سبتمبر 2022
تجديد الثقافة المصرية مطلب عاجل بقلم نبيل عبد الفتاح
اليد المرفوعة الى السماء.لقطة من فيلم ” كتاب الصور ” للمخرج والمفكر الفرنسي جان لوك جودار
الخطاب السياسى والثقافى حول الثقافة فى مصر، وعالمنا العربى ماضوى من منظور تاريخى، ولا يعنى ذلك أنه جزء من الاتجاهات التقليدية ذات السند والتوجه الدينى التى تربط بين الثقافة والتراث الدينى، وسردياته التاريخية.. إلخ، هذا اتجاه لا يزال مهيمنًا فى الحياة السياسية والعقلية، لكن ماضوية الخطاب السياسى والثقافى الذى نقصده، هو خطاب بعض «السياسيين»- من البيروقراطيين والتكنوقراط ووزراء الثقافة، وأجهزتها الرسمية- وخطاب غالبية «المثقفين»، وفق الوصف الشائع الذى يطلق على كثيرين من الروائيين والشعراء والقصاصين والفنانين التشكيليين رغم انحساره عن غالبهم، ومصدر وصف هذين الخطابين بالماضوية مرجعه أنهم ينظرون إلى الثقافة فى مراحل تاريخية من تطور مصر السياسى والاجتماعى والثقافى، خاصة فى المرحلة منذ الحركة الجماهيرية الكبرى فى عام ١٩١٩، وما بعدها إلى المرحلة شبه الليبرالية، وحالة الأسئلة التى كانت تطرح على العقل المصرى، والتى اتسمت بالشجاعة حينًا وبالصدمة للعقل التقليدى السائد، والسعى إلى حالة من التحرر العقلى والاجتماعى والسياسى والاستقلال الوطنى، خاصة فى المرحلة شبه الليبرالية ١٩٢٣-١٩٥٢.
قصر العمل الثقافى على بعض الفنون أدى لغياب الثقافة عن التأثير فى سلوك الناس على نطاق واسع
اللجوء لأساتذة الآداب ليصبحوا مسئولين ثقافيين أدى لانحسار معنى العمل الثقافى
فى التسعينيات ساد فهم استعراضى للثقافة وتم حصرها فى الفنون والآداب
هذه المرحلة تبدو ذهبية لدى غالب الليبراليين وأشباههم- مع التحفظ على الوصف «ليبراليين»، واستخدامه فى الحالة المصرية- ومعهم بعض الماركسيين، رغم الضغوط التى مورست عليهم لممارسة حقوقهم السياسية، بل وحجب الشرعية القانونية عنهم وتجريم تنظيماتهم فى قانون العقوبات!
بعض من الطبقة الجديدة من أثرياء الانفتاح والخصخصة والرأسمالية العقارية والعائلية الحديثة، وأتباع أيديولوجيا السوق الرأسمالية المتوحشة والاحتكارية، يميل بعضهم فى محاولة تجميل أصولهم الاجتماعية إلى «تمجيد» هذه المرحلة، ومحاولة إثبات نسبهم لها، أسريًا وعائليًا،
وقلة قليلة تميل إلى المرحلة شبه الليبرالية! غالبُ الأقباط، والمؤسسة الدينية الأرثوذكسية وغيرها- الكاثوليكية والإنجيلية- يميلون إلى هذه المرحلة وتمجيدها لاعتبارات المواطنة السياسية الاجتماعية، وقلة قليلة من أبناء الطبقة شبه الرأسمالية، ومن كبار الملاك، يميل أسلافهم إلى خطاب التمجيد والمبالغات حول هذه المرحلة، وثقافاتها، وحياتها السياسية كجزء من إحياء ذاكرتهم الأسرية والعائلية والطائفية. بعض أبناء الطبقة الوسطى من المتعلمين وأبنائهم وأحفادهم ممن صعدوا مع نظام يوليو واستمروا، وأثبتوا بعضًا من الكفاءة، يميلون إلى تمجيد ما قبلها، لإثبات الاختلاف السياسى، ورفض قمع الأفكار المختلفة فى ظلها، ولهم فى هذا بعض الحق.
هذه المرحلة مع أهميتها القصوى فى تطور الثقافة المصرية، إلا أنها بوصفها أيقونة تاريخية فى نظر عديدين تبدو وكأنها مثالية، ونموذجية ودونما نظرة تاريخية نقدية لمجمل الأفكار الكبرى التى طرحت، وأصولها المرجعية الأوروبية والمرحلة التاريخية التى تمت فيها استعارة هذه الأفكار، أو ترجمة بعضها دونما إسناد للمراجع المنقول عنها، والأخرى المترجمة عنها! والأهم السياقات التى طرحت فيها، وعلاقاتها بالواقع الموضوعى المصرى، والانتقادات التى وجهت لها، فى المرجع الأكاديمى والفكرى الأوروبى.
ثمة تركيز أيضًا وعلى نحو تبجيلى وتمجيدى لبعض أفكار «كبار» المثقفين المصريين، دونما متابعة تطورات أفكارهم ومناوراتهم، ورجوع بعضهم إلى المنشورات التراثية المحافظة، وهو ما يرجع إلى سطوة العقل التقليدى فى الحياة العقلية والسياسية والدينية، والأهم التركيز على بعض كتب «الكبار» دونما درس للهامش الثقافى المعزول، من «الأفندية»، خاصة ممن لم يكن لهم علاقة بالطبقة السياسية الحاكمة، والصحف والمجلات الأساسية فى هذه المرحلة. هذا الخطاب- السياسى والثقافى- يبدو مبتورًا ومبتسرًا وغير نقدى للثقافة «الأيقونية» التى يشار إليها عند الحديث عن الثقافة المطلوبة والمرغوبة فى حياتنا الآن!
من هنا هذا التركيز على مرحلة ما، ومحاولة استعادتها مجددًا فى عالم مختلف تمامًا، بما فيه تحولات الثقافات فى عالمنا! من هنا يبدو تراثيا وماضويًا بامتياز، أيا كانت دعاويه وأطروحاته، لكنه يبدو مفارقًا لتحولات الواقع الموضوعى الكونى والإقليمى والوطنى.
أحد محفزات هذه النظرة «الماضوية»، تطورات الحالة المصرية شبه الحداثية منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى النصف الأول من القرن العشرين، وتحولها إلى مثال ملهم للدول العربية قبل الاستقلال وبعده، فضلًا عن كونها كانت مركزًا للإنتاج الفكرى والأدبى، والتطور الاجتماعى مقارنة بغيرها من البلدان العربية.
بعض الخطاب الماضوى حول الثقافة، يدور حول مرحلة مصر الناصرية، وبعض من التطور الثقافى فى الفنون والآداب، والترجمات، وجيل الستينيات من القرن الماضى، من الشعراء، والروائيين، والقصاصين، والنهضة المسرحية، وفى الفنون التشكيلية، ودور وزارة الثقافة وأجهزتها وهيئاتها المختلفة، فى عهدى فتحى رضوان، ثم ثروت عكاشة، فى ظل رأسمالية الدولة الوطنية، والدولة التسلطية، وقمع الحريات العامة، وغلق المجال العام السياسى، ومن ثم ظاهرة موت السياسة.
هذه النظرة السائدة، والتى يمكن وصفها بالماضوية والتراثية ترجع إلى التركيز على هذه المرحلة وتحويلها إلى أيقونة، فى النظرة الثقافية.
وراء هذا الخطاب التمجيدى الذى يمايز بينها وبين المرحلة شبه الليبرالية، الناصريون، والقوميون العرب، ومعهم بعض الماركسيين من المثقفين، وجيل الستينيات، من الأدباء، لا شك أن هذه المرحلة شهدت نقلة فى التطور الثقافى، لكنها اعتمدت أساسًا على فوائض المرحلة شبه الليبرالية فى الثقافة المصرية الحديثة، بعضهم يتناسى موت السياسة، وقمع الأفكار الحرة، وبعضهم الآخر يمجد هذه المرحلة ويركز على الدور الثقافى المصرى فى الإقليم العربى.
النظرة الماضوية لفكر المرحلتين شبه الليبرالية ومصر الناصرية، تركز على عدد من المحاور:
١- الأدب والفنون والمسرح أساسًا، أى على الثقافة، وفق المعنى الضيق نسبيًا، وليس الثقافة بالمعنى العام للمصطلح فى الأنثربولوجيا والسوسيولوجيا.
٢- التركيز على بعض الاهتمامات الجديدة فى المرحلة الناصرية كالفنون الشعبية والأجهزة الجديدة لوزارة الثقافة.
٣- إنها نظرة تركز على الجوانب الرسمية والأيديولوجية للأجهزة الثقافية، ومن ثم على الوجوه التى عملت فى ظلها، دون الاهتمام إلا قليلًا بمن هم خارجها، وعلى هوامشها، وتم إقصاوهم عن الحياة الثقافية الرسمية فى عهدى السادات ومبارك، تمت إقصاءات واستبعادات لأجيال من المبدعين، والمثقفين المصريين، فى ظل مواجهات السلطة الساداتية للاتجاهات اليسارية والقومية والناصرية، والليبرالية المستقلة. دعم نظام السادات ووزارة الثقافة بعض الموالين- وغالبهم من غير الموهوبين والأكفاء- فى أنشطتها مع إقصاءات للمعارضين فى مجال الثقافة.
فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، تركزت جهود الوزارة على بعض القطاعات دون الأخرى، وكان الهدف الرئيسى هو ثقافة استعراضات أمام السلطة والحاكم، والسعى إلى استيعاب الكتاب والمثقفين والمبدعين، وإدخالهم إلى «الحظيرة» وفق تعبير مسىء للوزير فاروق حسنى ينبو عن اللغة السياسية والثقافة. تمكن وزير الثقافة وبعض قادة أجهزتها من استيعاب عديد الوجوه من أجيال الستينيات وبعض السبعينيات والثمانينيات داخل «حظيرة» الوزير!
تمكن الوزير وقيادات أجهزته الثقافية من غواية هذه العناصر من خلال جوائز الدولة- التى أدت إلى فقدان بعض وهجها وألقها- وعضوية لجان الوزارة والمجلس الأعلى للثقافة والسفر إلى الخارج فى الوفود الرسمية والمشاركة فى المؤتمرات والندوات التى تعقدها الوزارة وأجهزتها، ونشر الكتب والمقالات فى المجلات وجريدة «القاهرة» التى تصدرها الوزارة، لا شك أن بعضًا من النشاط تم بفاعلية فى مجال الفنون التشكيلية، ودار الأوبرا، والمجلس الأعلى للثقافة ومكتبة الأسرة- على الرغم من بعض الخلل فى معايير النشر للموالين- واعتمد ذلك على دعم حرم رئيس الجمهورية واهتمامها بهذا النمط الاستعراضى للثقافة حول السلطة وتركيزها على المركز.
لا شك أن غياب النظرة إلى هيئة قصور الثقافة كان تعبيرًا عن عدم الاهتمام بالأنشطة الثقافية خارج العاصمة والمركز، وخاصة فى المدن المرئية للمحافظات، والقرى.
كانت سياسة الوزارة موضعًا للنقد من بعض المثقفين، وترتب على ذلك تنشيط بعض المبادرات خارج الأطر الثقافية الرسمية و«حظائرها» وفق وصف الوزير فاروق حسنى، الذى اعتمد على بعض أساتذة الأدب فى جامعة القاهرة، وآخرين، وهو أحد أخطاء السياسة الثقافية التى تصورت أن الثقافة قصرًا على كليات الآداب- بعضهم من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية من أعضاء لجنة السياسات فى مشروع توريث السلطة الذى شاعت بشائره وعلاماته.
إن العلامات السابقة تشير إلى تركيز بعضهم، كل بحسب توجهاته ومصالحه، وانحيازاته، إلى بعض هذه المراحل فى تطور الثقافة المصرية، ومن الشيق ملاحظة ما يلى على هذه التوجهات فى الخطاب حول ضرورات تجديد الثقافة المصرية:
١- النظرة الضيقة للثقافة، وتعريفها حول الآداب، والفنون التشكيلية والنشر والموسيقى والغناء فى الأطر الرسمية، دون النظرة الأوسع للثقافة- وفق تعريف تايلور الشهير والقديم، والمستمر، خاصة شمولها لمكونات عديدة أوسع، وأكبر من الآداب والفنون والموسيقى.. إلخ! من هنا عجزت السياسة الثقافية، إن وجدت، عن مواجهة ظواهر العنف الدينى، وثقافة الكراهية.. إلخ.
٢- يركز غالب الخطاب السياسى والثقافى المهيمن على الثقافة الرسمية ووزارة الثقافة وأجهزتها ولا يزال هذا الخطاب مستمرًا وشائعًا.
٣- تركز الخطاب السياسى والثقافى على الأوضاع الداخلية دونما اهتمام بوضع الثقافات العربية على تعددها، وتطور أوضاعها.
٤- ثمة شيوع لمصطلح القوة الناعمة، الذى تم تجاوزه فى العلاقات الدولية، ونسبته إلى الثقافة المصرية، ووصفها بالقوة الناعمة فى الإقليم العربى، على الرغم من تجاوز واقع الثقافات العربية هذا الدور والقوة المسماة بالناعمة مصريًا، مع تراجع الثقافة المصرية الرسمية واللا رسمية.
٥- الثقافة السائدة، هى ثقافة إجابات جاهزة تعيد إنتاج نفسها، وليست ثقافة أسئلة معاصرة ومستقبلية تفتح الأبواب أمام العقل النقدى للإبداع، وهدم الأبنية الثقافية المتآكلة، والتى لا تتوافق مع تحولات عالمنا.
٦- لا تزال الأفكار الحداثية معطوبة ومبتسرة، ومن ثم تعتمد على بعض الموروث البنائى التقليدى على مستوى نظام اللغة وبعض الأفكار كى تكتسب مشروعية فى حضورها فى الجدل العام.
٧- محدودية المراجعات النقدية الرصينة لإنجازات كبار المفكرين والمثقفين المصريين منذ القرن الماضى إلى الآن، بل وتحول بعضهم لأيقونات فكرية تحاط بالتمجيد، بينما المطلوب نقد الطبقية المعرفية والفكرية فى عديد المجالات، سعيًا وراء التجديد فى الأفكار والإبداعات.
٨- هيمنة رهاب الخوف من النقد الحر عن الأفكار والإبداعات التى تتناول المحرمات الكبرى، بالنظر إلى إغلاق المجال العام، والأخطر سيطرة الفكر الدينى النقلى المحافظ وفرائض التدين السلفى والمحافظ على الاتجاهات الدينية الشعبية، وشيوع الاتهامات بالكفر والإلحاد لمن يطرحون أفكارًا أو سرديات إبداعية تتسم بالجرأة أو التجديد.
لا شك أن هذه التغيرات على المشاهد الثقافية أدت إلى تمركز الخطاب حول الثقافة حول مراحل تاريخية محددة دونما متابعات، ونظرات إلى الثقافة، وفق التعريف الواسع، خاصة الشعبية والجماهيرية لكل مكونات المجتمع.
من الشيق ملاحظة أن الانقسامات حول الثقافة لا تزال مستمرة بين الاتجاهات الحديثة، وبين الاتجاهات التقليدية، وتحول العلاقة بينهما من المجال الحوارى إلى الانقسام الحاد، والمجال السجالى والعدائى والنفى المتبادل، نظرًا للقيود على الحريات الفكرية والعامة.
يميل التيار التراثى النقلى إلى التركيز على الثقافة الحديثة ونقدها من منظور دينى تراثى وسلفى ونقلى، واعتبارها المجال الهش الذى سهل الهجوم عليه من منظور دينى وتراثى، خاصة فى ظل الخشية من النقد السياسى الدينى للسلطة الحاكمة الذى يؤدى إلى اتخاذ إجراءات قانونية وأمنية ضدهم، ومن ثم يتم اللجوء إلى المجال الثقافى ليكون النقد السياسى مضمرًا وراء نقد الأعمال الثقافية.
من هنا التركيز على السرديات الروائية، والفكرية، كهدف للنقد السياسى الدينى، وإشاعة الخوف لدى المثقفين والمبدعين.
النظرة النقلية الدينية إلى الثقافة، دينية ومحافظة وتراثية، وتميل إلى خطاب الهوية المغلق تاريخيًا، واللا تاريخى، من هنا يبدو تديين خطاب الهوية هو أحد مداخل جماعات الإسلام السياسى والسلفيين، والأزهريين، لتديين المجال العام، والثقافة تحت خطاب الهوية. من هنا يبدو عنوان الثقافة والهوية غير موفق فى إحدى اللجان الفرعية للحوار الوطنى فى المحور الاجتماعى، لأنه يتبنى خطاب الهوية وأسئلته التى يطرحها الخطاب الإسلامى السياسى والسلفى، وحتى مع افتراض محاولة البعد عن التناول المباشر لمشكلات الثقافة المصرية، وأجهزتها الرسمية، إلا أن هذا العنوان يتسم بالعمومية والغموض ويفتح الباب أمام جدل أيديولوجى وهوياتى يعاد إنتاجه بين الحين والآخر.
معنى الثقافة الذى يستخدمه التيار الدينى وجماعاته، تراثى وقديم، لأنه يدور حول نظام الشريعة وسردياتها الفقهية التاريخية، والدفاع عن منظومة قيمية تأويلية ووضعية حول قيم العائلة والأسرة المحافظة والتقليدية، وعلى التراث الأدبى والشعرى والفقهى والكلامى الإسلامى القديم- والآخر فى حدود من بعضهم- ومن هنا مفهوم الثقافة تقليدى، ويدور بين حدود الحلال والحرام، والمشروع واللا مشروع من منظور فقهى وضعى، فى إطار من الثنائيات الضدية، ونسق من المحرمات والمحظورات التى تتناقض مع التغيرات الكبرى فى الثقافة والمجتمع المصرى، خاصة مع الدولة الشرقية الحديثة. تجميد مفهوم ومعنى الثقافة حول المراحل التأسيسية للدين الإسلامى، أو المذهب الأرثوذكسى، ورفض اتجاهات التجديد فى الفكر الدينى، تشير إلى أزمة العقل النقلى وعدم ثورته على مواجهة أسئلة العصر، ومتغيراته الكبرى.
انطلاقًا مما سبق نحن أمام مفهوم ومعنى للثقافة يتسم بالجمود التاريخى، سواء لدى الاتجاهات شبه الحداثية أو المدنية، ولدى التيارات الدينية السياسية وداخل المؤسسة الدينية، وكلا المفهومين قاصران على مواجهة مظلات الثقافة المصرية الرسمية واللا رسمية، ما يعنى تحويل الحوار الوطنى حول المسألة الثقافية إلى مجال الهوية وخطاباتها.
بداية الثقافة الوطنية، ومصادر ومكوناتها المختلفة هى أكبر وأوسع من مفهوم الثقافة الرسمية وأجهزة الدولة الثقافية، من ناحية ثانية الثقافة أحد أكبر المكونات فى تشكيل الهويات المتعددة، ومنها الهوية الوطنية فى إطار الدولة الحديثة المصرية. الهوية فى أحد أبرز تحدياتها مفهوم سلطوى وحديث جدًا- برز المصطلح فى أربعينيات القرن الماضى على مستوى الدرامات الأنثربولوجية والسوفيولوجية- ثم وظفته الجماعات الإسلامية وتحديدها للهوية الوطنية إلى مجال الهوية الدينية، وفق تأويلاتها اللا تاريخية واللا علمية.
الهوية المصرية- ومكوناتها من الهويات الصغرى- محددة المعالم ويتم الصراع بها، وعليها، باسم الخطاب الهوياتى الدينى الوضعى القديم.
من هنا ربط الثقافة بالهوية يحيل إلى هذا النمط من الصراعات.
إذا كان اختيار موضوع الثقافة والهوية بهدف توجيه المتحاورين إلى الربط بين كليهما فلا جديد، وإذا كان الهدف هو تحديد هذه الهوية وربطها بالموروث شبه الحداثى فى إطار الدولة القومية، فهى بداهة لا تحتاج إلى جدل جديد. نحن إذن إزاء محاولة للتحايل أو الهروب من مناقشة المسألة الثقافية المصرية فى عالم متحول، وفى ظل تراجع القوة الثقافية المصرية فى الإقليم، وفى حياة المصريين المعاصرين وأيضًا تآكل الموحدات القومية والتكامل الوطنى بين المكونات المتعددة اجتماعيًا وثقافيًا ومناطقيًا وعرقيًا وطبقيًا فى مصر.
المرجح أن هذا العنوان العام والسائد يحتاج إلى مراجعة، لأنه سيقود الحوار إلى مساحات صراعية وسياسية. إذا كان الهدف الغامض هو توظيف الثقافة فى الصراع بين دعاة الدولة الحديثة ودعاة الدولة الدينية من التيارات الإسلامية السياسية والسلفية، حيث لا يدرك بعضهم معنى الثقافة وتعدد مصادرها، مجتمع متخلف يوظف الدين وتأويلاته الوضعية فى العمليات السياسية من فاعلين متعددين فى المجالين السياسى والدينى.
والثقافة الحديثة تعتمد على العقلانية النقدية، وهو معنى ضيق للثقافة، ولا يمتد إلى الثقافة بالمعنى الواسع المراد تجديدها وتطويرها لمواجهة النزعة النقلية الاجتماعية الدينية، وإنما المقصود هو توظيف سياسى رسمى لهذا المعنى المضمر من وراء هذا الطرح فى مواجهة تغلغل وهيمنة النقل وثقافة المرويات والشروح الدينية التى يطرحها مشايخ الإسلام السياسى والسلفيين وغالب الأزهريين فى خطابهم الدعوى على الجماهير الغفيرة.
فى ظل هذه المفاهيم المبتسرة والجزئية حول الثقافة والهوية، هل يمكن إدارة حوار حول تجديد الثقافة المصرية. إن هذه الثنائية تؤدى إلى حصر النقاش فى إطارها، وهو ما يشير إلى عديد من الانفصالات المعرفية والتحليلية عن التحولات الفعلية، والرقمية للثقافة المصرية- وروافدها المختلفة- وبين الجدل حول الثنائية المطروحة، وأيضًا بينها وبين الثقافة الرسمية واللا رسمية. من ناحية أخرى الانفصال عن تحولات الثقافات العالمية وتوجهاتها الجديدة فى الغرب الأكثر تطورًا، وفى آسيا الناهضة حول الصين، وكوريا الجنوبية والهند وسنغافورة، وماليزيا وإندونيسيا وفيتنام، المجهولة فى العقل السياسى والثقافى المصرى والعربى.
السؤال ما هى مشكلاتنا الثقافية، كيف يمكن إيجاد حلول عملية لمواجهتها بعيدًا عن بيروقراطية الدولة الثقافية، وهذا هو المطلوب من الحوار!
بقلم
نبيل عبد الفتاح
كاتب وباحث ومفكر مصري مقيم في القاهرة .مصر
تحديات في طريق الثقافة المصرية بقلم نبيل عبد الفتاح
تطورات التكنولوجية تفرض تحديات كبيرة على الواقع المصرى وعلى المثقفين المصريين
ثقافة «الرقمنة» تؤدى إلى انفجار الذات الإنسانية وإلى تحولات حادة فى القيم علينا أن ندرسها
الذكاء الاصطناعى سيؤدى لتحولات أشبه بالزلازل فى الثقافة والتعليم ندخل بها إلى عصر ما بعد الإنسان
إستهلال
فى العدد الماضى من جريدة ” الدستور ” طرح الباحث الكبير نبيل عبدالفتاح، الجزء الأول من دراسته حول مفهوم الثقافة فى مصر الآن، واشتبك نقديًا مع الفهم السائد للثقافة سواء فى مرحلة ما قبل ثورة يوليو أو ما بعدها وحتى ما قبل يناير ٢٠١١، منتقدًا عددًا من الظواهر مثل حصر الثقافة فى الفنون والآداب والاعتماد على أساتذة كلية الآداب كمحركين ثقافيين ومسئولين عن الهيئات الثقافية.. فى هذا العدد يواصل نبيل عبدالفتاح طرح التحديات التى تواجه الثقافة المصرية والمتمثلة فى التطورات التكنولوجية الحادة وسيادة الذكاء الاصطناعى، وأثره على الثقافة والتعليم، وهو ما يقود إلى ما سمّاه عصر «ما بعد الإنسان».. طرح جديد وجاد يُطرح لأول مرة فى الصحافة المصرية من خلال جريدة «الدستور».. فإلى المقال.
***
جزء من النزعة السوسيو- نفسية للجماعات الثقافية فى وقت الأزمات، والعصبة المنغلقة حول ذاتها، الميل للإدانة المحمولة على النقد والرفض فى عديد الأحيان للآراء المختلفة، وهى جزء من ميراث قمع العقل الحر دينيًا وسياسيًا، وجماهيريًا لينقض المألوف والشائع من أفكار، وقيم متناقضة، وتفسخ فى الأنسجة الاجتماعية، خاصة الرؤى والأفكار النقيضة للسلطات الاجتماعية والسياسية، والدينية. ومن البديهى- تبًا للبداهة- أن تحدى المنظومات السائدة يأخذ طريقين ومتابعات خلالهما:
أولها: طريق راديكالى يهدم الأبنية الفكرية والقيمية والعقائدية السائدة، ويطرح عليها أسئلة العصر وتطوراته ويمهد للقطيعة معها، وهذا حصاد الفكر الحداثى وما بعده، وما بعد بعده إلى القطع المعرفى مع بشائر وتحولات الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الصناعى.
ثانيهما: الطريق الإصلاحى الذى يرمى إلى إصلاحات فكرية ومؤسسية وسياسية واجتماعية جزئية لا تسعى إلى تقويض النظام الاجتماعى، أو السلطات السائدة وإنما إلى إصلاح بعض مثالبها واختلالاتها الهيكلية.
غالبًا كلا المسعيين يواجه بضراوة حادة من القوى المستفيدة من الأوضاع القائمة المأزومة، والمختلة، ويوظفون كل فرائض التخلف فى الفكر السائد، ومواريثه، خاصة الدينية، والسياسية والثقافية، إزاء كلا الاتجاهين، دونما تمييز، وهذا يعود لأن تقويض السائد «راديكاليًا»- جذريًا- أو جزئيًا يشكل تهديدًا لمكانتهم السياسية والدينية والاجتماعية، وأيضًا، وهذا الأهم، لمصالح كليهما كافة! والإصلاح والراديكالية كلاهما حلول تفرض المساءلة، والأهم الإقصاء!
من هنا تواجه النزعة الإصلاحية- والراديكالية- ميراثًا صعبًا، وقوى متضامنة، ومتعاضدة حول مكانتها ومصالحها فى السياسة والأديان والمذاهب والثقافة الرسمية ومنظمات المجتمع الأهلى- لأن المصطلح غير دقيق ومستعار ويروج له!- العاملة فى النشاط الثقافى، وبتمويلات خارجية فى الغالب لغياب دعم الدولة لها، ورجال الأعمال والتمويل الداخلى للأنشطة.
فى لحظات تفاقم المشكلات الموروثة والحالية، وفى مفارق الطرق، لا بد من العزم والحزم فى التعامل مع هذه الفرائض، من مصالح ومواريث إنتاج التخلف المركب، سعيًا وراء الخروج من سياجات الأزمة، والانتقال من نقد السلطة، إلى النقد المزدوج لها، وللمجتمع وقواه التى تبدو وكأنها فاعلة، بينما لا سند اجتماعيًا لها، إلا توظيفات الجماعات الدينية والسلفية، وبعض أركان السلطات السائدة!
من هنا تبدو الأهمية القصوى للعقل النقدى، العقل الحر، ودوره، وحمايته قانونًا من جائحات الفكر المتخلف واستدعائه للسلطة، أو المزايدات الاجتماعية إزاءه، وأيضًا غل يد بعض عناصر السلطة التى تميل إلى ميراث القمع بديلًا عن الحوار الحر والعقلانى.
لماذا هذا المدخل الموجز الحامل لبداهات، تبًا لها، لأن خطاب البداهات يعيد إنتاج ذاته، لأنه من المفترض أن يكون جزءًا من المساءلة والنقد، والرفض!
١- ما هى المشكلات الثقافية، المتفاقمة، والمنفجرة فى جهاز الدولة الثقافى، وبيروقراطيته، بعيدًا عن المجاملات الفارغة، وهل هناك سياسة.
٢- ما هى التحولات التى أدت إلى تراجع القوة الثقافية المصرية فى الإقليم العربى؟
٣- ما هى التحولات فى الثقافات العالمية المتعددة فى ظل ما بعد العولمة والانتقال إلى الثورة الصناعية الرابعة؟
٤- كيف يمكن استعادة القوة الثقافية المصرية وأهميتها ودورها فى نظام السياسة الخارجية فى إقليم متغير ومضطرب؟
٥- ما هى الأهداف التمناه من التجديد الثقافى المصرى؟
٦- ما هى مداخل التجديد الرسمى، والطوعى، وفى الإطار الثقافى العام للجموع الغفيرة؟
الأسئلة السابقة هى التى يجب أن تطرح مع غيرها فى أى محاورات رصينة وجادة، وخلاقة، وليس «الهوية والثقافة».
يميل غالب الجمهور المتعلم، وغيره إلى البحث عن حلول عملية ويأنف غالبهم من التحليلات النظرية المؤسسة على البحث والمعلومات واللغة السوسيو- سياسية والسوسيو- فلسفية، لأنها تبدو غائبة فى الأنماط الكتابية، والقولية، الشفاهية السائدة. هذا الاتجاه البراجماتى البسيط وعدم تمثل وقبول اللغة الاصطلاحية، هو دلالة تخلف فى الوعى العلمى والمعرفة ونمط التعليم النقلى، الاستظهارى السائد، أكثر من كونها بحثًا عن حلول عملية تستشرف المستقبل، وواقع المشكلات الموضوعى:
ساد ولا يزال هذا الاتجاه نتيجة تراجع وانحدار مستويات التعليم العام، والجامعى، وعدم إصلاحه وتطويره ليواكب تطورات التعليم فى عالمنا، وتراجع البعثات العلمية إلى الجامعات والمعاهد الغربية الأكثر تقدمًا!
من ناحية ثانية: تراجع البحث فى الجامعات لأساتذة الجامعات، وأساليب الترقى داخلها مع ازدياد الجامعات الإقليمية!
من ناحية ثالثة: غياب الطلب السياسى والطلب الاجتماعى على الثقافة، واعتبارها أمرًا هامشيًا فى ظل عسر الحياة، والبطالة، والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
من ناحية رابعة: هيمنة قيمة الثراء، وجمع المال والسلوك الاجتماعى الاستعراضى، على نظام القيم الاجتماعية، وتحولت قيمة التعليم إلى محض الحصول على الشهادة الرسمية، فى التعليم العام والجامعى، ومن ثم تراجعت قيمة الثقافة لصالح الثراء.
من ناحية خامسة: استئثار ثقافة الجموع الرقمية الغفيرة، ومنشوراتها، وتغريداتها وفيديوهاتها للتعبير عن الذوات الفعلية، والرقمية المأزومة، والباحثة عن تحقق ما بعيدًا عن مصادر المعرفة والثقافة الرفيعة!
فى ظل هذه الاعتبارات، نجد أن هناك إدراكًا سياسيًا سلطويًا، واجتماعيًا غالبًا على تهميش الثقافة على نحو أدى إلى تراجع، وصمت المثقفين النقديين إما يأسًا من الأوضاع السائدة، أو لأن بعضهم لا يواكب ما يحدث كونيًا، أو لمشاركة بعضهم فى وسائل التواصل الاجتماعى من أجل الصورة، واللقطة الومضة فى الإنستجرام، أو الفيسبوك، أو التيك توك، أو من أجل إشهار عمل روائى أو قصيدة، أو ديوان.. إلخ، بقطع النظر عن الأهمية السردية، أو الشعرية.. إلخ، لهذا العمل، أو ذاك، كلها عوارض أزمة متفاقمة عن الوعى الاجتماعى والسياسى بالثقافة، وأهميتها. فى ظل هذه «المتغيرات» نحاول التبسيط غير المخل، وسنبدأ بالتركيز على التحولات فى ثقافات العالم على نحو موجز، وربما مختزل، وأثرها على ثقافتنا، وذلك على النحو التالى:
أولًا: تحولات الثقافات الكونية المتعددة: أثرها على الإبداع، وعلى ثقافة ووعى الجماهير الرقمية والفعلية الغفيرة.
لا نزال نعيش فى عصر وأسئلة الحداثة المبتورة والمغدورة وثنائياتها الضدية- المعاصرة والأصالة، والتقدم والتخلف، والحداثة والتقليدية.. إلخ، بينما عالمنا حسم منذ الحداثة أمورها لصالح سلطة العقل النقدى، والتمايز بين الوضعى/ الاجتماعى والسياسى والثقافى وبين الميتاومضى- ما وراء السياسى والدينى والاجتماعى المستمد من المقدس وسردياته التاريخية الوضعية، هذه القطعية المعرفية أحدثها الفكر النقدى والحركات السياسية بعد الثورات كرومويل فى بريطانيا، والثورة الفرنسية، ونشأة الدولة القومية، وحركة القوميات، مع توحيد الأسواق والدول مع تطور الرأسمالية الغربية. هذا العالم تغير فلسفيًا وفكريًا وسوسيولوجيًا، مع التحول إلى ما بعد الحداثة، ثم العولمة، وما بعدها، وصولًا إلى المراحل الأساسية للثورة الصناعية الرابعة. من هنا ثنائياتنا القديمة التى لا يزال فكرنا يعيد إنتاجها دون حلول خلاقة، وفاقم منها سعى الحركات الدينية السياسية والسلفية، وغالب الأزهريين، تدين المجال الثقافى، وكبح العقل الحر، وحرية الضمير وملاحقة بعضهم للعقول الحرة والخلاقة بالتكفير حينًا، والتفسيق حينًا آخر، واتهام بعضهم بالإلحاد مرة ثالثة.. إلخ.
لا شك أن ذلك أثر سلبًا على الإبداع، والفكر الحر الخلاق، وإلى الجمود وسطوة العقل النقلى الوضعى والدينى الاتباعى، ناهيك عن المجال العام المغلق، الأمر الذى أدى إلى عدم تكيف الثقافة، بالمعنى الضيق، عن استيعاب ما يحدث من تطورات، والجديد سينشأ على هامشها تحت تأثير المتغيرات الخارجية كوسائل التواصل الاجتماعى. ثم محاولات الجموع الغفيرة ترويج أنماط تدينها الشعبية، ومروياتها واختلاطها بأساطير الثقافة الشعبية، وقيمها بالتدين- والتدين الشعبى غير الدين فى عليائه وقيمه العليا، وفرضها لأنها تعبر عن حضورها كذوات فعلية، ورقمية، فى مواجهة السلطة السياسية، والسلطة الدينية، والجماعة الثقافية، والروائيين والشعراء والمسرحيين والفنانين التشكيليين، والمعماريين.. إلخ. ضغوط هذه الجموع الغفيرة الرقمية والفعلية شديدة، وفعالة فى محاولة التعبير عن ذواتهم، وآرائهم وأذواقهم فرضًا، كنتاج لموت السياسة، وغياب طبقة سياسية لديها رأسمال خبراتى، وعقل سياسى خلاق وخيال سياسى مبدع وفعال!
هذه الضغوط الفعالة فى الفكر والفنون والقيم الاجتماعية والسياسية والموسيقى- الراب والمهرجانات.. إلخ، هى تعبير عن بعض الثقافة بالمعنى الواسع لأنها تنطوى على معايير دينية وأخلاقية وقيم اجتماعية وسياسية وأنماط من الأذواق فى تفاصيل الحياة اليومية، وفرضت طقوسها، ولغة رقمية محكية وموجزة ومختصرة، وسطحية وتافهة فى غالبها، وإزاحة عامية الشارع لصالح عامية رقمية، وإقصاء العربية الفصيحة المتدهورة.. إلخ.
إذن ثقافة رسمية وأجهزتها تعانى من وهم المركزية والهيمنة الرمزية، والفعلية على الواقع الثقافى وتعانى من عزلة على ثلاثة مستويات، عن ثقافة الجموع الفعلية والرقمية الغفيرة، وتحولاتها. وثانيها: عن تحولات مراكز القوة الثقافية وتحولاتها والجماعات الثقافية العربية «انظر فضائح ترشيحات جائزة النيل للعرب مثالًا» على تعددها الداخلى، والوطنى فى كل بلد! وثالثها: وأخطرها عن تحولات الثقافات والمعرفة كونيًا.
العقل الثقافى البيروقراطى ساكن فيما يعرف، ولا يتحرك سعيًا وراء ما لا يعرف كونيًا، ومصريًا وعربيًا! الأخطر أن بعضهم سعيد بما يعرف، ولا يريد أن يعرف. هذا العقل الساكن والساكت عقبة كأداء إزاء تطورنا الثقافى العام، ويعرقل أى محاولة جادة لتطوير وتجديد هياكل وهيئات وزارة الثقافة، ويساهم بجدية منقطعة النظير فى إهدار الموارد، بحيث تحولت ميزانية الوزارة فى غالبها إلى أجور ومكافآت وضغوط على الدولة. «تحولت من ٨٤٫٦٪ فى عهد جابر عصفور، و٩٠٪ فى عهد الأستاذ حلمى النمنم».
فى ظل أوضاعنا الثقافية الحالية، وتحولات الثقافات العالمية، ومعضلة عدم القدرة على استخلاص خلاق بين النقل والعقل وبين التراث والحداثة، هل هناك إمكانية للخروج من هذه الدائرة شبه المغلقة، والدفع بالعناصر الدينامية فى الإرث الحداثى إلى الأمام؟
أبرز تحولات الثقافات العالمية فى اللحظة المتحولة الراهنة، تبدو فيما يلى:
١- هيمنة ثقافة وقيم الاستهلاك المفرط الذى حول كل ما هو حقيقى إلى تمثيل، وفق جى ديبور وتحول الإنتاج الثقافى، مع تطور السلوك، والذائقة، والتقنيات الثقافية إلى سلع ثقافية تعتمد على الدعاية والترويج والموضات والاستهلاك السريع.
٢- بروز تحولات جلية أثرت على الإنتاج الثقافى فى الموسيقى والتجريب فى المسرح والفنون التشكيلية والغناء والفنون الشعبية.
٣- بروز سلطة التلفاز والصورة إلى عالم الفضائيات، ومنها إلى عالم الثورة الرقمية، وأثرها الثقافى اتسم بتحولات كثيفة عميقة وتشكل حالة من السيولة، وربما القطيعة مع الثقافات الكونية المتعددة التى سادت قبلها وتتمثل فيما يلى:
١- ثورة الجموع الرقمية الغفيرة من العاديين فى حالة من التراخى وفوضى الحياة العارية، حيث حريات بلا حدود أيًا كانت خبرات وتعليم، وجهل وسطحية الغالبية العظمى من العاديين، باتت الثقافة الرقمية غالبة، ومعها حالة من استعراضات الذات الرقمية وتعبيراتها عن ذاتها بالمنشورات والتغريدات، والصور والفيديوهات الطلقة من استعراض الآراء والمواقف وخطابات النبذ والاستعراضات الجسدية والمأكل والشراب والغناء.
لا شك أن الثقافة الرقمية شكلت حالة من الانكشاف المليارى للجموع الرقمية الغفيرة والاتصالات العابرة للدول والمجتمعات والثقافات.
انتهى عالم مكدلة العالم macdonlisition of the warld إلى عالم رقمنة العالم.
الاتجاه الرئيسى فى ثقافة رقمنة العالم هو انفجار الذوات الإنسانية وتحولاتها القيمية، والحواسية، والنفسية ومكبوتاته من الذاتى الفعلى إلى الافتراضى، وحالة من المزاحمات المليارية لتبدو الذات الرقمية حاضرة إنها أزمة وجود وإثبات للذات.
٢- ثقافة الاختزال والإيجاز والسرعة والتبسيط، حيث لا مجال للتأمل والتحليل والاستيعاب والتمثيل الخلاق، كلها تعبيرات مما نستطيع أن نطلق عليه ثقافة الومضات الخاطفة.
٣- لا شك أن ثقافة الومضات الخاطفة ستؤثر على السينما والمسرح، والفنون التشكيلية والغناء، فلا مجال، ولا وقت إلا للأجيال الأكبر سنًا لمتابعة مثل هذا الإنتاج الذى شكل الثقافات الحديثة وما بعدها.
٤- أرهصت التطورات الثقافية منذ نهاية القرن الماضى لهذا التغير، من التحول من الثقافة الرفيعة إلى ثقافة الأجيال الجديدة، فى الموسيقى والغناء والرقص أو ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة المتعة السريعة، فى الفنون والطعام والشراب السريع مع شيوع نزعة أمركة، ومكدلة العالم.
٥- التحول الجديد أن ثقافة الجموع المليارية الرقمية الغفيرة باتت موضوعًا لإعادة تشكيلها من خلال عصر البيانات الضخمة pig data من خلال الشركات الرقمية العملاقة التى تصنف الرغبات وأنماطها وأهواءها وتعيد تشكيلها عبر بيعها للشركات العملاقة.
٦- التغير والتحول والقطيعة برزت بشائرها مع الثورة الصناعية الذكية الرابعة، متمثلة فى إنتاج وتطور الروبوتات فائقة التطور، وبروز ما يطلق عليه الأناسة الروبوتية وإرهاصات التحول إلى ما بعد الإنسانية.
هذه التحولات يبدو أثرها الإيجابى والسلبى خارج نطاق السلطة الثقافية المصرية، الاستعراضية، وأداء أجهزتها وفى ذات الوقت باتت مؤثرة على الثقافة اللا رسمية وبالمعنى العام فى القيم، واللغة والأساطير اليومية الجديدة وفى نظام الموضة، وأساليب التعبير، وعلى الأجيال الجديدة من السينمائيين- السينما المستقلة والمسرح المستقل- وعلى لغة وأدوات وأساليب الفنون التشكيلية وأخيلتها وعلى موسيقى الراب، والمهرجانات وعلى قيم الاستعراض والتمثيل فى نظام الزى للأثرياء، واستعراضاتهم فى الساحل الشمالى أو القاهرة والمراكز السكنية الخاصة خارج العاصمة ومطاعمها ومشاربها وملاهيها… إلخ! فى نظام الزى والموضة وفق العلامات غالية الثمن، التى تقلد فى الصين وآسيا، ومع ديمقراطية الزى الكونية باتت جزءًا سائدًا فى مصر، وجنوب العالم، علامة على التأثر بالتحولات الثقافية العالمية.
أثرت التحولات الثقافية العابرة للثقافات المتعددة فى بروز أصوات المكونات الثقافية والعرقية والمناطقية، والدينية والمذهبية، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعى، ومنها اللا دينيون، والمتحولون دينيا وجنسيًا وتنظيراتهم، ومعهم المعبرون عنهم سياسيًا فى الطبقات السياسية فى الدول الأكثر تطورًا فى عالمنا، وانعكاس ذلك ثقافيًا على المجال العام الكونى الافتراضى والفعلى، وعلى المنصات السينمائية مثل نتفليكس وغيرها، وهو ما يجد صدًا ورفضًا من السلطات السياسية والدينية ويشجع هذه الفئات على التعبير عن نفسها دون خوف!!.
أثرت هذه التحولات على أنماط التدين الرقمى للجموع الرقمية الغفيرة وبروز ظواهر المحتسبين الرقميين على إيمان الآخرين وأشكال التنمر والتكفير والتقريع، وشارك هذه الجموع المحتسبة بعض رجال الدين الرسميون والجماعات السلفية والإسلامية السياسية، وفاقم ذلك من التوترات والاحتقانات الاجتماعية كنتاج لانهيار التعليم العام والجامعى والصراع متعدد الفاعلين والأطراف على المجال الدينى، وسعى كل طرف لتسييد آرائه الوضعية حول الدين والمذهب أيًا كان! على نحو جعل المجال الدينى منفلتًا، وخارج السيطرة.
امتدت تحولات الثقافات الكونية حول كرة القدم والتنس وغيرهما من الألعاب إلى اختطاف عيون وعقول وخيال الملايين الغفيرة إلى المسابقات الأوروبية والعالمية ونجومها اللامعة، والاشتراك فى القنوات الخاصة أو الدخول سرًا إليها بطرق تقنية مختلفة أثر ذلك على وعى الجموع الرقمية الغفيرة من العاديين ، وغيرهم إلى المسابقات الأوروبية الوطنية والقارية وولعهم بكبار اللاعبين النجوم على المستوى القارى والكونى. أدى ذلك إلى الفتور بالمسابقات واللاعبين المحليين، وتحول الرياضات إلى صفقات ضخمة، وأجور غالية ومبالغ فيها، ساهم ذلك فى استخدام الرياضة كثقافة، خاصة كرة القدم فى تشتيت اهتمام الجموع الغفيرة، وبث الانقسام داخلها من بعض أو غالب قادة الأندية، لبناء المكانة والنفوذ، والذيوع وصناعة «التريندات»- الفيسبوك وتويتر وإنستجرام ويوتيوب- صناعة الاتجاه الرائد إلى الموضوعات الساخنة أو الجديدة، أو الواقعية التى يهتم بها الجمهور حديثًا أو مشاركة فى التعليق بالإيجاب ويتفاعلون مع بعضهم بعضًا، تعليقًا على واقعة أو حدث أو رأى أو خطاب سياسى لزعيم سياسى معارض أو فى السلطة، أو على شائعة أو وقائع قتل أو ضرب أو طعن، أو على تغير فى شكل ممثلة، أو مغنية، أو فضيحة جنسية أو طلاق أو خيانة أو زواج أو موت… إلخ، واقعة أو حدث أو صورة تشكل مركزًا للتفاعل الرقمى الواسع حولها تأييدًا أو رفضًا تحبيذًا أو قدحًا، كلها تغيرات ثقافية تحت الأثر الكونى الاتصالى والأدائى لثقافة وسائل الاتصال الرقمية وتطوراتها، توظف بعض السلطات العربية هذه الاتصالات أحيانًا فى كسر حدة التناقضات والاحتقانات الاجتماعية والسياسية، خاصة بعد ما سمى مجازًا بالربيع العربى.
لا شك أن أثر هذه التحولات كان كبيرًا فى ازدياد الفجوة الواسعة بين الثقافة بالمعنى الضيق وثقافة الجموع الغفيرة الفعلية والرقمية والانفصال بين الثقافة الرسمية وسلطاتها وأجهزتها الرسمية عربيًا، وبين الثقافة غير الرسمية من خلال المؤسسات والجمعيات الأهلية العاملة فى النشاط الثقافى الأهلى، واستطاع بعضها التكيف مع التحولات الثقافية الكونية وانتقل من المحلى إلى الإقليمى بدعم من المؤسسات الطوعية فى العالم الأكثر تطورًا وإلى الحياة الرقمية عربيًا وعالميًا، بينما تنكمش أجهزة الدولة الثقافية داخليًا وتتراجع إقليميًا!.
الأخطر أن أثر الذكاء الصناعى على الثقافة والتعليم سيكون زلزاليًا مع ظواهر التحول إلى الأناسة الروبوتية وما بعد الإنسان، وهو ما سيفرض نفسه على الحياة الكونية ولن يكون مؤثرًا فقط على ثقافة المجتمعات الأكثر تطورًا فى الشمال، وآسيا الناهضة، وإنما سيؤدى إلى تهميش مؤسساتنا وتعليمنا وثقافاتنا العربية، لأننا غير مؤهلين للدخول فى هذا العصر الزلزالى العاصف بالأسئلة الجديدة والمعارف المختلفة بسبب تعليم متخلف وحصار واعتقال العقل الحر والإبداع وبيروقراطية تنتهى إلى أوائل القرن الماضى.
الفكر الفلسفى والاجتماعى فى عالمنا المتحول بدأ بعضه فى طرح أسئلة جديدة على الشرط الوجودى الإنسانى والخلل فى العلاقة مع الطبيعة، ووجود كائنات فيروسية غير مكتشفة وبعضها متحور كفيروس كورونا وأثرها الاجتماعى والسياسى والاقتصادى على النظم السياسية والاجتماعية وعلى ثقافة مركزية الإنسان فى الوجود، والكون.
ثم أثر التغيرات المناخية على الحياة الإنسانية وعلى التخطيط العمرانى والكتل والأنسجة المعمارية، ونظام السكن ورقمنة العمل، وأثر ذلك على تطور أوضاع العمل ومكانه فى ظل خروج أكثر من خمسين مليونًا من العمالة-٢٠٢٠ لأن أعمالهم ستنتهى تمامًا من أسواق العمل فى العالم، وربما أكثر من هذا الرقم الأولى بعد دخول الروبوتات الحياة الإنتاجية والاجتماعية والعلمية على نحو ما سوف تحمله من أسئلة مختلفة فى حياة روبوتية وإنسانية مختلفة مثل هذه الأسئلة الجديدة غائبة عربيًا ومصريا، ولا يعرفها ويتابعها إلا قلة القلة من المثقفين والمفكرين البارزين من خارج الرسمية، بل المجموعات والعصب الثقافية فى المركز الثقافى للبلاد حول القاهرة، وبعضهم خارجها فى الأقاليم الريفية الذين يقرأون بعضهم بعضًا، ويهجون من هم خارجهم من المجموعات الأخرى الفعلية والرقمية. يبدو أيضًا الإعلام المرئى والصحفى المكتوب والرقمى بعيدًا عن تحولات العالم معرفة ووعيًا. الأخطر أن السلطة البيروقراطية الثقافية غارقة فى تكوينها ووعيها المحلى الفعلى والرقمى، خاصة فى ظل تراجع تكوين النخب فى كليات الآداب الذين يتم تجنيدهم فى السلطة الثقافية الرسمية، وغياب الفلسفة عن زمن العالم والإقليم إلا قليلًا، وأيضًا عن الحوار العام والاشتباك مع مشكلات الواقع المتغير مصريًا وعربيًا وعالميًا!.
فى ظل هذا الجمود والنزعة النقلية فى العقل الحداثى المبتور، وأيضًا العقل النقلى التقليدى التراثى والدينى المسيطر أزهريًا وسلفيًا وإخوانيًا… إلخ، تبدو النخب الرسمية تعيش وتفكر خارج زماننا المتحول ثقافيًا واجتماعيًا.
تبدو الصور والمشاهد والوقائع المتدفقة فى حياتنا اليومية صادمة، خاصة الصراع بين القيم القديمة الساكنة والمدافعين عن جمودها وضعفها، وبين القيم الجديدة والمتغيرة التى تصدم المثقفين والثقافة السائدة والوعى السلطوى والنخبوى السائد الذى يدافع عن قيم أصابها الضعف، والتآكل بفعل التغير الاجتماعى والسياسى وظواهر الضعف الدينى والاجتماعى والتغير فى القيم، والنظام الأخلاقى الذى كان سائدًا ويتغير فى سرعة وانفلات، وتبدو الفجوة واسعة بين ثقافة بيروقراطية أجهزة الدولة على اختلافها، وبين القيم الجديدة وانفلاتها وخطورة بعضها على الأنسجة الاجتماعية والتعليمية والأخلاقية، كنتاج أيضًا للتغير الناتج عن ثقافة وسائل التواصل والمواقع الإباحية وثورة الحواس غير المألوفة وأثرها على السلوك الجنسى، فى ظل غياب دمج وتفاعل بين الثقافة والتعليم والإعلام، وهو ما أدى إلى انفلات قيمى وسلوك جماهيرى وبين الثقافة السائدة وبين ثقافة مضادة تفرض نفسها فى الواقع الفعلى والحياة الرقمية!
السؤال الثانى: لماذا تراجعت القوة الثقافية المصرية؟ وما تحولات الثقافات العربية ومراكزها المؤثرة إلى إقليم النفط العربى، والمنطقة المغاربية؟ كيف يمكن استعادة هذا الدور فى إطار تعدد المراكز الثقافية العربية؟.
بقلم
نبيل عبد الفتاح
عن جريدة ” الدستور ” بتاريخ الثلاثاء 13 سبتمبر
د.نبيل عبد الفتاح كاتب وباحث ومفكر مصري مقيم في القاهرة.مصر
صلاح هاشم يكتب عن جان لوك جودار إسطورة السينما المعاصرة ويقدم قراءة لفيلمين من أفلامه ” موسيقانا ” و ” كتاب الصور ” في موقع سينما إيزيس
admin شخصيات ومذاهب, نزهة الناقد 0
***
قراءة لـفيلم “موسيقانا ” لجان لوك جودار
بقلم
صلاح هاشم
عن كتاب ” السينما الوثائقية.تجارب ودروس ” لصلاح هاشم .الصادر عن المركز القومي للسينما.مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدورة 19 لعام .2017
من أهم وأبرز الأفلام التي خرجت للعرض حديث في فرنسا فيلم “موسيقانا” للمخرج والمفكر السينمائي الكبير جان لوك جودار( من مواليد 1930)، وكان الفيلم ،عرض خارج المسابقة الرسمية في مهرجان “كان” السينمائي الدولي 57 ، بمناسبة” تكريم” مخرجه، الذي أخذ شكل عرض مشهد بارز من أحد أفلامه، وذلك قبل عرض الفيلم المشارك في مسابقة المهرجان عام 2004
يحكي جودار في ” موسيقانا” عن مأساة فلسطين من خلال حكايته عن مدينة سراييفو ومأساة الحرب، اذ يعود في فيلمه الي المدينة التي كان زارها قبل و اثناء الحرب، يعود اليهامن جديد، لكي يتفقد أعمال البناء والعمران، ونهوض المدينة من كبوتها، وهي تتطهر من أدران الدمار والخراب الذي لحق بها ،بعد انتهاء الحرب الاهلية الدموية ، و قد قامت كي تعيد تشييد ذلك الجسر فوق نهر موستارالذي كان يربط بين ضفتين وعالمين متنازعين، وكان الجسر كما هو معروف، رمزا قبل نشوب الحرب، لقيم التسامح والتآلف، والسلام والمحبة مابين البشرعلي اختلاف عقائدهم ودياناتهم من أهل المدينة، ويكشف لنا جودار في فيلمه عن تضافر الجهود في عملية ترميم جسر موستارMOSTAR، بمشاركة عالمية، تطلبت خبرات و مجهودات فائقة في جمع أحجار الجسر، وانتشالها من قاع النهر ، ثم ترتيبها وترقيمها قبل ترميمها، واستخدامها ذات الاحجار مرة اخري في تشييده من جديد في سراييفو الحزينة..
غير ان ترميم الجسر كما يشرح لنا جودار في فيلمه، اذا كان ينفع مع الحجر، لاينفع مع البشر، فلا يمكن ترميم ضحايا الحروب، الذين رحلوا عن عالمنا، وأعادتهم الي الحياة من جديد، بعدما صارت الحروب آفة عالمنا في كل مكان، في سراييفو والعراق وفلسطين، ولذلك يكرس جودار فيلمه لكي يكون درسا سينمائيا بليغا، في تحليل وتشريح عالمنا المعاصر، بأزماته ومشكلاته وتناقضاته وحروبه، ويقسم فيلمه الي ثلاثة اجزاء أو ممالك، يطلق عليها تباعا” الجحيم” ثم ” المطهر” ثم ” الفردوس”، علي نسق قصيدة ” الكوميديا الالهية ” للشاعر الايطالي العظيم دانتي اليجيري.
يقصفنا جودار في ” الجحيم” –الجزء الاول-ويستغرق عرضه بين7و8 دقائق، يقصفنا بصور الحروب المرعبة، ومن دون ان تخضع هذه الصور لاي ترتيب زمني او تاريخي، فنشاهد طائرات ودبابات وسفن تقصف وتدمر، ونروح نتأمل في المنظر الطبيعي الذي تحول الي أرض خراب بفعل الدمار ومشاهد تنفيذ احكام الاعدام في البشر ، وخروج السكان والحشود البشرية وهروبها من النيران، ويمزج جودار في هذا الجزء بين الصور بالابيض والاسود والصور الملونة الوثائقية المأخوذة من أرشيف الحروب وكوارثها، وتصاحب الصور 4 جمل مكتوبة علي الشاشة، واربع قطع موسيقية علي البيانو في الخلفية، وتظهر لنا في ذلك الجزء صورة هذا ” الوحش” الرهيب الذي يسكن داخلنا..
في حين يحكي جودار في ” المطهر” –الجزء الثاني- ويستغرق عرضه حوالي الساعة، يحكي عن مدينة سراييفو في الوقت الحاضر، بمناسبة دعوته للمشاركة في لقاء من لقاءات الكتاب الاوروبي كان عقد في المدينة، وكان موضوع اللقاء يدور حول ” ضرورة الشعر”، فينتهز جودار فرصة اللقاء ويدعو الشاعر الفلسطيني محمود درويش، للظهور والتمثيل في الفيلم، لكي يناقش من خلال حوار صحفية اسرائيلية معه ، حضرت لتغطية اللقاء، يناقش معها في اطار الحديث عن ” ضرورة الشعر” ضرورة وجود الانا و” الآخر” ، ضرورة وجود الصورة ونقيضها، ضرورة وجود اسرائيل وضرورة وجود فلسطين ايضا، وحقها المشروع في الوجود والحياة، ويلخص لنا جودار في الفيلم قضية فلسطين بضربة معلم في صورتين، اذ يرينا اليهود في صورة وهم يعبرون البحر الي الشاطيئ الفلسطيني، الا ان هذه الصورة وحدها هكذا في المطلق لاتقول شيئا، لابد من الصورة ونقيضها، ثم يرينا جودار صورة اخري للفلسطينيين وهم يخوضون في مياه ذات البحر، هربامن بطش اليهود ويغرقون فيه، ويقول جودار عن الصورتين في محاضرة له مع الطلاب الذين يدرسون السينما في ” اكاديمية الفنون” بالمدينة، معلقاعليهما، ان الباب الذي دخل منه اليهود الي فلسطين ،هو ذات الباب الذي شهد خروج ونزوح الفلسطينيين الكبيرعن بلادهم ووطنهم، و يضيف جودار معلقا: هكذا عبر اليهود البحر ودخلوا السينما الروائية، بينما عبرالفلسطينيون البحر ودلفوا الي السينما الوثائقية ” كاشفا بذلك عمن يكون الجلاد في القضية، ومن يكون الضحية، جامعا بين مشاعرالاحساس بالذنبCULPABILITE ومشاعر الغفرانPARDON، في لقطة واحدة من فيلمه، ..لقطة واحدة ينهي بها جودار الجدل القائم، معلنا عن موقفه من قضية الشعب الفلسطيني، وانحيازه الي حقوقه الشرعية في الوجود والحياة، ويقول جودار انه عثر علي صورة الفلسطينيين المذكورة في كتاب ” فلسطينيون ” PALESTINIENS للكاتب الفلسطيني الياس صنبر، الذي يحتوي علي مجموعة كبيرة من الصور التاريخية للحياة في فلسطين قبل ” النكبة” وبعد اخراجهم بالقوة من بلادهم ووطنهم..
ويظهرفي الفيلم الكاتب الروائي الاسباني الكبير خوان جويتسلو، لكي يردد مقاطع من كتابه ” حالة حصار” الذي كتبه اثناء تواجده في حصار سراييفو، ويحضر ايضا “هنود امريكا” في الجزء الثاني من الفيلم ، كمعادل موضوعي، لمأساة الفلسطينيين، وغربتهم في وطنهم تحت الاحتلال، وتهبط جملة علي الشاشة – حين يظهر الهنود الحمر في سراييفو، هكذا فجأة بملابسهم التقليدية- تقول ” سوف ندفن أيامنا في رماد الاساطير
وينهي جودار فيلمه في الجزء الثالث بعنوان ” الفردوس”، ويستغرق عرضه حوالي 10دقائق، ينهيه بفتاة تتجول داخل الفردوس أو ” جنة ” جوادر، وكما يتمثلها، علي شكل حديقة غناء بجوار شاطيء بحيرة من نوع البحيرات التي تظهر في الصور االتي تمجد الطبيعة، ” جنة” نروح نتمشي فيها علي مهل، مثل تلك الفتاة، بين الزهور، واشعة الشمس الذهبية تتخلل اوراق وفروع الشجر، ونحن نستشعر سعادة لاندرك كنهها، ثم اذا بنا فجأة، نعثر علي جندي مشاة أمريكي من قوات المارينز يجلس هناك، اللعنة!، ولاتسل يامؤمن ماذا يفعل هنا، فهو حتما كما يقول لنا جودار سوف يكون هناك لحراسة ” جنة ” جودارفي المستقبل وشوارعها، اجل امريكا ” شرطي” العالم سوف تكون ايضا هناك، في ” جنة” جودار، وربما ايضا في ” جنتنا” ، واذا كان لابد من شرطي لحراسة شوارعها، فسوف يكون بالقطع امريكيا، ويقول جودار ان البعض قالوا ، حين اظهر صورة ليهودي في معسكر اعتقال، وكتب تحتها” يهودي”، ثم اظهر صورة اخري لجثة بجوار اسلاك المعسكر ، وكتب تحتها ” مسلم ” في الفيلم، وكان جودار كشف عن الصورتين، ليوضح ان السينما لايمكن ان تقوم وتكتمل، الا من خلال عرض الصورتين معا والكشف عن التناقض بينهما، وذلك في نطاق شرحه لمعني ” المجال” اي حدود الصورة أو الصورة CHAMPوعكسها او الصورة المناقضة لهاCONTRE-CHAMP والمقصود به في السينما،..
قالوا ياله من شيء مقرف حقا، لأن تاريخ فلسطين ليس تاريخ “هولوكوست” اليهود وهلاكهم ، وتساءلوا، كيف يجرؤ جودار علي وصف ماوقع للفلسطينيين علي يد لليهود، بذلك الهلاك ( الهولوكوست) الذي وقع لليهود علي يد النازي، ولاسبيل في رأيهم للمقارنة. لكن جودار كما يضيف، رد علي هؤلاء بقوله :” لقد كتبت كلمة ” مسلم ” تحت جثة اليهودي، لأن حراس المعسكر النازي، كانوا يهينون اليهود، ويطلقون عليهم وينادونهم باسم ” يامسلم ” آنذاك ، ثم ماذا يريد اليهود، أو لم تكن هوليوود تدعي “مكة” السينما في العالم؟..
فيلم جودار الذي لايسرد علينا قصة ولايوجع دماغه في تلخيص احداثها، ينتمي الي النوع السينمائي الخالص المصفي، مثل قصيدة من قصائد الزن التي تنطق بالحكمة، ومن دون ” تصريحات” فجة او” هتافات” مزعجة، قصيدة فلسفية تأملية عميقة، تطرح عدة تساؤلات، ثم تمضي في سلام، مثل قارب، وتتركنا مأخوذين ومدهوشين بفنها وسحرها، وهي تدلف الي مياه بحر السينما الكبير، وتمتزج بدمنا..
تحية الي جودار وفيلمه الشجاع الفلسفي العميق المحفز للتفكير والجدل، الذي يضع قضية فلسطين تحت المجهر، أمام ضمير العالم، ويستحق المشاهدة- أكثر من مرة- عن جدارة.
–
قراءة لـفيلم ” كتاب الصور ” لجان لوك جودار
بقلم
صلاح هاشم
عن كتاب ( رواية ” كان ” ) لصلاح هاشم الصادر عن مركز الحضارة العربية .مصر عام 2020
من أجمل الأفلام التي عرضها مهرجان ” كان ” وشاركت في مسابقته الرسمية فيلم ” كتاب الصور ” للمخرج والمفكر الفرنسي الكبير جان لوك جودار (من مواليد 1930 )، ونرشحه للحصول على جائزة لهذا الفيلم ومجمل اعماله – وربما تمنح له ” سعفة الدورة 71 ” الذهبية كما حدث مع المخرج البريطاني الكبير كين لوش -لتكون بمثابة تكريم لـ ” أسطورة السينما المعاصرة الحية ” التي تتمثل في شخصه،وذلك عند الاعلان عن الجوائز في حفل ختام الدورة 71 ..
حيث يطرح جودار المخرج والمفكر السينمائي الفرنسي الكبير – ومرة أخرى يتأكد من خلال مشاركة فيلمه أن هذه الدورة 71 من المهرجان- وانظر تكريم جودار وتقدير فنه من خلال أفيش المهرجان الذي يعتمد على لقطة من فيلمه ” بييرو المجنون – أنها ستكون دورة جد ” واعدة ” و ” استثنائية ” كما سبق وأن نوهنا
يحكي في فيلم لايحكي قصة ،ولايعني بتطور حبكة، ومن دون ممثلين، بل هو اقرب ما يكون الى ” مانيفستو “- بيان – فني ، يحكي عن ” الحروب ” التي أصبحت ناشبة في كل مكان على ظهر كوكبنا، ويرثي لما وصلت اليه حضارة الاستهلاك الكبرى في الغرب من تلوث ودمار للبيئة وتعصب ديني وتقديس أعمي لما جادت به الكتب المقدسة من ” كلام “،
كما يحكي عن العرب وفلسفة حياة، في فيلم أقرب مايكون الى أفلام السينما الوثائقية، ليقدم من خلاله ” نظرة ” تأملية وسياسية وفلسفية عميقة وإطلالة على أزمات ومشاكل وتناقضات عصرنا،وينهي فيلمه أو بالأحرى شهادته، بدعوة الى التعلق بالأمل ،وجعله ” يوتوبيا ضرورية ” – أي حلمنا الضروري، في عالم أكثر عدالة وتسامحا – في مواجهة الحروب والجرائم الفاشية المرعبة التى ترتكبها السلطات في كل مكان ونهب حقوق الإنسان ..
