول مضمونه ودلالته البصرية، سواء بالموافقة عليه، أو المزايدة السياسية أو الأخلاقية أو الدينية، أو تحويله لنقيض من خلال الحذف والإضافة.
بعض الفيديوهات القديمة – لتظاهرات أو لأعمال شغب وعنف.. إلخ – يُعاد توظيفها لخدمة أهداف سياسية أو دينية ومذهبية أو عرقية..إلخ، وذلك كجزء من النزعة الهجومية والدفاعية والسجالية والتبريرية لخدمة الموقف المسبق لمستخدمي هذه الفيديوهات والمقاطع السينمائية التسجيلية والوثائقية والتلفازية في خطابهم المرئي/ الفيديوهاتي الطلقة.
هذا التوظيف للخطاب المرئي أنتج حالة من بعض التزييف البصري، وخطاب الكذب المرئي. في الوقت نفسه قد يؤدي إلى وظيفة تأثيرية على بعض متلقي الخطابات والتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي.
إن عالم الصورة المرسومةً على الصخور والحوائط والكهوف ارتبط تاريخيا بالموت، ومحاولة الإنسان الانتصار الرمزي عليه، كوجه آخر للوجود الإنساني، ثم تطور ذلك تاريخيا إلي الفنون التشكيلية، والصورة الفوتوغرافية، والسينمائية والتلفازية الذين أثروا على الأدب وسردياته، ولحماية الأعمال الأدبية والشعرية، والأعمال المتجاوزة للأجناس المتعددة والمختلفة، وعلى العقل والنظرات الإنسانية، والفلسفية والسوسيولوجية والقانونية.
أدت الثورة الرقمية وعوالم التواصل الاجتماعي إلى ثورة مماثلة وموازية في توظيفات الصور والفيديوهات الطلقة لجميع مستخدمي هذه المواقع في الحياة اليومية ووقائعها العادية، في حياة الفرد الرقمي/ الفعلي، والمجتمع والجماعة والأسرة والعائلة وجماعة الرفاق والأصدقاء والعمل، والحي والشارع والجيران، وفي التقاط تفاصيل الحياة اليومية ووقائعها العادية والاستثنائية، من مثيل الجرائم والتحرش والتنمر، وحوادث الطرق والكوارث الطبيعية والإنسانية، والعمليات الإرهابية مثل الدهس للآمنين، والطعن بالمدًي والسكاكين والمطاوي والسيوف..إلخ على نحو ما تم في فرنسا وبلجيكا وغيرها من البلدان الأوروبية.
مع ثورة الذكاء الإصطناعي، وعالم الإناسة الروبوتية، دخلت الصورة، والسينما والتلفاز والفيديو إلى عالم مختلف، هو موت الصورة وفق بعضهم كريجيس دوبريه، والمصور المحترف، والهاوي والعادي، وبوادر الروبوت وأنظمة الذكاء الإصطناعي قادر بفعالية على صناعتها وفق أهواء وأغراض وطلبات من يستخدمه في صناعة الصور والفيديوهات والأشرطة السينمائية. من ثم، باتت هناك إمكانيات للتلاعب في الصور والفيديوهات الميدانية وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ثمة سياسةً التلاعب بالصور والفيديوهات من قبل الأفراد، وأجهزة الدولة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية –ومثالها إسرائيل في حربها الوحشية على قطاع غزة- وتوظيفها لتحقيق أهداف سياسية، وأيضا استخدام المجموعات المنظمة– ما يطلق عليهم الكتائب الإليكترونية – التي تبث الخطابات المرئية والصور والمنشورات والتغريدات في حروب المنشورات والفيديوهات بين الأطراف المتصارعة تبريرا وتكذيبا وهجوما ودفاعا للجهة والطرف الذين يعملون معه. تمتد هذه الظاهرة السياسية وتتكثف استخداماتها في أثناء الأزمات والحروب والنزاعات المسلحة والحروب الأهلية، وهو ما يلاحظ في أثناء الحرب الإسرائيلية على المدنيين العزل والأطفال والنساء في قطاع غزة، وضد حركة المقاومة الفلسطينية.
