هل تعتقد أن تعود ليالي الأحلام ؟. بقلم فكري عيّاد
بلاغة الحروف في اللوحات المرفقة للفنان عصمت داوستاشي – من ضمن 5 لوحات له بعنوان ” رأسي بالعربي ” في زمن الكورونا – تتحرك وتتخبط وتتزاحم في صدامات مع عبارات تخاطب بقايا الأحياء!
هربت الحروف من صفحات القواميس وعبرت في سرية وحرص وإرتمت فوق راس الفنان.
تتسرب وتتسابق في شجار ضمة وسكون, والألف تتصدر باب الدخول وحروف الجر تشد الرحال.
وتاء التأنيث خجلت تتغزل في حياء.
الهاء بلهاء تضحك من صمت السكون والهمزة حائرة في الأجواء.
كرنفال وصجيج بين أحضان الحروف بلا أصول أو أعراف . تغيرت ملامح العقول والكل في ذهول.
يتحكم الفاعل في المفعول.. باقي الحروف تتحرك وتتخبط وتتلاعب بأنغام اللسان وسهولة الاستخدام.
تبحث عن معاني وعبارات تتهرب من أصحاب السطوة والجاه وضياع القيم والعبارات !
حروف العطف تجمهرت في لوعة تستجدي نظرة من أصحاب البناء.
حالة من القلق والتوتر، تسترت الفوضي في ثياب مزيفة وأصوت بلا أنفاس.
الحقيقة إختفت وتسربلت اختبأت في المحبرة بعيدا عن العيون، وجشع الإنسان.
صدام وصداع وغرام إحتفالية غوغائية تنشد البلاغة الجمالية بدون قواعد وأداب.
تبعثرت الإبداعات تحت أقدام بربرية، وجرف معاول الهدم وملأ البطون، وضاعت همسات دافئه من وهج الفنون،
وترجلت الفرسان وتركت الميدان.
زحام يدهس زحام . الكل في إصطفاف وإنتظار ينتظر لمحة خاطفة من بصر الفرشاة .
والفنان يبحث عن ماضي كان ولم يعد له مكانة أو مكان.
جمع من أهل الكلام يراقب الأوراق في صمت وبلاهة او حكمة وربما غباء.
يقتات يومه في غير إهتمام والعقول ملت وسملت في تيه السرحان.
الكل تلمسوا الأعذار، لا يريدوا أن بعرفوا معاني الكلمات ورموزها وسحر دورانها في فلك الامجاد . جمعت حروفها في غيبوبة ضامرة العود منحنية عوجاء اللسان.
،تعبيرات الحزن وحروف خرجت عن المألوف.ساقية تدور في الخواء. غرائب وعجائب صور الجمال تلوثت باصابع العبث والدخلاء. والصفوة نامت وأرخت عقولها واستمتعت بهوي الأحلام. تتشكل في مرٱة الماضي تسير عكس الإتجاه.
وتتباهى العيون بحكم وأوزان. سفسطة وشرود بغير إهتمام.
أشكال وهمية تدور في تشابك وعلامة رفع واستفهام.
تقاوم مسرعة لتعبر إلى الصفحات وتجد مكان للاقامه والاسترخاء.
حراك دافئ يتلوي في غيبوبة ثقافة ووعي وحياة ورؤية تتواصل مع مشوار الحياة.
وفرشاة الفنان توقظ السبات، تصوغ معاني وحكم وألغاز وعبارات.
كل منها حكاية سمر وحوارات وتشابكات متبادلة في الندوات.
تواصل ماضي الطفولة البريئة وصبا الأيام وحراك أمواج تدفعها شطحات من الذكريات.
وعيون تتلصص ساهرة وزاخرة بانين في الصدور يناجي ويسبح بأعذب الآيات.
شريط يبحر ويتبختر وينفض غبار طمس في قلبه أسرار وخفايا وحكايات.
صرخ “الفنان” في دوي وانفعال
( صمت البوح وروح الكلام ) وأطلق هواه في العنان غرائب وعجائب فوق وسادة النسيان ، صور متعددة وألغاز ومٱساة تراجيديا في ضحكات ساخرة وحورات ساخطة.
سالت دموع العمر في المحبرة تتساءل في حيرة ودوار.
هل تعتقد أن تعود ليالي الاحلام.
هل انتهى عصر الحروف وبلاغية العبارات .!!؟
تسلقت الغوغاء الجدران، وتقدمت الصفوف واختلى الميزان .
ولا توجد للفنان والجمال ارض أو موضع للاقدام.
اجاب بعيون دامعة وشفاه مرتعشة، ” كان ياما كان” وصمتت شهرذاد عن البوح وشهقت واسدلت الستار علي كل الكلام.
فكري عياد
فكري عياد فنان مصري مقيم في لندن.المملكة المتحدة