إستهلال
من صفحة الفنانة التشكيلية أ. د.” ريم حسن.” كتب الاستاذ د. حسام رشوان.. عن الأيام الأخيرة في حياة الفنان الراحل “أدهم وانلي” رحمه الله. “فى مستشفى المواساة بالاسكندرية – الحجرة رقم 305 – الدور الثالث ، كان الفنان أدهم وانلى يرقد على سريره الذى يتكىء على جانب منه أخوه الاكبر سيف ، وحولهما أدوية و ألوان و زهور و أقلام للرسم وورق. * ويضيف عن شخصيته.. ” كان ذا روح مرحه ساحرة تجلت فى ايام صحته ولم تفارقه حتى فى ايام المرض و التوجع .. ولم يفقد الأمل فى الشفاء .” * وكان يوم 17 ديسمبر 1959 هو موعد أفتتاح معرض بيينالى الأسكندريه الثالث .. و قبل موعد الأفتتاح زاره وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة مع مدير البلدية حسين صبحى فى سرير مرضه .. وسجلت عدسات السينما هذه الزيارة ، واستعرضت لوحات الفنان التى رسمها داخل المستشفى مات ادهم يوم 20 ديسمبر 1959 بعد 3 ايام من افتتاح بينالى الاسكندرية الذى فاز فيه سيف بجائزة فن التصوير ، وكان فنانو مصر و ممثلوا فنانى 0دول حوض البحر الابيض المتوسط كلهم فى الاسكندرية فشاركوا جميعا فى تشييع جنازته. *
هذه بعض من مقتطفات من مقال عن الفنان الراحل.. “أدهم وانلي ” بقلم المؤرخ الفني أ. د.” حسام رشوان ” أكتب هذه التدوينة من القلب إلى الفنان السكندري..” الذي مهد الطريق.. .مع أسماء الرواد. في مشوار طويل للفن المعاصر، في الحقبة الذهبية.
***
( ..لا لمْ يَغبْ.. مازال هُنا..! فنان شامِخ.. ثاقب النَّظر.. أطَّلّ علينا بفرشاتِه. بِسحرٍ من حداثةِ تكويناته. إِسْتَهْوَى عيونِنَا، وأبهرِنا.. ثم مَضَى. يُجَسم وَيُثري، براعة المشاهِد أمامه. يأخذُنا إلى بُعْد آخر.. في طَوِيَّةِ داخِلَه. إسْتَقَى عالمَهُ..! من طَلاَوَتهِ وعُذُوبَتُهِ. إِسْتَمَدَّ رؤيته..! من أنسجةِ وعُصَارة فِكْرِه . “مْرَق في المشاعرِ المُظْلِمَة. مثلُ شِهَابًا، نَيِّراً ثَاقِباً.. مُتَأَلِّقاً مُنِيرًا… أطلق جناحيهِ.. وإنطلق.. رَسَمَ دَوْرَةُ زمانه. دَوَّارة أحلام هائِهة، في يَقَظَةِ خيالِه. نشوة طَرَب راقصة. في طَوَّفَةِ روحِهِ سَلِسَة قَاطِنة. يَقْطِفُ قَطَفَاتْ مُذهِلة. من مَقْاطِفِ الحياة حوله. يُنْبِتِهَا على قيثارة أنفاسه. أنهلت الحانِها..نغمات تَأَوَّهت. آهات الألم.. تَكَتَّمت وصَمِتَت.! خلف قُضبان صدرِه تَوَارَت. عربدت “الأحزان”.! غزلت سقامِها.. وتأوهت.! وفي زورقِ عُمْرِه، تَسَرَبت. مع صمتِ آنِينَه تعانقت.. يُحَاصِرَهُ القدر.! ويحتار من يقظتِة. وجدائل أحلامه مُدِرَارة حوله.. وَلُودَة مُخْصِبة. تسابق صحوتِه…
… لا.. لمْ يَغبْ.. ” أدهم ” دَاهَمَهُ القدر في غفلةٍ..! لا تَبْتَئِسْ أيها القدر الحزين .. قد يسألونك.. كيف رحل..؟ أنشد.. ولا تندَّم.. أَطْرِبْ لحن الخالدين. أَنْقِش إسمهُ.. على جبين السنين. أعماله دُرَّاتُ خَالِدَة. بريقاً باقِياً.. في مُقْتَطِف سيرتِه. على شفق الخلود منيراً. هُيَام فنان يرصد “سيرك الحياة ” حافلاً. دبيب كل الأحياء، تترونق في حلبتِهِ. تَبَايُن أوَ تَخَالُف.. أو تَجانُسٌ وَتَنَاغُمٌ.. تطوف في باطنه، تستيقظ على تَوافُق . .. كَأنَّها “عالم الغيب” يُجَسِدَهُ بألوانِه. حُبّ وشَغَف الحياة..! في ساقية عينيهِ دائراً. إِسْتَنْشَقَ حب الحياة.. من رئتي غادِرة.. إسْتَقَى الإبداع ..من آلامهِ. وَرَسَمَ الجمال، في دهشةِ عيوننا. إِنْتعَش.. غائِباً.. حَاضِراً. سَلِبَ بعزيمتهِ ألبَابِنَا.. ثَرِيٌّ أعماله.. منطلقة متحررة. منتشية حَوْلَ نَفْسِهَا. تَدُورُ وتَلُفُّ.. تعبر الأجيال ترقد في غابةِ أحلامِنا. تفك غُصَّة الغُمَّة حولنا. كأَنَهَا صَدَّى “صَوْت الجمال” … إقْتَنَصَهُ بفرشاتِهِ وأعادَهُ لنا. ألوانهُ بقيت معهُ، في وفاءٍ تُرَافقهُ. تُجَفْف دمْعَتِنَا، ودمْعَتَه. تؤانس طَوِيَّة النفسِ الحزينة. في الفراش راقِدة. … لا لمْ يَغب.. شَفَافِيَّة “فنان” في محراب عشقهِ. مُنْسَجِمَاً مُتَناغِماً. يَغْزِلُ رنَّات أَنينهُ، من فُتْنةِ فُرشاتِه. يسابق زمانِه. حتَّى أواخِر أيامِه. ناسِكاً.. عاشِقاً.. أوتارِه.. تحسَّسَ خدرِ الجمال. بأنَامِل حسّاسَة مُرْهَفَة. لمسات حانية، من فرشاتِه، أَسَالَت نبضاتِها.. غزلت في القلوبِ رحِيقَهَا . فنان يرصد ويُدَاعِب. “الحياة “..بمهارةِ نظراتِه. يَبحر في شُطُون رؤيتِه . يتابع الكِتْمان، والمستور خلف الأقنعة. وما وراء ستار كواليس حياتِنا. أنفاسه تَتَنَهَد مع ميلاد”جنين” لوحاته. ضوءِ من أحلامهِ المُشْرِقَة. ورحلة البحث الدؤوب عن المعرفة. دُورْ.. وَدَوَّر.. يازمن دوْرَتك. إبحث عن دَارَةِ “أدهم” وإسْتَنشِق نسمات الجمال، من نورِ هَالَتُه.. إن دَارَات بك دَوَّرَة أقدامك. في فُلْكِ دَوَرَانك. وَوَهَنَتْ نظراتك شاردًا.. في طَوَّفَةِ أيامك. تمهل في ذُرْوَةِ عِلْياءك.. أَطْلِق وَأَخْلِى سَبِيل خَيَالك . أَعْتَقَ الكون كله.. وإضطجع وَأغْفَي، وَأَغْمَضَ عينيك. أرض الخلود في إنتظارك. أهَنِئَ وَإِرْتَوِىَ. وتَمَدَّدْ في صُحْبةِ رُوَاد عصرِنا. لاتَخْتَفِي أيها الزمن الجميل..؟ كم من زمان غَفَا..! وَأَفَاقَ وَإِسْتَفاقَ.. وَإِسْتَيْقَظَ على صدرِ مَصْرِنَا. وإسترخِي مع وتريات فرشاة فنونِنَا. وإستَمْتَع في تَنَعُّم وتناغم الألوان المُبهِرَة. يا “أدهمَ” أنت باقِياً. مُرْتاحاً ومُنْشَرِحًا.. هانِئًا. في روحِ الذاكِرة.! لا.. لمْ تَغبْ.. أو ترحل..! وتَغْفَى شُعْلَتِك، وَتَغَيِبَ في مَنِيَّةِ الرَدَى. خُطاكَ أزهارِها يانِعَة. رحيق جمالِها، يعيش فينا. فَيْض يَسِيلُ في وجدانِنَا.. يدِ المرض الغادِرة. دَاهَمَتُك في غَفوَةٍ .. على صهوةِ إبداعِك. .. لا.. لم تَغبْ..! چِينات الخلود مُتواصِلة. من عروقِ “أدهم وانلي “سابِحَة. كنوز مُنْتَعِشَة، في الذَاكِرة. تَنْتَشِي مع “مايسترو” في محراب الفن، ظلَّ عاشقاً زاهِداً. لا يجود الزمان بمثلهِ، في دورةِ زمَانِنَا .)..