كل هذه التغيرات أدت إلى نمط مختلف نسبيا من المشهدية الرقمية/ المرئية المفرطة في سرعتها وحضورها على وسائل التواصل الاجتماعي، على نحو يجعل من مقولة “موت الصورة” تحتاج إلي بعض من المراجعة، لأن القراءة الومضة، والمشاهدات الومضاتية لجيل “زِد/Z” وما بعد بات أقرب إلى استهلاك وتلقي وتمثل الصور الومضات، والنظرات الومضات، والفيديوهات الطلقة، وخاصة في النزاعات المسلحة والحروب، وغيرها من وقائع الحياة الكونية والمحلية والإقليمية. بعض من هذه الظواهر الرقمية الجديدة مرجعه أن جيل “زِد/Z” والأصغر سنا ولدوا في ظل الثورة الرقمية، وشكلت جزءا رئيسا من تكوينهم وثقافتهم، وباتوا جزءا من عوالمها ولغتها الرقمية وتنقلاتها واستخدامها، ومن بينها مشهدية الفيديو الطلقة على نحو أدى إلى مشهدية مختلفة نسبيا عن مشهدية السينما والتلفاز!
في عصر النزاعات المسلحة والحروب تبدو المشهدية الفيديوهاتية الطلقة سائدة في تناصها مع المنشورات والتغريدات على نحو ما ظهر ولا يزال في الحرب الروسية- الأوكرانية، والعدوان الإسرائيلي على غزة، وعمليات حزب الله من جنوب لبنان، وردود وهجوم الطيران والمدفعية الإسرائيلية عليها، وأيضا عمليات الحوثيين في إطار الحرب وإطلاقهم المسيرات والصواريخ، واستيقاف وضرب بعض السفن الذاهبة إلى إسرائيل لدعم المقاومة الفلسطينية، كجزء من السياسة الإيرانية في المنطقة، ثم الهجمات التي تقوم بها أمريكا وبريطانيا على بعض مواقعهم داخل اليمن. توثيق هذه العمليات مرئيا وبثها تلفازيا وعلى مواقع التواصل يمثل نمطا من السرد الصًوري والفيديوهاتي، الذي يعتمد على اللغة المشهدية التي تركز –في إطار الحرب على قطاع غزة– على الصدمة، والقصف الصاروخي والمدفعي والمسيرات، وأعداد القتلى والجرحى والهجرة القسرية، والفزع والصراخ، واقتياد الأسري شبه عرايا في قسوة البرد وتحولهم إلى كائنات مادون بشرية في انصياعهم لأوامر الجنود وضباط الجيش الإسرائيلي، وهدم المباني والمنازل ومقتل ساكنيها… إلخ!
المشهدية الرقمية في الحرب، هي خطاب رقمي مرئي يعتمد على الحركة / الحركية والإيقاعات السريعة وتلاحق الصور، وعفوية خطاب الأطفال الذين تم إنقاذهم من تحت الأنقاض وقتل آباءهم وأمهاتهم وأخوتهم، أو طفلة تقود أخيها الصغير أو تحمله أو تجلس بجانبه في المستشفى وقد بُتِرتْ إحدى ساقيه أو ثملت إحدى عينية، أو طفلة تقول لطبيبها في المستشفى هل ما حدث حلم أم حقيقة!؟
المشهدية البصرية/ المرئية/ الفيديوهاتية، هي تفاصيل صغيرة وسريعة ومتلاحقة، ولكنها تحمل ما وراء الصور من فظائع الحرب، وأثرها على الأطفال والنساء والمسنين والمدنيين. هي أيضا مشهدية تدمير المباني وبعض أماكن العبادة، والهجرة القسرية، وقصف بعض سيارات الإسعاف والمسعفين والعابرين بالمسيرات والرصاص!
فى إطار عمليتى “طوفان الأقصى”، “والسيوف الحديدية” الإسرائيلية قام طرفا الصراع بتدشين عملياتهم العسكرية، من رشقات الصواريخ من حماس والجهاد الإسلامى، والقصف المدفعي، وتدمير الدبابات والمركبات العسكرية، وقصف الجنود، وإسقاط بعض المروحيات، والطائرات الإسرائيلية المسيرة، أو تدمير بعض الآليات العسكرية من “المسافة صفر”… هذا الخطاب المرئي بات يمثل أيضاً أحد مواد تحليل تكتيكات الحرب الوحشية على قطاع غزة والمدنيين العزل، من بعض الخبراء العسكريين عن مسارات واستراتيجيات الحرب. من ناحية أخرى، يقوم الجيش الإسرائيلى بتدشين عملياته، وقصفه المدفعي والصاروخي الكثيف، وتدميره للمباني والمواقع وبعض الأنفاق، بهدف مخاطبة الشعب الإسرائيلى، وبث الطمأنينة والأمن، فى ظل أزمته الوجودية، بعد هجوم حماس والجهاد الإسلامي في السابع من أكتوبر 2023، وتوظيف الدمار والقتل المروع فى محاولة لتحقيق وظيفة الردع لدول الدائرة البؤرية للصراع، ودول الطوق، وأيضا للفواعل السياسية ما دون الدولة من القوى المدعومة من إيران كحزب الله فى لبنان، ومليشيات الحوثى في اليمن، والمليشيات الشيعية في العراق.
