تفاعلات الخبر الصاعق إعتزال المخرج السينمائي المصري الكبير داود عبد السيد بقلم ولاء عبد الفتاح
خبر صاعق في الوسط السينمائي المصري ،الذي صار مكرسا بأكمله لمجموعة محدودة جدا من المنتفعين من المخرجين والممثلين والمنتجين والموزعين والإنتهازيين، ألا وهو إعلان المخرج السينمائي المصري كبير داود عبد السيد عن إعتزاله..
المخرج السينمائي المصري الكبير داود عبد السيد
وذكر داود أنه مجرد “تحصيل حاصل”، لأنه لم يعمل منذ سنوات، مشيرًا إلى أن آخر أفلامه، كان “قدرات غير عادية” في 2015.
وأوضح داود خلال مداخلة هاتفية مع الصحافي محمد الباز، في برنامج “آخر النهار” المذاع عبر فضائية “النهار”، أنه ظلّ لفترات طويلة بدون عمل، وتلك ليست المشكلة، ولكن الجو العام في السينما، لا ينبئ بأي تغيير.
وأردف: “لم أفكر طويلًا في قرار الاعتزال، وليس اعتزالا مشروطًا، فلا أرى احتمالات لتغير السينما، لو فيه مكان قرر يقدم فيلم هدية ليا، القضية ليست أنا وإنما أجيال، ومواهب موجودة في السينما المصرية، الأمور محتاجة إصلاح عميق، فالسينما الحالية سينما تجارية أو تشحذ دعم من الخارج، وتقدم أفلاما هائلة، لكن لا يقبل عليها الجمهور”.
ولفت إلى أنه في الثمانينيات والتسعينيات في القرن الماضي كان يوجد مجموعة جيدة من الأفلام للمخرجين الشباب، هي المتسيدة، والمشكلة الآن أن الجمهور تغير، مردفا: “أنت غيرت الجمهور، الجمهور اللي بيروح السينما في غالبيته ليس لديه هموم ولا اهتمامات، وإنما يبحث عن التسلية، في قاعات فاخرة متناثرة في المولات بعيدة عن التجمعات السكنية”.
ولفت إلى أنه قديما دور السينما كانت في الأحياء السكنية، وهو ما لم يعد موجودًا.
داوود عبد السيد كان قد أعلن اعتزاله خلال حواره ببرنامج “في المساء مع قصواء”، مع الإعلامية قصواء الخلالي، على فضائية CBC: “ماقدرش أتعامل مع الجمهور الموجود حاليا ونوعية الأفلام التي يفضلها، لأنه يبحث عن التسلية، ومشكلة أفلام التسلية أنها ممولة بشكل كبير، وأفضل أن يكون تمويل الفيلم من تذكرة السينما، ومن وجهة نظري أن جمهور هذه الأيام لا اهتمام له بمناقشة القضايا، لكنه يبحث عن التسلية”.
وأضاف “عبد السيد”: “في أحد الأفلام يقوم البطل بتحطيم سيارتين على غرار ما يحدث في بعض الأفلام الأمريكية، فهل هذا الأمر هام؟! أرى أن هذا النوع من المشاهد غرضه التسلية، لا للبحث عن شيء حقيقي في النفس البشرية، ولا فائدة أيضا من مشهد يحمل البطل فيه سلاح آلي ويضرب رصاص، لم أرى هذه المشاهد في الحقيقة، وخاصة السيارات التي يتم تحطيمها إلا في حالات محدودة، هذه المشاهد منقولة عن الأفلام الأمريكية التي تقدم فنًا تجاريًا لكن بشكل احترافي وحبكة أقوى”.
الناقد السينمائي المبدع صلاح هاشم
وقد تفاعل عدد من الكتاب والمفكرين ونقاد السينما المصرية المعروفين في المشهد الثقافي المصري بخصوص إعتزال داود عبد السيد، من ضمنهم الكاتب والناقد المصري الكبير صلاح هاشم ( السينما العربية خارج الحدود)المقيم في باريس وينتمي أيضا الى جيل الستينيات الذي ينتمي إليه داود عبد السيد
الذي قال أن هناك إتجاه أو بالأحري ” مافيا ” تتحكم في السينما المصرية بالذات الآن، وبالتواطؤ مع ودعم الأنظمة السياسية التي تحكمنا، وتكرس أعمالها للسفالة والهراء العام والتريندات، لصتع أفلام تجارية رخيصة وتافهة، تروج للعنف المجاني وتشويه مجتمعاتنا ، بأخلاق العشوائيات، لتصنع أفلاما بلا فكر ولا هم ولا قضية، كتلك التي يتحدث عنها داود عبد السيد..
وتضم هذه المافيا حلقة صغيرة جدا من أصحاب المصالح المادية الأنانية النرجسية الضيقة،من منتجين وممثلين وموزعين ومدراء مهرجانات ورجال أعمال، ولايهمهم أمر السينما الفن في شيى أبدا،ولاتعني لهم إلا ” بضاعة “، وشباك تذاكر وتسلية جماهير مجتمعات الفرجة الجديدة الموجودة في جميع المجتمعات وصارت المهيمنة والسائدة
واللي مش عاجبه ينفلق ،ويشرب من البحر..
و أعتبر هاشم إن إعتزال داود عبد السيد غير مقبول تماما، من فنان ومخرج سينمائي تنويري كبير – السينما فكر أولا -مثله
لأنه يعني الإستسلام لعصابة ” المافيا” المذكورة، وجيوشها التي تطبل وتهلل وترقص لنشر ثقافة ألهراء العام، بموافقة ودعم الموسسة الرسمية ومستشاريها الكبار، ومعروفين بالأسماء، ومن ضمنهم و من بعضهم، مجموعة خرجت علينا في مهرجان سينمائي لرجل أعمال، بأن الفيلم المصري ( ريش ) للمصري عمر الزهيري الفائز بالجائزة الكبرى للتظاهرة إسبوع النقاد يسييء الى بلدنا العظيم مصر- ( ولم نسأل بإيعاز من من ؟ ولمصالح من ؟ وللتكريس لأي قيم وفكر وثقافة ؟ ) – وينشر على السطوح غسيلها الوسخ،
كما أن إعتزال داود عبد السيد، في رأي هاشم، يعني إختفاء “رمز” من الرموز السينمائية الفكرية والإبداعية والتنويرية المقاومة، التي نحن في أشد الإحتياج إليها ، لتحقيق “التغيير” المنشود – لاشييء يثبت أبدا على حال – ولن يفت من عزيمتها على الكفاح ، ولن تستسلم ، ولن تعتزل.