كل أسرار مهرجان “كان ” في كتاب . إعترافات رجل الظل جيل جاكوب في كتاب ” سوف تمضي الحياة مثل حلم ” ( 3 من 3 )
سينما
أسرار مهرجان ” كان ” السينمائي في كتاب ( 3 من 3 )
جيل جاكوب:لاتنسوا أن وجها جميلا لإمراة، قد يكون سببا في إختيار الفيلم
بقلم
صلاح هاشم. باريس
قبل الإنتقال من باريس إلى مهرجان ” كان ” السينمائي 77 الذي يعقد في الفترة من 14 الى 25 مايو، وذلك لتغطيةوقائعه،وفعالياته وأفلامه، لجريدة ” القاهرة “.. نتحدث في هذه الحلقة الثالثة والأخيرة ، من إعترافات جيل جاكوب، الرئيس السابق لمهرجان ” كان ” في كتابه ( سوف تمضي الحياة مثل حلم ) LA VIE PASSERA COMME UN REVE عن القواعد التي إعتمدها في إدارة المهرجان وإختيار أفلامه..
يحكي كيف تم اختياره لوظيفة ” المندوب العام ” لمهرجان ” كان ” السينمائي منذ عام 1977( أصبح في ما بعد رئيسا للمهرجان عام 2000 ) ويلخص هنا عصارة ، والدروس المستفادة من تجربته ،علي قمة أعظم وأشهر وأضخم مهرجان سينمائي في العالم، فيذكر في الفصل السادس والعشرين من كتابه بعنوان ” مواهب جديدة “أن المهرجان يشهد مرة ” سنوات وفرة” ،ومرة أخري ” سنوات عجاف ”،ويتساءل جيل جاكوب هنا، وبخصوص أكثر من ألف فيلم تصل الى المهرجان كل سنة، وعليك كمندوب عام للمهرجان أن تختار من بينها أكثر من مائة فيلم فقط،إن ماذا تفعل لو كنت مكانه؟ وياله من ” كابوس ” مرعب، ويا لها من مهمة شاقة حقا !!..
فالعالم ينتج سنويا حوالي 2000 فيلم ،ويعرض منها علي المهرجان كل سنة أكثر من 1000 فيلم من جميع دول العالم، وجميعها تطمح إلي المشاركة في المسابقة الرسمية ، فكيف تختار من ضمنها 150 فيلما تمثل ” قائمة الإختيار الرسمي ” و20 أو 22 فيلما علي الأكثر من ضمنها ،للمسابقة الرسمية للمهرجان ؟..
انه بالفعل “كابوس “حقيقي ومرعب، يجثم علي أنفاس جيل جاكوب وحده ،الذي يختار بمعرفته ، ويقرر، ويتعرض بالطبع في كل مرة ،لحساب قاس وعسير من قبل أكثر من 4000صحفي وناقد يستقبلهم المهرجان كل سنة ..
وثانيا إن من حق الصحفيين والنقاد، أن يكون لهم رأيهم وتشخيصهم الأساسي في المهرجان، الذي يمكن مناقشته ، والأخذ به، ومن ذلك توافر عدد كبير جدا من الأفلام للمشاهدة ،وكان لابد من تقليص عدد الأفلام المشاركة، وهو موقف ” سياسي ” بالدرجة الأولي ( كانت الأفلام تختار سابقا حسب الجنسية، وليس الجودة، وتفرض أحيانا فرضا علي إدارة المهرجان ، وذلك قبل التحاق جيل جاكوب للعمل فيه عام 1977 )..