فكري عياد
فكري عيّاد كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن .المملكة المتحدة
–
لا لمْ يَغبْ.. مازال هُنا..! فنان شامِخ.. ثاقب النَّظر.. أطَّلّ علينا بفرشاتِه. بِسحرٍ من حداثةِ تكويناته. إِسْتَهْوَى عيونِنَا، وأبهرِنا.. ثم مَضَى. يُجَسم وَيُثري، براعة المشاهِد أمامه. يأخذُنا إلى بُعْد آخر.. في طَوِيَّةِ داخِلَه. إسْتَقَى عالمَهُ..! من طَلاَوَتهِ وعُذُوبَتُهِ. إِسْتَمَدَّ رؤيته..! من أنسجةِ وعُصَارة فِكْرِه . “مْرَق في المشاعرِ المُظْلِمَة. مثلُ شِهَابًا، نَيِّراً ثَاقِباً.. مُتَأَلِّقاً مُنِيرًا… أطلق جناحيهِ.. وإنطلق.. رَسَمَ دَوْرَةُ زمانه. دَوَّارة أحلام هائِهة، في يَقَظَةِ خيالِه. نشوة طَرَب راقصة. في طَوَّفَةِ روحِهِ سَلِسَة قَاطِنة. يَقْطِفُ قَطَفَاتْ مُذهِلة. من مَقْاطِفِ الحياة حوله. يُنْبِتِهَا على قيثارة أنفاسه. أنهلت الحانِها..نغمات تَأَوَّهت. آهات الألم.. تَكَتَّمت وصَمِتَت.! خلف قُضبان صدرِه تَوَارَت. عربدت “الأحزان”.! غزلت سقامِها.. وتأوهت.! وفي زورقِ عُمْرِه، تَسَرَبت. مع صمتِ آنِينَه تعانقت.. يُحَاصِرَهُ القدر.! ويحتار من يقظتِة. وجدائل أحلامه مُدِرَارة حوله.. وَلُودَة مُخْصِبة. تسابق صحوتِه… … لا.. لمْ يَغبْ.. ” أدهم ” دَاهَمَهُ القدر في غفلةٍ..! لا تَبْتَئِسْ أيها القدر الحزين .. قد يسألونك.. كيف رحل..؟ أنشد.. ولا تندَّم.. أَطْرِبْ لحن الخالدين. أَنْقِش إسمهُ.. على جبين السنين. أعماله دُرَّاتُ خَالِدَة. بريقاً باقِياً.. في مُقْتَطِف سيرتِه. على شفق الخلود منيراً. هُيَام فنان يرصد “سيرك الحياة ” حافلاً. دبيب كل الأحياء، تترونق في حلبتِهِ. تَبَايُن أوَ تَخَالُف.. أو تَجانُسٌ وَتَنَاغُمٌ.. تطوف في باطنه، تستيقظ على تَوافُق . .. كَأنَّها “عالم الغيب” يُجَسِدَهُ بألوانِه. حُبّ وشَغَف الحياة..! في ساقية عينيهِ دائراً. إِسْتَنْشَقَ حب الحياة.. من رئتي غادِرة.. إسْتَقَى الإبداع ..من آلامهِ. وَرَسَمَ الجمال، في دهشةِ عيوننا. إِنْتعَش.. غائِباً.. حَاضِراً. سَلِبَ بعزيمتهِ ألبَابِنَا.. ثَرِيٌّ أعماله.. منطلقة متحررة. منتشية حَوْلَ نَفْسِهَا. تَدُورُ وتَلُفُّ.. تعبر الأجيال ترقد في غابةِ أحلامِنا. تفك غُصَّة الغُمَّة حولنا. كأَنَهَا صَدَّى “صَوْت الجمال” … إقْتَنَصَهُ بفرشاتِهِ وأعادَهُ لنا. ألوانهُ بقيت معهُ، في وفاءٍ تُرَافقهُ. تُجَفْف دمْعَتِنَا، ودمْعَتَه. تؤانس طَوِيَّة النفسِ الحزينة. في الفراش راقِدة. … لا لمْ يَغب.. شَفَافِيَّة “فنان” في محراب عشقهِ. مُنْسَجِمَاً مُتَناغِماً. يَغْزِلُ رنَّات أَنينهُ، من فُتْنةِ فُرشاتِه. يسابق زمانِه. حتَّى أواخِر أيامِه. ناسِكاً.. عاشِقاً.. أوتارِه.. تحسَّسَ خدرِ الجمال. بأنَامِل حسّاسَة مُرْهَفَة. لمسات حانية، من فرشاتِه، أَسَالَت نبضاتِها.. غزلت في القلوبِ رحِيقَهَا . فنان يرصد ويُدَاعِب. “الحياة “..بمهارةِ نظراتِه. يَبحر في شُطُون رؤيتِه . يتابع الكِتْمان، والمستور خلف الأقنعة. وما وراء ستار كواليس حياتِنا. أنفاسه تَتَنَهَد مع ميلاد”جنين” لوحاته. ضوءِ من أحلامهِ المُشْرِقَة. ورحلة البحث الدؤوب عن المعرفة. دُورْ.. وَدَوَّر.. يازمن دوْرَتك. إبحث عن دَارَةِ “أدهم” وإسْتَنشِق نسمات الجمال، من نورِ هَالَتُه.. إن دَارَات بك دَوَّرَة أقدامك. في فُلْكِ دَوَرَانك. وَوَهَنَتْ نظراتك شاردًا.. في طَوَّفَةِ أيامك. تمهل في ذُرْوَةِ عِلْياءك.. أَطْلِق وَأَخْلِى سَبِيل خَيَالك . أَعْتَقَ الكون كله.. وإضطجع وَأغْفَي، وَأَغْمَضَ عينيك. أرض الخلود في إنتظارك. أهَنِئَ وَإِرْتَوِىَ. وتَمَدَّدْ في صُحْبةِ رُوَاد عصرِنا. لاتَخْتَفِي أيها الزمن الجميل..؟ كم من زمان غَفَا..! وَأَفَاقَ وَإِسْتَفاقَ.. وَإِسْتَيْقَظَ على صدرِ مَصْرِنَا. وإسترخِي مع وتريات فرشاة فنونِنَا. وإستَمْتَع في تَنَعُّم وتناغم الألوان المُبهِرَة. يا “أدهمَ” أنت باقِياً. مُرْتاحاً ومُنْشَرِحًا.. هانِئًا. في روحِ الذاكِرة.! لا.. لمْ تَغبْ.. أو ترحل..! وتَغْفَى شُعْلَتِك، وَتَغَيِبَ في مَنِيَّةِ الرَدَى. خُطاكَ أزهارِها يانِعَة. رحيق جمالِها، يعيش فينا. فَيْض يَسِيلُ في وجدانِنَا.. يدِ المرض الغادِرة. دَاهَمَتُك في غَفوَةٍ .. على صهوةِ إبداعِك. .. لا.. لم تَغبْ..! چِينات الخلود مُتواصِلة. من عروقِ “أدهم وانلي “سابِحَة. كنوز مُنْتَعِشَة، في الذَاكِرة. تَنْتَشِي مع “مايسترو” في محراب الفن، ظلَّ عاشقاً زاهِداً. لا يجود الزمان بمثلهِ، في دورةِ زمَانِنَا . فكري عياد