توظف حماس والجهاد الإسلامى الخطاب المرئي فى إثبات قدرات المقاومة في معارك الشوارع، ومن داخل الأبنية المتصدعة والمهدمة تجاه الدبابات والمركبات وقنص الضباط والجنود، وأيضا فى شجاعة المقاتلين المقاومين، واستمرارية إرادة الصمود فى مواجهة الجيش الإسرائيلي، وأيضا فى قتل إسرائيل لبعض الأسرى لدى حماس والجهاد الإسلامى بعد طوفان الأقصى.
لا شك أن الخطاب الصورًي والفيديوهاتى لعب دوراً مهماً فى تحفيز الشباب من الفئات الاجتماعية الوسطى- الوسطى، والوسطى- الصغيرة فى الخروج للتظاهر ورفض المجتمع، ثم إلى الانتفاضات الجماهيرية واسعة النطاق فى تونس ومصر.
من هنا لعب الخطاب المرئي– الفيديوهاتى الطلقة، والصور الفوتوغرافية- دوراً بالغ الأهمية، فى تعرية السلوك السياسي والعسكري الإسرائيلي في الحرب على قطاع غزة، ووثق انتهاكات إسرائيل لقانون الحرب، والقانون الدولي الإنساني، والتهجير القسري للسكان من شمال القطاع-مليون ونصف- إلى جنوبه، وأيضا في توثيق هدم المنازل، والأبنية العامة، والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، والارتفاع المتزايد كل ساعة ودقيقة لأرقام الموتى، والجرحى، وأيضاً الحصار والعقاب الجماعى للمدنيين فى القطاع وضرب واقتحام المستشفيات ونقص الدواء والماء والغذاء.
الأهم أن توثيق هذه الجرائم من خلال الهاتف المحمول، والكاميرات، وبثها على وسائل ومنصات التواصل الاجتماعى، لهذه المجازر البشعة، وذلك لتحريك بعض من اتجاهات الرأى العام – الحقوقى والسياسى والإنسانى – فى الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، ودول العالم ممن لا يزالون بعضهم يؤمن بهذه القيم الإنسانية والأخلاقية على نحو ما تجسد في المظاهرات الضخمة في هذه البلدان. بعض الخطاب المرئى يشتمل على الصورة، مع بعض التعليقات عليها بالإنجليزية، أو العربية، أو الفرنسية، أو الأسبانية أو الألمانية أو الإيطالية، بعضها يوثق وقائع الدمار للمبانى، وأخرى لمقتل الأطفال، والنساء وكبار السن، أو الرجال العزل من المدنيين، وبعضها لفيديوهات لعمليات نقل بعض الموتى والجرحى من تحت الأنقاض.
بعض الخطاب المرئى –الفيديوهاتى السريع والمكثف والطلقة- لأطفال يتامى، يرون بعض من دراما عمليات قتل أسرهم، وتحول بعضهن/ بعضهم من الصغار الذين لا يتجاوزون السابعة أو الثامنة إلى مسئولين عن أخوتهم الأصغر، من الثلاث والأربع سنوات داخل المستشفيات، ولا عائل لهن/ لهم.
هذا الخطاب بات أكثر تأثيراً على بعض اتجاهات الرأى العام الغربى، وساهم -ولايزال- فى تحريك مشاعر الغضب، والتظاهر من أجل الهدن الإنسانية، ووقف فورى لإطلاق النار، والتنديد بانتهاكات إسرائيل للقوانين الدولية للحرب، والقانون الدولي الإنساني والدولي العام.
بعض الخطاب المرئى، يحملُ تفاصيل حصار المستشفيات و مراكز الإيواء، وقصف بعض محيطها، أو اقتحام جنود وضباط إسرائيليين لها، والقبض على بعض الأطباء والمسنين!
بعض الخطابات المرئية يتمثل فى توثيق قصف بعض عربات الإسعاف، ومراكز الأونروا، على نحو ما يشير بعض مسؤولى المنظمات الدولية فى خطابهم المرئى، أو المكتوب كمنشورات على منصات التواصل الاجتماعى.
الخطاب المرئي الإسرائيلي يتمثل فى إظهار حجم عمليات القصف، وأعداد القتلى والمصابين الفلسطينيين، وأداء الجيش، وأعداد الألوية، وحجم الدمار واسع النطاق الذي تحققه عمليات الويته المسلحة، من أجل تحقيق وظيفة الردع للفلسطينيين فى الضفة وقطاع غزة، وأيضا لدول المنطقة، وأيضا لرأب الصدوع النفسية والاجتماعية للمجتمع، حول الجيش ومجلس الحرب، بعد الإخفاق الاستخباراتى وأعداد القتلى والجرحي والمعاقين من ذوي العاهات والآثار النفسية للعمليات العسكرية الدامية، وصدمة عملية طوفان الأقصى.
الخطاب المرئي ظهر من بين تدافع وانفجار وقائع الحرب، وحولها أكثر تأثيرا مما سبق أن أطلقنا عليه –في مقالات سابقة تابعت تحليليا مساراتها- “الحرب اللغوية”، أو “حرب المصطلحات” بين الإسرائيليين، والمقاومة الفلسطينية فى وصف كل طرف لأفعال وسلوك الطرف الآخر، وتدور فى غالبها حول مصطلحات قانون الحرب، والقانون الدولى الإنساني، وقرارات الأمم المتحدة، وتفسيرها. أبرز علامات “حرب المصطلحات”، و”حروب اللغة” دارت ولاتزال حول حق الدفاع الشرعى، والتهجير القسري، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقى، والعقاب والحصار الجماعي، وغيرها من المصطلحات القانونية الواردة بالمعاهدات الدولية ذات الصلة. هذا النمط من الحروب الموازية المواكبة والمساوقة للسلوك العسكرى، والسياسي والديبلوماسي والإعلامي، ليست جديدة، ولكنها اكتسبت أهمية متزايدة مع الحرب على قطاع غزة، إلا أن الخطاب المرئى الذي يستصحب هذه المصطلحات المتصارعة لتكثيف أثرها لدى متلقى الخطاب المرئى، ومستهلكيه الكثيرين على وسائل التواصل الاجتماعى.
لا شك أن حروب الصور، والفيديوهات تمثل واحداً من أبرز التحولات فى الحرب على قطاع غزة، أو صدمة طوفان الأقصى، وأدت إلى التأكيد على تداخل زمن الفعل مع زمن الصورة، والخطاب المرئى، وهو ما حدث مع محاولة انقلاب غينادى ياناييف الفاشل للإطاحة بجورباتشوف فى 18 أغسطس 1991 وحتى 22 أغسطس 1991. وقيام الفضائية الأمريكية CNN بنقل الأحداث مباشرة من موسكو وقت وقوعها، وتطوراتها، وهو ما أدى إلى نهاية الفجوة الزمنية بين زمن الفعل، وزمن الصورة، لكن ما يحدث فى مسارات الحرب على قطاع غزة أدى إلى كثافة، وتوحد زمن الصورة، والخطاب المرئى، وبين زمن الحدث/ الفعل، ومن ثم إلى قوة التأثير البصرى/ المشهدى، والنفسى، والسياسى على متلقى الخطاب المرئى على المستوى العالمى.
من هنا شكل الخطاب المرئي الذى يوثق وقائع الحرب أحد أهم مصادر توثيق جرائم الحرب، والقانون الدولى الإنسانى أمام محكمة العدل الدولية، وفق شكوى دولة جنوب أفريقيا، وبعض مجموعات المحامين الفرنسيين فى المجال الحقوقى الإنسانوي وهو ما تأكد في مرافعات فريق الدفاع الجنوب أفريقي.
من الملاحظ أيضا أن الخطاب المرئى حول انتهاكات إسرائيل للقوانين الدولية، والمذابح فى قطاع غزة والضفة الغربية، أدت إلى إظهار بعض من الخلافات داخل بعض موظفى الخارجية الأمريكية، ولدى بعضهم فى إدارة الرئيس جو بايدن المؤيد والداعم لإسرائيل، ذو النزعة المسيحية الصهيونية، وأيضا بعض من الخلاف داخل الحزب الديمقراطى.
لقد أدى الخطاب المرئى إلى بعض من التعديلات الطفيفة والجزئية على خطاب ماكرون فى فرنسا، فى المطالبة بوقفات -هدن- إنسانية وفق المصطلح الأمريكي، ووقف إطلاق النار، والسعى إلى عدم امتداد الحرب إلى لبنان، من خلال السعى السياسى والديبلوماسى لدى حزب الله. الخطاب المرئي أثر أيضا على بعض أعضاء البرلمان الفرنسى، والمطالبة بمحاسبة 4000 من الجنود من ذوى الجنسية الفرنسية الذين يقاتلون مع القوات الإسرائيلية فى حربها على قطاع غزة.
أدى هذا الخطاب أيضا إلى التأثير على بعض من اليسار الفرنسى. من الشيق ملاحظة أن الانحياز الأمريكى لإسرائيل داخل الكونجرس وأعضاءه، فى مساءلة بعض رؤساء الجامعات الكبرى، حول بعض تظاهرات الطلاب المنددة بالجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين، وعدم وقوفهم ضدها بوصفها معادية للسامية! توثيق الخطاب المرئى لهذه المساءلة أظهر بعض الممارسات المضادة لحرية الرأى من قبل بعض أعضاء الكونجرس، ودفع رئيسة جامعة هارفارد العريقة إلى تقديم استقالتها.
من مجمل ما سبق نستطيع القول إن الثورة الرقمية باتت مؤثرة على بعض اتجاهات الرأى العام، فى كافة دول العالم إزاء، كوارث الحروب، ولاسيما التى تقوم بها إسرائيل كسلطة احتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة بعد 5 يونيو 1967، واتفاقية أوسلو. ومن ثم يشكل الخطاب المرئى، أحد مصادر التوثيق التاريخى، وكتابة التاريخ، والأهم أنه بات أحد محركات الفعل السياسى على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
بقلم
نبيل عبد الفتاح
نبيل عبد الفتاح كاتب وباحث ومفكر مصري تنويري، ومستشار مركز الاهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية
***
عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية لباب ” مختارات سينما إيزيس “
صلاح هاشم يكتب من باريس لـ جريدة ” القاهرة “: (هؤلاء علموني .”عبد الفتاح الجمل” الراعي الرسمي لجيل بأكمله) في معرض القاهرة للكتاب 55
admin Uncategorized, رئيسية, شخصيات ومذاهب, مختارات سينما ازيس 0
بمناسبة تكريمه في معرض القاهرة للكتاب 55
هؤلاء علموني. “عبد الفتاح الجمل “
الراعي الرسمي لجيل بأكمله في معرض القاهرة للكتاب 55
–
عندما طلبت منى الكاتبة الصحفية المصرية الرنشطة والمتميزة عائشة المراغي، بمناسبة إنعقاد معرض القاهرة للكتاب في رسالة، إن كنت أحب أن أشارك في إحتفالية تقام في دورة المعرض 55 التكريم الأستاذ والأديب المصري الكبير عبد الفتاح الجمل يوم 4 فبراير، بمناسبة المئوية الأولى على ميلاده، فوافقت طبعا على الفور..
وكنت قبلها شاركت في صالون ثقافي أدبي أقامه الشاعر المصري الكبير زين العابدين فؤاد، تحدثت فيها عن أفضاله ومآثره على جيل بأكمله، جيل الستينيات في مصر، الجيل الذي أتشرف بالإنتماء إليه، وإستطاع بفضل الجمل، الذي فتح لنا أبواب النشر والرعاية والإحتضان،أن يمثل “ظاهرة ثقافية” مهمة، إن لم تكن أو بالأحرى كانت ” ثورة ثقافية ” بالفعل ..في أعظم الفترات الثقافية التي مرت بها مصر، بل والعالم ، وأعني بها ” ثورة الطلبة عام 68″فلولا وجود هذه الرجل أستاذي وأستاذ جيل كامل من المبدعين الذين ملأوا حيانا ثقافة وإبتساما، لما كانت تحققت..
بفضل أقواس قوس قزح الإبداعية النارية، التي إنطلقت آنذاك في سماء مصر،وكانت تضم كوكبة من الكتاب والمفكرين والفنانين العظماءمن أمثال الشاعر الكبير عبد الرحمن الإبنودي، والمخرجة الكبيرة عطيات الإبنودي، والقاص محمد البساطي والمخرج الكبير محمد كامل القليوبي والشاعر أمل دنقل والناقد والمخرج السينمائي سيد سعيد وغيرهم كثر..
ممن وضعوا بصماتهم التي لاتمحى على واقع الحياة الأدبية والثقافية والفنية في مصرفي تلك الفترة،في حضور الآباء المؤسسين: من أمثال اساتذتنا الكبار يحيى حقي في مجلة ” المجلة ” في صحبة الناقد الكبير بدر الديب، و الفيلسوف والمفكر والناقد محمود أمين العالم ، والكاتب المسرحي الكبير سعد الدين وهبة في مجلة ” السينما ” ، في صحبة النقاد د.صبحي شفيق وفوزي سليمان ، ود.رشاد رشدي في مجلة ” المسرح “، في صحبة د. أنجيل سمعان ود.فايز إسكندر، ود. مجدي وهبة، والأستاذ أحمد عباس صالح في مجلة ” الكاتب ” – مجلة المثقفين العرب—في صحبة د.فاطمة موسى، أفضل من كتب عن روايات نجيب محفوظ بشهادة منه، وكانت تدرس لنا مادة ” الرواية ” في آداب إنجليزي جلمعة القاهرة، والناقد إبراهيم فتحي ود.صبري حافظ، ومجلة ” الفكر المعاصر ” ورئيس تحريرهاالفيلسوف المصري زكي نجيب محمود، وبحضور قامات مصرية أدبية وفنية كبيرة من أمثال نجيب محفوظ ويوسف إدريس وألفريد فرج ، وكنا طلبة في الجامعة في تلك الفترة – مجانية التعليم – التي فتحت فيها الجامعة ابوابها لأبناء الفقراء والغلابة :
من سمنود – الشاعر والروائي محمد ناجي- ومن قلعة الكبش في السيدة زينب – القاص صاحب الحصان الأبيض ، وأنور إبراهيم من عابدين ،وعبد العظيم الورداني من العمرانية في مجاهل الجيزة – و نحن نريد أن نتعلم ونقرأ وندرس، ونشاهد أفلام ” الموجة الفرنسية الجديدة بنهم – جودار وتروفو وشابرول وآنياس فاردا، والموجة التشيكية الجديدة وعن الحفل والضيوف وميلوش فورمان ،ومغامرات شقراء، ولاركيتا لازاروفا ، وأفلام الواقعية الإيطالية عند روسوليني وفيسكونتي وفيتوريو دو سيكا ، وأنا مانياني ومارشيلو ماستورياني وصوفيا لورين..المتوهجة بعطائها السينمائي الباهر ..
وكنا نريد أن نبتلع العالم، و نحن نتسكع وندور في شوارع القاهرة الساحرة سيرا على الأقدام في الليل ، مع عبده جبير وكبيرنا يحيى الطاهر عبد الله ، ونذهب في آخر الليل، لنتعشى عند غالب هلسا في شارع جامعة الدول العربية من الأحياء القاهرية الراقية، أو عند شاعر العامية أسامة الغزولي في المنيل، ونلتقي عنده يالشاعرين الصديقين محمد سيف ونجيب عز الدين، أو الكاتب المسرحي الكبير محمد الفيل في عابدين، وكل هؤلاء كانوا طلبة تجمعهم كلة الآداب قبل أن يصبحوا في مابعد كتابا كبارا ومن الحكواتية العظام وكنا نحفظ أشعارهم ونرددها على مقاهي القاهرة وسط البلد..
وكنا نكتب بحرية على الجدران: نحن جيل يا سادة بلا أساتذة، لا يسوع ولا ماركس. ومع ثورة الطلبة في العالم ، وموسيقى البيتلز ، وبنحب أم كلثوم، وضد الحرب في فيتنام، ونحن نعيش أجواء النكسة وهزيمة 67 ، ووقتها لم يكن أحد منا يفكر آنذاك، عندما نتخرج ماذا سوف نفعل ياترى، وأية وظيفة ياعم سنشغل، كنا جوعى مثل كلاب قرية “محب “الضالة، في رواية ” الخوف” لعبد الفتاح الجمل، ونريد أن نبتلع العالم بنهم، ونقرا لهربرت ماركوس، و برستد ” فجر الضمير” “وصلاح عبد الصبور، وهرمن هسه ،وإبسن ، ونترجم أشعارا لطاغور، وهوشي منه،و نقرأ ” نحو رواية جديدة لآلان روب جرييه ، وتشيكوف وكافافي وشكسبير ونيكوس كازانتزاكيس وإيفتوشنكو ، ونقف وراء الفيلسوف الفرنسي الوجودي جان بول سارتر، وهو يحاضر لنا في جامعة القاهرة في مدرج 78 ، نفس المدرج الذي كان أستاذنا العظيم د.صقر خفاجة يدرس لنا فيه مادة للاتيني، ويحكي عن مغامرة أوليس عند عودته بعد نهاية حرب طروادة الى إيثاكا ، ووقائع ملحمتى الأوديسة والإلياذة ، وكان المدرج يقع على بعد خطوتين من فسم صحافة، حيث إعتاد طالب إسمه سامي السلاموني في القسم ،أن يكتب مجلة بعنوان ” الغد” ،ويعلقها على الحائط ، وكنا نقرأ فيها آنذاك مقالات رائعة عن السينما..