إنشاء قسم ” نظرة خاصة “
قمت أولا – يحكي جيل جاكوب عن التغييرات التي إستحدثها عند إنضمانه للعمل في المهرجان آنذاك – بضم الأقسام الثلاثة من اختراع موريس بيسي – خارج المسابقة الرسمية – في قسم بعنوان ” نظرة خاصة ” – UN CERTAIN REGARD – وكان ذلك أول خطأ ارتكبته، فقد كان العنوان الذي اخترته للتظاهرة الجديدة عنوانا شاعريا مستلهما من قصيدة للشاعر الفرنسي بول ايلوار، لكنه لم يكن عنوانا سينمائيا بارزا وموفقا يعلي من قيمة ” المخرج ” في السينما، مثل عنوان تظاهرة أخري جانبية وأعني بها تظاهرة ” نصف شهر المخرجين ” من تنظيم نقابة المخرجين الفرنسية ، وكان الوقت قد فات ، لتغيير عنوان التظاهرة الجديدة.
إنشاء مسابقة الكاميرا الذهبية
لكني كما أعتقد كنت موفقا جدا في إنشاء مسابقة ” الكاميرا الذهبية ” مبكرا بمجرد حلولي في المهرجان ، وهي المسابقة – GOLDEN CAMERA – التي تدخلها الأفلام الأولي لمخرجيها في جميع أقسام المهرجان، وتتنافس في ما بينها للحصول علي ” كاميرا كان الذهبية ” فقد أدركت ومنذ عام 1977 أن “الصفوة ” من المخرجين البارزين في العالم ، بدأت تكبر وتشيخ ، وأنه لابد ومن الضروري فتح الباب لـ ” جيل جديد ” من المواهب السينمائية الجديدة في العالم، لكي يحمل شعلة السينما الفن ، ويواصل مسيرة المخرجين الكبار، وقد تملكتني تلك الفكرة واستحوذت علي كياني حتى أصبحت سلوتي وهوايتي المفضلة بمرور الوقت ، ودفعتني إلي إنشاء مؤسسة ” السينيفونداسيون ” السينمائية، ومن بعدها ” دار إقامة المهرجان “- ريسدانس دو فيستيفال- لرعاية وتبني وتشجيع المواهب السينمائية الجديدة، ثم أني توجت كل هذه الإبداعات أو الهياكل السينمائية بإنشاء ” الأتيلييه ” أو المحترف ، إضافة إلي تظاهرة سينمائية جديدة بعنوان ” كل سينمات العالم “.
إلا أن هذا كله لا يمنع وبخاصة عندما أعجب بمخرج جديد ، أن أصطحبه في رحلته علي درب السينما الفن ، فأعرض أفلامه فيلما وراء فيلم، كما فعلت من قبل مع الدانمركي لارس فون تراير ، والنيوزيلندية جين كامبيون ، والشقيقين الأمريكيين كوين ، والشقيقين داردين من بلجيكا ، وكيسلوفسكي من بولندا ، وونج كار واي من هونج كونج. ومن عند الايطالي موريتي إلي الأمريكي وودي آلان ، ومن دون أن أنسي الأسباني كارلوس ساورا ، والأمريكي روبرت ألتمان ، والفرنسي جان لوك جودار.
وسرعان ما ظهر تأثير ذلك وكل تلك التغييرات التي استحدثتها ، إذ راحت المهرجانات السينمائية ألكبري الأخرى تقلد مهرجان ” كان “، وتستلهم من إستراتجيته التي تعتمد في الأساس علي ” الاكتشافات ” الجديدة ، وذلك بإنشاء الأقسام والتظاهرات الجانبية، وكنت استطيع عندئذ أن أصرخ إن ألحقونا سرقونا ، لكني فضلت أن أطلق صيحة أن تعيش السينما.
والواقع أن الصحفيين والنقاد وقفوا إلي جانبي منذ أن بدأت عملي ، وكانوا راضيين عن اختياري ك ” سينيفيل ” كعاشق للسينما لإدارة المهرجان ، في محل ذلك الموريس بيسي الذي لم يكن أحد يحبه كثيرا ، وكان ينظر إلي الصحفيين والنقاد علي أنهم أشخاص تافهين ولا يفقهون شيئا. و كانت الصحافة، عبرت عن ارتياحها لتلك ” الروح الجديدة ” التي حطت في شخصي، وشرعت ترحب بكل جديد تعرضه علي شاشات المهرجان.
