شارع النيل. من وحي الصورة بقلم فكري عيّاد
وقف يتأمل..! يلقى غَمَزَهُ عينيهِ في رحابِ الفضاء. يغمر فكره ، بلمحةِ إشتياق. في طَوِيَّة المساء. مبلل الفكر.. يَغبُ من تَبَخُرِ العمرِ. يَبَحَثُ ويُقلب ستائر خَبَايَاه. ذكريات وحكايات.. مثل سهمٍ أرْدَاه. أزْكَت في الروحِ حنيناً ورحيقاً. وهَجَت وتضنّت،في عينيهِ، صَبًابة الأحلام.. يستجدي من ركب العمرِ ، قطفة من بقاياه. ذكريات.. تَبَعْثَرَت وَتَشَتَّتْ.. في مفترق الطرقات. دَمْعَة تدفعُ تَلَهُّف دًمْعَة.. تَطُوف.. تُحلق.. في السماء. تَبَدَّدَت.. تَمَزَّقَت تَناثَرَت.. إِمْتَطَت، وإِعْتَلَت سَرِيرَة الفضاء. إِنْفَرَطَت، وتغلغلت، في عتمةِ السحاب .. شوقٍ طَوَّاف.. جَوَّال حائر. أرهقه السفر والعياءِ. كطير مهاجر يبحث عن نافذةِ ضياء. يحمل حقائبِه.. راحلاً. على ظهرِ الأيام.. وكأنه إمتطى صهوة جواد. في حلبةِ السباق. يُخاطب الذكريات، في دورة الزمان !.. إِحْتَشَدَت، وإِقْتَرَنَت معه بوثاقٍ.ٍ. كانت تمكث هنا..في سحرِ المكان. آه.. لو عادت حفنة من خيوط الزمان! شآبيب وغَمَرَةُ أنفاسِها في الحلق. آهات وزفرات. تعطر وَتَطَيَّب نسمات الهواء . شَقَاوَة وطرب وهَنَاء. تلهب وَجْدْ الحنان. وعذبِ شَهِيّة اللقاءات. همسات مُتَلَعثِمة، تُلامس ثغر الشفاهِ. وعِفَّة بَرَاءة ناعِسَة، على وجناتِ الحَيَاء. يا ذكرياتِ.. عمرِنا.. كنتِ أَنتِ وأنا.. في عُزْلَتِنا، مَزَجَنا قدرِنا. نقشنا أحلامنا، على جِذُوعِ الأشجار. مازال رحيق صُحْبَتِنا، نشوة سُكَّرِيّة. نقشِ ودَمَجَ بصمته، على كَفِ الأيام. خفقات.. همسات.. لَذِّيَة نَقِيَة.. من مزهرةِ الإرتواء. يا دمعتي.. أخبريني.. هل مازالتِ موجودة هنا..!؟
أم رحلتِ عني.. وتواريتِ، وإمتزجتِ، في سترةِ الخفاء. تحاورين أمسي.. ودُوَّامَةُ ظمأ لهفتي. وفي إرتعاشات الماضي تختفي.. ياذكريات.. إِمْتَطَت النسيان.. لا تتعجلي الذهابِ. لا.. تمحِين طلاء شَفَتيكِ. في باحةِ العينان. أكملي همسِ أحاديثك. وإحتفي معي.. وإكشفي لهيب أشواقك. أتذكرين لمسات جَسُّ نَبَضَاتِنا. حين تلاقينا، في أولى أيامِنا. على ضفافِ النهرِ. تمرَحِين.. تفضِين.. غلالة الأمواج. سِابِحَة في أَديم اللّيلِ، ولا تغرقي. وكأنكِ عروس حسناء هاربة. من لُجَّة وعُبَابِ البحرِ.