أدب الستينات : جيل يصرخ أين الأمل ؟
وكانت الثقافة هكذا في “فترة التكوين” بالنسبة لشلة آداب القاهرة ، وجمعية ” آمون ” الأدبية– أهداف سويف ومحمد ناجي وعبد العظيم الورداني وسامي الرزاز وزين العابدين فؤاد ومحمد الفيل وبعض الطلبة المنتسبين من الكبار مثل الشاعر والمناضل نبيل قاسم وغيرهم – في تلك الفترة ، هي الهواء الذي نتنفسه، وكسرة الخبز التي نتقاسمها..
وقد حكي استاذي د.غالي شكري عن هذا الجيل الأدبي الذي أنتمي إليه، وأحتضنه ورعاه الراعي الصالح وهو من صنع الجمل قبل أي من كان، في مقدمة لكتاب، يقول فيها :
( ..عرفت صديقي الكاتب الشاب صلاح هاشم في أواخر الستينيات، ضمن الموجة الهادرة من الأدباء الجدد ، الذين ولدوا فينا غداة الهزيمة في العام 1067، وربما كنت شخصيا، مسؤولا من الناحية التاريخية على إطلاق صفة ” أدب الستينيات” على هذا الجيل الجديد الوافد على العمل الثقافي السياسي، من بين جدران الجامعة، متمردا على أسباب الهزيمة، صارخا في وجوه الجميع : أين الأمل ؟. كنت في ذلك الوقت رئيسا للقسم الثقافي بمجلة ” الطليعة ” التي تصدر عن مؤسسة الأهرام، وهنا أحب أن أسجل من الناحية التاريخية كذلك، أنني مسؤول عن إحتضان ذلك الجيل، سواء بنشر إنتاج قطاعات واسعة من مبدعيه، أو بتقييم وتقويم هذا الإنتاج، في محاور خاصة من ملحق ” الطليعة “، أو في توثيق ولادة الجيل ونموه ، في تحقيقات وشهادات واقعية .كان صلاح هاشم واحدا من هذا الجيل، يكتب القصة القصيرة بإتقان وحرارة تجمع بين أصالة التراث القصصي في مصر الحديثة، ومعاصرة التجديد في الآداب الغربية التي كان يقرأها في الانكليزية، فهو أحد خريجي قسم اللغة الإنكليزية بكلية الآداب،ولكن ماكان يميز صلاح هاشم هو معايشته الحارة والغنية للتجربة الإنسانية في بلاده، فلم يستغرقه الإغراب والتغريب، ولم يجنح إلى الغموض والتجريد، بل كان ذا صوت خاص فريد، في إلتقاط الزوايا والشخصيات والمواقف والجزئيات والتفاصيل والدقائق الصغيرة، في حياة الشعب الذي ينمتي إليه.عشر سنوات مرت دون أن أرى صلاح هاشم. كنت قد غادرت مصر، وإنقطعت عني أخباره. وبالرغم من متابعتي لما يكتبه الجيل الذي احببته داخل مصر، فإنني لم أقرأ شيئا لصلاح هاشم. لذلك كانت مفاجأتي كبيرة ، حين التقيته في باريس، فأخبرني أنه ترك الوطن منذ سنوات، وأنه يعمل في الصحافة. وتصادف وجودي في هيئة تحرير مجلة ” الوطن العربي ” التي شاركت في تأسيسها، وواكبت نشأتها وتطورها بالعاصمة الفرنسية، وكان من ضمن المبررات التي سقناها للصدور من باريس، هو العناية بالمهاجرين العرب الى الغرب، الذين تزايدوا عاما بعد عام، حتى أصبحوا ظاهرة إجتماعية واضحة في المجتمعات الغربية، من طلاب وعمال وأساتذة جامعات ورجال اعمال وعاطلين عن العمل ولاجئين سياسيين..
حياد الفن وموضوعية الباحث الإجتماعي
لذلك خصصنا زاوية بعنوان ” العرب في العالم ” تستكشف ملامح الوجود العربي المتعاظم وأريافه ومعامله وجامعاته، وقد إختار صلاح هاشم أ ن يشارك في هذه الزاوية، بالرغم من أنه مؤهل بالطبيعة والتكوين والموهبة، للمشاركة في الزوايا الثقافية والفنية..
