غرباء مثلنا بقلم فكري عيّاد
كائنات فضائية هبطت من طائرة بلوريه، فوق بحيرة رأس الإنسان !! هل تستطيع أن تعود إلى منبع الكون والوجود؟
وأنت تنهش جلدك في الخفاء، وتَوَارَيت تحت سُتِرَة وِشَاح الرموش. وتحتبأ في عشش الخوف من المجهول، ترتعد من مِثْقَال ذَرَّة “وباء”. تلف خلاياها وتدور، حول رعشات العقول . تنتَشِي في سطوة حلم أو كابوس،يتراقص حولك في جنون. وكأنك تملأ عقلك بحَمَاقَة بريئة، بسعة هواء كل الكون..!
ماذا يدور حول المخادع في باطن الأرض السوداء. مجرد هَذَيَان غزعبلات وظنون. ماذا تعرف عن الحبة الزرقاء !؟الملتهبة في عين الحية الخفية، في سرداب يمتد من أسفل الألف مسكن في أرض السكون. سموم لَغْو وجدل الأفواه تحت وِشَاح التراب . وجماجم بلا اسماء، هاربة من أموات تبعثرت اشلائها في القبور. حالة لوْسة وَسْوَسَة حواس، أحياء بلا حياء تطاول على أسرار وخفايا المَكْنُون. صحراء نبعك جَرْداء بلا بذور أو جذور. لسانها سراب، وجفاف فم المعرفة الكامنة وراء خيالك وغيبوبة الظنون.
لا يوجد في زمن الادعاءات والآليات،سوى فراشات ضوئية لاهية في سراب العيون، وألعاب صبيانية تاهت في لهو الْمُجُون. وأنت تسأل عن سمات وصفات وسكان “المثلث الذهبي” ودورة الكائنات، مثل ثرثرة الببغاء، لايعرف ماذا يقول. فلك الكون والوجود حيرك !
هل هناك كائنات حية تحوم حولنا في الخفاء.!؟
سؤال بلا جواب! منذ بداية مشوار الدهور. ألسنة الفلاسفة أعباء، تلاحق أنفاس الهواء. تتساءل عن بداية الزمان. وانت مع أقلامك الخشبية العتيقة، بأسنان من هشاشة العظام. وعلى رأسك سيف نزوات طيش وسكرة وعَرْبَدة في كل الاوراق. تتلصص من ثقب الظلام تعري صدور الحسناوات، وتفكك خيوط العنكبوت، وتتسلق على جدران غرفة الخفاش. وتقلب رمانة الميزان. تنهش نهود الحقيقة وتغرد في غفلة وسُكُرة، وكأنك” زيوس” يختبأ في بيت النساء. سرقت النوم من عيني “هيرا” وخدعت “ابوللو” إله الوباء والشفاء، ومعك وجبة خفيفة من تمائم ورموز الأجداد، وبرديات من “طيبة” ونقوش غرائب حكايات مذهله يرويها أهل” سومر” و”الفرات”. تتراءى في صحوة وصحبة الخيال، أرواح عاريه من الغرباء، وأشباه أشباح،
مخلوقات كأنها من ذرات غبار الفضاء، هبطت بين جوانح النهرين، من شقوق العلياء، وسكنت خفيه على ضفاف الحياة، قبل بداية الطوفان. رموزها أسرار وخفاياها من أغصان الفكر المتحجرة. والأقدام في كل إتجاه تَلاطَمَتْ حائرة. وحروف الهجاء إمتزجت في لعاب اللسان بألف لغة، ولا يعرف أيا من كان، أن يفسرها بمهارة التكهن،