شارع النيل فوتوغرافيا صلاح هاشم
إستريحي الآن على كَتِفِي. من أَحْجارٌ تَراكَمَت، على صدركِ. نطفأ بقبلة شفاهِنا، جُذْوَة الجمرِ .. كَحِلي أيامي الباقِية. من رذاذِ تَأَجُّج أنفاسك. أنت هُذي لؤلؤة.. من محارة نادِرة أتيتي. قمرنا من نورِكِ. يتجمل في ليلة البدرِ. قَبَسَ ضياؤه دَيْنًا. من بهجةِ وجهِكِ. كيف أنساكِ..؟ وفي غُربتي وحيدً أَمضي.! كيف أقْصِيك..؟ وأنتِ جوَى وحيرة غامِضَة، في أمري. مُرَافَقَة لِخُطَايَا، تعانقت وتَبَختَرتِ في ظلِي. على صهوةِ روحكِ.. تلهثُ أنفاس أيامنا. وكأنها قَيْظٍ.. شفى غليلُهُ في راحةِ قلبِي. ذكريات..عبرت سياج الزمان..! هدُوئِها “هدير” من قيثارة الصمتِ.! بَضّ رَخْوة في نبضي سائِلة.. لَيْنة وناعِمة.. رَقِيقة على جَلاَفَةِ وَخْم وسادتي. غَليظٌة فَظٌّة أو قاسٍية.
أنت معي.. وهج الروح والقلبِ. ذكريات.. مُتَكَتِمَة.. مُتشابِكة. في البَأسَاءِ وَالضّرّاءِ. تَحَايَلت على قدرِي. وسَقْيَت من عُصَارةِ الأنْوَاءِ. تنازع زمن المراوغة والإِفْتِراءِ. ترمي قبلة سهامِها.. وتَرْبِتُ حانية على كتفي. تأتي سهوة، في غفلةِ هَفْوَة. تخلو معي في مخدع الإِشْتِيَاق. تعانق روحي.. تمسح بكائي. تَشْجِي ضَرَّاءٌ ضَنْكِها. على خفقاتِ صدري. مُستَسلِمة.. عارية الرداء. تَطُوف في عتمةِ الليلِ. تهيم في النفس صامتة، بلا ضوضاء. تَْغمُر ذَكْوَة سَعِيرهَا.. في حدقةِ عيني. خُفُوتْ خطواتِها هارِبَة، مٍتَسَربِلة. في خُبُوَةِ جِفُون أحلامي. ياذكرياتِي.. تَفَرقَ القرباءِ.. والأحباء. وَكثِرت ثرثَرَة الأقْوَالِ وَالآرَاءِ. وتمرد جنين الفكر في الأحشاءِ. نزوات حمقاء، تتزين نعلُ الأقدام مُتزاحِمة. وقلادة “الزيف” مُسْتَرخِية. في عيون كفيفة. وصدور الغوغاءِ. وعقارب الآيام فقدت أقدامِها. ماضية في سباتِها، إلى حتفِها. تَعَرْقُلُ وتَشَوُّشُ مَسَرةِ، ومَسِيرَة الأحلام . ياذكرياتِ الأمس النائِمة.. يا شُعْلَة ذائبة في حدقةِ عُمري .. أَطُوف معكِ دائراً.. دَوَّارًا ساهداً. أعاتب تَخَاذَل وتَرَاخٍَ خَوَر قدركِ وقدري. وحيداً أمضي.. أحمل عدسة أفكاري، سائراً.. في مُنَاوَرَة الأجواءِ . ودَمْعَة.. تدفع شَجَن دَمْعَة.. حائراً.. في مفترقِ الطرقِاتِ. وصدى أحلامي، يرقد أمامي هامداً. يُرونِق حُسْن ورَوْعَة الضُّحا. ويعود خَاوِياَ.. خالي الوفاضِ. يَتَمَسَحَ في حِرْزِ وَرُقْيَة تَمِيمَة الأحلامِ. ياذكرياتِ..إِحْتَجَبَت وتَخَفَّيَت في مرآتي. أين عَهْدُكِ ومِيثاقكِ..!؟ أبحث عنكِ.. أين رحلتِ..؟ أيتها الحقيقة الغائبة. لماذا تُخْفِي فِي بَاطِنِك مَسْتُور أسْرَارِك. أشلاء أفكارٍ مُبَعْثَرة،. على أغصان وسيقان الماضي ..!!
فكري عياد
من مزهرة فكرك. صورة من عدستك صديقي صلاح هاشم ،جعلتني ابحر في أعماقها. وكتبت تلك الاسطر. تحيات وسلامات
فكري عيّاد باحث وكاتب وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.اللملكة المتحدة