كنت وحيدا. و كان من اللازم علي أن أبني وأشيد ” تجربة ” جديدة، وأن ابتدع أسلوبا خاصا وفريدا في إدارة المهرجان. كان علي أن أكتشف، وأن أتعلم من أخطائي، وأن أتقدم وأتطور وأفهم. وكان أول قرار اتخذته، أن أعطي إجابة فورية حاسمة للأشخاص الذين يتقدمون بأفلامهم للمشاركة في مسابقة المهرجان، وأن أرد عليهم بنعم أو لا في نفس اليوم، لكي يفهم الجميع بأني وحدي صاحب القرار.
ومن جانب آخر اعتمدت فورا صيغة العمل، وفقا لمجموعة قواعد محددة، وبحيث لا أحيد أو أتنازل عنها أبدا، وهذه القواعد هي:
القاعدة رقم 1 أن لا أكذب أبدا، وان لا أعد إلا إذا كنت قادرا علي الوفاء بالوعد
القاعدة رقم 2 أن أتحدث مباشرة مع مخرج الفيلم..
القاعدة رقم 3 أن أظهر ثقافتي السينمائية..
القاعدة رقم 4 أن أحوط نفسي بوجهات نظر وأفكار وآراء و ” نظرات ” جديدة دوما من خلال مجموعة من المستشارين المقربين
القاعدة رقم 5 أن تضم المسابقة الرسمية للمهرجان 12 بلدا علي الأقل كل سنة..
القاعدة رقم 6 أن لا اعتمد نظام ” الحصة”- الكوتا – في اختيار أفلام المسابقة، بحيث يكون للبلد المشارك عدد محدد من الأفلام لا يتجاوزه، وعليه لا مانع أبدا من عرض 4 أفلام من ليتوانيا في المسابقة، إن تقدمت مثلا بأربع « روائع ” سينمائية..
القاعدة رقم 7 : قبول مشاركة أفلام النوع – مثل أفلام ” الو سترن ” الكاوبوي، إذا كانت تقدم جديدا في النوع، وتحقق إضافة..
القاعدة رقم 8 : اختيار أفلام متطورة صاعدة ، داخليا علي مستوي تطور أحداث الفيلم وحبكته، وخارجيا أي علي مستوي تطور ونضج المسيرة الفنية لكل مخرج علي حدة..
القاعدة رقم 9 : لا خوف من ” نظام النجوم ” ، وبخاصة إذا كان يسمح بأن تروج مثلا لفيلم من الأفلام الفنية ” سينما المؤلف ” للمخرج البرتغالي مانويل دو أوليفيرا مثلا، من خلال نجمة سينمائي كبيرة مثل الأمريكية شارون ستون..
القاعدة رقم 10 : البحث دوما عن أفلام جد متميزة فريدة، وعدم الانسياق للصرعات والموضات الفارغة الزائلة..
القاعدة رقم 11 : اختيار أعضاء للجنة تحكيم المسابقة الرسمية من بين الفنانين فقط..
القاعدة رقم 12 : الامتناع عن الرد علي أي ” هجوم ” علي المهرجان ، ينشرفي الصحافة..
القاعدة رقم 13 : تكريم المخرجين المؤلفين الكبار، وتثبيت شهرة من صاروا معروفين منهم ، واكتشاف ” أجيال ” جديدة من المواهب السينمائية..
القاعدة رقم 14 : أن لا أنسي أبدا أن وجها جميلا لامرأة ، يمكن أن يكون وحده مبررا لوجود الفيلم في قائمة الإختيار الرسمي ..
القاعدة رقم 15 : عدم الالتزام بأية قواعد علي الإطلاق.عاشت السينما