قبل أن ينطق الكلام. هناك بردية متخفية، نسيتها عيون المفسرين وفطنة العلماء، سرها في جوفها، تاهت في ممر لا نهاية له، أو حقيقة وإتجاه، رقدت مُتهالِكة من إِغْواء روح شيطانيَّة تبحث عن عروس الزفاف، معاول وسيوف وحناجر الحكماء والفقهاء. ظلت قائمة ساهرة، طوال مسيرة لا نهاية لهامن عمرالزمان. متحيِّرة من ثقل لسان الدهر، تبحث عن هويتها ، “الكائنات المتلونة”، رقدت تحت الجدران، في غَوَّر الأَرْض غَارَت فِيهَا في حالة سبات أو ممات ، كُهَّان “أمون” تجمعوا حولها في دهاء الحكماء، اختبؤا في مركبة فضائية ، هبطت في سرية،من من درب المجهول، وفقدت توازنها وقدراتها على الطيران. تاهت الذَّاكِرَة وفقدت بصريّة ذاكرتها، وثملت قوّة عقليَّتها من دهشتها، تراقب لمحات ضوئية من وجوه شاحبة بَرَّاقَة البياض، هبطت على ممرات غير آمنة وصخور زجاجية ملساء، في الهضاب المكسيكية، كانت أولي المِجَسَّات. وتسحبت غير مرئية، في شفافية ألوان، مخلوقات غريبه بلا رداء يستر عَرِيها، وعيونها جاحظة من أيونات الكريستال. صور ونقوش غرائب، تشابه بدائية الإنسان. رحلت وسكنت خفيه، تحت سفح ارضية الأهرامات. يحرس أسرارها في ثقة وكبرياء وإدراك وأمان “أبو الهول” صامت بلا لسان.
مازالت ساقية عينيك حالمة في غَيْبُوبَة، تبحر في زورق من أوراق الإحساس، تبحث عن إجابة وتفسيرات. أيها الإنسان العابث في لوحة التاريخ تنظر إلى غمة سحابة عبرت زمن الدهور وطرقات الاجرام.!! . هل تستطيع أن تعد ذرات الهواء وتفك خيوط شبكة الزمان.!؟ أنت أعلنت عن موهبة فتح باب الغيب، وتجاوزت قراءة الكف، وكشفت المستور، وحفظت أسرار وخفايا التنجيم، وأسماء الفلك وزعتها على الاصحاب بالمجان. وكأنك حاوي زمانك، تلعب بكل الأوراق. ضيعت الذهن في متاهة خيالك، تركض وراء سراب بعثرته بأنفاسك، تصدق أوهامك، ونحن نلعق لهثات شغفك وراءك.
دعنا نساعدك ونرشدك، ونمسك ساق عكازك، نتسامر في أمسية عرجاء، نعيد جمع ما كتبته الأقدار، بعيدا عن ألسنة الوجهاء، كلها تحشرت بمراوغات عوجاء، وعباراتها مثل طبول جوفاء. نفتش ونتَقَصَّى معك في ليلة حالمة سوداء.تسأل عن الذين كانوا. وذهبوا.! يا براءة السؤال.!! ونحن نتأمل زفرات غباؤة الأذكياء. كلها إِسْتَنْبَٱت وتكهنات أوحماقة تَنْجِيم، وسفسطة من أفواه تجيد فن الثرثرة، وفراغ عابث للشفاه. دعنا نأخذ أنفاسنا وخطواتنا متعثرة في قدر صَبّ وأَرْهَق وباؤه ، حلقات من هوس الخوف حول مخادعنا. يكمم الأفواه. لوثة مريية بلا صوت أو عيون سابحة في غياهب كل مكان. جمدت الدماء في دورة لعبة “الكراسي الموسيقية” وسرعة وخداع دَوَران الحياة. لم يعد العمر سائرا كما كان، مترنخ في كفة الميزان، ونبرات تمتمة الدعاء، وإشتهاء جرعات ٱمنة من بلسم الأمان. بكينا على الأشلاء وبقينا وحدنا. ولا توجد أوسمة لدموعنا في دنيا الأحياء. ومازلنا نتجول ونتجادل، في فراغ اللانهائيات نبحث عن هوية وألسنة من هبطوا من السماء. لا ملمس صوت أو زفير أنفاس، ملت عيون فكرنا من طيش وسكرة في المنام، ولغو العقول في الأوهام. امتزجت أرواحهم في طينة الإنسان. أنظر حولك أنهم أصبحوا غرباء في كل مكان.
فكري عيّاد . لندن
كاتب وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة