صبحي شفيق وسؤال الهوية.فيلم جديد لصلاح هاشم وسامي لمع
فيلم ” صبحي شفيق وسؤال الهوية ” هو فيلم وثائقي طويل 52 دقيقة.تصوير ومونتاج سامي لمع ، وسيناريو وإخراج صلاح هاشم.وسوف يعرض قريبا عند الإنتهاء من مونتاج الفيلم في مصر في مهرجان ( جاز وأفلام ) قريبا.
ينحاز فيلم ” ريش ” لعمر الزهيري الذي أثار ضجة عند عرضه في مهرجان ” الجونة ” بدعوى أنه يسيء الى صورة مصر
ينحاز في فكره لإتجاه ،يطلق عليه المخرج د.صبحي شفيق وشيخ النقاد السينمائيين في مصر والعالم العربي إسم المواجهةCONFRONTATION
فكر المواجهة السينمائي المستنير ، الذي يحكي عنه د.صبحي شفيق في الفيلم المذكور،،هو الفكر الذي يطرح السؤال الملح : من نحن؟ – سؤال الهوية . النهاردة الناس كلها بتسأل أنا مين، الشعوب بتسأل إحنا مين ؟. – ويقف في معسكر الإبداع CREATION- بمعنى أن نصنع أفلامنا بأنفسنا ولا نقلد .
فكر ضد التقليد ،وإقتباس نماذج الأفلام التجارية، الخارجة لتوها من مصنع الأحلام في هوليوود..مثل شطائر الهامبورجر للإستهلاك السريع ، وإقلب وغيره، وهكذا دواليك .المحافظة على وتيرة الإستهلاك
وفيلم ” ريش ” ينحاز الى هذا التيار في الفكر السينمائي، تيار المواجهة CONFRONTATION المغاير، الذي يلخص فلسفة د,صبحي شفيق في السينما، تيار الفكر السينمائي الحر المستقل المستنير ،الذي يريد للسينما ، في مواجهة فكر السينما التجارية الاستهلاكية المصرية، التي جعلتنا في معظم أفلامها التافهة مسخا، وغرباء في الأوطان، أن نتطور ونتقدم ونخترع ” نظرة” جديدة – كفانا مزايدة – وتحريك المياه الراكدة.
صبحي شفيق : السينما أهم فن يحمل الإجابة على سؤال الهوية
عرفت مصر النقد السينمائي مع العروض الأولى للأفلام الأجنبية عام 1896،ثم الأفلام المصرية القصيرة عام 1907، والطويلة عام 1923، وفي منتصف الخمسينيات – كما يذكر الناقد الكبير سمير فريد في كتابه ( صبحي شفيق الناقد الفنان ) الصادر عن المهرجان القومي السابغ للسينما المصرية 2001-
تطور النقد السينمائي تطورا كبيرا،سعد نديم وكامل يوسف وأحمد الحضري وفتحي فرج وهاشم النحاس وغيرهم ..
وينتمي المخرج د.صبحي شفيق- الى جيل الخمسينيات من نقاد السينما المصريين ،وقد مارس الإخراج السينمائي – فيلم ” تلاقي ” عام 72 ، ثم التليفزيوني، الى جانب النقد،
وكان الوحيد الذي أتيح له أن ينشر مقالاته النقدية في جريدة ” الأهرام ” منذ بداية الستينيات، ولذا فهو يمثل، “نقطة التحول “من نقد جيل الخمسينيات الى نقد جيل الستينيات،
وبالتالي كان تأثيره، من خلال كتاباته النقدية عن السينما في الأهرام، أكبر من تأثير الحضري وراشد والنحاس وفرج، الذين نشروا مقالاتهم في مجلة ” المجلة “، وغيرها من المجلات ..الموجهة للنخبة..
وفي الصفحة الرابعة من الكتاب المذكور،يصرح الناقد الكبير سمير فريد
( .. وقد عرفت النقد السينمائي، وأحببت أن أكون ناقدا سينمائيا من خلال قراءاتي لمقالات صبحي شفيق في الأهرا،م وأنا طالب في المدرسة الثانوية ..)
ويكتب عن مشاركة الناقد صبحي شفيق الذي أحبه في تأسيس ( جماعة السينما الجديدة ) عام 1968 ،ومجلة ( المسرح والسينما ) التي ظهرت في يناير 68،وكان جزء السينما في المجلة برئاسة سعد الدين وهبة ، وهيئة التحرير من أحمد الحضري ومصطفى درويش وصبحي شفيق وسكرتير التحرير محفوظ عبد الرحمن، ولأول مرة في اللغة العربية نشرت المجلة الترجمات الكاملة لسيناريوهات أفلام أجنبية هامة، كان أولها سيناريو فيلم ( رجل وإمرأة ) للمخرج الفرنسي كلود ليلوش ترجمة يوسف شريف رزق الله، ومن بينها سيناريو فيلم ” عاشت حياتها ” للمخرج الفرنسي والمفكر السينمائي الكبير جان لوك جودار ،ترجمة صبحي شفيق ..
وكان لصبحي شفيق دور كبير، في تأسيس العديد من الجمعيات والمهرجانات السينمائية ، مثل جمعية (نقاد السينما) و(مهرجان الأسكندرية لأفلام الشباب)، قبل أن يسافر الى فرنسا، ويعيش في باريس أكثر من 15 سنة،ولكنه ظل طوال هذه الفترة، يساهم في تطوير النقد السينمائي في مصر ، بقلمه ككاتب ومفكر سينمائي مصري موسوعي كبير، وفي تطور السينما أيضا بكاميرته كمخرج..
وقد تعلمت من أستاذي وصديقي د.صبحي شفيق ،وأستاذ سمير فريد والعديد من نقاد السينما في مصر وعشاقها وهم كثر، الكثير، حين التقيت به في باريس عاصمة النور، وشاءت الظروف أن نعمل سويا في مجلة ( الوطن العربي ) اللبنانية الإسبوعية – أول مجلة عربية مهاجرة الى باريس- في فترة الثمانينيات..وأتيح لي من خلال صحبتي معه وتشردنا في باريس.فرنسا وأصيلة في المغرب، أن أنهل من فكره، ومعارفه وثقافته السينمائية الموسوعية الكبيرة،
وتبحره ليس فقط في السينما، بل في علوم الفلك، والمصريات – الحضارة الفرعونية القديمة – واللاهوت والفلسفة والفنون واللغات والآداب الفرنسية والعالمية وغيرها، وأعتبره رائدا من رواد الفكر السينمائي المصري الطليعي المستنير، فكر ( المواجهة )- الإبداع في مواجهة التقليد- وعلما من أعلامه، وقد كان د.صبحي شفيق في كل كتاباته وترجماته وأفلامه، لا يمسك بالقلم أو الكاميرا، إلا لكي يعبر كـ ” فنان” مبدع عن ذاته..
ولذلك تنسجم كتاباته وترجماته – كما يقول سمير فريد في كتابه – الذي وضعه بمناسبة تكريم صبحي شفيق في المهرجان القومي السابع للسينما المصرية ليكون تحية تقدير لأستاذنا-
وترتبط بوحدة عميقة، إذ يربط بينها الدفاع عن سينما المؤلف- السينما التي يصنعها المخرج بكامل حريته، من دون ضغوطات أو شروط ، كما في أفلام المخرج البريطاني الكبير كين لوش مثلا، ويظل يحتفظ فيهابحقه
في أن تكون نسخة الفيلم، المطروحة في الأسوق،هي نسخة المخرج DIRECTORS CUT وليس نسخة منتج الفيلم،الذي يضع عينه أولا على شباك والتذاكر، وإيرادات الفيلم ، وربحيته، وليس تميز وجودة الفيلم ..وفنيته..
وقد كان صبحي شفيق ، الذي حمل مشعل التنوير والفكر السينمائي المستنير، وكان أول من يعبر عن إتجاه ( سينما المؤلف ) CINEMA D AUTEUR في النقد السينمائي المصري..
كان لايعلم، أن الزمن يتغير، وبسرعة، وأن فن السينما يتطور، ومع كل فيلم جديد يخرج للعرض، حتى أن معظم أفلام السينما الحديثة الآن،صارت من نوع ( سينما المؤلف ) مثل فيلم ” ريش ” لعمر الزهيري، والسينما المصرية التجارية محلك سر، وقد صارت منصات العرض الحديثة، مثل منصة( نيتفليكس) تنافس القاعات في عرضها، بل والمشاركة في صنعها – سينما المؤلف – وتمويلها وإنتاجها الآن..
فكرة السينما ، كما يذكر صبحي شفيق في فيلم ” صبحي شفيق وسؤال الهوية ” – فيلم وثائقي طويل 52 دقيقة – لابد وأن تكون خطرت على بال المصريون القدماء، وكانوا أول من عرفوها..
فلو تأملنا الرسوم المحفورة على جدران المعابد، سنرى أنها تتخذ شكل الرسوم المتحركة، فهي تعبر عن توالي الإيقاعات، عن طريق رسوم متتالية، نري فيها تباعد وإقتراب الراقصين، كما أن الراقصة ترقص وهي ممسكة بآلة موسيقية ، وبعض ماتغنيه من قصائد مدون على نفس الجدران، أليس هذا هو المسرح الأوبرالي، أو مانسميه الآن بالمسرح الشامل.
ويضيف الناقد والفنان المبدع الكبير صبحي شفيق في الفيلم المذكور :
أن السينما هي أهم فن يحمل الإجابة على سؤال ” الهوية “، و حياة أي منا ليست حياة الأشخاص.، وإنما هي جزء لايتجزأ من جهودنا مجتمعة لإستعادة هويتنا الثقافية،
لايجب أن نستسلم لتهويش أشباه المفكرين عن العولمة، وماشبه ذلك، العولمة لا وجود لها إلا هنا ..في هويتنا الثقافية. ”
ماذا أردنا إذن من صنع فيلم ” صبحي شفيق وسؤال الهوية”؟
أن يكون تحية تثدير وتكريم أيضا لأستاذنا صبحي شفيق ، وأن نكشف عن بعض ملامح وقيم ومباديء هذا الفكر السينمائي التقدمي المستنير ،الذي يحارب، وتحارب أفلامه الجديدة مثل فيلم ” ريش ” في مصر،بدعوى أنها تشوه صورة مصر الوطن- ويقف له البعض من تجار السينما الحقراء بالمرصاد ، لأنه يهدد مصالحهم ،ويطعن في سينما الإستهلاك التجارية المصرية التافهة ،التي هلكتنا بأفلامهم العقيمة.، ويقدم نماذج من أعمال السينما المصرية المضيئة لفكر الإبداع و المواجهة..
صلاح هاشم
صلاح هاشم كاتب وناقد ومثقف مصري كبير يعيش في باريس لكنه مسكون بمصر
ط.ش
–
مقتطف*
ذكر المخرج عمر الزهيري في العديد من الحوارات الصحفية التي أجريت معه أنه :
( .. يصب كل ما تعلمه من دراسة أساليب السينما العالمية ،ويصهره في مختبره، ليقدم لنا إرهاصات أسلوب ونهج سينمائي، يسير عليه. وقد نجح في أن يقدم نهجاً ،بدا مختلفاً عن الكثير من السياق السائد في السينما المصرية التقليدية.
ومن عناصر هذا الاختلاف تعامله مع الواقع الذي قدمه في عمله الفني ويصر على أنه سياق إنساني عام بلا زمان أو مكان إنساني محدد. لقد كان الزهيري في فيلمه هذا في حوار مع مرجعيته السينمائية التي يحاول في خطوته الأولى أن يحجز له مكاناً في سياقها وليس مخرجاً يسعى إلى تقديم قضايا كبرى، كما أكد في أكثر من مقابلة صحفية على أنه يقدم نفسه “كسينمائي وليس كشخص قادم لطرح قضايا” وأنه لا يحب تصوير الواقع “أحب أن أصور من خيالي”. وهذا الخيال هو خيال سينمائي صرف..)
*مقتطف من مقال بعنوان ( فيلم ” ريش ” الذي أتهم بالإساءة الى مصر بين الخيال الجامح والواقعية القذرة) بقلم صفاء الصالح ،على موقع بي بي سي عربي، بتاريخ 29 أكتوبر 2021
تعليق
كل كلمة قالها عمر الزهيري هنا ، تطرح نهجاأو ” رؤية ” لـ ” هوية ” وماهية السينما،، كما يجب أن تفهم وتدرس في المعاهد : الحديث فقط – في ” سينما المؤلف ” – بلغة الصورة..أحب أصور من خيالي ..وتصوير الخيال.
صلاح هاشم