نزهة الناقد.فقرة بعنوان ” الحاج سيد في رسالة الى نيكوس كازانتزاكيس” بقلم صلاح هاشم.
كان ياماكان في حكم ذاكرة الأحياء وتاريخ المكان.
درست اليوجا ياكازانتزاكيس في باريس لفترة، وأحببت فلسفة الزنZEN ، وترجمت ونشرت بعضا من أشعارها وحكاياتها،وفهمت من خلال التردد على معابد الزن في اليابان، وممارسة رياضاتها الروحانية، الشوائج التي تجمع بين فلسفة الزن وبين الفلسفات الشرقية، والطرق الصوفية ، نشأتها ومدارسها.
زوربا اليوناني لنيكوس كازانتزاكيس .الشخصية الحقيقية مع زوجته
وقد كان إهتمامي بالروحانيات، متأصلا في جذور أسرة جدي الشيخ الحاج سيد محمد مرزبان مقريء القرآن، الذي تخرج في جامعة الأزهر، ودرّس فيها لفترة، وعشت في صحبته ،حتى بلغت التاسعة من عمري.
وكانت حكاياته وذكرياته ورحلاته، الحاج سيد مخمد مرزبان، قد شكلت – من دون أن أدري- الأساس الفكري والوجداني، لفضول طفل مصري ،في هذا المنحي.. لايشبع،
وكان الحاج سيد، الذي أسس أول كتّاب في حينا العريق ” قلعة الكبش ” بجوار مسجد أحمد بن طولون ،في قلب وعاصمة مصرالقديمة ” القطائع ” التي أنشأها بن طولون في القرن الثامن الميلادي، بعد الحريق الكبير ،الذي أتي علي العاصمة السابقة ” الفسطاط ” لمصر،
كان الحاج سيد جدي، يسافر كل سنة، ويختفي، ويتغيب عن بيتتنا، بيت ” الشيخ راشد – في 3 شارع قلعة الكبش – ” قطائع بن طولون القديمة – ثم فجأة يعود جدي بعدمضي ستة شهور، يعود ليطرق باب شقتنا في بيت الشيخ راشد ،فاتذكر الآن الى أي حد كبير كان جدي يشبه آنذاك، عندما يطل علينا بطلعته مثل حكيم من الزمن القديم ، بعض معلمي فلسفة الزن في معابدها البوذية القديمة، وقد حضر ليعلمني، كيف أستطيع أن أحلق ..وبس
أحلق مثلما يفعل، عند عودته، عائدا بقوة الضوء وحده، حول مئذنة جامع أحمد بن طولون، وأنا أطوف في تحليقي من فوق البيوتات ،على حركة الناس في الشارع، و منظر القياب الساحر، وأتفرج على مولد السيدة ،وسيرك الحلو ،وأنطلق حرا، مثل فراشة، في صحوي وفرحي، وخفتي وتجوالي، مثل بروميثيوس طليقا، وقد تحررت من الجاذبية الأرضية، وإذا بأبي عم هاشم يوقظني من أحلاها حلم في الفراش، ويطلب مني – في عز الليل- وتكون الساعة قد تجاوزت الثالثة صباحا – وفي عز البرد.. اللعنة – أن أنزل وأشتري له ثلاث سجائر هوليوود، من دكان أسفل الدحديرة.. فاتح للصبح.
صلاح هاشم
كاتب وناقد سينمائي مصري مقيم في باريس.فرنسا