تأملات في زمن عابر بقلم فكري عيّاد
عقارب الزمن
تَجْرِي مع الرِّيَاح
أمواج العمر من سُكْرُةِ ألماً
تَمَوَّجَت وماجت عابرةٍ.
بَرَقَت في لمحِ البصَر.
جَثَّثَ في السُّهَادِ حُلمًا .
هَدْهَدَهَا طول عناء السفر.!
والرمل في أحضانه الناعمة ..
سَكَنَت حبّات السنين تُحْتَضَر.
أنغامًا .. وأنسامًا.. وأحلامًا..
تمدَدَت في خورهِ المُستعر .
نقشت حروفًا ونغمًا وألوانًا..
ورسُومًا على خاصِرَة الشجر.
زفرات عبرت سياج الزَّمَن.
توسَدت زِئْبَق صحوَة،
تمدَدَت في غفلة البَصَر ..
***
كأنَّها رعشة تنقُر الصمت.
بصيصًا على مدارجِ النَظَر.
إنبثقَ ثمّ توَارَى واِنقَضَى ..
فضْفَضَ الشجن، ثمّ مضَىَ.
وريقَة هارِبة من يدِ القدر.
***
أيامًا لا تُبقي وعدًا أو تلتزم.
تقْرُظَ كالجرذان ولا تَذُر.
أَبْخِرَة خَواء تلهثُ مُرهَقَة.
بَرَاحُها في محارة الصدر.
تُغني بوَهَنَ في الفراغِ سُدَى.
تسكبُ خواطِرهَا الشاردَة.
تتَلذذ في مُضَاجعةِ السهر .
***
إِفْتَتَنَ المنَام وتَعَشَّقَ بالصِبَا..
إِنْسَكَبَ أنين شَفايِفُ المجداف..
وتَدَفَّقَ الدمع هَبَاءًا وهَدَرًا.
هائمًا في زورق النسيان.
الأشواق في حَدَقَة العينين .
جَاشَت وفَاضَتْ في دمعِهَا.
ثم خَمَدَت فِي آنين صَدْرِهَا
غَلَتْ.. من رعونَة القدَر .
تاهت كالنورس الحيران.
على أرصفة الغربة تَنْهَمَرَ
.
***
“عجوز تُوَشْوُش في الفضَا
على شاطئ الغَيْبِ والمَعْلومٌ .”
في عينيك شيء تُدَارِيه.
لا تُراوِغ محَارَة الودع ..
صمتك يتَأَلَّمَ ويسألني.
من نظرة في مقلتيك!
أو حفيف يلثم شفتيك!
أم خيال ينعس في عينيك؟
بأي غفوة يابني ترَى؟
مضيت تسهر الخُطَى.
تبحث عن زَلْقَة ظلالك.
مع أي نجومِ أو قمر!
“حَيَّرَت الحَيْرَة من أمرك.
ذَوَى المَسْتُور في يدِ القدر. “
***
أتسأل الكذب عن اليقين.!
والصمتُ ينطقُ على الجبين.
دوِي آهات في زمن الغيوم.
على قلوع الأحزانْ تَسْتَخْبَرَ .
تَستشيرُ مستور الفناجين.
اِخْتَلَطَتْ مع زَبَدَ البَحر .
تتسكع في مضجعك .
في طيِّ بقايا الصور .
اِشْتَبَكَتُ مع وجدانك. .
مُثقلة في مخدعِك.
توَسَدَت حلمًا.. عابرًا.
بين مدٍ وجزٍ إندحَر ..
***
أجسادنا كأوراق الشجر.
تتساقط قضاءًا وقَدَرًا.
تُبهرنَا في غرفَة المجهول.
تطلُ بالقشور وإختفت.
تَتوَاري مع المَخْبُوء المنتظر.
***
تَعَطّرَ خَيَالي، بِنشوة أسكرتني.
وأجوبَتي تسابق أسألتي.
تسللت من شَرْخِ الذاكرة.
والزمان بكيتَهُ وبَكَاني.
طالَ غيابُكِ واِغترابي.
وكأنَّ الأمس ألف عام.
أمسَكـْتُ حيرتي اسألها.
لعلَّ خفقَها يُنَدِى روحي!
يُرسي شراعًا هدَّهُ السفر.
يعتقُ دفَة ركضي الواثبة.
والطيور تَتَسَابَق وتَتَبَارَى.
تَرَصُدَ في تَكَهُّن متحفزَة .
ما قد تبقَى في الذاكِرَة.
***.
“أطفأ القمر مجداف أضواؤه.
على نعاس الأنوار السابحَة ..
حَفِيفًا مُسالَمًَا، مُتَآلِفًا متأمِلًا..
عناق الرمال للموج السادِر .”
***
توارت البسمَة السَاحِرَة.
علي جناح الرياح الشاردة.
ذكريات مواكِب نسينَاها.
في سُكْرُةِ منامي تَنتَشِي.
أيام في ليالِينا سهرنَاها.
تموج على الصدر المقفَر.
توقظ الغيب الحاضر.
وتُرهف زَوَغَان البصر.
***
تسللتُ الى جوف مرآتي.
أزحتُ شراشِف ستائري.!
أيها الحلم اِستمهل الخُطَى.
مابتَّ فيكَ بدمع ينطق.
دَعَني أُحدُق فيك عاشقًا.
الليل في صمته، بطيئاً يُؤرق.
والنجوم تَبَارَيَت في زهوها.
من بَلَّورات النور تَسَبَّلَت .
مُخاصِرَه أضواء القمر.
***
أجبني.. ولا تدع العمر يجري.
أنظرُ في عينيك رُؤيا المُتمَنِي.
كأنَّي أبصرُ ما يتَجَسَّد ولا يُرَى.
هل أنت مَجِنَ حقيقة تستحي..؟
أو غمامة أوهام دَوَخهَا الزمن.
أم إِثَارَة تَطِيب فوق وسادتي.
أو آسرًا سحرًا، به أغوَيتني.!
تَمَدَد وإِسْتَحْوَذَ خواطرى.
على بساط الصدى شاردًا.
إنتَشَي وَمِيضاً بَشُوشًا.
ثم تهوي عَبُوسًا ساخرًا .
أخبرنى.. كذبًا أوصوابًا
لن يطولَ مُضَاجَعَةُ وهمي؟
الأيام تمشي حاملة قيدَها.
تمهلْ.. وألقي عبءَ السنين.
ولا تُغمضَ عينيك الواهية.
في هذيْ أحلامِهَا الشائكَة.
بقلم
فكري عياد.

فكري عيّاد كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن .المملكة المتحدة