يقدم لنا جودار من خلال كتاب الصور “رحلة” في تاريخ وذاكرة العالم والسينما، فيحكي في فيلمه وهو يقلب في صفحات كتابه، يحكي عن الفاشية، والجريمة المنظمة والانظمة القمعية، في عمل سينمائي باهر – وأقرب مايكون الى ” سوناتا ” أو قطعة موسيقية تذكرك بـ “رباعيات بيتهوفن الوترية “- وبكل المقاييس،
ولايتسامق هذا العمل جودار المعلم والمفكر السينمائي الكبير خلف “واجهة” الفيلم، إلا بما يكمن خلف تلك ” الواجهة ” فكر وتأمل سياسي وفلسفي عميق، حيث ينهل هنا ” خطاب ” الفيلم الفكري أو ” شهادة جودار على عصرنا ، ينهل من انجازات وأعمال السينما الكبيرة عبر تاريخها الطويل الذي يبدأ كما يحلو لجودار أن يردد – ” ..من عند الأمريكي جريفيث.. وينتهي عند الايراني عباس كياروستامي –
ولايتسامق ” كتاب الصور ” إلا بما فيه من ” فكر ” سياسي وفلسفي وفني جد عميق، من خلال كل تلك المقتطفات من اللقطات من أفلام بازوليني وجودار وناصر خمير ” الهائمون ” ويوسف شاهين( يعرض للقطة من فيلم ” باب الحديد ” ولقطة أخرى من فيلم ” جميلة بوحريد ” ) كما ينهل من التراث الغنائي العربي في الماضي عند أم كلثوم ” والحاضر عند الموسيقي التونسي ” أنور ابراهيم ” فيلم جودار – بخطابه الفكري والفلسفي – عن ” معاني ” الأشياء ، وباشتغالاته السينمائية الفنية المذهلة على مستوى الشكل و ” النحت في الصور “،
هو ” درس ” في السينما العظيمة- حيث تتحق هنا للسينما وظيفتها الأساسية كـ ” أداة تفكير ” أولا، وحيث يناقش جودار في الجزء الثالث من الفيلم قضايا العرب ويقول ان الغرب ظلمهم من خلال الصورة الرديئة المتخلفة التي روج لها عنهم،ـ وهي صورة لم تنصفهم بالمرة ،
حيث أن العرب كما تمثلهم جودار ونبه في فيلمه،يتعاملون مع الوقت بشكل مختلف، ولديهم كل الوقت للتأمل والتفكير، حتى أنك تجد ان الناس العاديين من العرب ” فلاسفة ” ووراء كل عربي، ولايهم ان يكون متعلما، فيلسوف يتمعن في معاني حياته ويفكر.. فيلم جودار هو أقرب ما يكون الى منشأة – INSTALLATION – من منشأت الفن التشكيلي، فقد هجر المعلم الأكبر جودار السينما منذ زمن.. وترك الإخراج .. وخاصم الممثلين.. والمحترفين.. وتجار السينما الحقراء ..
و لم يعول على حسابات المكسب والخسارة ..واختار أن يكون شاعرا هذه المرة ليقدم لنا وصية شاعر، تذكرني بتلك القصائد الأخيرة التي كتبها الشاعر الهندي العظيم رابندرانات طاغور على فراش الموت وتلخص فلسفة حياة ووجود ويقول فيها :
على شواطيء الاله روبانارايان أفقت، وأدركت أن العالم ليس حلما
وفي حروف الدم، تطلعت الى صورتي
ومن خلال ألف جرح عرفت نفسي
تحية الى المعلم الشاعر والمفكر السينمائي الكبير جان لوك جودار، وفيلمه العظيم، الذي أعاد لنا ثقتنا في تلك القيم والفضائل، التي يتفاخر بها الإنسان، لترويض ذلك ” الوحش ” الذي يسكن داخلنا..
صلاح هاشم
صلاح هاشم كاتب وناقد سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا
أمير رمسيس مدير مهرجان القاهرة السينمائي يكشف عن أهم تحديات الدورة 44
كشف المخرج أمير رمسيس المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن كواليس تحضيرات الدورة 44 من المهرجان.
أمير رمسيس
وقال أمير رمسيس في تصريحات عبر قناة مهرجان القاهرة على YouTube، إن أصعب تحدي واجهه هو توقيت تسلم المسئولية في، نهاية شهر مارس الماضي، موضحا: “مهرجان بحجم القاهرة بيحتاج لسنة شغل”.
وأضاف أن فريق عمل مهرجان القاهرة بدأ التعامل مع تحدي عامل ضيق الوقت، من أول لحظة، مؤكدا : “المهرجان حقق حاجات عظيمة، بداية من 2014، وكان في تفكير إننا لازم نبقى على قد مسئولية ولازم نعمل حاجة أكبر”.
وتابع أمير رمسيس أن إدارة المهرجان بدأت العمل بداية من حضور فعاليات مهرجان كان السينمائي والتواصل مع الموزعين الدوليين الذين سبق لهم التعاون مع مهرجان القاهرة، إلى جانب موزعين آخرين لهم تفضيلات أخرى، وهو ما نتج عنه النجاح في الحصول على 11 فيلن يتم عرضهم خلال الدورة 44 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
وأكد: “أعتقد أن إحنا كنا محظوظين أننا قدرنا نرجع موزعين كانوا علاقتهم مقطوعة بالمهرجان وممثلين لشركات كبرى، أنه هم يرجعوا يتعاملوا تاني مع المهرجان وأفلامهم تكون موجودة فيه، أعتقد أن ده كان أول نجاح نحققه”
وأشار أمير رمسيس إلى أنه بعدها ببضعة أسابيع كان في رحلة شخصية، وقادته الصدفة لعقد مقابلات عمل مع هؤلاء الموزعين، ليتم إضافة مزيد من الأفلام إلى المهرجان.
يذكر أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعقد دورته الـ44 في الفترة من 13 إلى 22 نوفمبر المقبل، ويكرم كلا من الفنانة لبلبة بجائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر، المخرجة كاملة أبو ذكري بجائزة فاتن حمامة للتميز، إلى جانب تكريم خاص للمخرج المجري بيلا تار عن مشواره الفني وتكريم لاسم المخرج الراحل علي عبد الخالق.
حسين فهمي : مهرجان القاهرة السينمائي سيكرم المخرج علي عبد الخالق في دورته المقبلة
admin رئيسية, شخصيات ومذاهب, مهرجانات 0
المخرج علي عبد الخالق
قال الفنان الكبير حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إنه في حالة حزن شديدة بعد رحيل المخرج علي عبد الخالق، ولم يتمكن من التواجد في مصر بسبب حضوره فعاليات مهرجان فينيسيا الدولي.
وأضاف خلال مداخلة مع الإعلامية إنجي القاضي ببرنامج “مساء dmc”: حزني شديد على المخرج علي عبد الخالق لأنه كان زميلي في معهد السينما وكنا أصدقاء، وعملنا معا في أكثر من فيلم، ومنها “العار” و”جري الوحوش” و”وضاع حبي هناك”، وكنت على اتصال به قبل سفري، وأسفت جدا لأن حالته كانت صعبة، وكان يحس بتدهور صحته.
وردا على سؤال عن أهم ما ميز المخرج الراحل في كواليس أعماله، قال: كانت أخلاقه راقية جدا، وفنان بمعنى الكلمة ورقيق في تعاملاته معنا كزملاء، ولم يكن يتعالى على أحد.
وردا على سؤال هل يكرم مهرجان القاهرة السينمائي علي عبد الخالق في دورته المقبلة؟ قال: بلا شك، وهذا العام فقدنا الكثير من الزملاء، وكرئيس للمهرجان أتمنى أن أكرم الجميع.
يذكر أن المسؤولين عن مهرجان القاهرة السينمائي نعوا المخرج الراحل عبر الصفحة الرسمية للمهرجان بموقع فيسبوك.
وكتبت صفحة المهرجان: “ينعي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، المخرج الكبير علي عبد الخالق، الذي قدم على مدار مشواره المهني الذي انطلق في سبعينيات القرن الماضي، العديد من الأعمال السينمائية الهامة والتي كان أبرزها “أغنية على الممر”، “العار”، “جري الوحوش”، “الكيف”، “إعدام ميت”، “شادر السمك”، “بئر الخيانة”، “أربعة في مهمة رسمية”، “البيضة والحجر”.
وشيعت ظهر يوم الثالث من سبتمبر جنازة المخرج علي عبد الخالق من مسجد السيدة نفسية.
وحرص عدد من الفنانين على حضور الجنازة وتوديع الراحل إلى مثواه الأخير، وعلى رأسهم وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، والفنان أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية، ومحمد رياض وطارق النهري، والمخرج عمر عبد العزيز وخالد جلال ورئيس الرقابة خالد عبد الجليل.
ورحل المخرج علي عبد الخالق عن عالمنا مساء الجمعة 2 سبتمبر، عن عمر يناهز 75 عاما بعد صراع مع المرض
Text content
حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي 44 يتحدث عن معايير إختيار الأفلام في المهرجان
حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي يتحدث :
سينماتيك برشلونة ” فيلموتيكا ” يحتفل بمرور 10 سنوات على تأسيسه بقلم صلاح هاشم
admin رئيسية, مفكرة سينمائية 0
يحتفل “الفيلموتيكا “سينماتيك برشلونة FilmoTeca الذي يقع في حي الرافال الشعبي RAVAL في قلب المدينة،طوال هذا العام 2022 ، بمرور 10 سنوات على تأسيسه، من خلال العديد من الفعاليات والتظاهرات ،والمعارض والعروض الخاصة، ومن ضمنها :
تظاهرة بعنوان 10 سنوات في حي رافال 10ِِAnys al Ravalالتي تعرض مجموعة من الافلام الوثائقية المهمة ، المصاحبة لمعرض مقام حاليا في مبنى الفيلموتيكا بعنوان ” السينما والحرب الأهلية الأسبانية ” ، مثل فيلم نقل دم TRANSFUSION DE SANG K وهو فيلم وثائقي يستغرق عرضه تسع دقائق من إنتاج 1937 ويصور عيادة طبية لنقل الدم في برشلونة، أثناء الحرب الأهلية،
ويتضمن برنامج شهر أغسطس في سينماتيك برشلونة عدة محاور ، من ضمنها محور تكريم الممثلة والمخرجة الفرنسية آنياس جاوي، ويعرض لها 6 أفلام من ضمنها فيلم ” مثل صورة ” COMME UNE IMAGE ” شاركت في تمثيلها وكتابة سيناريوهاتها وإخراجها مع الممثل الفرنسي جان بيير بكري
ومحور ثان بعنوان ” آفاق الوسترن “HORITZONS DEL WESTERN الذي يعرض مجموعة كبيرة من روائع أفلام رعاة البقر – الوسترن – من ضمنها فيلم ” الباحثون ” بطولة جون وين أيقوة أفلام الوسترن في العالم ، من إنتاج 1956 وإخراج الأمريكي جون فورد
برشلونة.صلاح هاشم
فوزي سليمان الناقد المحب والقدوة بقلم صلاح هاشم
admin رئيسية, شخصيات ومذاهب, نزهة الناقد 0