معانى الفن : وداع .. بقلم فكري عيّاد
يالوعة وتَطَلُّع الحزن في عيونها. من يملك القدرة على مواجهة الفُرْقَة، ورُؤْيَة أنفاس الوَدَاع . ونظرات العيون المشدودة في الضياع، تُنَاجِي قدرها. تصلب الإحساس في صمت وسكون، وتجمدت لغة الكلام في حلقها. فراق “الحبيب” نحيب وعويل صامت، في سَعِير وإضْطِرامُ القلوب المتألمة. أَخْتفَى الأمل، وأغْلِقَ بَصَرُه، وأَضْمَرَ حكايات رحلت في تَكَتَّم، أخفقَت جفونها، وأسْدَلَتْ شراعِها. أَطْرَقَ “الفنان”عنان فكره، وسكب فرشاته وألوانه من حرقَةِ دموعِها. سَكَتَ وسَكَنَ الألم برهة، وإرتاح على وجْهِهَا ، وتَشَنَجَت رَجْفَة لسانها. ونطق الحزن والرثاء في مآقِيها،فأحنت رأسِها.
اللوحة للفنان سعيد حداية
يالها من صورة رسمها فنان قدير رائع. من مداد مشاعِرِها. يتخطى حدود فكرنا، ويأسرنا معه. كم من الاِحساس يتأوه ويتدفق في داخِلِها. ينسج أنفاس وهج يتأجج فى نبضاتِها. وزوجها راقد مُسَهَّد غَافٍ بلا حراك خلْفِها. تشع من عيونه، أنين يتَأَلم، وكأن عمره شهقات تتَأَوُّه، ومصباح عتيق أغمض جفون الضياء حولهما. سَحَبَ الغروب شمس الآمال، وَوَدَعِها في دُجْنَة أنفاسهما، يناظرها وكأنَّه يفك الألغاز. ولا يملك ما يقول لها. الفنان التشكيلي “سعيد حداية” عاشق خلجات الأنفاس. يَمْرُق بين أحضان أمواج تحمل بعضها. يكشف ضياء روح الباطن التائهة . يمسك تميمة وغصون أحلامنا. يلقى في فكرِنا ألف سؤال، يجسم الحقيقة في ثياب الخيال. يمزجها مع واقعنا، يطرحها في براءة تكوينات رائِعة. يصحبنا إلي جوف الأعماق في رؤية جدلية مع “الموت والحياة ” وكأنه يهمس ويقول، من الذي تحتويه حياتنا.!؟ كلنا في حالة إغْفَاءَة ورُقاد , غَفْوَة غَيْبُوبَة في قَيْلُولَة مُنْحَنِي أيامنا. الحياة المُتَلَوية. تدحرجنا في دورتها المتعرجة. نتنقل بين الصخور، ونتسلق أحلامِنا. ثم نلتصق بلا رِدَاء، بالأحجار الميِّتة . ” لا توجد حركة دائِمة، ولا قوة ثابِتة.” أنها زفرات هبة لا تُسمع ولا تُرَى. نستيقظ من حلم، إلى حلم، دون أن نفهم ما ينطوي في اللَّا وَعْيِنا. جاذبية حياة مُحيَّرة ومُتَحَيِرَة، بين خِصَام , وسِجَال ومُجَادَلَة. وخلفنا شذا الحقيقة الوحيدة قَحِلَت مُضْطَجِعة مُتمَدَّدة. وذكريات في الأكفان مُسْتَلْقٍية راقِدة.
بقلم
فكري عياد . لندن
فكري عيّاد كاتب وباحث وفنان تشكيلي مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة