إني أتذكر على نبوي وعصابة الأسكندرية ومطرح مانمشي مع الأحلام بقلم عاطف الصبروتي
“ عصابة إسكندرية ” ومحبة الفن والحياة
بقلم
عاطف الصبروتي

مؤخرا كنتُ فى قاعة المسرح الكائنة فى ” قصر ثقافة الشاطبى ” حاضرًا ندوة تأبين الصديق العزيز نبوى، بدعوة من ابنه الصديق العزيز محمد ، وبلا شك حتى لو لم أتلق هذه الكريمة منه، وهو مشكور عليها، كان فى نيّتى ورغبتى الحضور طبعا.الباحث السينمائى على نبوى صديق أعرفه منذ النصف الثانى من الثمانينات حيث بداية حضورى نشاط ” جماعة الفن السابع ” فى ” إتيليه إسكندرية ” فى مبناه السابق، الفيلا الجميلة العريقة التى تحمل رقم 6 شارع فيكتور باسيلى المتفرع من شارع فؤاد. كان الباحث السينمائى على نبوى أحد مؤسسى هذه المجموعة النشطة،
وكان أيضًا واحدًا من ” العصابة “، ” عصابة إلاسكندرية “، وهو الاسم الذى أطلقه علينا الكاتب والمخرج الأستاذ صلاح هاشم على مجموعة من أصدقائه الذين يحب أن يلتقى بهم فى كل زيارة لإسكندرية وهم يحبون ذلك أيضًا ويحرصون على لقائه .إسكندرية التى أحبها صلاح هاشم – ومازال- من أول مرة حضر إليها عندما كان طالبًا فى كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية، جامعة القاهرة. اعتقد أن سبب حضوره هو لعب مبارة كرة قدم مع فريق آداب القاهر القاهرة، هذا إن لم تخنى الذاكرة.الصديق العزيز صلاح هاشم هو الذى أطلق علينا هذا الاسم ” عصابة إسكندرية “، نحن المجموعة التى تسعد بوجوده وتفرح بلقائه كلما حضر إلى إسكندرية، هو الزعيم، ” زعيم عصابة إسكندرية “، وأعضاء العصابة هم الصديق العزيز على نبوى و الصديق العزيز الفنان إبراهيم فرحات.هذه المجموعة يجمعها الحب والمحبة، حب الفن والإبداع بكافة أشكاله وأنواعه، الفنون البصرية كالرسم والنحت، والفنون السمعية كالموسيقا والغناء، والفنون السمعبصرية كالسينما والمسرح، هذه المجموعة يجمعها حب الحق والخير والجمال وكل ما هو طيب وأصيل ونقى.لا يمكن أن أنسى يوم مناقشة كتاب ” الحصان الأبيض “, فى مكتبة إسكندرية، بالتحديد فى ” مختبر السرديات ” الذى أسسه ويديره الأديب منير عتيبة، كان عدد الحضور كبيرا فى تلك الندوة من الأدباء والكتاب ومحبى الأدب نظرا لما تتمتع به ندوات” مختبر السرديات ” من تميز ومصداقية فى الوسط الثقافى.وقبل الندوة بفترة كافية تم إرسال المجموعة القصصية ” الحصان الأبيض “, بصيغة ” بى دى اف “إلى جميع رواد ” مختبر السرديات ” لقرائتها، وهذه هى الطبعة الثانية للمجموعة بعد طبعتها الأولى التى صدرت من سنوات بعيدة.قام بإدارة الندوة بمهارة منير عتيبة، بدأها بالتعريف بصاحب المجموعة القصصية ثم تقديم د. محمد مخيمر صاحب الدراسة النقدية الرصينة المتعمقة لمجموعة ” الحصان الأبيض “, ثم مداخلات وتعقيبات وكلمات الحاضرين ثم كلمة القاص صلاح هاشم. لم تشبع ” عصابتنا ” من متعة الحضور والنقاش الذى دار فى الندوة فأكملنا حديثنا فى أحد المقاهى على بعد خطوات من تمثال سعد زغلول ومحطة الرمل وشط اسكندرية.تشغل المقاهى جزءا كبيرا من لقاءتنا سواء كانت على الأرصفة فى الشوارع, أو التى نجلس فيها على مقاعد وثيرة وسط هواء بارد مع سماع موسيقا . نفس الأمر فى المطاعم . المهم أن يستمر الحوار والنقاش وتبادل الأراء بيننا سواء كنا نتمشى أو كنا جلوسا طلبا لبعض الراحة.قد يرى البعض أن التمشية فى الشوارع بلا مقصد محدد، وما يتخللها من جلوس فى مقاهى ومطاعم قد يكون ” صعلكة “، نعم، هى ” صعلكة ” لكنها ليست مضيعة للوقت هباء، سأستعير هنا قول أستاذى وصديقى صلاح هاشم،وصفه الجميل بأنها ” صعلكة منتجة “، بمعنى منتجة نتيجة إيجابية ولكنها غير مباشرة قد لا يحس بها سوانا نحن ” المشائين “, هى ” صعلكة ” تصقل النفس وتشحذ الهمم. هل فى هذه الدنيا أجمل من أن تلتقى مع من تحب وتجلس مع من تحب وتتحدثون بكل أريحية وشفافية عن أشياء تحبونها وعن أشخاص تحبونهم، هؤلاء الأشخاص ليسوا بالضرورة نعرفهم جميعهم معرفة شخصية، بل منهم من رأينا أعمالهم أو سمعناها أو قرأناها !أتذكر جلوسنا أحيانا فى كافيه مشهور على البحر فى منطقة محطة الرمل، فى ذاك المكان أحضر فنان البورترية الفنان إبراهيم فرحات رسما لوجه صلاح هاشم مهديا إياه، استخدم الفنان إبراهيم فرحات فى تنفيذ ذلك العمل الفنى قلم فحم أو قلم رصاص أو ربما كلاهما.فى نفس المكان وبعدها بسنة أو سنتين كانت آخر مرة التقينا الصديق على نبوى وقد أهدى أستاذ صلاح وأهدانى نسخة من كتابه الذى طبعه وعنوانه ” مجلة الإثنين: قراءة استكشافية فى المضمون والمحتوى السينمائى “, وقد كتب الإهداء أمامنا، أيضا أهداه أستاذ صلاح أحد مؤلفاته الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتابغاب عنا الصديق على نبوى، لكن مازالت عند باقى العصابة بقيادة زعيمنا صلاح هاشم، متعه الله بالصحة والعافية وهمة العمل، تلك الرغبة فى استمرار لقاءات ” عصابة إسكندرية ” الممتعة للعقل والمنعشة للروح كأنها واحات ظليلة فى صحراء الحياة أو محطات للتزود بالوقود فى سفر مكتوب علينا.يقول سيد حجاب فى تتر بداية مسلسل الأيّام من تلحين عمار الشريعى وغناء على الحجار ( ماشى فى طريق الشوك ماشى، ماشى لكن ” قلبى ” مطرح ما يِمشى يُبدُر الأحلام )، سأقول على لسان عصابتنا الموقرة: ( لكن ” إحنا ” مطرح ما ” نِمشى ” ” نُبدُر” الأحلام )فقط بعض ما قرأتموه انا قلته فى كلمتى فى ندوة تأبين الصديق على نبوى بقصر ثقافة الشاطبى لأنى تعمدت حينها أن أختصر وأوجز فى كلمتى حتى أفسح الوقت أمام الآخرين الذين يودون الحديث عنه من أسرته وأصدقائه ومحبيه, ألم أقل أنه الحب الذى يجمعنا، ومطرح مانمشي..مع الأحلام