وبالتجربة اليومية، برهن صلاح، على أنه أخلص محرري هذه الزاوية، حتى كادت تقتصر على نشاطه، من باريس الى واشنطن، مرورا بمختلف المراكز والمواقع الغربية المزدحمة بالعرب.برهن أيضا ، أنه لم يتنازل قط ، عن شخصيته المميزة ، كفنان أصيل سواء في لغته أو حواره ، أو رسمه للشخصيات ، أو في عينه التي ترى ما لاتراه العدسة..
ولكن صلاح هاشم في هذا الكتاب، الذي يضم خلاصة كشوفه للعرب في الغرب، يكشف لنا عن عن وجه آخر له، ربما كان حافيا عنه هو شخصيا، هو وجه ” الباحث الإجتماعي الذي تعنيه الظاهرة الإنسانية، كمفردات في سياق اجتماعي شامل، تعبر عنه ” العينة ” المختارة، بكثافة وعمق. لذلك جاء كتاب ” سندباديات في شوارع أوروبا وأمريكا الخلفية مع المهاجرين العرب ” الذي صدر في 3 أجزاء عام 1981 عن دار الآفاق الجديدة في لبنان – دون أن يقصد صاحبه قصدا مسبقا، مادة غنية، لكل تحليل مقبل لظاهرة الهجرة العربية الى الغرب، إنه مجرد ” خامة “، ما كان يمكن أن يجمعها بهذا الإتساع والتركيز معا ،بغير فريق عمل، ولكن صلاح هاشم حصل عليها بمفرده، وصاغها في حياد الفن، وموضوعية الراصد الإجتماعي،، وهي بقدر ماتمنحنا صورة باتورامية للواقع العربي في الغرب، فأنها تضع أيدينا على جذور الهجرة في الأرض الأصلية ، الأرض العربية..)..
وهنا ينتهي كلام د.غالي شكري عن الجيل الأدبي الذي أحبه هو أيضا، كما أحبه وإحتضنه ورعاه أستاذي الأديب الكبير عبد الفتاح الجمل، الراعي الرسمي لجيل بأكمله..
زمن الحضور المعاش وظلال عدوان 5 يونيو
وفي مقال للناقد عبد الرحمن أبوعوف بعنوان “مقدمة في القصة القصيرة” في كتابه “بانوراما نقدية في الأدب والفن والسياسة” الصادر عام 2008 عن الهيئة العامة للكتاب.يقول في صفحة 40 في ما يخص زمن الحضور المعاش وظلال عدوان 5 يونيو على الإبداع القصصي والجيل الأدبي الذي أفرد له عبد الفتاح الجمل صفحات ملحقه الأدبي في جريدة المساء وكان الراعي الرسمي له ومنذ منتصف الستينيات، “الراعي الصالح “كما تحب عائشة المراغي أن تطلق عليه، يقول الناقد الكبير أبو عوف :
( ..إن المحاولة القصصية الحالية والتي تهتم بحريات غير محددة، لم تعرفها المراحل السابقة لأنها تغوص بجرأة في هوة ،يختلط فيها الكلام والسكوت والحياة والموت، فحضور الواقع المصري الذي أعقب هزيمة 5 يونيو ،بقتامته وصمته واستفزازه.. كان الإطار والجو الذي تنفست فيه إمكانات الإبداع المختزنة لدى جيل أدبي كامل.. ودراسة هذه القضايا تصبح أكثر وضوحا واكتمالا ،عندما نناقش التجربة الجريئة بكل سلبياتها وإيجابياتها التي يقدمها من كتاب الأجيال السابقة والمعاصرة كل من نجيب محفوظ ويوسف إدريس وبعض من كوكبة الكتاب الجدد أمثال محمد روميش ومحمد البساطي وجمال الغيطاني وإبراهيم عبد المجيد وإبراهيم أصلان ومجيد طوبيا وعبده جبير ويحيى الطاهر وضياء الشرقاوي وصلاح هاشم وعبد الحكيم قاسم وبهاء طاهر وحسني عبد الفضيل… إلخ، وليس لترتيب الأسماء أية علاقة بالتقديم أو التأخير..”.
بقلم
صلاح هاشم
كاتب وناقد مصري مقيم في باريس.فرنسا
***
عن جريدة ” القاهرة ” العدد1228 الصادر بتاريخ الثلاثاء 30 يناير 2024